حوارات ولقاءات

رئيس حركة تحرير السودان يكشف أسرار الحركات

[JUSTIFY] تراوحت قضية دارفور في الآونة الأخيرة صعوداً وهبوطاً، ففي الوقت الذي يرى فيه عدد من المراقبين أن الخلافات التي تعيشها الحركات المسلحة عصفت بها وقادتها للتشرذم، وحولتها لعصابات تستهدف الأبرياء والآمنين، مما أفقدها القدرة على أحداث أي حراك بجانب أن سلوكها أفقدها الأراضي التي كانت تتعاطف معها ، ورأوا أن ماتقوم به من خروقات هنا وهناك لا يعدو كونه فرفرة مذبوح.. لكن بالمقابل يرى آخرون أن صمت الحركات ينبغي التعامل معه بحذر، لأن الجهات المعادية للسودان تقف وراءها بقوه لتنفيذ أجندتها في السودان لافتين الى أن الحركات الموقعة على السلام إضافة حقيقية، لكن القضية مازالت قائمة لأن تأثير الحركات التي تحمل السلاح هو الأخطر.. في خضم هذه التقاطعات حاورت آخر لحظة رئيس حركة تحرير السودان مصطفي محمد أحمد تيراب حول عدد من القضايا فماذا قال:

أنتم متهمون كقادة للحركات المسلحة بالفشل في تقديم أي خدمات لإنسان دارفور والاستئثار بمكتسبات الاتفاقيات لخدمة مصالحكم الشخصية أم أن للحركات أدوار لكنها غير منظورة؟

– للحركات دور كبير وهي موجودة في الساحة في دارفور ودورها واضح وبارز في كل نواحي الحياة، ولو ذهبت الى دارفور ستجدهم في كل المواقع، وقادة الحركات الموقعة على السلام تعمل وهم كُثر، ومايقومون به هو من أجل خدمة الوطن والثبات على السلام، وما يُثار بشأن الفشل وراؤه حملة السلاح الذين لم يوقعوا على اتفاق السلام، وهم يحاولون الترويج بأن الاتفاقيات لم تضف أي جديد للأوضاع على الأرض في دارفور، لكن إذا نظرنا الى الأمر بشكل موضوعي نجد أن هناك اختلافاً بين ما يروج له اعداء السلام والحقائق على الأرض منذ 2006 الى الآن، والسلام أصبح واقعاً موجوداً، حتى الدول التي كانت تساند وتقف داعمة للحركات الآن موقفها تغيير نحو السلام والاستقرار في دارفور، لأنها لمست أن هناك جدية من الأطراف الموقعة ودعم من المواطنين للعملية السلمية
الى أي شيء تعزي الخروقات الأمنية التي يقوم بها قادة الحركات غير الموقعة في هذا التوقيت بالذات؟

– خروقات الحركات المتمردة ليس في هذا، بل خروقات ظلت مستمرة منذ اليوم الأول لتوقيع اتفاقية سلام دارفور(أبوجا) لأنهم يحاولوا أن يؤكدوا وجودوهم للدول التي كانت ومازالت ترعاهم بأنهم موجودين على الأرض ولا يمكن تجاوزهم، ولذلك أول ماقاموا به بعد اتفاق أبوجا كونوا ما أسموه وقتها جبهة الخلاص الوطني وقصدوا بذلك إرسال رسالة بأن ما تم لن يحقق سلاماً، ولكن الواقع كذبهم في فترة زمنية وجيزة، كان هناك سلام في دارفور رغم الخروقات الأمنية التي حاولوا التشويش بها على السلام.. لذلك انهارت جبهة الخلاص في أقل من شهرين من عملية تكوينها
هذا عن جبهة الخلاص الوطني ماذا عن قيام الجبهة الثورية التي ضمت إلى جانب حركات دارفور الحركة الشعبية قطاع الشمال؟

– الجبهة الثورية هي نسخة من جبهة الخلاص التي شبعت موتاً، والثورية هي رد فعل لخروج مني أركو مناوي من الحكومة، والذي حاول أن يلفت الانتباه إليه على شاكلة ردة فعل مالك عقار، فسعى والذين وراؤه لتكوين الجبهة الثورية لتكرار الرؤية التي تم من أجلها تكوين جبهة الخلاص ضد من وقع على السلام، وثبت على التزام، وحاولوا أن يوسعوا الجبهة بضم معارضين من جنوب كردفان والنيل الأزرق، ولكنه تحالفهم أخذ نفس الصفة وذات الأجندة، لكن سيكون مصيره الفشل والتداعي والاختلاف بسبب الانفراد بالرأي لأن قيادات الجبهة تركيبتها غير متوائمة ولن تتفق، ولذلك لن يكون لها تأثير في كردفان أو جبال النوبة أو النيل الأزرق، فالمواطنون هناك ملوا من الحروب والتشرد وباتوا تواقين للسلام والبناء والتعمير، لأنهم رأوا ما تم خلال خمس سنوات بعد التوقيع على السلام من بنيات تحتية لابد من المحافظة عليها، لذلك الأغلبية العظمى تريد المحافظة على هذه المكتسبات

الحكومة قالت إنها تحاور قطاع الشمال رغم أن التمرد يعمل تحت مظلة الجبهة الثورية هل هذه الخطوة بداية الانهيار للجبهة؟

تحالف الجبهة الثورية سينتهي- كما قلت- وذلك لطبيعة تكوينها لأن إخواننا في الحركات الدارفورية يبحثون بشكل فردي عن سلام، وكل المجموعات الآن تبحث عن السلام، لكن القيادات تتحدث عن وجودها العسكري وأنها قادرة على أجندتها، لكنها ستتفاجأ بأن القواعد العسكرية والتنظمية ستقول كلمتها لأنها ملت استمرار الحرب، وتبحث الآن عن سلام لأنها أدركت أن القيادات السياسية تستخدمهم لتحقيق أجندتها الشخصية، وبالمقابل الحكومة تمد يدها بيضاء لمن يريدون السلام، وأيضاً أقول إن قطاع الشمال لا يمثل كل أبناء جنوب كردفان أو النيل الأزرق، حتى تتجه الحكومة لمحاورته لأن هناك أصحاب مصلحة حقيقيين في المنطقتين هم الأولى بمعالجة قضاياهم لأنهم هم الموجودون على الأرض، ولذلك ما تبقى من قطاع الشمال يمكن الحوار مع قادته عبد العزيز الحلو، ومالك عقار، رغم أنهم عبر قطاعهم لا يمثلون أبناء المنطقتين الذين يريدون السلام

كيف تفسر صمت الحركات المتمردة خلال الفترة الماضية وتهدئة نشاطها العسكري، وإن بدأت تنشط عسكرياً في دارفور وعدد من الجبهات بعضهم عزا ذلك لموسم الخريف وصعوبة الحركة والبعض قال إنها أسباب داخلية تخص الحركات التي تفتت من الداخل كيف تقرأ ذلك؟

– السبب الأساسي في غياب التمرد عن مشهد الخلافات الكثيرة وسط قياداتها وتشتيتهم كقوة عسكرية في الإقليم بعد أن اتجهت ثلاث أرباع القوة نحو جنوب السودان، وأصبحت عودتها مرة أخرى لدارفور صعبة، لأن هناك عوائق يعلموها هم، ولكن أنا اسأل لماذا بقوا هناك في جنوب السودان، ولم يستطعوا العودة لأسباب متداخلة كثيرة والحركات لم توضح الأسباب.. بالتالي هناك مشاكل داخلية حقيقية تعاني منها الحركات، مما جعل تواجد قواتهم مشتتاً وغير منظم، ومن تبقى منهم طائعاً للتعلميات هي مجموعات صغيرة رجعت لتثبت واقعاً لقادتهم ليقول إننا موجودين على الأرض من خلال الخروقات المتكررة وما يقومون به من خروقات يمثل فرفرة مذبوح، ولن نسمح لأصحاب الأجندات بزعزعة الأمن والاستقرار في دارفور.

إذن كيف تقرأ مجريات الأحداث الآن في دارفور هل ترون أن هناك مهددات أمنية ينبغي الانتباه لها؟

– نعم نحن قلنا بشكل واضح إن هناك مهددات أمنية وتوجد في كثير من المناطق، ونحن وضحنا رؤيتنا عن المناطق التي كنا دائماً نتحدث عنها ولأننا ما عايزين نقولها بشكل مباشر لكن حددناها، وما زلنا نقولها لمؤسسات الدولة حتى تتم معالجتها بالشكل الصحيح والحاسم لأننا جزء من الدولة ومن منظومة العملية السلمية، وننشد الاستقرار الكامل ومناشدتنا لمجموعة منى وخليل و عبد الواحد في فترة رحلتهم من الشمال إلى الجنوب، كأنهم في رحلة ونزهة لكنهم في جوبا صدموا وما داير أقول ليهم خلاص المرحلة انتهت، ولكن عليهم الاستجابة لمطالب قواعدهم الذين قاتلوا لمدة عشر سنوات، وهم الموجودون على الأرض بغير القيادات بأن الوقت قد حان للجلوس للحوار، لأن الحرب مهما كانت ما بتحل مشكلة لكنها تثبت بعض المطالب عبر الحوار، ولدينا الحروب في العالم كمثال.. ولهذا نحن نقول لقيادات الحركات وحملة السلاح عليكم بالبحث عن السلام أينما كان، لأن التاريخ يوم من الأيام سيحاسبكم وخاصة العسكريين وليس القيادات السياسية التي لا تقاتل بل تتحدث فقط، وجبريل يوم واحد ما دخل معركة واتحدي عبد الواحد بأنه دخل معركة، اتحدي مني أيضاً أن يقول إنه دخل معركة.. بالمقابل قدروه دخل معركة أكثر من مائة مرة.. أبو القاسم إمام دخل معركة أكثر من مائتي مرة، لأنه قائد ميدان وقائد عسكري، ولذلك أقول إن القيادة السياسية هي قيادة مستمتعة، وحتى الذين يأتون منهم للميدان يأتون بطائرات خاصة في رحلة سريعة لمدة نصف ساعة، ويعودون من حيث أتوا ولم يحدث أن شهدوا معركة.. إذن لمصلحة من يقاتل الجنود والقادة العسكريون، نحن قاتلنا من أجل إنسان دارفور ومن أجله استجبنا للسلام، وإذا كان هؤلاء يقاتلون من أجل أهل دارفور فهم قد ملوا الحرب والمعسكرات التي بقوا فيها لأكثر من 13عاماً.. وهذا يكفي.. وجاء الوقت لوضع السلاح ليعود الناس الى مناطقهم، لأنه لو طال الوقت سيندمج اللاجئون في المجتمع التشادي، لكننا نشيد بخطوة السلطات التشادية بمنع منح أية وثيقة لأهل دارفور لأن الرئيس إدريس دبي متفهم لقضية دارفور لحين عودة اللاجئين من تشاد، ولهذا نقول إذا كان هذا هو موقف الرئيس التشادي ماذا عن موقفنا نحن كقيادات دارفور وكأبناء بلد.. لذلك نحن ندعو إلى السلام والحوار لحل كافة القضايا من نزوح ولجوء لأهلنا في درافور.

هل التقارب الآن وتطور العلاقات بين السودان وجنوب السودان مؤشر إيجابي لدفع الحركات المسلحة للحوار؟

– نعم ذلك مؤشر إيجابي على مستوى الدولتين.. والإيجابي فيه أن القيادات السياسية في البلدين أدركت مصلحة البلدين ووضعتها فوق كل شيء، وقضية الحركات هنا وهناك هي قضية ثانوية، لأن هناك قضايا أهم منها مثل ترسيم الحدود والاقتصاد، وما توصل إليه الرئيسان هو مفاتيح لحل الكثير من القضايا العالقة، ومنها وضعية الحركات المسلحة.. وأعتقد أن الرئيسين قطعا شوطاً كبيراً خاصة حكومة دولة جنوب السودان، رغم التشاكس في السابق.. لكن الآن لديهم نظرة حديثة للتطور العلاقات مع السودان

في الأحداث التي صاحبت تطبيق الإجراءات الاقتصادية وجه الاتهام للحركات المسلحة بدارفور هل القي هذا الاتهام بظلال سالبة على أبناء دارفور الموجودين بالخرطوم؟
أنا من أول يوم للتظاهرة رغم أنني لم أكن موجوداً بالخرطوم لكن اتصلت لأتابع الأخبار، وقلت إن ما حدث أمر غير طبيعي، لأن الناس لم تتجه إلى مؤسسات الدولة لتتحدث معها، بل اتجهت لممتلكات المواطن العادي، وبدأت في التخريب، وهذا ما يفسرأن ماتم سياسات مرسومة لتحريك المواطن، وافتكر هذه سياسة كثير من الدول المعادية للسودان وجزء منها الحركات المتمردة.
كيف تقرأ المواجهات القبلية بدارفور؟

– نأسف للمواجهات في دارفور، وأقول لأبناء دارفور الموجودين في المركز أن ينظروا إلى دارفور بتأمل والى قبائلهم بتروٍ لأن كثيراً من المشاكل في دارفور مستوردة من الخرطوم، ووراءها أبناء دارفور الواعين المدركين الموجودين بالمركز، لأنهم يفتكرون أن الصراعات والحراك القبلي يحقق لهم المكاسب السياسية الما عندها اية قيمة حتى لو استوزروا من وراء ذلك، لأن ما تم لهم جاء بدماء أهلهم وإباحة أرض دارفور وإعطاء مساحة للآخرين بأن يتحدثوا عن صراعات أهل دارفور، ولهذا أقول لأهلنا القيادات هنا بالخرطوم عليهم بالاستغفار لما يحدث في دارفور، والتأمل لما يجري في الإقليم، وكيف يموت الناس هناك، ولذلك نقول لهم ارحموا أهلكم بدارفور وهذه دعوة لأبناء دارفور لمواجهة بعضهم البعض لوضع الحلول الجذرية لمشاكلنا القبلية، ولدينا أمثال كثيرة جداً في أفريقيا لحل الصراعات القبلية وهذا غير مستحيل، ويمكن الحل بحكم التجربة السابقة..

ماذا تمثل لكم في منظومة السلام حركة التحرير والعدالة وماذا أضافت للعملية السلمية في الإقليم ؟
انا أرى أن أخوتنا في حركة التحرير والعدالة واخوتنا في العدل والمساواة إضافة حقيقية رغم أن اتفاق الدوحة يمضي بخطوات بطيئة، لكن ما تم تم بطريقة ممتازة ونحن شاركنا في تدشين كثير من المشروعات التي تم تنفيذها، والمؤشرات التي شاهدنا في بداية انطلاقة المشروعات بدارفور والتي غطت كل مناطق الولايات الخمس ومناطقها وإن شاء الله ترى النور بالامكانات والتنفيذ مادامت الإرادة موجودة، وإنفاذ اتفاق الدوحة، وتحقق لأهل المصلحة الشيء المطلوب، والآن اخوتنا في وثيقة الدوحة قطعوا شوطاً كبيراً جداً فهم الآن هم جزء من مؤسسة الدولة ونشاطاتها، وبالمشاريع التي دشنتها نقول إنها بدأت في التنمية الحقيقية وهذه مبشرات كبيرة جداً تؤكد أن وثيقة الدوحة ماضية بخطى جيدة، وهذه إجابة بان الحركات التي وقعت للسلام تمضي بخير وتنسق مع بعضها من أجل دارفور والسودان عموماً، وحتى أبناء دارفور في التنظيمات السياسة الأخرى

ما الذي دفع بعض القيادات للانسلاخ من الحركة؟

– هذا شيء طبيعي وأرجو ألا يفسر ذلك بشكل خاطيء، ونحن بالتأكيد كحركات نعاني من بعض المشاكل الصغيرة بعضها داخلية ممكن نرجعها لحداثة التكوين السياسي وحداثة أداء المغادرين، ولكن بشكل جماعي قيادات حركة تحرير السودان وصلوا الى تفاهمات لقيام المؤتمر العام، والآن شكلت قيادة الحركة لجنتين الأولى بقيادة رئيس الحركة والثانية بقيادة نائب الرئيس وعضوية الأمين العام للتمهيد للمؤتمر العام توطئة للتحول لحزب سياسي

إذن أنت ترى أن مسألة الانسلاخات والانتقال من حركة لحركة أمراً عادياً؟

– ليس بهذا المفهوم لكنه لايؤرقنا لأنه أمر و حراك طبيعي، لكن غير الطبيعي أن يتم الانتقال بين الحركات بدوافع القبلية، ونعتبره طبيعياً لأن اغلب من يقومون بذلك غير ناضجين سياسياً، لهذا عندما جئنا نحن حركة تحرير السودان الموحدة، والإرادة الحرة، وحركة تحرير السودان جناح السلام، وحركة العدل والمساواة جناح السلام، الخمس ما في حركة من هذه الحركات لم تنقسم على نفسها.. فجناح السلام بقيادة أخ مادبو انقسم.. الإرادة الحرة بقيادة المرحوم البروفيسور عبد الرحمن موسى انشطر.. وبعده تحرير السودان الأم بقيادة أبو القاسم إمام انقسم.. وحركة تحرير السودان بقيادة مني انقسمت.. حركة العدل والمساواة بقيادة عبد الرحيم أبو ريشة انقسمت.. وحركة تحرير السودان بقيادة مصطفى تيراب انقسمت.. وهذا يرجع – كما قلت- إلى عدم النضج السياسي ولكن مستقبلنا في توحيد الحركات لأنه الأجدى والأفضل لها بعيداً عن التوجه الإثني والقبلي، دون النظر إلى الأفكار والرؤى.. ونحن لدينا قواعد ونظم نعمل بها، فمن التحقوا بغيرنا تم اعفاؤهم من المجلس القيادي، وكذلك من الحركة، وهناك أيضاً بعض القيادات خرجت من السودان منهم الفاضل التجاني وذنون سليما وغيرهم، وستكون لدينا قرارات بعد اتصالنا بهم.

صحيفة آخر لحظة
حوار: حافظ المصري
ت.إ[/JUSTIFY]