تحقيقات وتقارير

الغربةُ .. الجسدُ هنا، والقلبُ بين الأهل والعشيرة !!

[JUSTIFY]الغربة عن داخل وخارج الوطن لها العديد من الاسباب منها الوضع الاقتصادي والدراسة او الابتعاث للعمل في احدى الدول المتقدمة للافادة من الخبرات والمعارف التي في تلك الدول. لكن الاغتراب والبُعد عن الوطن لكل الأسباب السابقة وغيرها، يترك أثراً سالباً على نفسية المبتعد والمغترب عن وطنه.. أول تلك الآثار ما يُطلق عليه الخبراء النفسيون مرض الحنين، أو «home Sick». هذا المرض ليس له علاقة مباشرة بنجاح المغترب والمبتعد عن وطنه، أو فشله، وسريعاً ما تفضحُ الأحداث والذكريات المغترب والمبتعد عن وطنه، بالرغم من أنّ وسائل الاتصالات قللت الكثير من أثر الغربة، لكن سريعاً ما تتكشّف الحقيقة العصية على التقبل، وهي أنّ الجسد هنا، والقلب مشغول بالوطن، وبالأهل والعشيرة. هي معادلةٌ صعبة التوفيق والوزن. «الإنتباهة» استطلعت في المساحة التالية عدداً من أصحاب التجربة مع مرض الغربة «الحنين» و خرجت بالحصيلة الآتية:

سرقة أجمل اللحظات ابراهيم يوسف الضو مغترب منذ أكثر من عشر سنوات، قال لـ «الإنتباهة» بأنّ للغربة آثارًا إيجابية وأخرى سالبة، وبقدر ما تُعطيك الغربة المال، وتُحسن من وضعك المالي، لك ولأسرتك، لكنّها بذات القدر فالغربة تسرق وتأخذ منك أجمل اللحظات السعيدة والهنية، تبعدك عن الأسرة. وعنه شخصياً قال إبراهيم بأنّ لديه طفلاً بلغ العامين، وعندما وصلوا السودان في الإجازة الفائتة لمْ يستطع أنْ يتعامل مع أي واحد من أفراد الأسرة. أما فيما يخصه هو فأكثر الأيام صعوبة في تجربته الخاصة بعد ثلاثة أشهر أو أربعة من الغربة، حيث يقف بشكل حقيقي وواقعي على تجربته. فالشهر الأول والثاني يكون الواحد منا مفتونًا بالتجربة الجديدة، لكن بعد أنْ تنقضي هذه الفترة يقف على حقيقية مرة!!

جنّ وفقد المحنّة ذكي السيد صافي الدين، يعمل في واحدة من الشركات الأمنية الخاصة، ومقيمٌ لما يقرب العامين، قال لـ «الإنتباهة» بأنّ أكثر ما يجعله متضايقاً ومهموماً، و غير قابل لتقبل العيشة هنا في الغربة هو غياب أو انعدام الاجتماعيات. ويُصادف أنْ تظل لأكثر من أسبوع في دوامةٍ واحدة هي «العمل، البيت، المسجد وبالعكس»، أما إذا صادفت في غير وقت العمل سودانيًا، حتى لو التقيته لأول مرة في حياتك، فالحظ قد ابتسم لك جداً. ثم ذكر ممازحاً مقولة إنّ المغترب في هذه الحالة إما أنْ يكون قد جنّ، أو يكون قد فقد «المحنّة» كما يرددها الكثير من الذين تذوقوا مرارة الغربة. أما ما يذكره الناس عن أنّ الغربة فيها نقلة كبيرة في حياة الناس، فهذا كلام غير مقبول، وغير صحيح من واقع تجربته، صحيح أنّ فيها تحسين الحال، لكن لا أكثر من ذلك ولا أقل.

شروخ نفسية الأستاذ عبد الباقي عبد النبي عباس، أقرّ بأنّ الغربة في مجملها لها تأثيرات على المغتربين، منها السالب، ومنها الإيجابي، لكن على صعيده الشخصي، فالغربة كان لها أثر إيجابي عليه، وعلى الدوام، والسبب يرجع الى إقامته بمدينة مكة، والتي يجد فيها على قوله الكثير من الإيمانيات والروحانيات، وهذا بدوره يبعثُ الثقة والطمأنينة في النفس. لكن عبد الباقي يُقر في ذات الوقت بأنّ هناك بعض الشروخ النفسية المتمثلة في غيابك وابتعادك عن الأسرة. ويضيف عبد الباقي بأنّ بعض هذه الشروخ النفسية قد تندمل مع مرور الزمن، ومنها ما لا يندمل إلا بلقاء الأسرة والأهل والعشيرة، وذلك بعد انتهاء فترة الاغتراب بالفعل.

البيئة الجديدة ومن جانبه قال المهندس نصر الدين رحمة الله، بأنّ الغربة في مجملها لها تأثير على نفسية المغترب، وهذا الأمر راجعٌ الى عدة عوامل، منها تغيير البيئة التي يعيش فيها وانتقاله الى بيئة مختلفة، حيث إنّ الفرد في حاجة الى فترة ما حتى يتأقلم على البيئة الجديدة التي حلّ بها. هذا إضافة الى افتقاد الفرد لأصدقائه وأهله، وهذا بدوره يخلق نفسية سالبة عليه، ويجعله دوماً في حالة كدر.

المعالج النفسي نصرالدين أضاف أمراً آخر، وهو إحساس أي واحد منا بأنّه غريب، هو ما يفاقم الحالة النفسية السالبة. وبالتالي التعويض في تذكر الأهل والوطن والأسرة. وهذا ما يُسميه الأطباء النفسانيون بالهوم سك، أو مرض الحنين. وطالب نصر الدين في ذات الوقت بأنّ يعرض أي واحد من هؤلاء المغتربين نفسه كل فترةٍ وأخرى على معالج نفسي، على الأقل حتى يطمئن. أما من يعانون بالأصل من هذا المرض فعليهم بعلاج أنفسهم سريعاً، لأنّ مثل هذه الأمراض إذا تُركت هكذا فسيكون مردودها سالباً على الإنسان. وختم نصر الدين بأنّ الحل المؤقت في أنْ يأخذ هؤلاء المغتربون إجازاتهم السنوية بشكلٍ راتب، ويحرصوا على قضائها بين الأهل. مشيراً الى أنّ هناك نماذج من المغتربين يمكثون في اغترابهم أكثر من عشر سنوات، وهذا خطأ كبير في تقدير نصر الدين رحمة الله.

الضغط النفسي وقال الاختصاصي النفسي د. عادل بشير ان الاغتراب له تأثيرات عميقة على النفس والجسد والفكر وبما أن تركيبة الإنسان تتضمن المشاعر والأحاسيس والعواطف التي تتأثر إيجابيًا وسلبيًا بمجريات الأحداث، ومن الأثار النفسية أن المغترب ينقطع عن أسرته وذويه لفترات غالبًا ماتطول مما يشكل نوعًا من عدم الاستقرار إضافة للتفكيرالكثير العميق خاصة في أمر العودة للوطن وكل ذلك يكوّن ضغطًا كبيرًا يؤثر نفسيًا مع طول الفترة حيث يتعرض الشخص لحالات انفعالية من خوف وغضب وتوتر وقلق مما يؤدي لسريان الهرمونات في الدم بنسب تختلف عن النسب الطبيعية وهذا الأمر يؤدي لظهور الأمراض النفس_جسمية «psychosomatic» وتختلف من شخص لآخر حيث تكون استجابة البعض لها مثلاً عن نطاق الجهاز الهضمي أو البولي أو التناسلي أو العيون.

الاختصاصي النفسي، د. عادل ختم بأنّ ما يعمّق من الأزمات النفسية هو أنّ الكثير منهم لا يُحددون أهدافهم، أو من البداية يأتون إلى الاغتراب بطرقٍ ليست قانونية، ثم من بعد ذلك يبحثون عن مأوى وعمل، وهذا من شأنه أنْ يزيد الضغط النفسي.

صحيفة الإنتباهة
سارة إبراهيم عباس
ع.ش[/JUSTIFY]

تعليق واحد

  1. [SIZE=7]العبوس عندنا نحن السودانيين الغربه بلا هدف لان كل يوم قرارت جديده السودان البلد الوحيد فى الدين بياخد من المغترب دون يقدم اى خدمه حتى تجديد الجواز 200 ريال مع انو ختم عادى وحبر عادى وسنتين تدفع للحراميه شركة المهاجر طالما حبر عادى وختم عادى خليها 5سنوات عشان الواحد شويه [/SIZE]يبعد عن الحرامى كررررار شويه