رأي ومقالات

غياب البعد الوطني في تغييرات الوطني

[JUSTIFY]تابعت كغيري من السودانيين التغيرات الأخيرة في مناصب حزب المؤتمر الوطني مؤمناً بالحكمة القائلة أن الثابت الوحيد في هذه الحياة هو التغيير وبحكمة الحكيم الصيني لاوتسو ، بأن الوقوف أمام موجة التغيير مدعاة للحزن والأسى . طال الأسى وهذه طبيعة هذه النفس البشرية مسؤولين كثيرين على مواقع يا طالما ظنوها باقية تحت نفحات ونسمات التبريد سيارة ومكتباً ومنزلاً.. ووفود تروح ووفود تجي.. إلى أن جف اللون الأخضر من على وجه الدولار الوسيم وصار باهتاً رغم قدرته الفاتكة على ذبح عملتنا الوطنية في محراب الصرف والإنفاق. ذهب البعض أو أذهبوا اقتداءا بهذا أو ذاك.. وأُقيل هذا ربما لأن دمه«تقيل» ومخه«تخين» لم يفهم الرسالة إن كانت هناك رسالة ، ظناً منه بأن صمته العجيب وهدوءه غير المعبر وتمركزه في الموقع الفاره سيعصمه من طوفان التغيير كذاك الجبل الذي ظنه ابن النبي نوح ملتحداً له من غضبة السماء.

إن نظرة فاحصة للتغييرات التي تمت، ربما يظن أنها تمت في «جهاز الدولة» ، ولكن النظرة المنصفة تقول إن التغييرات وإن ارتبطت بجهاز الدولة فقد نبعت من عقلية الحزب لا أمعاء الوطن المثخنة بالجراح . ولئن جاءت التغييرات تحت شعار تجديد الدماء لكنها حملت مؤشرات سلبية وخطيرة أود إيجازها في التالي:

أولاً: بالرغم من قول قادة المؤتمر الوطني إنه قدم نموذجاً يحتذى به في التغيير ، إلا أنه قدم مثالاً خطيراً وضيقاَ لمفهوم الحزب الحاكم لما يعرف بجهاز الدولة. إنك عندما تقوم بصيانة عربة أو طائرة فإنك لا تكتفي بتغيير لونها أو إطاراتها أو فرشها. هذا ما فعله المؤتمر الوطني حينما أفتقر إلى عنصر شمولية النظرة الكلية المترابطة لمفهوم وحدة جهاز الدولة علي الأقل من حيث الاتجاه ناهيك عن الانسجام والتنوع في خبرات الطاقم القائد لجهاز الدولة وتوفر عزم مشترك بشأن الاختيارات لملأ المواقع فيه… عزم مشترك بين الحزب الحاكم ومن يشاركونه في الُسلطة بضم السين لا السَلطة بفتح السين.
ثانياً: إن ترك أمر تغيير وزراء الأحزاب للأحزاب- يعكس عدم وجود نظرة موحدة لدى جهاز الدولة عن جهاز الدولة. وعن الهم العام .فبدت التغييرات وكأن الوطن ضيعة يتخير المؤتمر الوطني منها اللحم الطيب ويتفاوض مع شركائه على بقية «الأعضاء».. هذا يؤكد لك بأن شراكة المؤتمر الوطني مع تلك الأحزاب شراكة شكلية غير قادرة على النفاذ إلى جوهر أزمة الوطن والهم العام وطريقة الحكم في بلادنا فهي شراكة قائمة على جلب أقصى منفعة من الآخر أو اتقاء شره على الأقل.

ثالثاً: إن المؤتمر الوطني يضع هذه الكلمة العظيمة «الوطني» ضمن اسمه الحزبي ، لكنه لا يحفل بشأن الوطن أبداً فهو يختار وزراءه من بوابة الحزب لا عبر باب الوطن وكان يمكن أن يتخذ التغيير منحى قاصداً لتأكيد عدة قناعات لو كانت هي موجودة منها- أن الوطني يعبر عن هذه الكلمة فعلاً لا مجرد علامة تجارية أو حزبية أو انتخابية فيشرك وطنيين كثر في بناء الوطن استفادة من علومهم ومعارفهم وخبراتهم هذا فيما لو اقتنع الخبير أو الخبيرة بالمشاركة إيماناً بوطن لا تبنيه عصبية الحزب أو نظرته الضيقة وإنما تبنيه رحابة وطن يتسع للجميع .أعني بذلك الخبرات الوطنية بالداخل من مختلف ضروب التخصصات، من ظلوا داخل الوطن يقدمون العطاء والعمل الجاد المتخصص المثمر وهم ساسة وقانونيين ودبلوماسيين وغيرهم ممن لا يعرفون انتماءً الا الى الوطن.

رابعا: لقد ظل كثير من المسؤولين يعملون في مواقع بعيدة جداً عن تخصصاتهم..! ووصل بعضهم الى موقع الوزير بلا تخصص..! أو علم نافع وهؤلاء وإن أصاب بعضهم نجاحاً ما في مواقعهم جدارة أو بالصدفة ، فان عدم التركيز على عنصر التخصص المهني في تحمل المسؤولية هو سنة غير حميدة واستخفاف بمفهوم العلم في خدمة وطن علَّم وربَّى

خامساً: إن الناظر إلى جهاز الدولة ليلحظ ترهلاً كبيراً في حجمه وظيفياً وجغرافياً تحت وهم إشراك الناس فى السلطة..! وظل الاقتصاد يدفع ثمناً باهظاً لأخطاء السياسة وبين هذه وتلك- تدور طاحونة الشقاء والعنت دوراتها المرعبة مبددة لآمال هذا الشعب الطيب في الحياة الحرة الكريمة. هذا بينما يشهد العالم ثورة عارمة في أنظمة الإدارة العامة والحكم الرشيد وتقليص الهياكل نأياً بالأداء عن تعقيد الروتين وتحجر عقلية الحكم والإدارة..

إن بلادنا العظيمة لا تحتاج إلى جهاز دولة مترهل و مرقع كجبة درويش لكنها تحتاج لنظرة كلية إلى الوطن يتم فيها تقديم القادرين على التمام لا حارقي البخور نافخي الأبواق ويحتاج المسؤولون في قيادة الدولة إلى إرتداء نظارات مكبرة ترى أمامها الوطن كياناً ناصعاً كبيراً يحتشد بالخبراء والخبرات لا كجزر متناثرة تناثر أحزاب تؤمن بأن خير اللحم ما جاور العظم.

صحيفة آخر لحظة
ت.إ[/JUSTIFY]

تعليق واحد

  1. لم تنطلي علينا التغييرات التي اجراها المؤتمر الوطني
    الشعب السوداني ليس معنيا بهذه التغييرات ولاتنعكس عليه خيرا ابدا
    المؤتمر الوطني يعيد هيكلة نفسه وتهياتها للفترة القادمة وفي محاولة لالهاء الناس من الحديث عن الفساد كما يريد ان يقول .. اها شلنا الفاسدين وجبنا ليكم ناس جداد تب .. نعم ان بعض الاسماء جديدة على الشعب السوداني ولكن ما زالت سياسات المؤتمر الوطني السابقة باقية بل ويؤكد على بقائها امعانا في مواصلة ما مضى .. بالتالي فالامر لايعدو كونه ان جماعة شبعوا وغادروا وجماعة لسه في بداية طريقهم ..
    التغيير المطلوب من قبل الشعب لن يدركه المؤتمر الوطني .. مافهم الموضوع .. وقد ياتي اليوم الذي يقول فيه للشعب السوداني .. يادوب انا فهمتكم .. ولكن حينها ليس مجرد فهم سيكون هو التغيير بدافع الفقر والجوع والمرض .. حكاية غريبة بلد مليانه موية واراضي ومواشي والناس جيعانين حكاية ما مفهومة هل ياجوج وماجوج ديل ظهروا في السودان ولاشنو .. افيدونا