رأي ومقالات

عبد المنعم عبد القادر: التشكيل الوزاري جاء مُحبطاً لآمال الشعب السوداني

[JUSTIFY]ما كان نظام الإنقاذ محط آمالنا ولا محط أحلامنا وتطلعاتنا ولا محط طموحات شبابنا أو أُمنيات شيوخنا ولا أحلام صبايا البنات وعذارى الحي، بل ظلَّ هذا النظام شوكة في الحلوق «لا تنبلعَ ولا تفوت»، إنما الديمقراطية الحقيقية هي وحدها آمال الشعوب والأُمم المتحضرة والمتعطشة للحرية والعدالة.. وبالأمس تمّ تشكيل حكومة الإنقاذ لا أقول الجديدة لأن الإنقاذ ليس بداخله جديد، إنما بداخله قيود وحديد. فأية حكومة يتم تشكيلها هي من قيود الحديد وهذه هي الحقيقة التي لا تُخفى على أحد.. فإعلان تشكيل حكومة هي أساساً من صلب الإنقاذ، فإذن لا جديد ولا تجديد داخل نظام الإنقاذ، وظلّ البعض من الناس ينتظرون جديداً على ساحة الإنقاذ ظنوا أن النظام الحاكم سيأتي إليهم بما هو جديد.. فإذاً هو الجديد قديم وكل الذي جرى بالأمس تنقلات وزارية من موقع وزاري إلى موقع وزاري آخر، ووجوه لم ترَ نور الوزار ة من قبل جيء بها لترى النور لأول مرة وبريق السلطة.. ولكن السؤال الذي يطرح نفسه أو ذاته، ما هو الجديد الذي سيقدمه الذين انخرطوا في العمل الوزاري لأول مرة؟ ماذا سيقدمون للشعب السوداني الذي أصبح 59% منه في قاع بئر الفقر المُدقع؟ وكيف بهؤلاء يستطيعون إخراج الاقتصاد السوداني المنهار من ظلمة الليل البهيم؟ لا ولن يستطيعوا ذلك، وقد يقدمون الوعود البراقة والشعارات الرنانة الجوفاء، وهم لديهم شهادات في ذلك وهي الشعارات التي درج أهل الإنقاذ على ترديدها من وقتٍ لآخر. فكل شعاراتهم التي رفعوها ذهبت أدراج الرياح، أما مصطلحاتهم الغريبة والدخيلة على المجتمع السوداني والحياة السياسية، فظلت قابعة حتى أمس القريب نطق أحدهم بها مستهزئاً بالمعارضة ومقللاً من شأنها. فهذه المصطلحات والتي هي إن دلت على شيء إنما تدل على الإفلاس السياسي الذي أصابهم.. فكلما تحاصرهم الأزمات السياسية والاقتصادية من كل صوب وحدب، يسرعون إلى حل الحكومة وتشكيل حكومة أُخرى على نمط الإنقاذ القديم عندما يشعرون أن هناك ململة شعبية وسياسية وسط الجماهير.. فما معنى أن يخرجوا زيداً من الوزارة ويأتوا بعمر في موقعه؟ وما معنى ذلك بل وما فائدة ذلك استبدال وجوه بوجوه أُخرى.. ما هو الجديد في ذلك؟.
إنَّ النظام الحاكم فشل في قيادة دفة البلاد وراح يتخبط في سياساته الداخلية والخارجية، حتى فقدت البلاد سياسة حُسن الجوار الأفريقي والعربي، وحسن علاقات عالمية.. أصبح حال النظام حافلاً بالمشاكل الداخلية العالمية لأنّه فقد البوصلة الدبلوماسية المرنة التي تتمنطق بها الدول المتحضرة التي تسعى لبناء سياسة معتدلة خارجية مع دول العالم كله.. سياسة متزنة ومرموقة لا تشوبها التشوهات ولا العنتريات.. فكم من حكام وزعماء تناستهم دولهم وتخطتهم شعوبهم والتاريخ طوى صفحاتهم ولفظتهم الشعوب والتاريخ، فكانوا عِبرة لمنْ يعتبر. لقد ظلَّ أهل الإنقاذ يرددون أنّ التغيير قادم على قافلتهم وعند وصول القافلة ماذا كان بداخلها وجوه قديمة زائداً عليها وجوه جديدة لأول مرة تطرق أبواب الوزار ة، ولكن هل هذه حكومة جديدة؟ ليست بجديدة وليست بعملية تغيير.. فالتغيير الأصلي هو يبدأ بحيث تتنحى كل القيادات عن السلطة لتفتح الطريق أمام تشكيل حكومة قومية يرأسها رئيس وزراء محايد ذا شكيمة وعزيمة وإصرار وثقة بنفسه ولا ينتمي لأية جهة سياسيّة، وحتى الوزراء أنفسهم محايدون لا ينتمون لأي حزب أو هيئة، إنما حكومة «المحايدون» بحيث تصبح الأقاليم التي تلتهب بنيران الحرب الأهلية كإقليم دارفور ، يصبح هذا الإقليم إقليماً ذا أرض محايدة لا يدخلها المحاربون، حيث تقوم الحكومة المحايدة بتهيئة المناخ السياسي الديمقراطي لإجراء انتخابات نزيهة وحرة يؤدي طريقها الى قيام جمعية تأسيسية. هذا هو التغيير الحقيقي الذي يؤدي طريقه الى عودة الديمقراطية التي ينشدها الشعب السوداني.. إن المرحلة الجديدة هي قيام حكومة قومية محايدة، وأنا أقصد بالقومية هي المؤهلات العلمية والأكاديمية.. فهناك دهاقنة للاقتصاد لا ينتمون لأي فصيل سياسي، إنما انتماءهم لعملهم وللوطن وحده. يحملون هموم الوطن على أكتافهم وخبراتهم الاقتصادية والعلمية، ولكن لا تجد هذه الخبرات طريقها إلى النور بسبب ضباب الشمولية. فالمطلوب دولة الشعب لا دولة الحزب الواحد.. والمطلوب ديمقراطية لا شمولية وتعددية حزبية حُرة تجد منافذ لحرية التعبير وحرية المنابر وحرية التنقل إلى خارج البلاد وعودة الساسة الذين يعيشون في المنافي.. عودتهم إلى أرض الوطن تزفهم أنفاس الجماهير وهتافها مرحبة بعودتهم الميمونة إلى أرض الوطن.. فبسواعدهم الفتية وخبراتهم السياسية المديدة يساعدون في سودان جديد تعمه الديمقراطية والحرية والنماء والرخاء.. ديمقراطية يكون فيها المحامي والفحامي سواسية أمام القانون. هذا هو المطلوب عدالة اجتماعية ووحدة وطنية لا حوارات عمياء تنعقد جلساتها وتنفض بلا نتائج وبلا فوائد، ولنا عودة إن شاء الله.

عبد المنعم عبد القادر: صحيفة الوطن [/JUSTIFY]

تعليق واحد