البرلمانية “عواطف الجعلي” في حوار الصراحة مع (المجهر):«1-2»
ما هو تعليقك على الاستقالة التي تقدمت بها “د. سامية هباني” من المجلس الوطني وما قدمت من مسببات حول تجاوز البرلمان في كثير من القضايا المهمة؟؟
أنا في رأيي المفروض الاستقالة ما تكون هي الشاغل للناس… يعني ما مهم استقالت “سامية” أو “عواطف” أو غيرهما، ولكن المهم هو طريقة أداء الهيئة التشريعية القومية، وده المفروض يكون همنا، والآن “سامية” سببت استقالتها بأسباب ذكرتها في كل الصحف.
نعم.. لا نريد أن نتحدث عن الأشخاص ولكن عن تحليل أسباب تلك الاستقالة؟
أنا في تقديري المؤسسة التشريعية الآن أصبحت رديفاً للجهاز التنفيذي، والآن أي حاجة بتجي من الجهاز التنفيذي حتى لو ناقشناها في اللجان في النهاية لا نستطيع أن نجري فيها أي تعديل و(بتمشي زي ما هي)، على سبيل المثال هناك سابقة لم تحدث في تاريخ كل البرلمانات أن أجاز البرلمان تقرير الاعتماد المالي دون أن يقدم في المجلس وهو تقرير ناقشته اللجنة والناس وضعوا فيه رأيهم وشالوا رئيس اللجنة عشان يقدموا للمجلس، وبعد أن تتم مناقشته يمكن أن يُرفض أو يُجاز، ولكن السيد رئيس البرلمان صوَّت عليه وأجازه قبل أن يقدم للمجلس، وفي تقديري هذه الأشياء خطيرة للغاية من ناحية قانونية وتشريعية تنتقص من عمل الهيئة التشريعية، ويمكن أن يؤثر هذا على الشعب السوداني بطريقة مباشرة أو غير مباشرة.
وأنتم كنواب ماذا فعلتم إزاء ما حدث؟؟أنا سجلت اعتراضاً على قانون الاعتماد المالي نفسه وقلت رأيي فيه بصراحة، وقلت إنه مخالف دستوراً وقانوناً بحسب نص المادة (113) من الدستور التي أودع بها، وأصلاً قانون الاعتماد الإضافي الذي هو السبب الأساسي في كل ما يحدث بالبلاد، لكن للأسف الإيداع لم يتم بطريقة صحيحة لا من ناحية الشكل ولا من ناحية المضمون…القانون مفروض يودع بحسب نص المادة (113) لأنه اعتماد إضافي أي تعديل في موازنة تمت إجازتها بواسطة البرلمان، ويبقى بعد ذلك إذا أردنا أن نعدل في موازنة 2013م يجب أن تودع قانون اعتماد إضافي للبرلمان عشان يعدل ليك فيهو، والمادة (113_3) والمادة (55) من لائحة أعمال المجلس بتقول إن قانون الاعتماد الإضافي تسري عليه نفس أحكام الموازنة، بمعنى أن إيداعه يتم بذات الكيفية التي بها يتم إيداع الموازنة من ناحية الشكل والمضمون، وللأسف هذا القانون لم يستوفِ هذا الكلام وجاءتنا ورقة واحدة مكتوب عليها (قانون اعتماد إضافي) غير موقعة من وزارة العدل وغير مرفق معها تقرير مجلس الوزراء الذي يبين أنه نُظر في أمرها، بالإضافة إلى كل ذلك لم ترد إلينا جداول مفصلة حول الإيرادات وكيف جمعت وما هو السند القانوني وتفصيل توزيعها ولا مقارنة مع الماضي ولا الاشكالية شنو عشان كده نعمل إيرادات جديدة، وأيضاً ما هي مسوغات عمل الاعتماد الإضافي وهو يعمل لأنه تكون هناك حالة طارئة يوجه وقتها رئيس الجمهورية بأن يصدر قانون اعتماد إضافي ويتم إيداعه للمجلس.. الآن الباقي للسنة المالية أيام قليلة فلا معنى لهذا القانون في هذه الأيام، لكن واضح أن الموضوع أصلاً منتهي والمفروض القانون يرد إلينا في شكل مقترحات وبعد ذلك يجيزها البرلمان أو يرفضها وما حدث غير ذلك.. الذي حدث هو سياسة الأمر الواقع إيرادات جمعت أصلاً وانتهت وتم الصرف منها في شهر (10) حسب إفادة وزير المالية وأياً كانت التسمية سلفية أو مرتبات، إلا أنه تم الصرف منها دون علم البرلمان.
ولكن هذه الإجراءات أجازها البرلمان عندما أجاز البرنامج الثلاثي؟عندما تمت إجازة البرنامج الثلاثي تمت إجازة سياسة عامة اسمها سياسة تحرير السلع، لكن دي السياسة العامة ويتم تنفيذها عبر قوانين يجيزها البرلمان، ونحن أجزنا السياسة العامة لكن تفصيل السياسة مفروض يجي البرلمان عشان يوافق عليه، يعني كيف يكون تحرير السلع وقدر شنو دي سلطة البرلمان وده ما حصل، والآن الخطير القوانين أصبحت تعدل بموجب قرارات، يعني قرار وزير المالية برفع الدعم عن الوقود قرار عطل قانون قائم أجازه البرلمان وهو قانون الموازنة لسنة 2013م، وهو قرار عطل قانوناً أجازه البرلمان.. لا يمكن تعطيل قانون بموجب قرارات والجهة المسؤولة من القوانين معروفة وهي المجلس الوطني، وهناك سلطات مشتركة بينه وبين رئاسة الجمهورية في حالة المراسيم المؤقتة، لكن حتى في هذه الحالة لا يحق لرئيس الجمهورية أن يصدر مرسوماً يقرر في شأن مالي وفي حالة الطوارىء.
هل تتم مناقشة كل هذه التفاصيل سنوياً؟؟
من الممكن أن نقول إننا نريد أن نحرر السلع لمدة عشر سنوات وفي كل سنة نضع حاجة معينة، لكن لا نضعها كلها في سنة معينة، وتحرير السلع يجب أن ينزل في القانون لأن الموازنة عبارة عن أرقام وجداول والحاصل أن كلمة تحرير السلع ليس معناها أنني أجزت قانوناً وإنما أجزت سياسة عامة، ولدينا في الموازنة السابقة رقم معين لدعم الوقود هذا الرقم لا يمكن تعديله إلا بواسطة البرلمان، وليست هناك جهة تملك حق تعديله سوى البرلمان، ولكنه تغير الآن بقرار من وزير المالية.
لماذا برأيك تم تجاوز البرلمان في هذه النقطة بالذات؟؟لا أستطيع أن أقول كلاماً غير قانوني، ولكن توقعوا أن يرفض البرلمان رفع الدعم عن الوقود لأنه قبل كده في عام 2012م رفض النواب رفع الدعم عن الوقود ودفعوا بحجج قوية جداً، وفي تقديري لجأوا إلى هذه الطريقة لأنهم كانوا يعلمون أن الناس سوف تقف ضد هذا الأمر ولن تقبله.
وده الواقع والأخطر من كده أن وزير المالية بهذا الاعتماد لم يرفع الدعم عن الوقود فقط، ولكنه عدَّل في ثلاثة قوانين.. في قانون الجمارك ورسم الإنتاج والرسم الإضافي، ورغم أن هذه القوانين تمنح مجلس الوزراء الحق في أن يعدل في جداولها، إلا أن نص المادة (115) من الدستور تقول يجب أن يودع في البرلمان وينظر فيه، وما حدث الآن هو أنه بتعديل هذه الثلاثة قوانين جمع ثلاثة أضعاف ما جمعه من إيرادات رفع الدعم عن الوقود، وفي تقديري أن هذا هو السبب المباشر في رفع الأسعار وليس بسبب رفع الدعم عن الوقود بمعنى ثلاثة أوامر صدرت من مجلس الوزراء بتعديل الجمارك والإنتاج والرسم الإضافي، وحسب ما تم إيداعه الآن في البرلمان حصَّلت ثلاثة أضعاف المبلغ الذي تم تحصيله من رفع الدعم عن الوقود.. ودي مفروض تودع لينا مع الميزانية حتى تتم مناقشتها، ورغم أن الحق لمجلس الوزراء إلا أن الدستور اشترط أن تتم مناقشتها في البرلمان، ولكننا لم نرها وتم تطبيقها حتى قبل إيداع الاعتماد الإضافي مع قرار رفع الدعم عن الوقود، وجمعت بها إيرادات وجاءت للبرلمان.
ما الذي جاء إليكم في البرلمان من إيرادات؟؟جاءت إلينا في قسمين: الأول يتحدث عن إيرادات جمعت عن رفع الدعم عن الوقود وأخرى جمعت عن طريق زيادة (الضرائب) و(الجمارك).. وفي تقديري دي الأخطر لأنها تؤثر في المواطن مباشرة لأن رفع الدعم عن الوقود أصلاً تستفيد منه الطبقات الغنية والناس السايقين العربات، عشان كده رفع الدعم لن يؤثر إلا في الأغنياء، ولكن (الضرائب) و(الجمارك) و(الرسم الإضافي) تؤثر مباشرة على المواطن.
كيف تفسرين وجود (ضرائب) و(رسم إضافي) معاً؟؟ده معناهو شيء خطير جداً يعني الآن في سلع بقى فيها ازدواج في الضريبة في التعديلات الأخيرة، بمعنى زمان عندما تم إلغاء قانون ضريبة الإنتاج استعاضوا عنه بقانون القيمة المضافة.. وتركوا سبع سلع فيها ضريبة إنتاج وبقية السلع كلها تدخل في ضريبة القيمة المضافة.. الآن نفس السلع دي بقت عليها ضريبة إنتاج وبقت عليها قيمة مضافة رغم إنو القيمة المضافة هي نفسها ضريبة الإنتاج.. إذاً هنا لا توجد عدالة ضريبية ففي حالة زيادة الضرائب يجب التوسع في المظلة الضريبية بزيادة عدد دافعي الضرائب، لكن لا يجب أخذ الضريبة من ذات الماعون أو الشخص ضريبة إضافية.
إذاً من حديثك أن الضرائب الآن تؤخذ مرتين من المواطن؟؟نعم تؤخذ مرتين من سلعة واحدة بمسميين مختلفين وهي ضريبة الإنتاج وضريبة القيمة المضافة.
لماذا لم تعترضي على هذا القانون؟
أنا تقدمت باعتراض واضح في مرحلة السمات العامة في اللجنة، والمفروض يتم تقديم التقرير إلى البرلمان، لكن للأسف قبل أن يقدم إلى البرلمان وقبل أن يُناقش أُجيز قبل حتى أن يعرض على المجلس، وأعتقد أن هذه سابقة خطيرة جداً.
أين تقدمتِ باعتراضك..؟
– سجلت اعتراضاً في اللجنة في أثناء المناقشة، والشيء الطبيعي أن التقارير تذهب إلى اللجان ومن ثم تقدم إلى البرلمان لمناقشتها في مرحلة السمات العامة، ثم تعود إلى اللجنة مرة أخرى وتناقشها مرة أخرى، ثم تعاد إلى البرلمان لإجازتها.. نحن ناقشناه في مرحلة السمات العامة لكي يُجاز وإذا بنا نفاجأ بأن رئيس البرلمان يقدمه من ضمن بيان الوزير ويُجاز قبل أن يُعرض.
هل تعتقدين أن أداء المجلس الوطني كان ضعيفاً للغاية إبان الإجراءات الاقتصادية التي تمر بها البلاد.؟؟
أرى أن البرلمان لم يكن أداؤه ضعيفاً لأنه لم يكن موجود أصلاً ولم يكن في طور الانعقاد، وعندما حدثت الظروف الاقتصادية كان من المفترض استدعاء البرلمان، ولكن ما أود التأكيد عليه أن أداء البرلمان ليس ضعيفاً، وهناك أعضاء أشهد لهم بالأداء الجيد، وفي جلسة التداول حول الميزانية الأخيرة ظهرت آراء جريئة من عدد من الأخوة.
لكن من خلال حديثك.. هناك إشارات إلى أن البرلمان تتم استشارته في القضايا الهامشية فقط.. ولكن يتم تجاوزه في القضايا الحقيقية؟؟والله أنا ما أقدر أقول كده.. مهمة البرلمان الرقابة والتشريع وتمثيل المواطنين، وإذا أراد البرلمان القيام بدوره صحيحاً لا أحد يستطيع أن يتجاوزه في هذه المهام.
صحيفة المجهر السياسي
حوار : محمد إبراهيم الحاج
ت.إ[/JUSTIFY]