رأي ومقالات
احلام مستغانمى: محمد بهنس أيها السوداني النبيل.. قُل أنّكَ سامحتنا !
لماذا كابرتَ إلى هذا الحدّ أيها الرجل الأسمر؟ لا أحد كان في بياض قلبك غير الثلج . وما جدوى أن نبكيك الآن ، وما عُدتَ معنياً بدمعنا ، وأن نزايد عليك شاعريّة ، لأنك هزمتنا عندما كتبتَ بجسدكَ الهزيل المُكفّن كبرياءً ، نصاً يعجز كثير من الشعراء المتسوّلين الأحياء عن كتابته .
لم أقرأ لكَ شيئاً ، ولا سمعتُ بكَ قبل اليوم ، ولكني صغرتُ مذ مُتّ جائعاً على رصيف العروبة البارد . كلّ كلماتي ترتجف برداً في مقبرة الضمير ، عند قبرك المُهمل . أيها السوداني النبيل ، قل أنّك سامحتنا ، كي لا أستحي بعد الآن كلّما قلتُ أنني كاتبة .
في زمن مضى ، كانوا يكتبون على حائط في شارع ” اخفض صوتك . هنا يسكن شاعر يكتب الآن ” .
اليوم يعبر المارة أمام جسدِ شاعر مُتكوّم من البرد ، فيسرعون الخطى كي لا تقول لهم الجدران ” أدركوه.. ثمّة شاعرٌ يموت الآن ” .
احلام مستغانمى
[FONT=Arial Black][SIZE=6]كم اكره التباكي على اجساد الموتي…كل من كتب عن بهنس بعد وفاته لو كان قابله حيا لتجاهله حتي لو علم عن شعره وادبه…الان هو بين يدي رحيم قدير لايفرق بين عباده بسبب الشكل او اللون او المادة..انما يحاسب بمافي دواخلنا وباعمالنا…اللهم ارحمنا فوق الارض وتحت الارض ويوم العرض…اللهم احسن خاتمتنا ولا تكلنا لسواك ولو طرفة عين..جور الانسان لاخيه الانسان اقسي وامر..[/SIZE][/FONT]
[SIZE=4]يا Zezo
وها أنت تتباكى ! فماذا تسمي الذي كتبته ؟!
لا تستطيع إلا أن تكتب إذا وقفت عند لحظة موته!
رحمه الله يبدو أن جسده فقد الإحساس بما حوله ….وفقد الإحساس بمن حوله وهم الذين أنكروه وهو بينهم .
وإلا قل لي بربك هل كان سيجلس في ذلك الصقيع دون أن يتحرك ؟!
أقله لكان آوى إلى جدار حائط …تحت كوبري …أو أمام باب من تلك الأبواب التي كان يطرقها ولكن عدمت منها الرحمة فلم تنفتح له .[/SIZE]
[SIZE=5]لماذا هذا التباكى وهذه الانهار من الدموع على ( البهنسى ) .. فشعب السودان كله ( بهنسى ) … لقد مات ( بهنسى ) وارتاح .. ولكن لازال هناك الآلاف .. بل الملايين يعانون ويقاسون مثل ما عانى وقاسى ( بهنسى ) .. فليحرك فينا موت ( بهنسى ) دواخلنا .. وليوقظ ضمائرنا النائمة .. بل الميتة … قبل أن يدركنا ما أدرك ( بهنسى ) …..[/SIZE]
الله ايتها الرائعه احلام مستغانمي. انت لست كاتبه ولا اديبه, انتي اكبر من ذلك , انا دوما اناديكي باسم “الرائعه احلام مستغانمي” . لقد آلمني موت المبدع الشاب الذي ترك ليموت هكذا ميته. انها لمأساة كبرى ان يقتل الابداع او يترك ليموت بهكذا طريقه ! وجدت في كلماتك وتوصيفك ضمن ما وجدت كثيرا من “فشة غل” احتاجها انا ايضا لاسامح نفسي عن انتمائي لقوم قلما يقدرون انسانا, حتى لو كان عنده من الابداع ما كان سيكفي صاحبه للاخذ بيده لعبورالحياة وصعابهالو كان منتميا لغير مله…
ربما تحمل كلمات الاغنيه التي كتبها “التمرد والفوضى” بعضا من مأساته ومأساتنا,تقول كلماتها :
بهديك الفوضى..شجار طفلين في ساحة روضة..أهديك الغربة..ضجيج الموتى..وصوت التربة..أهديك إحباطي..حديث عابر..في مركبة عامة..بصوت واطي..اهديك حزنك..شتات الفول أثناء الخمشة..بعد إذنك..اهديك حروف نقرابة..الفاضل من عمرك..من عمر الفرح الممطوط..اهديك الطلة..لبيوت الطين..وفكرة تفتيش..عن اسواق ارخص..ما فيها حليفة الله..اهديك مرة..الاعبك فيها بالمعدن..اقول ليك حرية..احبك..وله اقمض شارع عنك..اقول ليك..كتابة وطرة..خسرتك..ربحتك مرة..اهديك مرهم للنجمة..يداوي جراحك..في السما تتبسم..اهديك الليل وعرباتو المسرعة..صوب الرئة..في شارع النيل..لاهديك اوصيك…اهديك واهديك..اهديك ولا شي..واقطع وديان السهو مشي..
الرائعه “المتمرده ” احلام مستغانمي كتبت “فوضى الحواس” , والراحل بهنس كتب “التمرد” و “الفوضى” ..والمشترك بين الرائعه والراحل انهما مبدعان..
سلمت يداك ايتها المبدعة دوما احلام وانت تصفين لما آل اليه حالنا كم هو خزي وعار ان تموت فينا الانسانية والمرؤة والشهامة التى كنا نتصف بها دون غيرنا من الامم ولذلك لن نستحق التسامح من الراحل الرئع بهنس وهو الآن بين يدي رب رحيم عادل