العوائد الإستراتيجية الهامة للتغيير الوزاري الأخير!
وإذا أردنا إحصاء جملة عوائد إستراتيجية عادت على السودان من جراء هذا التغيير فيمكن أن نرى أولاً: إن الأحزاب السياسية قاطبة فى السودان صار يتعين عليها أن تصلح نفسها وتعيد ترتيب بيتها من الداخل، فخصمها الأكبر، المؤتمر الوطني فعل ذلك بجرأة وسلاسة أدهشت الجميع وإذا لم تبادر هذه الأحزاب لتفعل ذات الشيء فإنها سوف تفقد لياقتها فى السباق الجاري وسيشهد الكل بل وتشهد الساحة السياسية بأسرها كيف تساقطت الأحزاب السياسية ولم تستطع اللحاق بأقرب نقطة قريبة من الوطني وهذا لن يكون فى مصلحة العملية السياسية عموماً والممارسة الديمقراطية العامة في السودان .
إذن العائد الأول أن المؤتمر الوطني جعل من ممارسته السياسية الذاتية قدوة للآخرين لا مفر عندهم من الاقتداء بها.
ثانياً: الساحة السودانية بصفة عامة -التواقة للتغيير والتجديد- غشيتها عافية سياسية عامة حيث استقبل الناس التغيير كبادرة ايجابية من شأنها أن تفتح الشهية لمرحلة قادمة أفضل وهذا معناه أن الوطني استجاب على أية حال لرغبة شعبية ظاهرة أو مستترة كانت فهي كانت موجودة الأمر الذي سيقود الى حالة انسجام وتوافق اكبر بين الحكم والمحكومين قد يفتح باباً لإصلاح شامل لا يمكن أن يتم أصلاً إلا بتناغم وانسجام بين الحكومة والمحكومين.
ثالثاُ: على مستوى الوطني كحزب، فإن هذا الإجراء يغوي و حُقَّ له أن يغري آخرين بالانضمام إليه لأن الأزمة الحقيقية الراهنة للأحزاب السياسية قاطبة افتقارها للقدرة والإرادة السياسية على تجديد دمائها، وتغيير أعمدة البناء، وإعادة هيكلة التنظيم ويكفي للتدليل على ذلك أن تحالف قوى الإجماع ظل لعدة سنوات كسيحاً -مع أنه يضم أحزاباً كثيرة وكبيرة- لأسباب ترجع فى مجملها لعدم وجود هيكل سياسي متوازن متراضي عليها.
وكان الأمر المؤسف والمخجل أن حزب الأمة القومي بزعامة الصادق المهدي ظل يطالب لسنوات بإعادة هيكلة التحالف وإجراء عملية تغيير أو تعديل يتناسب مع أوزان الأحزاب المكونة للتحالف ولكن لم يجد الاستجابة. فإذا كان تحالف المعارضة بجلالة قدره عاجز عن ترتيب أوضاعه وتنظيم نفسه فما بالك بالأحزاب المكونة للتحالف؟ من المؤكد أن الوطني قدم درساً لها بليغاً من شأنه زيادة تعميق جراحها أكثر.
ثالثاً: التغيير الذي تم من شأنه الإفضاء الى تغيير جوهري فى السياسات والبرامج إذ ليس من المتصور أن أشخاصاً جدد يكونوا نسخاً مماثلة لأشخاص مضوا، من المؤكد أن الأسلوب وطريقة التعاطي مع القضايا المختلفة سيكون مختلفاً، كما أن الحزب يدرك أن مجرد تغيير الأشخاص لا يعدو كونه إعادة تدوير للأزمة ومن ثم فقد أردف التغيير فى الأشخاص بتغيير فى السياسات.
وهكذا، فإن ما جرى ألقى بظلال ايجابية واضحة على مجمل الوضع السياسي والاقتصادي فى السودان، وهي واحدة من أهم المتغيرات الكبرى التى غشيت هذا البلد مؤخراً!
سودان سفاري
[/JUSTIFY]