أول مندوب وممثل لصندوق النقد الدولى في نامبيا د.التجانى الطيب يفجر اسرار حول الزعيم الراحل مانديلا
وقال الدكتور التجانى الطيب الخبير الاقتصادى العالمى ان الزعيم الراحل نلسون مانديلا لديه انطباع جيد عن السودان والسودانيين بدعمهم لثورتهم منذ بداية الستينات من القرن الماضى.
الي تفاصيل الحوار
حدثنا حول اول زيارة لدولة ناميبيا
شاءت الاقدار بعد استقالتى من وزارة المالية في السودان في فبراير 1989م انتدبني صندوق النقد الدولى للذهاب الى ناميبيا التى حازت استقلالها من جنوب افريقيا للمساعدة في انشاء البنك المركزى الناميبى ووزارة المالية الناميبية، وانتقلت الى ناميبيا مطلع 1991م وكانت تلك الفترة التى بدأت فيها المحادثات الجادة بين عناصر المؤتمر الوطنى الافريقىى والحكومة العنصرية في جنوب افريقيا لحلحة النظام القائم انذاك في جنوب افريقيا.
كانت معظم الكودار القادمة من الخارج كانت تاتى عن طريق ناميبيا مما اتاح لى الفرصة للتعرف على الكثيرين من امثال ثامبو امبيكى وعزيز بات واخرين من القيادات الرئيسية في المؤتمر الافريقى.
وايضا عندما اطلق سراح مانديلا في اواخر 1991م في عاصمة ناميبيا توطت العلاقة بيننا بعد ذلك استمرت الاتصالات على المستوى الشخصى وعلى مستوى الحزب وعندما رجعت الى رئاسة صندوق النقد الدولى في اغسطس عام 1992م اتى مانديلا في اول زيارة له للولايات المتحدة الامريكية رتبت له زيارة لمقابلة ادارة الصندوق وكانت بادرة خير اذا ان التوجه السياسى للمؤتمر الافريقى كان اكثر منها يسار لكن تلك الزيارة ادت الى تليين المواقف نتيجة للتدخلات المباشرة من مانديلا للتعامل مع المؤسسات الدولية رغم توجه الكثيرون من اعضاء الحزب على اساس ان المؤسسات الدولية كالبنك الدولى وصندوق النقد الدولى هى مؤسسات راسمالية ودعمت العنصرية في جنوب افريقيا لذلك التعامل معها كان من الصعوبة.
واستطرد قائلا: توطت العلاقة بينه والاطراف المختلفة لدرجة ان جنوب افريقيا طلبت ولاول مرة قرض مليار دولار من صندوق النقد الدولى لدعم الخزينة العامة في جنوب افريقيا في بداية المرحلة الانتقالية عام1994م وفي عام 1997م ونتيجة لتدخل مباشر من الزعيم الراحل نلسون مانديلا تم تعينى كمنسق عام لدول الجنوب الافريقي بما فيها جنوب افريقيا وبالتالى كان لى شرف كبير بالعمل ليس فقط بجنوب افريقيا ولكن في دول الجنوب الافريقي كلها مما وطد علاقتى بالمختصين سواء في مجال السياسة او مجال الاقتصاد في الاقليم كله. وفي اواخر العام 1999م طلب مانديلا من الصندوق فتح مكتب ولاول مرة في جنوب افريقيا وبناء على طلبه وطلب ثامبو امبيكى كنت اول مندوب وممثل لصندوق النقد الدولى في جنوب افريقيا فامضيت الفتره من 2000 الى 2003 كاول ممثل مقيم للصندوق في جنوب افريقيا مما وطد العلاقات بيننا اكثر. حيث كان الزعيم الراحل نلسون مانديلا من اكثر الزعماء مواظبة على متابعة الاحداث على مستوى الاقتصاد العالمى وعلى مستوى الاقتصاد الاقليميى وتواصلت علاقتنا الممتدة مع الزعيم الراحل ولم تنته رغم استفحال المرض واصبح الحديث له من الصعوبة .
ولكن استمرت علاقتى باسرته وما زالت مستمرة ولن تنقطع ابدا في المستقبل.
ما هى انطباعك بعد اول لقاء مع الزعيم الراحل نلسون مانديلا؟
مانديلا لديه أنطباعات جيدة عن السودان والسودانيين لانه دائما يذكر لى ان السودانيين كانوا من اوائل الافارقة كشعب ومن اول الدول الافريقية التى ساندت القضية الافريقية.
وقال لى انه عند زيارته الخرطوم لاول مرة تحرك من المطار الى مقر اقامة الرئيس الراحل ابراهيم عبود وفي ذلك الوقت كان هو رئيس السودان 1958-1964.ولا ينسى ابدا تفاصيل اجتماعه مع الرئيس الراحل عبود وكيف كان رئيس السودان رجل دولة بمعنى الكلمة بحق وحقيقة.
وكان من ضمن النصائح التى اوصاها بها الفريق ابراهيم عبود لمانديلا ورفاقه بان لا يجعلوا النضال فقط بالخارج وانما تنقسم الحركة الى قسمين داخلى وخارجى.ومانديلا اكد لى في لقائى ان نصيحة عبود هذه هي التى جعلته شخصيا يتوجه الى الداخل ليذهب الى السجن ويترك بقية القيادة الخارجية الى امبيكى وبقية المجموعة ليواصلوا النضال بالخارج.
ويذكر هذه الحادثة كتحول تاريخى بالنسبه له..
واستطرد قائلا: نصحية ووصية الرئيس الراحل ابراهيم عبود ادت للتاثير على مانديلا وعلى الحركة الثورية في جنوب افريقيا داخليا وعالميا.
مانديلا ذكر لى ايضا في ذلك اللقاء ان وفدا سودانيا في العاصمة البريطانية لندن وكان وفداً رسمىاً في مطار هيثرو في زياره انجلترا ووجد امراة افريقيه تبكي امام الجوازات فتم سؤالها عن اسباب بكائها فقالت انا قادمه من جنوب افريقيا ولا تملك تاشيرة ومنعت من الدخول الى انجلترا.
وما كان من اعضاء الوفد السودانيين الا ان اخذوا جواز المراة من جنوب افريقيا وتمت اضافته لجواز الوفد الدبلوماسى السودانى وتم السماح لها بالدخول ضمن اعضاء الوفد واعطوها بعض المال وهذه المراة بعد انتقال السلطة من البيض الى الافارقة كانت شخصية وتبوأت مكانة كبيرة.
وهى تذكر هذه القصة بكثير من الفخر والاعتزاز عن السودان وعلاقتها بالسودانيين.
صفات ومميزات مانديلا
بعيدا عن اضواء الزعامة
كما قلت ان الزعيم مانديلا له مكانة خاصة واذكر في مرة من المرات كنت كل ما ازوره كان هنالك مقعد معين يجلسنى فيه.
فجاء الحديث عن السودان ومشكلة جنوب السودان كان دائما ما يذكر ان رئيس السودان عمر البشير جلس على نفس الكرسى الذى اجلس عليه اكثر من مرتين.
ولكن دائما الزعيم الراحل جون قرنق كان يتخلف عن الحضور مانديلا انطباعاته عن قضية السودان انها ما كانت تستحق ان تمضى في الاتجاه الذى مضت فيه وكان يمكن الوصول للحل بصورة وضمان استمرار الوحدة بين الشمال والجنوب لانه لايكن للسودان مكانة خاصة.
وكانت رؤيته ان الخلافات بين الشمال والجنوب لم تكن ترتقى لتصل للانفصال بين طرفى البلدين.
ماهى انطباعاته عن الرئيس البشير؟
مانديلا قال ان الرئيس البشير رجل يوفى بوعده.
بدليل ان وعده بالحضور الى جنوب افريقيا مرتين وحضر في مواعيد الاتفاق واللقاء.
ولكن الطرف الاخر تغيب
كلمة اخيرة
مانديلا كانسان رجل في غاية التواضع وعندما تقابله تجده شخص بسيط رغم الهالة الكبيرة والاب الروحى للثورة.
وعندما تجلس امامه تشعر بنوع من الاحترام والاجلال و التواضع لدرجة انني لفارق السن كنت اذهب امامه لفتح الباب قبله وكان دائما ما يقول لى امنيتى قبل ان اموت ان افتح لصندوق النقد الدولى الباب
هو رجل اب روحى للثورة وسياسى محنك ويحب القارة الافريقية وشعوبها ويفتكر ان كل مشاكل القارة مشاكل اصطناعية لا معنى لها وان كل سكان القارة رغم اللهجات والقبائل المختلفة لكن في النهاية هم ابناء هذه القارة ومشاكلهم ليس بالحجم الذى يتصوره العالم.
اذا جلسوا مع بعضم البعض لحلحلة مشاكلهم.
حوار عبدالرازق الحارث: صحيفة أخبار اليوم
[/JUSTIFY]