رأي ومقالات

غريب الدارين : أودع …أودع كيف؟ وأنا ما داير السفر

ما قبل الرحيل …. عزيزي المسافر ….هل تلاقي ما ألاقي حين تقوم بإجراءات السفر ؟
فيوم الإجراءات له طعم خاص ….فهو إيذان بأنك أوشكت على فراق الأحبة والوطن …وأنك ستتجه إلى الجهاز …وستغدو أمام الموظف كعصفور ضعيف في يد صغير لا يرحمه …وأنه لا بد لك مثل كل مرة من مناقشة كمية ونوعية المدفوعات المقررة عليك وأولها الزكاة التي ندفعها وفي النفس شعور متقلقل من عدم القناعة …هي ضريبة لو تسمونها بأي اسم غير الزكاة .
تلملم كل أوراقك وتضعها في حقيبتك ، وحذاري أن تنسى منها شيئا ، وتصحو مبكرا خاصة لو كنت تسكن بعيدا عن مركز صنع الأحداث لتتجنب كل الطوارئ التي يمكن أن تفاجأك دون حسبان لها.
فإذا وصلت هناك تلج خلية النحل مع الوالجين وكما قال الشاعر الأموي جرير ” فلا ينظر الغادي الذي هو رائح ” ، وتدخل الصالات وتنساح بين الجموع وليس لك من قيمة فأنت لاتعدو غير صفر من الأصفار ولكنه صفرعلى اليسار . وحتى جنيهاتك التي ستخرج بعد قليل دون عودة لا تشفع لك ..
أما أنا فحالي كيف أقدر أوصفه …
أدخل وأسير على مهل متتبعا صف الشبابيك من الجهتين – معذرة إلى نفسي – وأتمعن وجوه الموظفات وأضع فراستي في اختبار جاد…هذه وجهها ينبئ بالخير أما تلك فلا ….وتصيب فراستي أحيانا وتخيب أخرى …ويحطني الحظ أينما يحطني فالمقدور إن وقع كتر البتابت عيب !.
الحق يقال هناك موظفات على مستوى عالٍ من الجدية وتجد نفسك سعيدا أن اخترتها هي …مع ملاحظة أن المواطن قد تسلح بخبرات عالية في تصنيفهن …فالشباك المزدحم لواحدة من الصفوة الجادة ” والمورد العذب كثير الزحام ”
أما الخالي أو شبه الخالي فهي من جماعة الرضاعة حتى لو كان شكلها ينبئك بأنها تجاوزت الأربعين . فلامفر! هي الرضاعة !
وكم من طرائف حدثت لي أو لأحد معارفي أو لأحد من المراجعين على مرأى مني ومسمع …وقد يكزن حدث لك أنت أيضا
ومن ذلك ..ما حدث أمامي ، فالمسافر جاء يحمل صورة لأجل الجواز وأظنها صورته من أيام المراهقة . فدار نقاش حامي الوطيس بينه والموظف . فالمطلوب صورة طازجة تخرج للحظتها من الفرن ولكن المواطن غير مقتنع ، وانصرفت عن المشهد لقناعتي بالنتيجة وهي انتصار الموظف بلوائحه ، ففي سبيل إتمام اجراءاتك يمكن أن تفقأ إحدى عينيك فيكفيك أنك تملك عينا أخرى !….
في مرة ناولتهم جوازي مرفقا بكل العدة وجلست انتظر مع المنتظرين . وبدأ تسليم الجوازات فوجدت كل من كانوا معي استلموا جوازاتهم إلا أنا ….وطبعا ذلك مما لايبشر بخير ! ماذا هناك ؟
مددت رأسي من الشباك وماحضرني “وداللمين ” ليغني لي “يامعاين من الشباك ” وعيوني تلتقط تفاصيل الغرفة وماتحويه من بشر وأدوات . وتحاول أن تجمع أكبر قدر من معلومات وترسلها إلى المخ ليفكك الشفرة المرسلة ويسعفني بجواب !..لكنه لم يستطع ! فالمعلومات ضبابية قليلة.
إذن لابد مما ليس منه بد .وفي تردد ملحوظ سألتهم ….سألوني عن اسمي فذكرته على وجل وكأنني أتبرأ منه ، فمايدريني ماالذي فعله ذلك الاسم !…..
واتضح أن كل مافي الأمر إن حضرة العسكري الخطاط هو نفسه من خط لي المعلومات في الجواز المنتهي وأصر على أن ينزل بركاته علي بكتابة الجواز الجديد ….يا سعدي ! وكان بطيئا بدرجة شديدة ! ولما احتضنت جوازي كأنني ملكت الدنيا بين ذراعي ! فالداخل مفقود والخارج مولود .
وفي مرة تهامس الموظف مع زميلته عندما استلم جوازي وانكب رأسها مع رأسه على جوازي يراجعان فيه شيئا !، وأمام الشباك تنصهر حواسك كلها وتتشكل سمعا وبصرا فقط ! فبقية الحواس لا فائدة لها هنا ! فكنت أتابع في قلق ….لعله حظر سفري لسبب لا أعلمه ! لعلي من المطلوبين في قضية دولية أو محلية ! وأنا حأعرف نفسي أكثر من الحكومة ؟ وتتناوشني الهواجس ، وأتقلب فوق صفيح ساخن…وبدأت أراجع طيشياتي التي فعلتها !لعل أحدها أرداني وأوردني موارد الهلاك !
ولم يتبين لي شيء إلى أن دخلت مكتب الإدارة فوجدت ذات الموظف فسألته في لهفة ماالأمر ….فاتضح أنه لما قرأ محل الميلاد وجده نفس بلد زميلته الموظفة …يا هناي ! فنحن من بلد واحد .وأوشكت أن أدعو الناس ليشربوا عصيرا على حسابي على شرف هذا الحدث الجليل ! أنا الذي قتلني القلق ! فإذا به لا شيء !
وفي يوم تصادف أنه نفس اليوم الذي اختاره وزير العمل في زيارة ميدانية لتفقد بعض أجزاء وزارته ، بعد أن وصلته شكوى من المراجعين …..يا للعظمة أنا والوزير وجها لوجه! بل ويوجه لي الكلام !…فسألني هل وقفت طويلا ؟ فرددت بلا ..وكأنه كان يتربص بهم … فأحسست أن ردي في حق الموظف لم يعجبه .والحقيقة إن الموظف كان مثاليا ولا يحق أن أبخسه حقه .
وفي يوم مقتل “قرنق ” ذهبت ولأول مرة وأحسبها لن تتكرر كانت الصالات تكاد تكون فااارغة تماما واستلمت جوازي مؤشرا في أقل من ربع ساعة وتمنيت لو يوثق ذلك في غينيس !، علما بأنه كانت تنقصني بطاقة من البطاقات وأراد الموظف أن يتمحك فيها فقلت له بالحرف الواحد :في مثل هذا اليوم تسألني عنها ؟ والبلد في حالة طوارئ ؟ فسكت عني وهرولت خارجا وأنا لا أصدق أنني نجوت !
غريب الدارين

تعليق واحد

  1. ه[SIZE=7]هههه واى موضوع فيه جوازات وتاشيرات بعمل لى نفسيات وما بتعرف الصاح وين والخطاء وين . مرة اقولوا ليك الصورة دى ما حقتك ومرة اقولوا ليك دا ما اسمك ومرة اسمك مطابق يعنى تتوقع اى شئ ما بخطر فى بالك . ياخى الواحد وقت اكون ماشى الجوازات قبل ما اطلع من البيت بدخل الحمام خمسين مرة . السفرة ذاتها تطير للواحد من راسو من ارهاب الجوازات . اما ناس الخطوط والبنكوك ديل الواحد بتفرعن عليهم حنك بس . شكرا ليك يا غريب الدارين موضوعك شيق والله .[/SIZE]