سفير دولة الكويت لدى السودان في حوار خاص
طلال منصور الهاجري.. متزوج ولدي أربعة أبناء.. حاصل على بكالوريوس العلوم السياسية من جامعة الكويت عام 1992م بامتياز مع مرتبة الشرف.. التحقت بالعمل في وزارة الخارجية عام 1992م بإدارة الوطن العربي بدرجة ملحق دبلوماسي.. وتنقلت في عدد من السفارات بدءاً من قطر ومروراً ببلجيكا ومصر وهولندا وتونس.. تدرجت في الرتب الدبلوماسية فيها من سكرتير ثالث وحتى مستشار.. إلى أن تم ترشيحي وتعييني الصيف الماضي سفيراً فوق العادة ومفوضاً لبلادي لدى السودان.
السيد السفير، العلاقات السودانية الكويتية قديمة وضاربة الجذور، وهي علاقات شعبية وحميمة تنعكس على أداء الحكومات في البلدين، ترى ما هي أبرز خطط تطوير هذه العلاقة الآن؟
– بالفعل أن العلاقة بين الشعبين الشقيقين ترتكز على الدين واللغة و طموحات المستقبل المشترك. لقد ظلّت العلاقات الثنائية تتعزز وتتطور بفضل الرعاية الشخصية لقائدي البلدين حضرة صاحب السمو أمير البلاد/ الشيخ صباح الأحمد الصباح- حفظه الله ورعاه- وأخيه الرئيس/ عمر حسن أحمد البشير في إطار من الوئام والتنسيق المتبادل في القضايا ذات الاهتمام المشترك والتواصل الأخوي الذي يعكس متانة أواصر التعاون المثمر والتضامن الفاعل.
في هذا السياق فإن خطط تطوير العلاقة تستند على طبيعة العلاقات المتجذرة بين البلدين والقائمة على دعائم العطاء والمحبة والإخاء المتبادل.
لقد ظلت الكويت منذ استقلالها في العام 1961 تعبر عن مفاهيم وقيم التعاضد والتكاتف والتعاون وأعطت السودان خصوصية وأولوية في قروض الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية والتي بلغت حتى الآن (25) قرضاً، لعل آخرها ما تمثل في تشييد سد مروي ومشروع سكر النيل الأبيض وما يجري العمل فيه حالياً لإنشاء سد أعالي نهر (عطبرة) و (ستيت).
بالإضافة إلى التوقيع بالأحرف الأولى في نوفمبر الماضي اتفاقية إنشاء معامل (مختبرات) المعادن بمبلغ 65 مليون دولار يدفع الصندوق الكويتي 79% والباقي 21% الحكومة السودانية.
كما أن تفعيل الاتفاقيات ومذكرات التفاهم للجنة الوزارية المشتركة التي ستعقد دورتها الثانية في الكويت خلال الشهور القليلة القادمة.
والذي يمكن أن يدفع بآفاق التعاون إلى الأمام، هذا بالإضافة إلى مشاركات واسهامات القطاع الخاص الكويتي في مختلف الجوانب الاقتصادية والاستثمارية إلى جانب الدور المقدر للهيئات الخيرية الكويتية في المجالات الصحية والتعليمية ودعم الشرائح الفقيرة من المجتمع السوداني.
هل في ذهنكم أي خطط للربط بين الشعبين من خلال مهرجانات أو معارض أو تبادل زيارات خارج الأطر الحكومية، وإن كانت لديكم خطط في هذا المجال متى تبدأون في تنفيذها؟
– منذ أن تسلمت مهامي بالسودان قبل حوالي الشهرين وأنا ممتن للترحاب الذي وجدته من قبل الرئيس/ عمر البشير والمسؤولين الذين التقيت بهم، وبهذا فأنا سعيد بوجودي في السوداان وبالتأكيد فإن جزءاً من مهامي الأساسية هو العمل على ربط الشعبين الشقيقين عبر مختلف الآليات والوسائل.
ومما يسهل هذه المهمة هو تقارب الشعبين الكويتي والسوداني في كثير من الأوجه المتصلة بالأطر الثقافية والاجتماعية والتراثية وسنعمل إن شاء الله على تعزيز هذا التقارب من خلال إقامة الاسابيع والمهرجانات الثقافية والمعارض الفنية لتبادل التعاون في كافة المجالات.
الشعب السوداني يقدر دولة الكويت أميراً وحكومة وشعباً، ويثمن عالياً وقفة الكويت الكبيرة مع السودان في ساعات المحن، ونرى أن للسودان أيضاً معزة خاصة لدى الكويتيين.. ترى ما هي أبرز البرامج والخطط الداعمة لهذا الاتجاه في سبيل العمل الانساني والخيري والطوعي بالسودان؟– إن ساحات العمل الخيري والتطوعي ظلت دوماً مجالاً لعكس التعاطف والتعاضد بين شعبي البلدين الشقيقين، حيث ظلت المنظمات والمؤسسات الخيرية والأهلية الكويتية- ممثلة في الهيئة الخيرية الإسلامية العالمية، جمعية الإصلاح الاجتماعي، صندوق إعانة المرضى، جمعية العون المباشر (لجنة مسلمي أفريقيا)، بيت الزكاة الكويتي- تعمل في المجالات الصحية والتعليمية والاجتماعية في مختلف أنحاء السودان.
ومن أبرز الخطط التي حققتها الجمعيات الخيرية الطوعية الكويتية مؤخراً هو العمل على المساعدة في تعزيز السلام والاستقرار في مناطق دارفور بدعم الهيئة الخيرية الاسلامية العالمية لمشاريع استقرار النازحين في اقليم دارفور وتشييدها لقرية نموذجية بالقرب من مدينة نيالا في العام 2012، هذا بالإضافة إلى تشييد مدرسة ثانوية وداخلية للبنات بولاية القضارف بشرق السودان، بالإضافة إلى إستضافة الكويت في ديسمبر 2010 لمؤتمر المانحين لشرق السودان الذي خرج بدعم 3 مليار دولار لتطوير وبناء وإعمار شرق السودان قدمت الكويت فيه 500 مليون دولار كجزء من تعهداتها 50 مليون منحة و 450 قروض ميسرة من الصندوق الكويتي للتنمية.
وهنالك بالطبع جمعية الهلال الأحمر الكويتي التي ترتبط بعلاقات وثيقة مع نظيرتها السودانية عبر تقديم الدعم العاجل لحالات الطواريء كان آخرها إبان السيول والأمطار التي اجتاحت السودان في أغسطس الماضي.
الكويت الآن أصبحت قبلة للعمل الخليجي والعربي والإقليمي ويشهد على ذلك مجموعة القمم التي التأمت في العاصمة الكويت.. هل يمكن أن نقف قليلاً عند تقييمكم لهذا النشاط السياسي الكثيف؟
– لقد ظلت الكويت دوماً ومنذ استقلالها تعمل على التواصل مع أشقاءها العرب ومحيطها الإقليمي في إطار الجهود التي تعمل على تعزيز التعاون السياسي والاقتصادي والإعلامي والثقافي، وما تشهده الكويت من ملتقيات وقمم ويأتي في سياق ما يعيشه العالم عامةً والمحيط العربي والإقليمي خاصةً من تحديات وإشكالات سياسية واقتصادية.
وهناك اهتمام كبير من قبل حضرة صاحب السمو أمير البلاد/ الشيخ صباح الأحمد الصباح- حفظه الله ورعاه- لجعل الكويت حاضرة بثقلها الاقتصادي والسياسي لتلعب دورها في مواجهة المشكلات والتحديات التي يواجهها الوطن العربي والمحيط الإقليمي وذلك انطلاقاً لما تحتمه عليها أواصر العروبة والإسلام وترسيخاً لمباديء السلم والأمن الدوليين.
سعادة السفير، الكويت تشهد خلال الثلث الأول من العام الميلادي الجديد، انعقاد مؤتمر قمة عربي، ونود أن نسأل عن الدور الذي يمكن أن تلعبه الكويت في حل بعض الأزمات العربية القائمة الآن، مثل ما يحدث في سوريا الشقيقة، أو دعم مواقف السلطة الفلسطينية، أو لعب دور في الدفع بالعلاقات بين (الخرطوم) و (جوبا) إلى الأمام..
– في ما يتعلق بالأزمة السورية والقضية الفلسطينية فإن الكويت تعمل بالتنسيق مع الجامعة العربية ومجلس التعاون الخليجي لبذل كافة الجهود الممكنة لإيقاف نزيف الدم السوري بما يلبي تطلعات ورغبات الشعب السوري.
أما بالنسبة للقضية الفلسطينية فإن الكويت ظلت دائماً تقف مع الحق الفلسطيني في المحافل الدولية لنصرة قضيته وتقدم الدعم السياسي والاقتصادي والدبلوماسي.
وعليه، فإن المساعي الحالية التي تقودها واشنطن هي مطلوبة متى ما نجحت في تلبية طموحات الشعب الفلسطيني في نيل حقوقه، أما بالنسبة لجوبا والخرطوم فإن الكويت حريصة على الاستقرار والسلم في كل البلدان العربية.
السيد السفير، لم تمكث كثيراً في السودان، هل ترى أنه من السابق لأوانه سؤالكم عن انطباعاتكم عن الشعب السوداني بعد أن تعايشتم معه مباشرة، أم أن لكم حكماً مسبقاً حول شعب السودان؟– على الرغم من المدة القصيرة نسبياً التي مكثت فيها حتى الآن بالسودان، فأنا لا أشعر بالغربة ونحن مشتركون في الكثير من العادات والتقاليد والقيم والشعب السوداني كريم ومضياف وذو خلق.
وانطباعي الأول إيجابي جداً، وأعتقد أنني سعيد بوجودي في السودان والعمل وسط أهله لخدمة الأهداف والغايات المشتركة التي تعزز من فرص التقارب والتلاقي في مختلف المجالات.
ما هو انطباعكم عند أول لقاء لكم بالسيد رئيس الجمهورية عمر حسن أحمد البشير؟– فخامة الرئيس/ عمر حسن أحمد البشير رجل متواضع وذو رؤية ومتفهم لأهمية العلاقات بين الكويت والسودان وضرورة العمل على تطويرها والارتقاء بها إلى مراحل متقدمة، وهذا ما سأعمل عليه بالتعاون مع الإخوة المسؤولين في الحكومة السودانية.
كثير من النخب في السودان والمنطقة العربية تقول بأن دولة الكويت (صامتة) ولا تسوّق لما تقوم به أو تقدمه إلى أشقائها وأصدقائها.. إلى أي حد يمكن أن يكون هذا القول صحيحاً أو خاطئاً؟– الكويت تستقطع جزءاً مقدراً من دخلها القومي ومن ما حباها الله به من ثروة لتقديم المساعدة لأشقائها العرب وغيرهم من دول العالم الفقيرة، وهذا النهج يقع في صميم سياساتها الخارجية وموجهات قيادتها الحكيمة وهي تستهدف بذلك تنمية الإنسان الذي كرمه الله دون منٍّ أو أذى وبلا تدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى.
سؤال أخير لكم.. هل ترون مستقبلاً زاهياً أو مشرقاً للعلاقات السودانية الكويتية.. وما هي الوسائل لتحقيق هذا الهدف؟– دعنا نتفاءل فالمستقبل لابد أن يكون زاهياً ومشرقاً، فحركة التاريخ تحتم ذلك. ثم أن هناك الكثير مما يجمعنا سوياً، وإذا توفرت الإرادة الحقيقية فإن التعاون سيشمل كل المجالات وبخاصة الاقتصادية والاستثمارية.
وأنا اعتقد أن السودان دولة تمتلك ثروات ضخمة وموارد طبيعية وفيرة تؤهلها لأن تلعب دوراً رائداً في المنطقة العربية والأفريقية، وهذا ما يجب أن يكون عليه بفضل جهود قيادته وشعبه.
شكراً لكم سعادة السفير، ولكم الفرصة لأن توجهوا كلمة لأشقائكم في السودان…
– أتقدم بالشكر الجزيل للأشقاء في السودان على كرم الضيافة وحسن الوفادة من الجميع وبكافة المستويات الرسمية والشعبية وأوكد لهم أن دولة الكويت وقفت وستقف دائماً مع إخوانهم في السودان وستظل داعمة لكل ما فيه خير ورفاه الشعب السوداني الشقيق.
صحيفة آخر لحظة
ت.إ[/JUSTIFY]