حوارات ولقاءات

البروفيسور عثمان أحمد حسن خيري :خارطة السودان بعد انفصال الجنوب أعدت لتسيير الأمور ولابد من خارطة جديدة للبلاد

[JUSTIFY]لابد أن يقوم المؤتمر الوطني بخطوة جريئة بحل الحكومة وكل الأجهزة بما فيها الرئاسة وتشكيل حكومة وحدة وطنية للانتخابات
جلست (أخبار اليوم) مع الخبير الإستراتيجي و الأستاذ في عدد من الجامعات السودانية البروفيسور عثمان حمد حسن خيرى مدير مركز البحوث والدراسات الاستراتيجية لاستشراف المستقبليات في حوار شامل ومتكامل حول تقييم تجربة حكومة الانقاذ والوضع السياسى الراهن وكيفية معالجات الاختلالات التى حدثت طول التجربة وتطر ق البروفيسور إلى الأخطاء الكبيرة والجسيمة التي ارتكبتها الإنقاذ وكيفية معالجاتها، وتعرض بالتفصيل لمشاكل البلاد من خلال رؤية إستراتيجية متكاملة وتحدث عن التغيير الوزاري الذي طال وزراء المؤتمر الوطني في الحكومة وغيرها من الموضوعات الهامة التي سنعرضها من خلال حلقات، فإلى الحلقة الثالثة والأخيرة من الحوار.

ما هي المقترحات السياسية لحل المشكل السوداني مستقبلًا ..؟؟

ــ أولًا إجراء الإطار القانوني نفسه هو إطار غير صحيح يجب أن تكون هناك خارطة جديدة للسودان تعلن وتوصف دستوريًا، خارطة السودان الموجودة الآن بعد انفصال الجنوب خارطة أعدت لتسيير الأمور ومن العجب أول أمس اجتمع مديرو الأمن والشرطة العرب في المؤتمر الإقليمي وخارطة السودان كانت تشمل الجنوب إذا كان هؤلاء الأمنيين يرون هذه الخريطة في المكان الذي اجتمعوا فيه في الخلفية الرئيسة للمؤتمر فهذا دليل على أن كلا الخريطتين القديمة والجديدة غير دستوريتين. أولًا يجب أن نبدأ بالدستور نصمم دستورًا يعبر عن أشواق هذه الأمة وطموحها ويعبر عنها بصدق وكلمة بصدق هذه مهمة ولن نكذب على أنفسنا إذا كانت هذه الأمة تريد أن يكون توجهها إسلاميًا يجب أن يكون هناك نص واضح وتطبيق لذلك النص، إذا كانت هذه الأمة تعتقد أن التوجه الإسلامي توجه ضمني ولا يحتاج إلى الصرامة ولا يحتاج إلى المناكفة يمكن أن ينص الدستور على دولة مدنية هذه الخطوة الأولى، ثانيًا أن يكون هناك توافق وطني بأن تكون الحكومة حكومة وحدة وطنية وأن تجد الأحزاب الدعم من الحكومة لاستعادة عافيتها لتدخل في مضمار السياسة لأن وجود المعارضة الراشدة مؤشر عافية في النظام السياسي، واهم من هذا كله يجب أن تصحح هذه الأحزاب المعارضة أوضاعها وتتماشى من جديد في أنساق وأحزاب كبيرة تأتلف ويكون لديها توجه وطني عميق ويكون منظورها في اتجاه مستقبل السودان والخروج من هذه الأوضاع. الموضوع الثالث السيد الرئيس نفسه يعتبر آخر ملاذ للسودان لا فكاك من استمراره حتى يأتي استحقاق الانتخابات ولا فكاك من استمراره حتى لفترة ما بعد الانتخابات ليس على المستويات التنفيذية السياسية بل على المستويات التشريعية على المستوى الوطني العام وعلى المستوى الإرشادي وعلى مستوى النصح والمشورة. تجربة ثلاثة وعشرين عامًا ليست بتجربة بسيطة يمكن أن نستفيد منها حتى لا تضيع كما ضاعت تجربة حسني مبارك.

هناك قطاع عريض من السودانيين خاصة المعارضين يتحدثون عن ضرورة أن تكون هناك حكومة انتقالية قومية للترتيب للانتخابات كيف تقرأ ذلك في ظل كنكشة الإنقاذ ..؟؟

ــ هذا أجود سؤال في هذا الحديث والإجابة عنه يجب أن يفهمها من يفهمها أولًا دستوريًا وقانونيًا وسياسيًا لا يمكن أن تطالب بحل حكومة منتخبة ورئيس منتخب لتحويل النظام والاستحقاق لحكومة وطنية حتى تباشر الانتخابات بالتالي من ناحية دستورية قانونية هذا طلب غير مقبول ولكن بعد قرب موعد الانتخابات على المؤتمر الوطني أن يخطو خطوة جريئة تغفر له ثلاثة وعشرين عامًا من الهيمنة بأن يحل الحكومة ويحل كل الأجهزة بما فيها رئاسة الجمهورية ويظل السيد رئيس الجمهورية على سدة الحكم بمقتضى آخر وتشكل حكومة انتقالية للانتخابات. نرجع ونقول من الأول كان ينبغي أن تقوم جمعية تأسيسية ويوضع دستور جديد ثم تأتي الانتخابات ولكن هذا أصبح صعبًا الآن لضيق الوقت وإذا دخلنا في هذا الخيار رغم أنه أفضل الخيارات سيستخدم استخدامًا سيئًا من قبل المؤتمر الوطني والمعارضة وسيكون وبالًا على الشعب السوداني المنتظر، ونحن على مشارف الانتخابات حتى نستوفي الاستحقاقات الانتخابية الحالية حقها يتنازل المؤتمر الوطني طواعية ويتخلى عن الحكومة وتشكل حكومة ليست حكومة وحدة وطنية بالمعنى السياسي السطحي بل حكومة انتقالية وظيفتها فقط أداء الانتخابات بمعنى أن تكون سلطتها محدودة وكذلك صلاحيتها لا تستطيع أن تعدل الدستور ولا تستطيع أن تغير مواعيد الانتخابات ولا تستطيع أن تغير اللعبة الانتخابية، الموضوع الأخير من الآن فليبدأ المؤتمر الوطني في التخلي عن الأجهزة الإعلامية والتخلي عن المنابر العامة لكافة المترشحين للانتخابات القادمة حتى يستطيع الشعب السوداني أن يرى من هو أهل لقيادته ومن يستطيع أن ينقذ السودان في الفترة القادمة ومن يستطيع أن يبني على ما بنت عليه الإنقاذ ومن يستطيع أن يعيد بناء ما دمرته الإنقاذ.

رئيس الجمهورية قال إنه لا يريد الترشح لفترة انتخابية جديدة كيف تقرأ ذلك ..؟؟

ــ هذه من أسوأ الموجودات في السودان إذا كان لدينا أرصدة وموجودات وعندنا أصول وإرث ومكون اجتماعي ثقافي. من أسوأ الموجودات عندنا في السودان مسألة الغموض وعدم الشفافية والانتقال السلمي البسيط السلس الناعم للسودان معدوم في ثقافتنا، ينبغي على أي رئيس من قبل المسؤولية الشخصية أولًا أن يطور خلفه. وأن يحدد خلفه وينميه ويوصله مرحلة المسؤولية الكافية ليخلفه في المنصب، المسؤولية تاريخية أصلًا، الآن نفاجأ بأن نائب رئيس الجمهورية سيخرج في آخر شوط وآخر مرحلة قبل الانتخابات هذا نفسه سوء تدبير ويعكس عدم التخطيط الإستراتيجي للإحلال والإبدال، وعلى الرئيس أن يعلن صراحة ولو على حساب مستقبل المؤتمر الوطني هل سيترشح أم لا ..؟؟ فإن كان سيرشح نفسه يستطيع السودان والأمة السودانية أن تبني على ذلك وتدعمه في هذا الترشيح وحتى تستطيع المعارضة أن تستنفر قواها بأن تدخل معه في انتخابات حرة ونزيهة وتثبت هزيمتها أو انتصارها، وإذا كان هناك خليفة فليخرج الآن حتى يرى الناس الكاريزما وتاريخه حتى لا يفاجأ الناس في الانتخابات.

هنالك إرهاصات بانتفاضة قادمة ترتب لها المعارضة كيف تقرأ السيناريوهات في حال قيام الانتفاضة الشعبية في توافقها على دستور انتقالي ..؟؟

ــ طبعًا ستكون هنالك فوضى عارمة وسيكون السودان في مهب الريح لأنه ليس لدينا معارضة ولنكن واضحين ليس في السودان معارضة مسؤولة تعرف ماذا تفعل وليس في السودان معارضة متفقة مع بعضها بعضًا أصلًا كلهم يتآمرون على بعضهم وهذا سر قوة الإنقاذ أصلًا الذي يجعلها تنداح وتهيمن على السودان. المعارضة من قبل أعلنت أنها ستسقط النظام في مائة يوم ولم تطرح إستراتيجية ولا برنامج زمني في هذه المائة يوم لا قسمتها على عشر فترات ولا فترتين ولا مائة يوم وانتهت المهلة وأنكرت ما صرحت به، والمعارضة تنتهز الفرص عندما يحدث أي حراك أو انقلاب في المؤتمر الوطني أو محاولة انقلابية فيدخلون في مضمار اللعب وعندما تهدأ الأمور ينسحبون إلى جحورهم إذًا ليست هناك معارضة, وإذا حدثت حركة سياسية أو حراك اجتماعي سيكون حراكًا من داخل ومن عمق هذا المجتمع الذي قبل الإنقاذ ورفض الإنقاذ هذا المجتمع الذي آمن بالإنقاذ وبمستقبلها وكفر بها، هذا المجتمع الذي كانت أشواقه وآماله وطموحه متحدة اتحادًا كاملًا مع أشواق الإنقاذ وجد نفسه في مفارقة مع الإنقاذ فإذا كانت هنالك ثورة حقيقية ستكون من عمق المجتمع السوداني وإذا دخلت فيها المعارضة تكون دخلت فيها بليل واغتصبتها بغير حق وبغير مقتضى، أنا لا أؤمن بأن هناك معارضة في السودان أصلًا، سنتنظر إلى أن تهب الرياح بالتغيير سواء أكانت رياح التغيير ذاتية من المؤتمر الوطني من عمق المجتمع السودان أو من خارج السودان لكن المعارضة من منطلقاتها ومقدراتها الذاتية ليس لديها شيء وهذا خذه مني للتاريخ.

هنالك معارضة تحمل السلاح كيف تقرأ مستقبلها إذا دخلت الخرطوم والمدن كما حدث في أم درمان ..؟؟

ــ هذه المعارضة لم تدعِ أصلًا بأنها معارضة على المستوى القومي ولم تدعِ بأنها تريد أن تغير النظام السياسي عندما بدأت في المنفستو الرئيسي والحديث على المستوى الوطني والقومي مزايدة سياسية للركوب في نسق مع المعارضة هذه مجرد تلاقٍ موجود غير مستدام للمعارضة المسلحة مع أحزاب المعارضة يتحدثون عن الاستهداف الوطني وتغيير النظام تغييرًا شاملًا لكن هذه الحركات المسلحة دون استثناء في أجندتها وطموحها ومستقبلها وإستراتيجيتها ليست لديها مطالب على المستوى القومي هذه حقيقة لا ينكرها أحد، ثانيًا هذه الحركات إذا ضاق بها الحال وأصبحت محاصرة وفشلت تتحرك نحو المدن وتخرب من أجل الانتقام والآن هي تفعل ذلك بدليل يحدث ما في كادقلي الآن وجنوب النيل الأزرق ودارفور وأبوزبد وأبوكرشولا وهجليج، المعارضة عندما تيأس أين تذهب بهذا السلاح تحمله في ظهرها إلى فراغ تفرغ ما فيه، على الأقل تخفف الحمولة على نفسها وذلك ليس مستعبدًا والمؤتمر الوطني نفسه أكد وصرح بأن المعارضة المسلحة تمتلك خلايا داخل الخرطوم وبالتالي لا نحتاج للإجابة عن هذا السؤال طالما أن الحكومة اعترفت بأن لديها خلايا نائمة وعندها خلايا حايمة وقائمة بالتالي من يحوم سيأتي إلى التخوم ومن يقوم سيقوم بأداء عمله العسكري ومن ينوم سيصحو يومًا ما إلا أن يأتي الحل، هذا كله قبل الانتخابات فلذلك إذا لم نخطط تخطيطيًا صحيحًا لفترة الانتخابات ولم يبقِ زمن نحن والمعارضة والحكومة والشعب المؤتمر الوطني الدولة كلها بمكوناتها المدنية والرسمية كلنا خاسرون.

إصلاحيو النظام خرجوا وعبروا عن سخطهم كيف تنظر إليهم في الساحة السياسية ..؟؟

ــ طبعًا الإصلاح مطلوب في كل شيء، والإصلاحيون مشهود لهم بشخوصهم لا أتكلم عن أمانة ولا عن أداء ولا عن كفاءة، لكن أتحدث عن الحس الوطني والكسب العام مشهود لهم؛ ولكنهم خرجوا في توقيت خاطئ بطريقة خاطئة وسلكوا نفس المسلك الخاطئ الذي سلكه المؤتمر الشعبي الذي أدى به إلى اللا شيء أضاع المرتكزات الأساسية والمرجعيات والشخصيات أضاع العمل والكسب السياسي انزوى وصار يبكي وينتحب على ظلم المؤتمر الوطني له وحشره في هذا الركن الضيق، وماذا كان سيفعل المؤتمر الوطني هل سيحتفل به ويكسوه ويراعه كيتيم ليس يتيمًا هو ابن عاق باختصار شديد، وبالتالي يجب أن نقول إن المؤتمر الوطني سيظل في سدة الحكم ويباشر الهيمنة على مفاصل السلطة والسياسة وسيدخل الانتخابات القادمة بقوة وعزيمة وبإمكانات هائلة جدًا، والمحور الأساسي من هذا التفاعل كله من هو الشخص الذي سيقدمه المؤتمر الوطني لقيادة السودان في المرحلة القادمة ..؟؟

كلمة أخيرة وخاتمة ..؟؟

ــ أضيف يجب أن نخرج من هذه الأطر الضيقة، ويجب أن نقر الآن بأننا أفارقة، نحن في دول العالم الثالث نعيش الفقر الذي تخلل الآن في أنظمة المجتمع وتجذر وأصبح الظاهرة المهيمنة الفعالة في الأداء الاجتماعي، يجب أن نخرج من هذا التخلف يجب أن نخرج من دائرة الأفريقانية دائرة الإسلاموية دائرة إنسان العالم الثالث دائرة التحزب دائرة الجمهورية دائرة المحسوبية دائرة الفساد دائرة الظلمات والظلم وعدم الشفافية إذا لم نخرج من هذه الأطر فأي إصلاحات سوف تنتكس وسنرجع إلى المربع الأول خلف الأمم في التنمية البشرية والاجتماعية وتنمية المرأة والطفل والتنمية الريفية وتنمية الإنسان السوداني.

حوار: محمد الحلو: صحيفة اخبار اليوم
[/JUSTIFY]