تحقيقات وتقارير

بيع مصانع السُّكر.. قصص لم تروَ ولا حكت ولا بقت

[JUSTIFY]الحلقة الأخيرة: بالأمس وضعنا النقاط على الحروف، وكشفنا كيف يفكر البعض الذين اختصروا الدنيا في جيوبهم بعيداً عن مصلحة الوطن والمواطن المغلوب على أمره.. ولكن الله كان كفيل بهم، وها هم الآن«عطالى» لم يتركوا ما يُحزن الناس لذهابهم من الوزارة، بل العكس.
فلقد سادت فرحة عارمة في بعض الوزارات لذهاب الوزير حيث لم تُقم لهم حفلات الوداع كتلك التي أقامها موظفو وزارة المعادن الذين ذرفوا الدمع على الوزير كمال عبداللطيف، وأنا كنت حاضراً وذرفت الدمع معهم ليس حزناً على كمال عبداللطيف «وزير السماء»، ولكن مؤازرة للموظفين الذين أحبوا كمال في إنجازاته ومهاراته وشخصه وتواضعه ونقائه.
بعد العرض المهين الذي قدمته شركة سيفتال، وفشل في مرحلة العرض والتفاوض والبالغ عشرة ملايين دولار لشراء مصانع السكر الحكومية الأربعة، إضافة لمبنى رئاسة الشركة في الخرطوم ومحطة أبحاث الجنيد ومركز التدريب في سنار والمسبك المركزي ومحطة تصدير المولاص في بورتسودان والتي تقدر قيمتها بـ 1.2 مليار دولار، كان من المفترض أن يستحوا على أنفسهم ويروحوا..
لكن واضح أن لديهم بقية أمل، وغالباً بسبب الوعود التي قطعت لهم من الذين أكدوا لهم أن الموضوع في اليد وتحت السيطرة. وبالطبع تضعضعت مصداقيتهم عالمياً بعد تصريحاتهم المتبجحة التي أطلقوها في سوق السكر العالمي بأنهم اشتروا كل حصص حكومة السودان في مصانع السكر العاملة، وأنهم سيقومون بتصدير كل إنتاج السكر من السودان للاتحاد الأوروبي، واستيراد سكر مكرر من مصفاتهم في الجزائر للسوق السوداني. وكل ذلك لحلب مزيد من الأرباح. أما الشعب السوداني المغلوب فأية حاجة تقضي؟!!
مالك شركة سيفتال جاء مسرعاً للسودان لتدارك الموقف ودخل في اجتماعات مع الثلاثي المسؤول، ولك أن تتخيل ما كان يجري ويتبادل لتطييب خاطر الرجل الكبير؟!!
تبلورت العبقرية لإسعاد الراجل في مقترح بديل تدخل عبره سيفتال لمصانع السكر الحكومية من الباب الخلفي!!
المقترح البديل كذلك مضحك لكن «سيد الرايحة يفتش خشم البقرة» والمقترح المقدم هو إيجار مصنعي سكر سنار وحلفا لشركة سيفتال؟!! طبعاً كبداية وبعدين الباقيات!
كالعادة نقل المقترح إلى اللجنة الفنية للتخلص من مرافق القطاع العام لتقوم بدورها الذي تتقنه «تيس مستعار»؟! والتي قامت بتحويل مذكرة شركة سيفتال الغامضة حول الإيجار لإدارة شركة السكر السودانية «، بالطبع لجس النبض» وذلك في سبتمبر 2013..م.
شركة السكر ردت على مذكرة سيفتال بتفصيل وموضوعية فندت فيها أسس المقترح واعتبرته ضحك على الدقون لأن شركة سيفتال ببساطة تريد إدارة المصنعين دون التزام منها بأي صرف رأسمالي أو اجتماعي وتسدد للحكومة 30% من الأرباح وتبلع 70% من الأرباح؟!
طبعاً لا يمكن لعقل أن يصدق مثل هذا الهبل والاستعباط، لكن والله هذا ما حصل؟!!
لكن شركة سيفتال لم ترضَ برفض شركة السكر السودانية لمقترح الإجارة وكيف لها أن ترضى وهي تحت حماية أقوى ثلاثة وزراء ومن خلفهم رابع في الحكومة؟!!
الوقت قارب شهر نوفمبر 2013م وارهاصات التعديل الوزاري تملأ الأجواء فلابد من تحرك سريع مع سيفتال لتمكينهم من مصانع السكر والتي أصبحت على غير المخطط عقبة؟!
وبالفعل أصدر وزير المالية في نوفمبر 2013م قراراً وزارياً بتشكيل لجنة فنية برئاسته شخصياً لدراسة العرض المقدم من شركة سيفتال لإيجار مصانع شركة السكر السودانية (سنار وحلفا) حدد قرار وزير المالية مدة عشرة أيام لفراغ اللجنة من عملها وهو دراسة العرض والإشراف التام على إجراءات إيجار مصانع السكر بعد الاتفاق عليها ومراجعة العقودات المبرمة من قبل المستشار القانوني وأية مهام أخرى تطرأ يحددها الوزير.
كما هو واضح من مهام اللجنة أن الوزير حدد نتيجة الدراسة مقدماً وعلى اللجنة وضع الترتيبات فقط!
اللجنة بالطبع احتارت في العرض لأن إيجار مصانع عاملة وفي خضم موسم إنتاجها لا يمكن أن تجد له أسساً أو صيغة، وكذلك التنازل عن 70% من الأرباح دون مقابل يظل أمراً صعب القبول؟!!
اللجنة لم تتوصل لشيء وأعدت تقريراً عن مسار عملها لأن الضغوط عليها كانت مخيفة، خاصة وأن أغلب أعضائها موظفين فكيف يعصون للوزير أمراً وبيده كل شيء؟!!
مع تصاعد وتيرة ارهاصات التغيير الوزاري كان لابد من الإسراع بحسم موضوع الإيجار لأن مآل الأمور غير معروف في التشكيل الجديد!!!
عبد الحليم المتعافي أعد الترتيب لاجتماع نهائي لحسم قرار الإيجار دون انتظار صديقه رئيس اللجنة ووزير المالية الذي كان في رحلة خارجية مع شخصية سيادية ما كان ليفوتها أن وراء العجلة هذه مصيبة؟!!
للحق والتاريخ وقف وزير الدولة بالمالية ورئيس مجلس إدارة شركة السكر السودانية بالإنابة السيد/ مجدي يس موقفاً تاريخياً رافضاً هذه المسخرة مستغرباً كيف يتم النظر في موضوع بهذه الأهمية ومجلس إدارة شركة السكر السودانية لم يُخطر ولا علم له بهذا الموضوع؟!! كما أن مقترح الإيجار المقدم من سيفتال لا يمكن أن يُطبق على الأرض كما أنه استعباط وكأن السودان بالنسبة لهم غنيمة يمكن الاستحواذ عليها بالمجان؟!!
هذا الموقف الحازم الرافض أوقف مهزلة الإيجار وجاء الفرج الإلهي بالتعديل الوزاري الذي أسدل الستار على فترة مظلمة من تاريخنا الاقتصادي.
معالي وزير الصناعة السميح الصديق، وبعد توليه منصبه أعلنها داوية مصانع السكر السودانية ليست للبيع أو الإيجار.. والحمد لله..
بعد أن انقشع غبار هذه المعارك الحامية، ما هي الدروس المستفادة حتى لا نخوض ثانية في مثل هذا المستنقع؟!
أولاً: اللجنة الفنية للتخلص من مرافق القطاع العام:
هي سكرتارية أنشئت في فترة الخصخصة لمساعدة اللجنة الوزارية العليا للتحضير لاجتماعات الخصخصة..
أي تنظيم كما هو متعارف إدارياً ينشأ ليبقى، وهكذا سعت السكرتارية بشتى السبل لتكون لجنة دائمة، وبالطبع العربات والمخصصات والهيكل المترهل والضعف الفني!
اللجنة لها «فاولات» مشـهورة في موضوع الاستخصاص، وبـدأت تمـارس دور اللجنة الوزارية العليا وبالطبع لتمارس عملها لابد لها من التخلص من مرفق «بالصح أو الكضب» وإلا ظهرت بمظهر المتعطلة..
حقيقة لا أدري سر العداء للقطاع العام ومن قال إن الاستخصاص هو الطريق الوحيد؟!
لماذا لا نعترف أن لدينا نماذج من قطاع عام فعال ومنتج مثل قطاع السكر؟! هل في ذلك انتقاص لدور اللجنة؟!
أنظر لدولة الإمارات في دبي وأبوظبي كل النهضة التي تشهدها قامت بها شركات حكومية؟! وكذلك في أمريكا وانجلترا أسياد القطاع الخاص لا زال القطاع العام فاعلاً؟!
لماذا لا نعطي القطاع العام الفعال فرصة؟!
سيدي الرئيس.. أرجو التوجيه بالتخلص من اللجنة الفنية للتخلص من مرافق القطاع العام؟!!
من الآن فصاعداً إذا أردنا التحويل الجزئي أو الكلي من قطاع عام لقطاع خاص، فليتم ذلك عبر مجالس إدارات الشركات المستهدفة فقط وعن طريق تحويلها لشركة مساهمة عامة تطرح اسـهمها لجموع الشعب السوداني فقط فهم الأحق والأفضل والأولى بتطوير بلدهم ولن ينهض وطن بغير سواعد بنيه..
الآلية المطلوبة للتنفيذ ليس اللجنة، بل بنك استثمار يقوم بتقييم أسعار الأسهم وسوق الخرطوم للأوراق المالية يقوم بالطرح..
ثانياً: لماذا لا يذهب المستثمرون الأجانب عبر قنوات الاستثمار المحددة وما سر تكالب وزراءنا الاتحاديون على موضوع الاستثمار ولماذا يقابل المستثمرون الوزراء؟!!
لا يوجد مكان في الدنيا يقابل فيه المستثمرون الوزراء إلا في السودان!
أوقفوا هذا الهرج حتى يستعيد السودان هيبته!!
ثالثاً: علينا الإيمان بقدراتنا الذاتية لبناء بلدنا..
علينا إعطاء الفرصة الأولى والمزايا والتمويل للقطاع الخاص السوداني..
علينا مساعدته لإثبات ذاته.
رابعاً: قطاع السكر السـوداني هو القطاع القائد والرائد لاقتصادنا وهو الأسبقية القصوى في التنمية، وهو خط أحمر وممنوع الاقتراب أو التصوير.
خامساً: بعد فك التسجيلات الوزارية بدأت تظهر على السطح الشركات والوكالات التي كانت تحت تحت؟!!
نحن الآن في انتظار ظهور وكيـل سيفتال في السـودان خاصة وأنها لا زالت موجودة وتحلم بالوصال؟!

بقلم: يوسف سيد أحمد خليفة: صحيفة الوطن[/JUSTIFY]

‫3 تعليقات

  1. الحرامي المستوزر تكسروا ليها تلج
    اول ما يفقد الوزارة طاخ على راسو وهاك يا تكسير للوزير الجديد
    كالعاهرة كل يوم في حضن جديد

  2. ربنا يبارك لكل حادب على مصلحة السودان .. ويعمر بالبركة حياة كل فاضح لامثال هولاء ..

    ولعنة الله على كل خسيس .. فكر مجرد تفكير في بيع الوطن والمواطن باى شكل ولاى سبب ..

    وقريب هو (( يوم لاينفع مال ولا بنون .. الا من اتى الله بقلب سليم ))

  3. كلامك معقول وبالتالى على الدوله بان تشجع القطاع الخاص والمواطن السودانى فى الدخول باسهم والمغتربين فى ذلك القطاع للنهوض بلاقتصاد العام والخاص ونحن فى حوجه لذلك وامل بان قطاع السكر وكل القطاعات الاخرى تجد الاهتمام من الوزراء الجدد واى مستثمر يجب ان يذهب مباشرة الى ادارة الاستثمار وهى الجهة التى تملك الحقائق وامعلومات عن كل الانشطة التى تؤهل المستثمر بالبدء فيها ودراستها وليس وزير المالية والزراعه الخ واكيد حتصب ضد مصلحة المواطن ؟ الباب مفتوح لماذا يتدخل هؤلاء وحرام تلك الطرق الملويه والحمد لله للتغير الذى جاء ونسال الله التوفيق والرشاد ومخافة الله فى حق الوطن والمواطن والله المستعان