تحقيقات وتقارير

الدوحة .. هل لسائـل فـرج أم يحسـن الـرد؟

[ALIGN=JUSTIFY]ولما لم يعد السكوت على أزمة دارفور ممكنا ، تداعى الجميع على قصعة المبادرات ، كل ينفق مما عنده ، الى ان توّج القطريون جهود العالم ، بعد سهر وأرق ، في جمع الفريقين الاكثر لياقة بدنية في ملعب الدوحة الدولي بمبادرة نجحت في وضع الكرة في المرمى ، ليتقافز البعض فرحا ، في انتظار الصافرة الاخيرة ليمرح طربا ، الا ان البعض سارع بالقول ان الهدف نتج من تسلل واضح متهما الحكام الاربعة بالانحياز ، وشكك البعض الاخير في صلاحية الملعب مطالبا بـ « نجيلة » جديدة لان الحالية غير صالحة البتة.
وبالقراءة العجلى يبدو ان مفاوضات الدوحة تواجه عقبتين في طريقها ، اولاهما ، اذ تتهم انها حوار بين الإسلاميين المتفاصلين ذات رمضان ، وثانيتهما الثنائية التي تتسربل بها .
ففي الاولى ، اقذع خصومها في وصف هذه المفاوضات ، حدّ انهم ابعدوا عنها صلة القربى بدارفور « ام الأزمة وأبوها » واجروا عليها بيت الشعر «فلئن قفوت جميـل فعلهـم .. بذميـم فعلـي إننـي وغـد »، والوغد هو مجهول الاب في عرف دوقلة المنبجي صاحب القصيدة اليتيمة التي يقول فيها « ليكن لديـك لسائـل فـرج .. وان لم يكن فليحسـن الـرد » ، فقد قال رئيس «حركة تحرير السودان» مني اركو مناوي انها عملية ترميم و«سمكرة» لما حدث للجبهة القومية الإسلامية، واعلنت «حركة /جيش تحرير السودان» رفضها التام للمبادرة العربية، وقالت ان قطر جيرتها لخدمة أجندة الإسلاميين في السودان لحماية تجربة الإسلاميين الفاشلة في السودان من الانهيار على حساب قضية السودان في دارفور ، وقال رئيس «حركة تحرير السودان» عبد الواحد محمد نور ان الإسلاميين يريدون ان يتصالحوا عبر بوابة دارفور، مؤكدا ان « الف اتفاقية في الورق لا تغير شئ » . الا ان هناك من يذهب الى ان طبيعة الصراع في دارفور وطبيعة القضايا التي ستتناولها المفاوضات وطبيعة الوضع الدولي تجعل هذه المفاوضات صورة مختلفة تمام الاختلاف عن سجال وصراع الإسلاميين ، ويشير متابع لمجريات ما يحدث الى ما ذكره الدكتور حسن الترابي من ان خليل لم يكن يقاتل في الجنوب من اجله « واختلف الناس في تلك المقولة لكنه ربما يصدق القول ان خليل لا يفاوض باسمه هذه المرة ».. ولكن الناطق الرسمي باسم «حركة /جيش تحرير السودان» عصام الحاج اكد في بيان له امس الاول ان حركته تعتبر أن مفاوضات الدوحة لا تخرج عن كونها عملية مصالحة بين الإسلاميين في السودان، وذهب الحاج الى المطالبة بتغيير موقع التفاوض لعدم استيفاء دولة قطر وبعض الدول العربية والأفريقية لمعايير الدول المؤهلة للوساطة، الا ان البرلماني والقيادي بالمؤتمر الوطني الدكتور فاروق أحمد آدم يستبعد هذا التفكير جملة وتفصيلا قائلا في حديثه لـ « الصحافة » عبر الهاتف امس ان موضوع الحوار بين الإسلاميين امر له موجباته ومقتضياته ومطلوباته وآلياته « ولا احسب ان منبر الدوحة سيستوعبها بأي حال من الاحوال » ، مشيرا الى ان قضية دارفور « فرزت عيشتها » ولا يمكن ان تكون حصان طروادة، مضيفا « اي جهة تحاول استغلال قضية دارفور لاجندتها الخاصة لا يكون مصيرها الا البوار» ، وايضا يرفض الدكتور آدم محمد أحمد عبد الله ـ نائب عميد كلية العلوم السياسية فى جامعة الزعيم الازهري القول بأن مفاوضات الدوحة تصالح إسلاميين لكونه غير واقعي، « لان خليل ترك الإسلاميين والإسلاميون في المؤتمر الوطني انفسهم لم يعودوا هم الإسلاميون بالشعارات القديمة » .
اما العقبة الثانية ، فمن جهة الطرفين المشاركين في المفاوضات فان الثنائية التي تسم جولة المفاوضات لا ضير فيها بل انهما يعولان عليها كثيرا في حل الأزمة فقد أعلنت الحكومة وحركة العدل والمساواة في فاتحة اشغال التفاوض امس الاول التزامهما بالسعي الجاد لتحقيق السلام والاستقرار بدارفور، واعلنتا انهما تدخلان مباحثات الدوحة بقلوب مفتوحة وعزيمة وإرادة قويتين للتوصل الي حل جذري للأزمة، فقط هناك من يؤيد هذه الثنائية ويرى بعض ممن توجهت اليهم «الصحافة» بالسؤال عنها، ان الثنائية كثيرا ما يشار اليها بأنها منقصة للاتفاق او السلام الذي هو معني باطراف عديدة واوضاع معقدة، محددا وجه الفائدة في ان يتعلم خريجو مدرسة الحركة الإسلامية بشقيها – حينما يلبسون اقنعة الحكم او رداء الحركات المسلحة الاثنية – ان يجلسوا الى طاولة المفاوضات والى فضيلة حل النزاع بالحسنى ، مضيفا « لو خرجنا من هذه المفاوضات بهذه القيمة لكفتنا » الا ان آخرين يقدرون انه وبغض النظر عن النهايات التي ستنتهي اليها الدوحة فهي تجربة سيئة او محاولة سيئة في فرض التفاوض الثنائي رغم سوء دروس التجارب السابقة في مثل هذا النوع من التفاوض، خاصة ان كل التجارب السابقة لم تنجح ولم تقد اي تجربة منها الى تغيير جوهري في تجربة الحكم لا في منهجه ولا في سلوكه، بل ظلت على كثرتها كروتا تتلاعب بها الحكومة باستخدام كل اتفاق ضد الاتفاق الآخر وبهذا تكون قد حافظت على اوضاعها وهمشت الاتفاق والمتفق معه الى هامش الحياة السياسية.
من جهته يدفع الدكتور مطرف صديق وكيل وزارة الخارجية عن الحكومة سعيها لحوار ثنائي، ويقول لقناة الجزيرة مساء الاول من امس ان الدعوة التي وصلت من الحكومة القطرية والوسيط المشترك للامم المتحدة والاتحاد الافريقي دعوة شاملة للجميع ولم تقتصر على «حركة العدل والمساواة» ولم تستثن الحركات الاخري مثل حركة عبدالواحد او «حركة تحرير السودان – الوحدة» ، مؤكدا انهم كلهم دعوا لهذه المفاوضات لكن «حركة العدل والمساواة» هي التي لبت الدعوة وابدت استعدادا للمجئ للدوحة لبدء التفاوض حول الاتفاق الاطاري وبالتالي المجال مفتوح لكل من يرغب ان يأتي الي صف السلام، مشددا على ان الحكومة لن تشترط ان تأتي فقط «حركة العدل والمساواة»، ولكن الدكتور ادم محمد أحمد يحذر من ان الثنائية الحالية يمكن ان تكرر مسلسل ابوجا « وستكون هذه غلطة ثانية كبيرة من الحكومة في حق دارفور وفي حق نفسها» ، داعيا الوسطاء الدوليين ان لا يسمحوا لغلطة مثل هذه ان تقع، فدون وصول كل الحركات الحية الى ساحة المفاوضات الى اتفاق سيتمخض عن هذه المفاوضات تكرار لمهزلة ابوجا، مضيفا « وعلى الحكومة ان لا توقع مع خليل باعتباره اقوى حركة لأن الناس سيخرجون من خليل مثلما خرجوا من مناوي وسينضمون الى حركات اخرى وتصبح هي الاقوى».
ومن جانبه، يقول الدكتور فاروق، ان الامر يتطلب امعان النظر في اخفاقات تجربة نيفاشا وابوجا حتى يتسنى تجاوز الكثير من العقبات خاصة ان التجربة قد دلت ان الحوار الذي لا يضم كل الحركات لا يحقق السلام وان المفاوضات التي لا تستصحب رؤية اهل دارفور جميعا مصيرها الفشل ، خالصا الى ان هذا اللقاء بين وفد الحكومة و«حركة العدل والمساواة» مجرد بداية لماراثون طويل وشاق ينبغي ان يسعى لضم جميع الفرقاء في دارفور سواء كانوا حملة سلاح غير موقعين او موقعين ومجتمع دارفور بمكوناته المختلفة، وفي الاتجاه ذاته يذهب رئيس تحرير صحيفة اخبار اليوم أحمد البلال الطيب في نقطة نظامه امس الاول ويحذر من ان لا يتحول الامر ليصير كقطعة «البطانية» البالية القصيرة في ليل شتاء قارس البرد اذا قمت بتغطية الرأس انكشفت الارجل واذا فعلت العكس حدث العكس… مشددا على انه لا يعقل ان نكسب حركة العدل ونفقد حركة مناوي التي وقعت او حركة عبدالواحد او بقية الحركات المؤثرة… لاننا اذا تجاوزنا حركة واحدة فسنعود للمربع الاول فلا بد من مفاوضات جادة تشمل الجميع وتنال الحد الادنى من رضاء الجميع ودون ذلك على الوطن .. السلام.. وعلى استقرار السودان.. السلام.. وعلى وحدة السودان.. السلام..
التقي محمد عثمان :الصحافة
[/ALIGN]

تعليق واحد

  1. فلسفة في الفاضي الوطن هو الغالي فلا تفرطوا فيه حيث لات ساعة مندم واتقوا الله.