رأي ومقالات

خالد حسن كسلا : ما قبل سبتمبر لصالح من وماذا ؟

[JUSTIFY]كلام غريب جداً أطلقه نائب السيد محمد عثمان الميرغني السابق ووزير الداخلية في عهد الصادق المهدي والذي يصف نفسه بـ «الفكي العلماني» سيد أحمد الحسين. إن سيد أحمد الحسين يقول في تصريحات صحفية لأخبار اليوم: «يجب العودة لسودان ما قبل سبتمبر 1983م» انتهى. ولعله يقصد أن ذاك الشهر من ذاك العام شكَّل نقطة تحول في البلاد إذ أن فيه أعلن الرئيس نميري الذي كان يحكم من 25 مايو 1969م تطبيق الشريعة الإسلامية، وبعد ذلك جاءت مرحلة تجديد النظام القانوني للمجتمع المسلم، لكن هذا النظام الإسلامي لم يستمر حينما بدأ في سبتمبر عام 1983م حيث إغلاق بيوت الدعارة والشذوذ الجنسي والخمارات والحد من ارتكاب أخطر الجرائم، فقد جاءت انتفاضة أبريل 1985م وبعدها بعام الفترة الديمقراطية الثالثة التي صوَّت فيها البرلمان لإلغاء القوانين الإسلامية واعتماد القوانين البريطانية والهندية واستمرار تدمير الشباب المراهقين والراشدين وإهدار طاقاتهم بتسهيل أماكن الرذيلة وغياب العقل. إذن ماذا يقصد سيد أحمد الحسين بوجوب عودة السودان إلى ما قبل سبتمبر 1983م؟! هل يريد مطاعنة سياسية لهذه الحكومة التي إذا جاز التعبير يمكن أن توصف بـ «الشموديمراطية أو الديمقراشمولية»؟! هل كان يرتضي استمرار حكم نميري بدون تطبيق الشريعة الإسلامية؟! لقد كان هو وزير الداخلية في أول حكومة ديمقراطية شكلّها الصادق المهدي عام 1986م.

وبدلاً من أن يقول يجب العودة إلى سودان ما قبل يونيو 1989م، وقد كان قبل هذا التاريخ الديمقراطية الثالثة التي أطاحتها مجموعة البشير أو العودة إلى سودان ما قبل 25 مايو 1969م حيث كانت حكومة الأزهري والمحجوب في الديمقراطية الثانية، فهو يقول «يجب العودة إلى سودان ما قبل سبتمبر 1983م»، وقبل هذا التاريخ حكم جعفر نميري بنظام شمولي عسكري أمني باطش جداً وشرس أكثر من أربعة عشر عاماً. ولك أن تحسب الفترة من 52 مايو 1969م إلى سبتمبر 1983م.. كانت أسوأ فترة مرت على السودان بكل المقاييس، وكانت بلا هوية سياسية ثابتة وبلا مشروع وطني تنموي واضح باستثناء بعض المشروعات التي لا يمكن أن يمنّ بها نظام على المواطنين باعتبارها من الأمور العادية في أية دولة. ثم لم يقل أيضاً سيد أحمد الخليفة بوجوب العودة إلى سودان ما قبل 17 نوفمبر 1958م حيث كان قبله أول مرحلة ديمقراطية بعد إرهاصات الاستقلال القوية عام 1954م ورفع علمه في 1/1/1956م.

كل هذه المراحل الديمقراطية لم تعجب «الفكي العلماني».. وأعجبته فترة حكم نميري من مايو 1969م إلى سبتمبر 1983م. أعجبته ديمقراطية الرائد أبو القاسم محمد إبراهيم التي تعامل بها مع الأنصار في الجزيرة أبا، وديمقراطية منصور خالد التي احتقر بها القوى الحزبية التي منها حزب الحركة الوطنية الأوّل الذي انتمى إليه سيد أحمد وزير الداخلية في الديمقراطية الثالثة. ربما يريد عهداً مثل عهد نميري لكي لا تتعرض فيه الفتيات للاستدراج والقتل مثل الضحية أميرة الحكيم. إن الجرائم التي هزت المجتمع السوداني في عهد الديمقراطية الثالثة التي كان فيها سيد أحمد الحسين وزيراً للداخلية هي ثلاث سنوات لم تحدث في فترة الأربعة عشر عاماً التي كانت ما قبل سبتمبر 1983م إلى مايو 1969م.

فقد كان وزراء الداخلية في تلك الفترة أفضل من وزير «البخرات والمحايات». وإذا كان قد قيل إن القصر الجمهوري أيام نميري كان بداخله «الحجبات والبخرات» لإطالة أمد الحكم، فإن وزراء داخليته كانوا مهمومين بأمن المواطن حتى لا يحدث مثل ما حدث في الديمقراطية الثالثة التي كان فيها سيد أحمد الحسين وزيراً للداخلية حيث تعرّض ضيفاً زار البلاد بطريقة رسمية إلى القتل داخل فندق هلتون «كورال حالياً» هو المعارض العراقي حينها مهدي الحكيم. إن أميرة الحكيم ومهدي الحكيم من ضحايا عهد ديمقراطي غير حكيم، كان فيه سيد أحمد الحسين وزيراً للداخلية.

ثم إن تصريحه بوجوب عودة السودان إلى ما قبل سبتمبر 1983م لا يخدم حزب الاتحادي الديمقراطي سواء كان الأصل أو غيره، ولا طائفة الختمية التي ينتمي إليها التي يرفع زعيمها شعار الجمهورية الإسلامية. هل هو شعار رد إعلامي للمشروع الحضاري مثل شعار الصحوة الإسلامية الذي يذكره الصادق المهدي عند الحاجة السياسية مثلاً؟! إن سيد أحمد الحسين لو كان بالفعل يلعن حتى فترة الديمقراطية الثالثة فهذا لا يمنحه الموضوعية لتمجيد فترة ما قبل سبتمبر 1969م حتى ولو كان ما بعدها لا يسره.

٭ نلتقي غداً بإذن الله

صحيفة الإنتباهة
ع.ش[/JUSTIFY]

تعليق واحد