حوارات ولقاءات

رجاء حسن خليفة : التغيير جاء عن حراك ورغبة لا ردّ فعل

[JUSTIFY]قياديّة بارزة في العمل السياسي والدعوي، لها بصمات كبيرة في العمل الاجتماعي على مستوى السودان؛ بولاياته ومناطقه الكثيرة والكبيرة، وعلى مستوى المرأة يبرز اسمها كمتطوعة ميدانياً في توعية النساء وتثقيفهن سياسياً ومعرفة حقوقهن.. رجاء حسن خليفة، نائب الأمين العام للحركة الإسلاميّة وعضو المكتب القيادي بالمؤتمر الوطني، لها باع ومشوار طويل في الاتحاد العام للمرأة السودانيّة، الذي جاهدت فيه كثيراً لاستيعاب عدد كبير من نساء الوطن في كيان يعبر عنهن.. أخذها العمل العام لتنسى أكثر من نصف عمرها فيه. كان لنا معها هذا الحوار حول القضايا الراهنة ورؤية الحزب والحركة فيها، ونصف آخر منه عن رجاء الإنسانة وأهم المحطات في حياتها الخاصة. وإلى نص الحوار.
* كقيادية بالحركة الإسلامية والمؤتمر الوطني، هل التغيير في الحكومة كان مرضيا لك؟ – نعم.. فالتغيير كبير، ولعله غير مسبوق، لأنّ التغيير في هذه الدورة للجهاز التنفيذي خرج منه طواعية الصفّ الأول من القيادة، وهذا كانت به رسالة كبيرة جداً لقاعدة المؤتمر الوطني، والشعب السوداني، الذي كان توّاقا للتغيير، رغم قناعة الكثيرين بالأداء المتميّز للإخوة الذين غادروا المواقع طواعية، مثل الشيخ علي عثمان، بخبرته الطويلة في العمل التنفيذي، من خلال ملفاته ومتابعاته، ود. نافع أيضاً، بحسه السياسي وشخصيته المتميّزة.. برغم ذلك تم الدفع بوجوه شبابية من أجل التغيير.. بالنسبة للرأي العام فقد وجد أنّ هناك تغييراً طرأ، وهو في كل مرّة كان يرى أنّه لا يوجد تغيير، لبقاء بعض الوجوه، ولا شك أنّ هذه الوجوه الجديدة في التغيير هي ضخّ لدماء جديدة في شرايين الدولة، ومدّها بخبرات جديدة، والذين غادروا غادروا المواقع التنفيذية الرسمية، لكنهم موجودون في ساحات العمل الحزبي والوطني والدعوي، وسيظلّون جزءاً من توجيه التجربة.
* المعارضة لا تجد هناك تغييراً؟ – المعارضة لابد وأن تعارض، وهذا طبيعي.. ربما كانت تنتظر أكثر من ذلك! ولكن هذا تغيير لم يحدث بدولة في الإقليم إلا عبر انقلاب، لكن بصورة طوعية وتوافق وتواصل للتجربة بتنحي الشخصيات القيادية، فهو غير مسبوق، والمعارضة كلها ليست في خط واحد، منهم معقول في نقده ومنهم متطرف.
* هل تعتقدين أن ما حدث من تغيير كان نتيجة خروج قيادات من الحزب عليكم؟ – التغيير الذي تمّ ليس ردّ فعل، سواء أكان لمذكرات ضغط أو أي مذكرات أخرى تبعتها، فبموازاته كان هناك حراك ورؤية داخل الحزب ولجنة مكونة لعمل نظرة لتغيير في السياسات وأشخاص، فالمؤتمر العام السابق تحدث عن الدورة التنظيمية للأعضاء، وأعتقد أن هذا تنفيذ لذلك، فأي رأي من داخل حزبك أو من المعارضة لو لم يفد لا يضرك، وإن أضرك لا يضعفك، لكن هذا لم يتم استجابة بقدر ما تم بالتوازي مع حراك ورغبة وإرادة حقيقية موجودة داخل الحزب.
* وكيف كانت قراءتكم في الحركة لخروج د. غازي ورفاقه؟ – لا أود الخوض في التعليق على تداعيات ما حدث، ولا في تحليله، وأرى أنه يجب أن نسهم في خلق مناخ إيجابي، لتعزيز روح الإخاء والمواطنة بيننا، لأن ذلك يمكن أن يقلل ما بيننا؛ حتى مع الذين خرجوا للمؤتمر الشعبي. أعتقد أن مساحات التلاقي والتواصل وربما العودة بين المؤتمر الوطني والمجموعة التي خرجت عليه -حتى وإن فصلت- كبيرة، لا زلت أتعشّم أنّه ربما نلتقي قريباً. والأمين العام للحركة الإسلامية كمتحدث للحركة ومعبر عن رؤاها تحدث في أكثر من مقام وأوضح أن وجه الحركة الإسلامية الذي تعبر به هو المؤتمر الوطني، ودستور الحركة ينص على أن كل عضو في الحركة الإسلامية هو عضو في المؤتمر الوطني وليس العكس، الحركة الإسلامية ليس لديها سوى المؤتمر الوطني يعبر عنها سياسيا، لكن كل مؤسسة لها لوائحها.
* هل ترغبون في عودة من هاجر منكم فعلاً؟ لم نر مبادرات حقيقية للم الشمل؟ – المبادرات ليست بالضرورة تعلن في الإعلام مباشرة، الجهود متصلة، وفي الشورى قلنا إن أي جهود في تقريب الشقة والتواصل والإقناع مهمة، وكانت هناك مهلة للفصل، ولا بد من العمل على الكثير جدا المشترك، وفي الحد الأدنى هناك قدر من التناسق وفي المواقف الوطنية الكبيرة حتى وإن رأوا أن يكون لهم حزب آخر، وهذا يلعب دوراً، حتى إن حدث وتشكل التيار، أن تكون هناك نقاط التقاء، خاصة أن هذا مشوار طويل من علاقات الإخاء والتعاون، وقطعا لا يمكن بخلافات سياسية فستظل العلاقات بيننا كبيرة، وفي مستقبل أكثر إشراقاً ربما نلتقي، قريبا.
* هناك معلومات عن مساع منكم لتوحيد الصف مرة أخرى مع المؤتمر الشعبي.. هل هذا صحيح؟ – تظل جهود المؤتمر الوطني نحو القوى السياسية الأخرى جهوداً مستمرة وصادقة، فليست لحظية أو ردود أفعال، وإن كان هذا مع كل القوى السياسية، يكون من باب أولى التواصل مع المؤتمر الشعبي، ليس عندي معلومات بخصوص أن هناك خطوات أم لا، لكن بالنسبة للمسعى نباركه، ونريد أن يتم ترابط وتنسيق مع كل التيارات السياسية المختلفة، لأن العمل السياسي يقبل التحالف والتعاون والائتلاف وأيضا الاندماج، ولو سألت أي عضو في قاعدة الحزبين الوطني والشعبي ستجدينه يتمنى الرجوع مرة أخرى، فالتعاون والتواصل يمكن أن يؤدي إلى عمل سياسي رشيد من أجل الوطن.
* هل هذا التحرك سياسي فقط من من داخل المؤتمر الوطني أم هناك تحرك آخر من جانب الحركة الإسلامية؟ – بالنسبة لنا الأدوار من داخل الحزب والحركة واضحة جدا.
* مقاطعة.. نريد أن توضحيها لنا؟ – بعد المؤتمر الثامن للحركة وما سبقه من جهود، وما تم إجازته من دستور، الحركة الإسلامية توافقت عضويتها وإرادتها أن لها أدوارا أساسية أنها تبعث مرة أخرى في المجتمع، بالتزكية والدعوة والتواصل والعمل الاجتماعي القاعدي، والعمل السياسي التعبوي تعمله لكن بوجهها المتمثل في الحزب، فرأينا أن نبعث الدعوة مرة أخرى في المجتمع، ومن هذا المنطلق ليس لنا أي دور سياسي، فأنا عندما أخرج من مكاتب الحركة الإسلامية كنائب للأمين العام وأذهب للمؤتمر الوطني كعضو في المكتب القيادي أخلع عباءة الدعوة، وأرتدي قبعة سياسية.
* ولكن المفهوم عند الناس أن الحركة الإسلامية ماتت وأن المؤتمر الوطني بوجهه السياسي تغول عليها. بماذا تعلقين؟ – ليس كذلك.. السياسة شكلها حار ويلقى حظه من الإعلام على عكس العمل الاجتماعي، إذن المبرر هو التركيز على العمل السياسي لحيويته وجاذبيته.
– لم تعد هناك بالفعل أي أدوار للحركة بما يؤكد أنها ماتت؟ – الحركة لم تمت، ولكنها انتقلت من حركة إسلامية معنية بالعمل الاجتماعي وجزء منها معني بالعمل السياسي في المعارضة، فالحركة الإسلامية في آخر برلمان قبل الإنقاذ، وقتها كانت الحركة بعملها الاجتماعي والشبابي والطلابي والمعارض كان هناك تسليط ضوء أكثر عليها، ولكن ما بعد 89، وأصبحت مسؤولة عن كل الناس، انتقلت معها جزء من هذه العبارة للدولة في التشريع والعمل الاجتماعي، وبثت رسالتها في العمل الاجتماعي عبر منظماتها، وعملها السياسي عبر حزب، فالمقارنة بين حركة معارضة والآن؛ متابعة المعارضة تأخذ الضوء، ونحن الآن نعمل عبر الدولة مشاريع كثيرة جدا، لم نكن نستطيع أن ننفذها ونحن في المعارضة، وبالتالي الناس أشواقها معلقة بالشكل القديم، ولكني أفتكر أنه الآن فكرنا انتشر في كل مكان بصورة طوعية؛ الزكاة انتشرت، وقت الصلاة تجدين الآلاف يتوجهون للمساجد بصورة طوعية وهكذا.
* يا دكتورة المجتمع السوداني بطبعه متدين فأي نشاط تتحدثين عنه؟ – لا.. معروف أن المجتمع متدين، ولكن الدولة عندما تكون متدينة أيضا بالتأكيد ذلك له أثره، أنا زرت دولا عربية أرى المسجد مغلقا فيها بالطبلة والمفتاح مع الصلاة والشرطة تحرسه، إذن الدولة لها دور كبير جدا، فنفس الدولة ورسالتها ودعوتها هيأت المناخ للتدين، وكانت الدولة قدوة، فعندما ترين المسؤول مع الناس في الصلاة والتهجد بالتأكيد له أثر كبير، فالدولة وفرت مناخا طيبا شجع على التدين ويتنامى أكثر وأكثر.
* وما تعليقك على من يتحدث على أن الحركة الإسلامية كيان غير شرعي موجود تحت هيبة الدولة؟ – الذين يقولون ذلك أرد عليهم، بأن الحركة منذ تأسيسها في بداية الخمسينيات لم تكن مسجلة، فهي كيان طوعي دعوي، فيها مجموعات كثيرة تعمل، مشروعيته في هذه الطوعية والجماعية، والسؤال هل التسجيل صعب، فأسهل حاجة أن أسجل، ويمكن آتي بـ(30) شخصا وأسجل، فالتسجيل كإجراء سهل جدا، وبالتالي هذا حديث مردود عليه، فالحركة مشروعيتها في قوتها.
* ولماذا لا تسجلين إذا كان التسجيل سهلا؟ ما الهدف في أن الحركة تظل هكذا كيانا غير قانوني؟ – لا نشعر أن التسجيل يضيف إليها كثيرا ولا يخصم منها أيضا، بالعكس التسجيل سوف يقزمها، فهي حركة أكبر من التسجيل، وأكبر من 30 شخصا… فهي حركة طوعية، فأنا عضو متطوع، فالتسجيل يقيد ولا يضيف.
* أتحدث كل هذا عن الحركة لأنه ليس هناك إحساس بالحركة ولا بدورها بعد المؤتمر العام الأخير منذ قرابة العام.. أين أمين عام الحركة من الساحة وما يجري فيها من أحداث مهمة؟ – لا.. لا.. ليس كذلك.. دعيني أتحدث كشاهد لهذه الدورة بالحركة، فالمؤتمر العام نفسه كلفها بإعادة الدور المجتمعي من دعوة وتواصل وتكافل مجتمعي وتنزيل الحركة للمجتمع دون انغلاق. الحركة الإسلامية بعد المؤتمر العام عقدت مئات الاجتماعات مع قواعدها، مع كل من كل عنده تخوفات من نتائج المؤتمر العام وغيرهم، ولكن هذه الاجتماعات طبيعتها ليست إعلامية. الأمين العام نفسه في هذه الاجتماعات حمل رسائل للعضوية، في برنامج مخصص للتحقق من العمل في القواعد تحقق عبر 14 ولاية حتى الآن، والأمين العام عمل لقاءات مفتوحة مع القواعد ومنتديات عامة لقضايا الساحة، وبيعمل مراجعة لفاعلية الأجهزة، ونتوقع أن يؤتي هذا البرنامج نتائجه من المراجعة والتصحيح للعام القادم، نحن نركز على برنامج كثيف بالقواعد، ولسنا معنيين بالعمل السياسي، فالحزب مهمته ذلك، فبالأمس الأمين العام كان بالقضارف، وقبلها كان بجنوب كردفان مع القواعد لمدة يوم ويومين من أجل العمل الدعوي.

* هل أنتم معنيّون بما يحدث للحركات الإسلامية خارج البلاد؟ – من لم يهتم بأمور المسلمين فليس منهم، فلسنا حركة منغلقة لا يعنيها بعض الزعزعة لمثيلاتها من الحركات العالمية، فلدينا لقاءات مناصرة وهناك قنوات تواصل معروفة. أفتكر أن موضوع (الإسلام السياسي) هي الآفة للقضاء على الإسلام في الحياة العامة عبر مؤامرة إقليمية وعالمية، ومن خلال هذه الزاوية يريدون تفكيك المنطقة العربية، وإشاعة الفوضى بها من خلال مشروع الشرق الأوسط الكبير والفوضى الخلاقة، بدءا من العراق وسوريا وليبيا والزعزعة السياسية بتونس، وبعدها القهر والظلم والاعتقال بمصر، فلم أر محكمة تحكم على فتيات عمرهن 15 سنة بمحكمة سريعة جدا، لا يمكن أن نرى هذا الواقع ونظل متفرجين فالحركة إما ناصحة أو متواصلة ومؤازرة.

* إلى أي مدى أنتم مدركون لهذه التحديات ومستعدون لها؟ – العاقل من اتعظ بغيره، ونحن أصلا أخذنا نصيباً كبيراً من هذا الاستهداف.

* مقاطعة… ولكن الاستهداف هذه المرة سيكون مباشرا وقويا هل أنتم مستعدون؟ – الله غالب على أمره، نحن نؤمن أن الله سبحانه وتعالى معنا، فنحن بُدئ بنا من حصار سياسي واجتماعي ومحاكمة جنائية، والتوترات التي حدثت، وانفصال الجنوب، ونأخذ من ذلك كله دروسا مستفادة يمكن أن نأخذ منها في مسيرتنا السياسية بما يضمن لنا استقرار السودان.

* توقعاتك لمستقبل السودان في ظل تحدياته الداخلية والخارجية؟ – يمكن أن يعبر السودان بصورة أفضل للمستقبل بسبب أن ما يحدث من تغيير في الجهاز التنفيذي ومن ترجل رموز والضخ بدماء شابة هذا جزء من منظومة متكاملة لمراجعة السياسات عبر رؤية عكفت عليها لجان فترة طويلة، وهذه المراجعة الشاملة للسياسات في كل الجوانب والحزب نفسه والقضايا جميعها، الآن في مراحلها النهائية بعد ثمانية شهور تقريبا من العمل، عندما تنتهي هذه المراجعة يمكن أن تشكل أفقا جديدا لمرحلة جديدة، أخذنا فيها الوقت وراجعنا فيها كثيرا من السلبيات فنحن تجربة إنسانية بها سلبيات ونعترف بذلك، فهذه المراجعة الشاملة المتخصصة التشخيصية التي عكفت عليها مجموعات ممسكة بالعمل التنفيذي والتنظيم السياسي ومن الذين كانوا بالخارج، ومن بعض الخبراء والعلماء نتج عنها حزمة متكاملة سوف ترى النور في المرحلة القادمة، مواز لها عمل في الحزب كل ذلك يسبق الانتخابات لعام 2015، كل هذا تهيئة للانتخابات بعمل جديد وبرؤى جديدة سوف تجعلنا نواجه فيها التحديات نحو المستقبل.

صحيفة اليوم التالي
صباح موسى
ع.ش[/JUSTIFY]