تحقيقات وتقارير

قطار الانتخابات.. هل يغادر محطة التحالف المعارض ؟

[JUSTIFY]قبل أن تنقضي انتخابات القانونيين الأخيرة أكد المؤتمر الوطني أنها «بروفة» حقيقية للانتخابات القادمة والتي أكد الحزب أنها قائمة في مواعيدها في الوقت الذي شككت فيه أحزاب المعارضة في أن الوطني يضمر النية للقيام بتزوير الانتخابات عبر آلياته ونفوذه مما دعاهم إلى المطالبة بتكوين حكومة انتقالية تقوم بإتمام العملية الانتخابية لجهة ضمان العدالة في توزيع وإتاحة فرص التنافس الشريف، بحرية وديقراطية بين كل القوى السياسية المتنافسة، فيما أعلن الوطني إصراره على قيامها دون أن يراعي مطالب القوى السياسية المعارضة الشيء الذي أدى إلى ردود أفعال متفاوتة بشأن الانتخابات ومشاركة القوى السياسية فيها لتشكيل واقع سياسي جديد بيد أن ذلك كله يأتي والساحة لم تشهد اتقضاء ما تبقى من الفترة الحكومية المتبقية من «الخمسة أعوام» والتي هي عمر حكومة المؤتمر الوطني التي جاءت عبر الانتخابات الأخيرة ــ اختلف الناس في ذلك أم اتفقوا ــ لتدلف البلاد في إجراءات انتخابية تحدد من يحكم لفترة رئاسية جديدة عبر صناديق الاقتراع. والموقف الخطير الذي أكدته قيادة تحالف القوى السياسية المعارض لنظام الحكم أخيراً حول رفضهم القاطع المشاركة في الانتخابات المقبلة المحدد لها العام «2015م» حتى لو اتجه نظام المؤتمر الوطني والمؤسسات التابعة له لتأجيلها لـ«20» عاماً وذلك بحسب التحالف أن الوضع الحالي يستحيل معه إجراء انتخابات حرة ونزيهة وقال إنه لن يشارك في العملية الانتخابية إلا في ظل تحول ديمقراطي حقيقي ودولة مؤسسات تُعلي قيم المواطنة والحرية وتعد دستوراً يعبر عن تطلعات الشعب وتحقق سلامًا شاملاً ومستداماً يهيئ الساحة السياسية لانتخابات حُرة ونزيهة. وقال كمال عمر إن أحزاب المعارضة لن تنجر وراء مخططات المؤتمر الوطني التي تنفذها بعض الأطراف المحسوبة عليه بإثارة مسألة تأجيل الانتخابات وقال إن التحالف يدرك حجم المخاطر والأزمات المحدقة بالبلاد الأمر الذي يدفعه للعمل لإيجاد معالجات حقيقية بمشاركة كل الأطراف لأن تجزئة القضايا يفاقم الأزمات مشدداً على وقف نزيف الحرب في جنوب كردفان ودارفور والنيل الأزرق لقيام وضع انتقالي كامل وإقرار دستور ثابت يحتكم إليه الجميع بعد إجراء مصالحة وطنية شاملة والاعتراف بكل الجرائم التي ارتكبت في حق الوطن والمواطن وذلك لأن صفحات الأزمات المذكورة لا يمكن طيها بدون مساءلة. وقال عمر إن ما يقوم به الوطني حتى الآن لن يتجاوز مرحلة الشعارات وأن التغيير الذي يتحدث عنه النظام استهدف الأشخاص وأبقى على السياسات التي قادت البلاد إلى النفق المظلم. من جهته وصف حزب الأمة دعوة الوطني للقوى السياسية للاتفاق على الثوابت الوطنية بالمراوغة والتسويف والتهرب من دفع الاستحقاق الديمقراطي، وأكد أن جميع الاتفاقات التي وقعها المؤتمر الوطني مع القوى السياسية بدءاً باتفاق جيبوتي «1999م»، ومروراً باتفاقي القاهرة مع الاتحادي الديمقراطي والتجمع الوطني واتفاق نيفاشا «2005م» قد حوت الثوابت الوطنية التي تصلح أساساً لتحقيق الاستقرار والتحول الديمقراطي. وقطع أمين العلاقات الخارجية بالحزب نجيب الخير عبد الوهاب بأن عدم التزام الوطني بتنفيذ تلك الاتفاقات شكل العقبة الرئيسة التي حالت دون وضع البلاد على أعتاب الاستقرار والتراضي الوطني وحمل السفير عبد الوهاب الوطني المسؤولية تجاه تقويض الثوابت الوطنية التي حفظت منذ الاستقلال وحدة البلاد وتعدديتها وتماسك النسيج الاجتماعي لشعبها وصانت حقوق المواطنة المتساوية والعلاقة الراشدة مع الآخر.

وفيما جاء موقف حزب الأمة مناهضاً لسياسات المؤتمر الوطني رغم أنه يُعد من الأحزاب التي لها علاقات وطيدة مع الحزب الحاكم يقول الأستاذ يوسف حسين القيادي بالحزب الشيوعي لـ«الإنتباهة» إن هناك مستلزمات ومطلوبات يجب توفرها لقيام الانتخابات وتشكيل الدستور وإن هذه المطلوبات غير موجودة اليوم تحت مظلة الشمولية، وقال إنه لم يكن هناك انتخابات تحت هذه المظلة وإن الشمولية لم تلد إلا دستوراً مزيفاً وانتخابات مزيفة هي الأخرى، مدللاً على قوله بالانتخابات السابقة التي أعلنت عن فوز حزب صغير للغاية «المؤتمر الوطني» بنسبة «97%» كصورة حقيقية لما تفعله الشمولية، معلناً بأن قوى التحالف المعارض لا تريد أن تدخل في تجربة مماثلة. وقال: لا بد من أن يتواطأ الجميع على تكوين حكومة انتقالية تضمن استقلالية القرار فيها مؤكداً أن أي حكومة انتقالية تقوم تحت إدارة الوطني وبفهمه هو لا يمكن أن توفر الاستقلالية والحياد المطلوب، وقال إنه لا بد من أن تنجز الحكومة الانتقالية الدستور الوطني المطلوب إضافة إلى إشرافها على قيام الانتخابات المقبلة بشفافية وأن توقف السياسات الحربية التي يمضي فيها البلد في دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق مشيراً إلى أنه في ظل الحروب الراهنة لم يكن هناك إرادة شعبية وتطور للعمل الديمقراطي. وأكد يوسف حسين أن الوطني يريد أن يخرج من أزمته الراهنة بالحديث عن الانتخابات والدستور وغيره في هذا الوقت تحديداً بعد أن صار هناك كلام كثير دوليًا وإقليميًا عن فساد أنظمته وفشله في إنزال الديمقراطية وتكريسه للشمولية التي أدخلت البلاد في عداد الدول الفاشلة، وزاد حسين بقوله «هذا لن يمر عبرنا ولن نكون جزءاً منه».

وتأتي نظرة البروفيسور حسن مكي مغايرة لما سرده الآخرون بيد أنه اتفق معهم على أن الوطني سيقوم بتشكيل حكومة انتقالية. وقال لـ«الإنتباهة» فيما يبدو والله أعلم أننا سنشهد قيام حكومة انتقالية بمعنى أن يقوم السيد رئيس الجمهورية بتفويض صلاحيته لرئيس الوزراء الذي يقوم بدوره بتشكيل حكومة وطنية لرفع الحصار الاقتصادي وتكوين الدستور ومحاولة فك الحصار الاقتصادي والسياسي المضروب على الحكومة دوليًا وإقليمياً وداخلياً ومحاولة فك المديونية، وقال إنها لن تنحل عقدتها إلا بقيام حكومة انتقالية تتوفر فيها عناصر الثقة للقوى الدولية ومن قبل المحلية. واتفق مكي مع يوسف حسين في أن الحكومة الراهنة لا تستطيع إنهاء الحروب، بيد أن بروفسيور حسن مكي قال إن الحلول التي تتبعها الحكومة كلها آنية وهي بالتالي تؤدي للمزيد من الاستنزاف الاقتصادي وغيره. وقال: المطلب «حكومة انتقالية» معقول، ويجب على الحكومة أن تنظر إليه من واجهة الظرف الزماني والمكاني ومصلحته تشمل الجميع بما فيهم المؤتمر الوطني.

يأتي هذا رغم إجراءات التغيير الكبيرة التي قام بها المؤتمر الوطني في أطقمه الحاكمة الأمر الذي نظر إليه آخرون على أنه لا يعدو كونه تعديلاً في الواجهة فقط، بينما السياسات ظلت ثابتة لم تتغير، ويلقي هذا بآثاره على إجراءات الانتخابات القادمة المتنازع حولها بين قوى المعارضة التي تؤكد عدم خوضها ولو أُرجئت لعشرين سنة لاحقة، فيما يصر الوطني على قيامها في موعدها المحدد بالآلية القديمة ومخصصاتها من مفوضية ودستور وظروف زمانية ومكانية غير متفق حولها، ليحال الأمر كله ربما بحسب سياسيين إلى نافذة المجتمع الدولي الذي ظل يترقب مآلات الأوضاع وسياسات حكومة المؤتمر الوطني التي يصفها بعض المناوئين له من القوى السياسية بالتعسفية لجهة تكريسها لعدم الشفافية وضرب حصار سميك على الحريات.

صحيفة الإنتباهة
عبد الله عبد الرحيم
ع.ش[/JUSTIFY]