تحقيقات وتقارير

( رجل الطقيع ) المشهور يحكي مشواره في علاج حالات استعصت على الأطباء


[JUSTIFY]رجل الطقيع الأول، “العطايا أحمد البشير” اسم ذاع صيته في كل السودان وتعداه إلى الخارج بفضل ما يقدمه من علاج لكل صاحب علة، فهو رجل سبعيني منحه الله تعالى حكمة مداواة المرض.. العم “العطايا” التقيناه في حوار عابر عن سر العلاج فحكى لنا قصص وحكايات مشوار استمر لأكثر من خمسين عاماً عالج فيه رؤساء ووزراء وسفراء دول، وأتى إليه مرضى من دول الجوار ودول الخليج.. رجل الطقيع شخصية بسيطة تحب الدعابة ولا تمل من الجلوس معه فكان أن خرجنا بهذه الحصيلة:

} في البداية عرفنا بنفسك وبأسرتك؟
– “العطايا أحمد البشير”.. الحمد لله متزوج ولي أسرة كبيرة من البنين والبنات، منهم من هو حي ومنهم من راح إلى الدار الآخرة.
} بمناسبة العمر كم عمرك؟
– (72) سنة والحمد لله.
} قصتك مع علاج المرضى وكيف تعلمت هذه المهنة؟
– أراد الله عندما كنت في السادسة عشرة من عمري أن تقع أختي الكبيرة في مطمورة (حفرة بختوا فيها العيش) فكسرت يدها في الكتف والرسغ و(جابوا ليها ناس عشان يعالجوها)، رأيتهم مرتبكين فطلبت منهم بكل أدب أن يبتعدوا عنها، وربطت الكسور ووضعت يدها في مسند وباشرت معها إلى أن أتم الله شفاءها وجبر كسرها ثم مارست حياتها الطبيعية.. هكذا انتشرت الحكاية في الحلة والمنطقة وبدأ الناس يتوافدون طلباً للمعالجة وتطورت مقدراتي بكثرة الممارسة. لكن هذا العمل بدأ يؤثر على عملي الأصلي وهو تجارة المحاصيل ويأخذ معظم وقتي، إضافة إلى أن وزارة الصحة في بداياتي الأولى أرسلت لي خطاباً تحذيرياً تطلب مني التوقف عن ممارسة هذا العمل.. فحز في نفسي أن أترك عملي وأشغالي لأعالج الناس ودون مقابل وتأتي وزارة الصحة بعد ذلك وترسل لي مثل هذا الخطاب.. فقررت أن أترك هذا العمل.. وفي أحد الأيام كنت نائماً فرأيت في منامي رقعة من القماش الأخضر مكتوب عليها باللغة العربية بسم الله الرحمن الرحيم.. قال تعالى: (يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا)، فعدت إلى فراشي ونمت، وتكررت الرؤيا مرة ثانية، فعلمت بأن هذا تكليف من الله سبحانه وتعالى، فقمت وتوضأت وصليت ركعتين، ثم عدت بعد ذلك مرة أخرى لمعالجة الناس.
} لاحظنا حضوراً كبيراً في عيادتك وعلمنا أن مثل هذا العدد يأتي يومياً للعلاج وبعض الحالات يتم حجزها لعدة أيام يأكلون ويشربون مجاناً؟
– أحس أحياناً بأني مُكرم من عند الله تعالى، فأمورهم دائماً تتيسر.
} ماذا تعالج من الأمراض وفيما تبرع؟
– أعالج أمراض كثيرة، ولكني أبرع في الكسور بأنواعها المختلفة.
(يجونا ناس الدهب بتاعين حفر الآبار الواحد يكون شغال وفجأة يتهدم فيه البئر أو تقع عليه صخرة تكسر الحوض بتاعو.. آخر واحد جانا كان عندو ستة كسور في الحوض أمضى معانا 21 يوماً والآن أصبح معافى ومحتفظين بصوره معانا).
} هل تأتيك حالات مرضية من خارج السودان؟
– نعم.. من تشاد والسعودية وأبي ظبي وليبيا، وليبيا (مشيتها بتوجيه من ناس الحكومة.. لواحد ليبي شغال في سوريا كان يعاني من عدم التنفس إلا بعد ضغطه بمخدة ثلاث أربع مرات في صدره، في اليوم الخامس أنا عالجته، وعندما سأله أقاربه كيف حالك قال لهم أنا بقيت كويس وقاعد أحضر في التلفزيون).
} مما كان يعاني؟
– جفاف في الرئة.
} هل تنوي توريث هذه المهنة لأولادك أو أقربائك؟
– أولادي ما راغبين في الحاجة دي واهتماماتهم في أشياء أخرى، والله يعطي الحكمة لمن يشاء، وأنا لا أستطيع أن أورثها لهم فهي من عند الله.
} هل هناك حالات قررت عدم عالجها؟
– أنا إذا رأيت أنني لا أستطيع عمل شيء أحولها أو أقول لا أقدر.. (أمبارح جاني زول مريض) فسألته عن تاريخ الحالة، فقال لي من قبل سنة، فقلت لو أتيت في أيامها الأولى كان علاجها سهلاً ولكن الآن لا أستطيع عمل شيء، الكسر كان في طاقية الركبة وتكسرت إلى ثلاث قطع متباعدة في ما بينها العظم والكالسيوم.
} حالة صعبة عالجتها وفرحت جداً عندما تم شفاؤها؟
– شخص كان مسافر في لوري وعندما دخلت العربية في أحد المنحدرات سقط اللستك (الأسبير) في المخروقة فاخترقت عظمة المخروقة الحوض الصحني إلى أن وصلت حوض المثانة.. رقد (18) يوماً في المستشفى وصار يتبول دماً.. آخر حاجة سحبوه وجابوه لي.. وقال لي أهله إنه لم ينم منذ (18) يوماً.. فأحضرت أنبوبة لستك داخلية مقاس (14) وأدخلتها ما بين الفخذين وربطت الركبتين مع بعضهما ثم بدأت في نفخ الأنبوبة إلى أن خرج العظم ورجع في مكانه وقام مباشرة، وبعد ذلك طلبت منه الرجوع إلى المستشفى لمعالجة الجروح الأخرى، وسافر بعدها إلى السعودية وعاد بعد سنوات ليشكرني، وقال إنه مقدر للجميل، فقلت له: الشكر لله والجميل من عند الله وما كنت إلا سبباً.
} وبماذا تعالج الناس.. وما هي الأدوات التي تستخدمها؟
– المعالج هو الله والشافي هو الله (نحنا بنبدأ ولمن أشوف الحالة المصاب بيها الإنسان بنزل العلاج كذا وكذا) والعلاج لا يأتي بفلاحتنا أو قوتنا إنما هو شيء من عند الله تعالى.. ودائماً وحتى لحظة دخول المريض وشكواه لا أكون قد حددت علاجاً بعينه.. وفجأة يلهمني الله بعلاج أقوله له، فيشفى بإذن ربي وإلهامه، ولا حول ولا قوة لي في ذلك.. ومثالاً لذلك، جاءني مريض من تشاد عنده حمى شوكية ماسكة عظمة الظهر من الرقبة حتى عظمة الذنب الأخيرة، ونشفت كل غضاريف الظهر وصار منحنياً تماماً، فقلت: اعتدل واقفاً، فقال إنه لا يستطيع، وفجأة ألهمني الله حلاً فطلبت قطناً بطول الظهر وبللت القطن بسمن ماعز وشمعته وغلفته ببلاستيك، بعد أربعة أيام تخلى عن العصا واعتدل في مشيته.. وسيتكرر هذا العلاج حتى يتخلل سمن الماعز الفقرات ويلينها بعد أن أذابت الحمى الشوكية السمحاق فتداخلت الفقرات في بعضها.. وفي سنة 93 عالجت السفير الأمريكي السابق.. كانت رجله مكسورة في نص الورك جاءني بتوجيه من رئاسة الجمهورية ومعه “محمد أبشر” مسجل البعثات فوق الجامعية، وكان معه حراس مسلحون جاءوا ليدخلوا معه فقال لهم: (أرجعوا البلد آمنة مافي حاجة).. جهزنا ليه فطور كويس فيه لحمة وعسل نحل وبعض الأشياء الأخرى، فبدأ يدخل اللحمة في العسل ثم يأكلها.. بعد الفطور ذهبنا إلى عيادتي فوجدت المسطرة مربوطة مع الغشاء القطني وهناك بعض الخلايا تداخلت معها.. فدهنتها بدهان ساخن وفككت المسطرة من تداخل بعض الخلايا ودلكتها بدواء خاص من عندي، وبعد ذلك طلبت منه أن يمشي بدون العصا التي حضر بها، فتحرك بصورة جيدة وقال لي (أنا كنت في ألمانيا 4 شهور وفي أكبر المستشفيات.. وبالكاد مشيت وبهذه العصا، فكيف يحدث أن أمشي بعد 20 دقيقة؟).. فقلت له: (أنا طلبت من الله أن يلهمني الحل فاستجاب الله تعالى).. فتعجب من كلامي وذهب شاكراً.

حوار – عاطف بلة: صحيفة المجهر السياسي[/JUSTIFY]