عالمية

من فنلندا لسوريا .. رحلة مقاتليْن مناهضيْن للأسد


[JUSTIFY]جذب القتال الدائر في سوريا بين المعارضة والنظام المقاتلين الأجانب من مشارق الأرض ومغاربها لدعم النظام والمعارضة على حد سواء، ولكن لأول مرة منذ اندلاع الأزمة السورية قبل نحو ثلاث سنوات، يطفو اسم فنلندا على أنها إحدى الوجهات التي ينطلق منها المقاتلون إلى سوريا.

وأشارت مصادر الشرطة المحلية للجزيرة نت إلى أن عشرات النساء والشباب من سكان فنلندا غادروا بلادهم للانضمام إلى صفوف مقاتلي الجماعات المسلحة في سوريا.

الجزيرة نت التقت بنموذجين من المقاتلين أحدهما سوري كردي، وعائلة مقاتل آخر صومالي.. الأول قاتل لأشهر إلى جانب المعارضة ثم عاد إلى فنلندا متزوجا من سورية، والثاني ترك بلاده قبل أكثر من عام قائلا لوالدته “الوداع.. لن أعود إلى المنزل”.

ففي إحدى مناطق الجنوب الفنلندي التقينا “آميد” الذي عاد قبل أشهر من القتال في سوريا، فهو يصف نفسه بالمقاتل المستقل الذي لا ينتمي لأي مجموعة. ويضيف أنه قاتل إلى جانب أهل منطقته القامشلي وأبناء شعبه لمساعدتهم على الإطاحة بنظام الأسد “المستبد”.

قاتل وتزوّج
ويتابع هذا الشاب الذي نشأ في حضن الديمقراطية الأوروبية، أن فنلندا -وطنه الثاني- قدمت له أكثر مما قدمت له سوريا وطنه الأم، “فهنا تعلمتُ معنى الحرية واحترام حقوق الإنسان، وكان لا بد أن أقوم بشيء من أجل حرية شعبي ووطني”.

أما اللحظة الأقسى بالنسبة له فكانت حينما ذهب إلى المستشفى في إحدى بلدات جنوب فنلندا ليودع والدته -التي كانت تخضع لعملية جراحية- قبل التوجه إلى سوريا حالما بالتغيير، حسب وصفه.

ويذكر آميد أنه دخل سوريا عن طريق تركيا التي تشكل الممر الرئيسي للمقاتلين إلى الشمال السوري، بينما كانت بداية مشاركته في المعارك على خطوط القتال في منطقة القامشلي، ثم انتقل للقتال في معارك ضد جيش النظام في منطقة تل الأبيض الحدودية.

وعما إذا شعر بالخوف من القتل أو الاعتقال، أجاب بالنفي، إلا أنه شعر بالمرارة عندما رأى قوات النظام تقتل أفراد شعبه وأهل بلدته، وتساءل “كيف يمكن أن يفرح النظام بقتل شعبه؟”.

ويحلم آميد الذي يعمل حاليا في إدارة المطعم الذي يملكه هو وأشقاؤه، بأن يتكافل المغتربون السوريون في أوروبا من أجل إعادة إعمار سوريا.

ورغم المآسي والمعاناة التي مر بها، فإنه رأى ضوءا في النفق السوري تمثل في تعرفه -أتناء إقامته بسوريا- على فتاة تزوجها واصطحبها معه إلى فنلندا.

ويختم آميد بأن عدد القتلى الكبير الذي تذكره وسائل الإعلام ليس من نسج الخيال، بل هو أقل من الواقع، وأضاف “لقد شاهدت بأم عيني كيف أن بعض الأشخاص لم يُقتلوا جراء القصف بل ماتوا جوعا”.

وداعا فنلندا
وللصومالي محمد (22 عاما) المولود في فنلندا قصة أخرى، فقبل مغادرة منزله بإحدى ضواحي العاصمة هلسنكي منتصف ديسمبر/كانون الأول الماضي للقتال إلى جانب المعارضة السورية، كتب على صفحته الخاصة في فيسبوك “أنور العولقي لتكن لك الجنة بإذن الله”، جاعلاً من صورة العولقي صورته الرئيسية على صفحته في موقع التواصل الاجتماعي. والعولقي كان قياديا بارزا في تنظيم القاعدة، اغتالته المخابرات الأميركية في غارة شنتها طائرة بلا طيار في اليمن.

وأكدت مصادر مقربة من عائلة “محمد” للجزيرة نت أنه عندما وصل إلى الأراضي التركية وقبل دخوله سوريا عبر معبر باب الهوى الحدودي، كتب على صفحته في فيسبوك عبارة “وداعا فنلندا”.

وأوضحت شقيقة محمد أنه أجرى اتصالا بوالدته عبر الإنترنت، وقال لها “إنه يريد مساعدة إخوته المسلمين الذين يتعرضون للقتل والاضطهاد على يد نظام بشار الأسد وجيشه”. ومن العبارات التي قالها محمد لوالدته خلال مدة اتصاله القصيرة، “لن أعود أبدا إلى المنزل”.

وبعد مضي أيام قليلة التحق محمد بإحدى الكتائب الإسلامية، وتعتقد عائلته أنه شارك في جبهات القتال بمنطقة ريف حلب الشمالي، لأنه لم يفصح لأي من أفراد العائلة عن مكانه.

وعما إذا كان هناك اتصال مع محمد، أكدت مصادر العائلة أن آخر اتصال معه كان يوم 7 أبريل/نيسان الماضي، وحينها ودع والدته للمرة الأخيرة، وقال قبل انقطاع الخط “أمي لا أستطيع العودة من جديد.. وداعا”.

الجزيرة
ع.ش[/JUSTIFY]