رأي ومقالات

علي الصادق البصير: عندما تكون أبو ظبي كالخرطوم

[JUSTIFY]بينما كنت أقلب قنوات التلفاز ليلاً، استوقفني إعلان صامت بثته إحدى قنوات الخليج ومدته لا تزيد عن «30» ثانية فقط، يبدأ الإعلان بإشارة مرورية صفراء فاقع لونها، وتنتقل الكاميرا وقتها إلى مؤشر السرعة داخل عربة صالون فيرتفع المؤشر إلى سرعة جنونية تسابق الإشارة الحمراء ثم يتحول المشهد لاحمرار كامل اختلطت فيه الدماء بالحديد، ثم تأتي صورة أخرى لابنة السائق التي كانت تنتظر والدها، ويبرع المخرج في تحويل لحظات انتظار الصغيرة إلى بؤس وشقاء، بعدها تظهر عبارة المجلس الأعلى للسلامة المرورية بإرشاد بليغ ومؤثر ومتناغم، لتقول: «في التأني السلامة».. تخيلوا أن كل هذا الإرشاد والزخم والإبداع يقدم في فاصلة لا تتجاوز نصف دقيقة، أعجبتني الفكرة التي تناقلتها القنوات هنا وهناك وبأشكال مختلفة.

عفواً، لم أورد هذه المشاهد لننقلها عبر أجهزتنا الإعلامية أو سودنتها، بل أوردها لأنها سودانية مائة في المائة، نعم سودانية التقتطها الدول العربية المشاركة في المهرجان العالمي لبرامج التوعية المرورية المقام في تونس 2010م، وكان إعلام المرور قد فاز بفيلم اسمه «عفواً هذا السائق لا يمكن الوصول إليه بتاتاً».

اتصلت بإعلام المرور ونقلت لهم ما شاهدت من أفلام توعوية قصيرة بالفضائيات العربية، وتساءلت عن إمكانية عمل مماثل لتعم الفائدة، وليتني لم أسأل، فقد أصبت بإحباط عندما وجدت بمكتبتهم أكثر من خمسين عملاً مماثلاً قدم للمهرجان وغير المهرجان إلا أن قنواتنا الفضائية وأجهزتنا الإعلامية والمعنيين بهذا الأمر لا يستطيعون بث هذه الأعمال إلا إذا جاءت عبر مكتب الإعلانات والتسويق، فبيعت أفكارنا ببلاش وتبدلت وارتفعت معدلات التوعية عند غيرنا.

بالأمس قال رئيس وفد الشرطة المجتمعية القطري الزائر للسودان: «نتطلع أن نصل للمرحلة التي وصل لها السودان من خلال تجربة الشرطة الشعبية والمجتمعية، ونتطلع أن تكون بيننا برامج مشتركة ونرتقي لهذا المستوى»، وهو حديث مهم للغاية، حيث عرضت وزارة الداخلية في وقت سابق تجربة الشرطة الشعبية بالسودان أمام مجلس وزراء الداخلية العرب وتلقفتها بعض الدول والآن قطر، وباعتراف رئيس وفدها ها هي تتطلع إلى مستوى السودان، ونأمل صادقين أن تثري هذه التجربة الأمة العربية وأن نحافظ عليها ونعمل على تطويرها وألا نحبط فيها كما أحبطنا في الكثير من المشروعات الحيوية.

أفق قبل الأخير عندما قال الضابط القطري هذا الحديث تبسمت الزميلة آمنة السيدح وذكرتنا بمقولة الشيخ زايد عندما قال أريد أن تكون أبو ظبي كالخرطوم. ونخشى أن نبتسم عندما نسترجع حديث الضابط القطري.

أفق أخير للقنوات الفضائية.. شاهدوا الأعمال التوعوية ولو لأنفسكم!!

صحيفة الإنتباهة
ع.ش
[/JUSTIFY]

‫2 تعليقات

  1. احييك اخي الفاضل : استاذ/ علي البصير علي طرحك المنطقي والفكرة الرائعة التي استفزت حسي المهني والاعلامي والامني ؛ فلماذا نظل نقبع ببضاعتنا ولا نسوقها ولو لانفسنا حتي تنتهي مدة صلاحيتها وقد حببي الله العقل السوداني ببصيرة ثاقبه قادر علي الانتاج الفكري جادت به لكل المجتمعات والشعوب وما زالت … نحتاج لاعلام مفتوح ومفتح ينتج ويسوق ..ز ونحتاج لمدن اعلامية خاصة تصبح احد الاسلحة التي ندافع بها عن هويتنا وقيمنا وموروثاتنا المتناثرة من الضياع ونواجه بها اعداءنا بقوة فالاعلام اصبح السلاح الناجع والفتاك والشجرة الظليلة الوارفة في نفس الوقت …مع تقديري (الارباب)

  2. تتبسمو على سذاجتكم ..(( قال لينا : عايزين ابوظبى تكون ذى الخرطوم )) .. امشى شوف ابو ظبى وبعدين تعال فسخ سنونك …
    الراجل قال ليكم كلمتين مجامله .. شبطو فيهن وصدقتوهن ..