تحقيقات وتقارير

على خلفية حديث البشير عن الإنتخابات:الحديث عن خلافة الرئيس ظل في مجالس الهمس ولهذا السبب خرج إلى العلن

[JUSTIFY]حديث رئيس الجمهورية عن الإنتخابات الذي قاله في خطابه بالقضارف فتح باب الجدل مرة أخرى مع قرب الإستحقاق عن التوافق حول زمان وكيفية سير العملية الإنتخابية خصوصاً وان هناط الكثير من القوى السياسية وبعض الأصوات هنا وهناك ظلت تدعو لتأجيل الانتخابات وربط المطالبة بقيام حكومة انتقالية تشارك فيها كل الأحزاب وتنزع السلطة المطلقة من يد المؤتمرالوطنى حتى تتساوى الفرص أمام الجميع ولايستأثر المؤتمر الوطني بإمكانيات الدولة وتجييرها لمصلحته الحزبية كما يقول الكثير من المعارضين وكما هو معلوم ظل المؤتمر الوطني يرفض خيار الحكومة الانتقالية ويلوح بالشرعية التي اكتسبها في الإنتخابات الماضية رغم تشكيك المعارضة في هذه الشرعية حسبما ذكرت قيادات حزبية عديدة تلك نقطة خلافية ربما دعت القوى السياسية الى مقاطعة الإنتخابات كما فعلت في العام 2010 ويمضي المؤتمر الوطني في اجراء الإنتخابات دونها كما لوح بذلك المهندس حامد صديق أمين الإتصال التنظيمي بالحزب الإسبوع الماضي وأكد الرئيس على هذا المنحى بعدم تأجيل الإنتخابات,ولكن الوضع داخل المؤتمر الوطني نفسه يشهد جدلاً محتدماً عن من هو الذي سيتقدم لرئاسة الحزب ومن ثم رئاسة الجمهورية في ظل تغييرات كبيرة وصفت بأنها مزلزلة وستترتب عليها الكثير في المرحلة المقبلة.

حديث الرئيس
رئيس الجمهورية قال في خطابه بالقضارف ان الانتخابات القادمة ستجرى في موعدها و«لن تتأخر لساعة واحدة»، وأن عملية فرز الأصوات ستتم في ذات اليوم بحضور وكلاء الأحزاب لدرء دعاوى التزوير عنها. وقال إن اختيار مرشح المؤتمر الوطني لرئاسة الجمهورية سيتم على ضوء مواصفات سيتم الإعلان عنها قريباً.وطالب الأحزاب بالاستعداد واستنفار قواعدها للمشاركة في الانتحابات التي ستجرى في الموعد المحدد لها في أبريل 2015، ودعا لنبذ القبلية والجهوية و العمل من أجل البلاد.وأعلن عن وقوف حزبه خلف مرشح واحد لرئاسة المؤتمر الوطني والذي سيكون مرشح الحزب لرئاسة الجمهورية في الانتخابات القادمة وفق ممارسة ديمقراطية وشورية بحرية تامة.ونوه إلى إعداد لجنة من الحزب لإعادة بناء المؤتمر الوطني من المستوى القاعدي وحتى المؤتمر العام للحزب و الانتخابات القادمة ,الشاهد أن حديث الرئيس يحمل تأكيداً قاطعاً على ضرورة قيام الإنتخابات في موعدها وهو مايتطلب أن تعد الأحزاب نفسها لخوض المعركة الانتخابية والمؤتمر الوطني يواجه ذات التحديات في الإستعداد واختيار مرشحه للإنتخابات الرئاسية ورئاسة الحزب وكما اعلن الرئيس سيتم الإعلان عن مواصفات المرشح الذي يمثل المؤتمر الوطني قريباً الشئ الذي سيجعل الحراك في الحزب أكبر في قادم الأيام.

الخلافة
ظل الحديث عن خلافة الرئيس البشير مسألة مكتومة والحديث عنها يكون بحذر وتوجس شديدين من قبل قيادات المؤتمر الوطني الحزب الحاكم ومن قبل الشارع ويكاد أحياناً يكون التطرق اليها من خلف الأبواب المغلقة ومرد ذلك يعود بالدرجة الأولى الى القلق على أوضاع البلاد وإمكانية المحافظة على إستقرارها السياسي والأمني في حال تنحى الرئيس البشير بإعتباره قائد أستطاع أن يجد إجماعاً ندر مثيله في تاريخ البلاد الحديث ولم يتوفر إسناد شعبي ورسمي قدر الذي وجده البشير ,الرئيس جمع بين ولاء السلطة العسكرية (القوات المسلحة) المطلق له وثقة الإسلاميين جناح الحركة الإسلامية الذي سانده ووقف الى جانبه في أعقاب مفاصلة الرابع من رمضان الشهيرة التي قسمت الإسلاميين الى معسكرين وطني وشعبي ,فضلاً عن الثقة المتبادلة بينه والمكونات والقيادات السياسية المختلفة ورهانهم على قدرة الرئيس البشير على تماسك الأوضاع السياسية بالبلاد من واقع تأييد القوات المسلحة له وكذلك إحترامه لقيادات الأحزاب وسعيه لضرورة إشراكها في القضايا الوطنية الكبرى والحفاظ على مكانة متقاربه بينه وبينها الى حد ما ظلت هي من الأسباب المهمة لرهان قادة الأحزاب على الرئيس البشير دون غيره من قيادات الحزب الحاكم ,وقال بذلك عدداً منهم صراحة في وسائل الإعلام ولذلك فهو يمثل الرابط المهم بينهم والسلطة الحاكمة وتجد التزاماته الشخصية الترحيب واليقين والإحترام بإعتباره الضامن الموثوق لأي اتفاق أوتفاهم مع القوى السياسية وبذا يكون رمانة الميزان السياسي بالبلاد .

تخوف
قيادات المؤتمر الوطني ظلت تتحاشى الحديث عن خليفة الرئيس البشير ربما بداعي القلق من عدم وجود البديل الذي يكافئ البشير بكل ماذكرناه خصوصاً وان المؤتمرالوطني راهن على شخصية الرئيس البشير وتمسك الشارع به في الإنتخابات السابقة ليتمكن الكثيرين من الفوز تحت ظل شجرة البشير وشعبيته الكبيرة ,وربما أيضاً لخوف البعض من إبداء رأي خاص يؤثر على مواقعهم ووضعهم بالحزب والدولة ,الرئيس البشير الذي حكم ربع قرن من الزمان فتح الباب للخوض في أمر الخلافة بإبداء رغبته في التنحي وعدم خوض الإنتخابات القادمة قائلاً انه يفضل إفساح المجال لقيادة جديدة واعطاء الشباب فرصة في الحكم وقيادة البلاد, وهذا ماجعل الحديث عن امر من يخلفه ينتقل من الهمس الى دائرة العلن ,المراقبون وإتجاهات الرأي العام تواجه انقساماً ازاء الخلافة فهناك رأي يقول بأن الإسلاميين وضعوا إرثاً جديداً بالتنحي والتغيير في كل المواقع بحيث لايبقى أي مسؤول في موقعه أكثر من دورتين وطبق ذلك عملياً في مؤتمر الحركة الإسلامية السابق حيث حال الدستور واللائحة دون التجديد للنائب الاول لرئيس الجمهورية الأستاذ على عثمان محمد طه في موقعه كأمين عام للحركة الإسلامية وكذلك التغييرات التي تمت في هياكل وقطاعات المؤتمر الوطني وتنحي طه والحاج أدم ونافع علي نافع من مواقعهم التنفيذية والحزبية وكذلك الوزراء الذين أمضوا أكثر من دورتين يرون انه يجب تطبيق هذه التجربة في رئاسة الجمهورية أيضاً والنزول لرغبة الرئيس في التنحي وعدم خوض الإنتخابات القادمة .وهناك رأي أخر يقول انه التغيير في رئاسة الجمهورية تحفه المخاطر ليس بقدر التغييرات الأخرى ويعضدون رأيهم هذا بقراءة الراهن السياسي والتحديات الداخلية والخارجية ويرون انه يجب ان يكون التغيير في كل المواقع والدفع بدماء جديدة عدا موقع رئيس الجمهورية ,هناك من يرى من قيادات المؤتمر الوطني ان الحديث عن خلافة الرئيس البشير أمر يخص الحزب ويقرر فيه المؤتمر العام و في الهواء الطلق واعتبر البعض ان الرئيس يؤدي أعماله بصورة يرضى عنها المواطن ولذلك الحزب سيجدد له ,المحلل السياسي والكاتب الصحفي مكي المغربي قال (انه يفضل بقاء الرئيس البشير في موقعه على أن يكون النظام برلمانياً وليس رئاسياً ويكون رئيس الوزراء من الأحزاب الأخرى وأضاف في حديثه (للوطن) ان الرئيس البشير اذا اصر على موقفه في التنحي يجب ان يكون بديله من خارج إطار الشمال النيلي وقال هناك قيادات أخرى من خارج هذا النطاق الجغرافي مميزة وضرب أمثلة بالدكتور محمد طاهر ايلا من شرق السودان والأستاذ محمد يوسف كبر والدكتور الحاج أدم من دارفور وقال انه يجب إعطاء فرصة لأحدهم ليكون رئيساً وراهن على نجاحهم وأعتبر هذه الخطوة من أسباب الوحدة الطوعية وتوزيع السلطة على أهل السودان بما يتناسب مع إمكانياتهم .

عودة للأضواء
اذا تمسك الرئيس برغبته التي أعلن عنها منذ فترة بعدم الترشح لفترة أخرى وفشل الحزب في إقناعه سيكون الطريق الأوحد أمام المؤتمر الوطني هو الدفع بالأستاذ علي عثمان محمد طه مرشحاً أو الدكتور نافع فهم يبقوا الخيارات الأقوى وسيعودون الى دائرة الضوء وصناعة القرار من هذا الباب بعد تنحيهم من مواقعهم مؤخراً وإفساحهم المجال لقيادات أخرى فللأول مزايا كونه تزعم الحركة الإسلامية لعدة دورات وابلى حسناً في موقع النائب الأول والعمل التنفيذي وقدم المثال في ادب التنحي ولعلي عثمان رمزية تاريخية وسط الإسلاميين وللثاني دكتور نافع ايضاً مزايا يتقدمها نجاحه البارز في ترسيخ العمل في الحزب وبنائه طيلة الفترة التي سبقت تنحيه اضافة الى العمل التنفيبذي الدؤوب والديناميكية وسرعة اتخاذ القرار وربما كانت هناك خيارات أخرى مثل المفاجأت التي حدثت مؤخراً بتنحي طه ونافع والحاج أدم.

خيارين
بغض النظر عن مايراه قادة المؤتمر الوطني أو المراقبون فإن المؤتمر العام القادم للمؤتمر الوطني والذي تبقت له أشهر معدودات سيحسم هذا الجدل اما بترشيح البشير لدورة ثانية أو إختيار بديل وان كان الترجيح سيكون للأولى أي التجديد للبشير لأسباب عديدة انه لا يوجد بديل بنفس مواصفاته وجماهيريته ونفاذه الى الناس ومقبوليته حتى وسط المواطن العادي وليس من السهل ايجاد بديل بهذه المعايير وسيتعين على المؤتمر العام الضغط على البشير للعدول عن فكرة التنحي أقله للدورة القادمة حتى يتسنى إعداد خليفة ومن مصلحة السودان وليس المؤتمر الوطني وحده بقاء الرئيس في موقعه لدورة قادمة حتى تزول المهددات والأخطار الداخلية والخارجية فليس من الحكمة مطالبة الرئيس البشير بالتنحي في هذا الوقت.

تحديات
هناك الكثير من التحديات التي تواجه المؤتمر الوطني في الفترة المقبلة منها ضرورة الجلوس مع الأحزاب وإقناعها بالمشاركة في الإنتخابات والتوافق حول هذا الأمر لأنه يبقى بدون مشاركتها لن تكون هناك فائدة وسينافس المؤتمر الوطني نفسه ويكون طعن في شرعية الحكومة وعدم تقبل للمجتمع الدولي لها وإشراك الأحزاب شراكة حقيقية في إدارة شئون البلاد يساهم في صناعة الإستقرار السياسي وبالتالي ينعكس على إصلاح الإقتصاد الذي هو واحد من التحديات التي تواجه المؤتمر الوطني.

تقرير:أشرف إبراهيم: صحيفة الوطن [/JUSTIFY]

تعليق واحد