رأي ومقالات

ابراهيم عثمان: ويلٌ لليبرالية من الليبراليين !

لعلاء الأسواني مقال و تسجيل تلفزيوني بعنوان “كيف تصنع مذبحة ناجحة” يكشف فيه مؤامرات العسكر و خططهم لسحق الثوار عن طريق خطوات ماكرة قد تقنع قطاعاً من الشعب .و قد شاهد علاء السلطة الإنقلابية تطبق ما ذكره حرفياً في عدة مجازر ” الحرس الجمهوري ، النهضة ، رابعة ، رمسيس 3،2،1 … الخ ) و للأسف فهو كان من المحرضين على المعتصمين في رابعة و كان يحذر بأن “التراخي” في فض الإعتصام سيجعلهم يدفعون ثمناً باهظاً . و اليوم هو يؤيد و يبارك و يبرر و يجتهد ليقول إن ما تم ليس مؤامرة كتلك التي كان يحذر منها في مقاله و حديثه التلفزيوني .و إنما هي مذابح نظيفة يطرب لها و يحيي الأيادي التي نفذتها و يغني لها مع الفلول “تسلم الأيادي” . و لم يتغير و عيه بما حدث إلا لأن ضحايا المجزرة هذه المرة هم خصومه الفكريين و من هنا يتضح لنا أن مفاهيم الديقواطية و حقوق الإنسان و احترام الآخر في وعي العلمانيين و الليبراليين ليست سوى قشرة سطحية إذا اختبرتها الأحداث تختفي ليظهر الأصل الشمولي الإقصائي و الفاشي عند اللزوم الذي يشكل بنية الوعي الراكزة العصية على التبديد أو الإخفاء مهما تعالم صاحبها و تذاكى ليقول الشئ و نقيضه ثم يلجأ للمنطق ليسعفه بسفسطات لغوية يدهن بها عيوبه و يظهر بها اتساقاً مصطنعاً بين متناقضات يأبى الواقع إلا أن يكشفها و لكن الليبرالي المزيف لا ينشغل كثيراً بذلك ما دام ضميره الثوري في هشاشة ذاكرته الضعيفة التي تجعله يتورط في قول ما سيحتاج في يوم ما إلى التنكر له . و لعلاء الأسواني أيضاً مقال بعنوان ” كيف تقضي على الثورة في ست خطوات” محذراً من أطماع العسكر في السلطة ، و العسكر يطبقون الخطوات حرفياً و بالإستعانة مع الفاشية الليبرالية و ليس الدينية كما توقع في مقاله ، و هو يرحب و يستخدم قدراته الروائية لصناعة واقع مزيف يبرئ العسكر من التهمة ! و هو ذاته علاء الذي تعود أن يختم مقالاته بشعار “الديمقراطية هي الحل” و أي مقال له بعد الإنقلاب و قبله يشتجر بنصه و روحه مع ذلك الشعار و يلغيه و يروج لنقيضه .
و علاء ليس استثناء بل هو حالة عامة تشمل كل الليبراليين داخل و خارج مصر مع استثناءات قليلة كعمرو حمزاوي مثلاً ، و هذا يكشف أن الليبرالية تذبح على مذبح الرغبات السلطوية لدعاتها ، فما أن يصلوا إلى السلطة – و دائماً بطريقة غير شرعية – حتى يتنكروا لكل ما كانوا يبشرون به . فالليبرالي العربي مهجوس بالقضاء على الآخر أكثر من إهتمامه بتسويق مبادئ ليبراليته المدعاة و هذه ضربة في الصميم لأهم مبادئ لليبرالية . فالآخر عند الليبراليين العرب هو العدو الذي يجوز استخدام كل الأسلحة للقضاء عليه ، و الديمقراطية هي فيلم رعب يهدد طمأنينتهم ، و صندوق الإنتخاب هو صندوق “باندورا” تخرج منه كل الشرور لأن بينهم و بينه جفوة يعلمون أسبابها فلا يعالجونها و إنما ينصرف همهم لكيفية تحييد الصندوق و إخراجه من اللعبة خاصةً و أن الصندوق متهم بمحاباة “الإرهابيين” الذين بينهم و بينه ود دائم . إنقلب العسكر على الصندوق في الجزائر فهللوا بحجة أن هناك شواهد على “إحتمال” ألا يحترم الإسلاميون الديمقراطية الديمقراطية ! فقبلوا بإعدامها الآني و الأكيد تحت جنازير دبابات العسكر خوفاً -بزعمهم- من تهديد محتمل في المستقبل من قبل الفصيل الذي يكسب في ظلها ! . كرروا ذات الشئ في فلسطين حيث أحرجتهم حماس بفوزها الكاسح فتآمروا مع الغرب و حاصروها و خنقوا حكومتها لكي يعود الأمر بوضع اليد إلى محمود عباس . و كرروه في مصر و أصبحوا يهللون لعسكري لم يفعل شئ سوى أنه ألغى كل مترتبات الإنتخابات . و طربوا لبلاغته الركيكة و هو يرسم صورة كاريكاتورية إفتراضية لجماعة صعدت إلى السلطة بسلم الديمقراطية و أخذت السلم معها !! ، ذلك القول المرسل الذي لم تدعمه أي حجة أو شواهد ، و صفقوا طويلاً للعسكري و هو يهشم السلم و يحتكر الأمر حالياً و مستقبلاً و يقول بأن من يتحركون في الساحة الآن لا يفعلون ذلك إلا لعلمهم أنه لم يقل الكلمة الفصل و يعلن ترشحه !!
و ذات الليبراليين الذين هاجموا بضراوة الدول الخليجية التي ناصبت ثورة 25 يناير العداء عادوا و أصبحوا يسبحون بحمدها و بوقوفها و دعمها غير المحدود لهم و ل”ثورتهم” ! و مذابحهم و تكميمهم للأفواه و لسجونهم الممتلئة بالأبرياء و لفلولهم العائدين بقوة للإنتقام . و من هنا يمكننا الإستنتاج دون تعسف في التحليل و الإستنتاج أن الليبراليون لايستطيعون العيش في ظل سيادة أهم مبادئ الليبرالية من ديمقراطية و إنتخابات و تعددية و تداول سلمي و حر للسلطة ، و لذلك سرعان ما يتضجرون من نتائج الديمقراطية و يعودون إلى لعبتهم الأثيرة : التحالف مع العسكر و إقامة نظام قابض يقصي الآخر بكل الوسائل و يجري إنتخابات شكلية يتم التحكم مسبقاً في نتائجها . و هذا يجعل الإسلاميين أقرب لبعض مبادئ الليبرالية من الليبراليين و يجعل الليبراليين الخطر الأكبر و العدو الأول لما ينادون به لأن بضاعتهم لا تروج في ظل ظروف المنافسة التي يخلقها الوفاء الكامل بمطلوبات ليبراليتهم !
ابراهيم عثمان – مكة المكرمة

تعليق واحد

  1. ياابراهيم عثمان يا كوز المصريين ديل خليهم ركز مع ناسك الكيزان هنا في السودان وسيب اللفه الطويله ياكوز.