رأي ومقالات
دكتور هاشم حسين بابكر : السودان إلى أين؟«2»
مجرى الأحداث في الظاهر لا يكفي لكشف ما يدور تحت السطح، فالظاهر رتيب راكد ومتردي وهذه السمات التي تغلب على اتخاذ القرار في البلاد. لكن ماذا يجري في العمق، هل هناك تفاعلات تتسارع حركتها وتتصارع عواملها بحيث لا يراها أحد، رغم أن آثارها ما تلبث أن تطفو على السطح.
حال الداخل هذا، لفت نظر الخارج الدولي لهشاشة الداخل فأخذت أطماعه تتزايد تجاه السودان، أما الداخل فقد استخدم الخارج الدولي ساتراً لفشله الداخلي الذي نسبه إلى الحصار والعقوبات وما غير ذلك!!. وطمع الخارج الدولي في الداخل السوداني تم بوضوح شديد بفرض اتفاقية السلام التي وقّعها السودان دون أن يدري تفاصيلها والتي فصلت ثلث مساحة السودان متمثلة في جنوب السودان!! إن العمل الخارجي يجب أن يكون في خدمة الداخل، والسياسة الخارجية مطلبها النهائي الداخل، فالسياسة الخارجية ما هي إلا انعكاس للداخلية، ولكن هل كان هناك سياسة داخلية ملموسة تعبِّد للسياسة الخارجية للعمل للصالح الداخلي، وكما ذكرت أن الداخل قد حيّر الاتباع والمراقبين وحتى التاريخ نفسه!! السياسة الخارجية تهدف إلى التأكيد للخارج الدولي على استقلالية السودان ووحدة أراضيه وحدوده الآمنة المطمئنة وأن الداخل لن يسمح للخارج الدولي بالعمل على تفتيت السودان!! إن التوجه إلى الخارج يصبح غير ذي جدوي إن لم يكن في محصلته النهائية في صالح الداخل. نشاهد ونقرأ في أخبار التلفاز والصحف عن وفود عرمرم سافرت إلى الخارج بلا مردود وهو فقط ظهور على شاشات التلفزة وصور على الصحف مليئة بالابتسامات!! إن لم يكن النظام حقيقة مدركاً إمكانات الداخل ليذهب إلى الخارج فإنه كان يوظف غير الموجود في طلب غير الممكن، الخارج يتعامل بحسابات القدرة وتحركه المنفعة والربح، وعليه تكون هذه الزيارات لتغطية القصور الداخلي بالظل الخارجي وهذه نتيجتها صفر وفي أغلب الأحيان تأتي سلبية تحت الصفر في المحصلة النهائية. يعيش السودان أزمات سياسية واقتصادية واجتماعية وأخلاقية، أبرز هذه الأزمات هي الاقتصادية التي جرت خلفها بقية الأزمات، كان احتجاج المواطنين على الزيادات في أسعار المحروقات والمواد الغذائية والإستراتيجية منطقياً، ولم يتصدَ النظام إلى هذه الاحتجاجات إلا من منظور أمني، والقضية ليست بأية حال من الأحوال قضية أمنية إنها قضية أوضاع اجتماعية عميقة الأبعاد!! الإدارة العليا للبلاد لم تكن لتعطي الأبعاد الاجتماعية دوراً بل اعتبرت أن الوسيلة الأمنية هي سبب هدوء الأوضاع، وربما يشجع الدولة على فرض رسوم ضرائبية جديدة أكثر قسوة،. لا أظن أن أحداث سبتمبر قد مرت دون أن يتم بحثها خارجياً، من عناصر إقليمية ودولية، وهذا الاهتمام والبحث يفرضه موقع السودان الجيوبوليتكي من جهة ومن جهة أخرى موارده الطبيعية والتي يعتبر السودان ثاني أغنى دولة من حيث الموارد بعد روسيا، وقد ذكرت أن السودان يمثِّل خط الدفاع الإستراتيجي للشمال الإفريقي الذي يمثل الثقل العربي في العالم، كما أنه يطل على غرب إفريقيا ومنطقة البحيرات والقرن الإفريقي والبحر الأحمر. هذه مميزات إستراتيجية وجيوبوليتيكة قلما تتمتع بها دولة في العالم!!. وضع كهذا يجعل السودان ذا أهمية قصوى بالنسبة للقوى الدولية والتي لا تريد أن تدخل في تجارب فاشلة كالتي دخلتها في الصومال وأفغانستان والعراق. فأمريكا لا تريد التدخل وبريطانيا لا تستطيع، ولكنهما يستطيعان مد الفصائل المتمردة بالسلاح والدعم كما فعلت مع قرنق والوقت المناسب لهذا التصعيد هو ما بعد الاحتجاجات الشعبية على الضرائب المفروضة!!
أعتقد أن الوضع السياسي السوداني يضع مصير السودان في المحك، يكون أو لا يكون وأن أية محاولة يقوم بها النظام كتشكيل حكومة جديدة تشارك فيها كل الأطراف السياسية، لا يعدو كونه مساحيق تجميل يمكن إزالتها بمجرد رشة خفيفة بالماء!!. إن النظام الذي بقي ربع قرن لن يتخلى عن قياداته رغم عوامل التعرية السياسية التي جرت عليها في الربع قرن الماضي، يمكن اختيار وزراء جدد وشباب وخلافه، ولكن القيادات لن تتأثر رغم أن دورها في القيادة لم يتعدَ دور تحضير الأرواح الذي لم يعد مقنعاً بعد مرور ربع قرن عليه!!
دكتور هاشم حسين بابكر
[SIZE=6][SIZE=6]الانقاذ لم تفصل الجنوب اطلاقا وهى غير مسؤولة عن فصله الجنوب فصلوه اهله بكفاحهم المرير و حربهم التى دامت 54 عاما .لماذا يتباكى الشماليون على فصل الجنوب ؟؟ اهل الجنوب اولى ببلدهم و خيراته و هم يختلفون عن الشمال دينا و عقيدة و لغة و يريدون ان يعيشوا فى بلدهم مواطنون درجة اولى .الان كل من يتحدث عن انفصال الجنوب يتحدث عن ذهاب البترول و لا يتدث عن ذهاب الجنوبين انفسهم الى الجنوب .[/SIZE]فليعش الاشقاء الجنوبيون فى بلدهم بامن و سلام و تكون بيننا الجيرة الحسنة .[/SIZE]