تحقيقات وتقارير

ترقّب لخطاب تاريخي يحدد انطلاقة الدولة السودانية

[JUSTIFY]ما بين ليلة وضحاها أمسى أقوى رجال الدولة خارج تشكيلة الحكم والفعل السياسي، خمسة أو ستة أو حتّى عشرة، من الممسكين بمقود الحكم والسياسة والمال والعلاقات الخارجيّة أصبحوا أثراً بعد عين.. لربّما مثل هذا وحده تعبير كاف عن جديّة التغيير، بل هو قمة جبل الجليد للقادم، ولربّما كان التغيير المقبل أقسى وأشدّ وطأة حسب توقعات مراقبين.
حزب المؤتمر الوطني ظلّ يتجاوز عن كل المخاطر المترتبة على هذا التجريد القويّ لرجاله وقياداته على حساب تعهداته بإجراء تغيير جذري، وحسب تأكيدات الأيام الماضية فإنّ خطاباً تاريخياً تنتظره الأمة السودانية يحوي كلّ خطوات الإصلاح المقبلة، التي ابتدرتها قيادة الحزب الحاكم أواخر العام الماضي، وترى المصادر إنّ الخطاب ربّما احتوى على دعوة جادة للحوار مع القوى السياسية المعارضة، وكذلك اتفاق على الدستور الدائم، بل والاتفاق حتى على قوانين جديدة لإدارة العمليّة السياسيّة، تفتح أبواب العمل السياسي على مصراعيه.
مصادر الصحيفة أبدت رهبتها الحقيقية من حتّى الحديث حول القادم، باعتبار أنه يمثل مفاجآت من العيار الثقيل، الذي ربّما يؤدّي إلى تغيرات كاملة في الخارطة السياسيّة، لكن جاء الإعلان عن المفاجأة من قبل مولانا أحمد إبراهيم الطاهر رئيس الهيئة التشريعية القوميّة السابق، الذي أماط اللثام عن مفاجأة سيعلن عنها رئيس الجمهوريّة تتعلّق بعملية الإصلاح والحوار المفتوح.
الطاهر كان أكثر واقعية وقبولا بالوضع الراهن حيث أرسل دعوة لكل من تولى منصبا بمواقع الدولة في المركز والولايات لأكثر من عشرة أعوام لأن يتنحّى ويغادر موقعه على الفور. الرجل المحسوب ضمن الكوادر الأكثر قناعة بالتغيير، كان قد أعلن اعتزامه المغادرة قبل فترة طويلة حتى قبل التسونامي الأخير، كما أنّ الطاهر ـ بحسب مراقبين ـ يعدّ دائماً الأكثر حماساً وصاحب قناعة راسخة بأنّ ما يجري هو حقيقي وليس مجرد تزيين لوجه الدولة الذي أصابته التجاعيد وأصبحت المساحيق لا تأتي على زينته الأولى ولو سكبت فيه كل المقادير.
كثير من المراقبين يذهبون إلى أن التغيير كلّما مرّ بمستويات الدولة المختلفة كان ينحرف عن مساره وتصيبه اجتهادات البشر من التحيز لفئة محددة دون الأخرى أو لشلّة ما، وكان قراراه دائماً في مجموعة، وإن اتفقت حول الكثير، فإنّها لا محالة ستختلف أيضاً على البعض، ممّا يخرج التغيير مبتوراً ومشوهاً.
وبحسب ما تنضح به الساحة السياسيّة، وما تذهب إليه رؤى المحللين من مقامات الاستشراف، فإنّ التغيير هذه المرة تمّ بصورة مباشرة من رئيس الجمهوريّة، ووقف على تفاصيله الدقيقة، ما جعل الاختلاف حوله ضئيلاً..
يقول الأستاذ الصحفي محجوب عروة إنّه عطفاً على المؤشّرات الأوّليّة بعد ذهاب الحرس القديم الذين يمثلون صقور الإنقاذ أصبح الطريق معبدا لإجراء التغييرات على كل المستويات، بما فيها سياسات الدولة وتوجهاتها، ورأى أنّهم – الصقور- كانوا يمثلون عقبة أمام التحول الديمقراطي مؤكداً أنّ الرغبة حالياً متوفرة أكثر.
وحول توقعاته بالقادم يرى عروة في حديثه لـ(اليوم التالي) أن الرئيس البشير ربّما يعتزم الكشف عن خارطة طريق لصالح الوفاق الوطني، يتوّج بها الإجراءات الأخيرة التي تمّ بموجبها ذهاب الحرس القديم، ليتسنّم “الجيل الرابع” نسخة “الجمهورية الرابعة” للإنقاذ، مشيراً إلى أنّ المفاجأة التي سيعلنها البشير ستنحصر -ربّما- في إطار تكوين حكومة وطنيّة من الكفاءات، وتمثل فيها الأحزاب بصورة رمزيّة لفترة ثلاث سنوات، تعمل على إعادة البناء وتحقيق السلام.
ويقطع الكاتب الصحفي عروة بأنّ المناخ الآن مواتٍ للالتقاء حول الوطن، وأنّ رغبة الحكومة الحالية أفضل، وتملك إرادة حقيقية، وأنّ الجيل الصاعد الآن أكثر انفتاحاً ورغبة في التحوّل والوفاق الوطني، مضيفاً بالقول: “أنا أعرف البعض منهم وسمعت من آخرين بأن جيل الحكومة الحالي الذي يمثله إبراهيم غندور وحسبو محمد عبد الرحمن وبقية الشباب هم من أصحاب السمعة الطيبة والكفاءة”.
في خضم موجة التكهّنات والمنتظر من خطاب الإصلاح، وفي ظلّ أجواء الترقّب والتحفّز الجماهيري، تذهب مصادر أخرى استنطقناها إلى ترجيح القول بأنّ رئيس الجمهورية رئيس المؤتمر الوطني المشير عمر البشير لربّما انتوى الترشح في مقاعد الشخصيات القومية المستقلة في الانتخابات القادمة، ويرون أن خطوة من هذه الشاكلة لربّما تكون بمثابة تغيير حقيقي من شأنه أن ينقل البلاد من دولة الحزب إلى دولة التراضي الوطني، التي (تمكّن) الجميع من التنافس الشريف

حسن محمد على: صحيفة اليوم التالي [/JUSTIFY]

‫4 تعليقات