منى سلمان

أبو الدقيق

[ALIGN=CENTER]أبو الدقيق !![/ALIGN] للتعبير عن ضيق خلق وسرعة غضب أحدهم نقول (أخلاقو في راس نخرتو) ، ونقول عن الذي يكثر من استخدام يديه في الضرب العشوائي (يدو طرشة)، رغم براءة الطرش من فوران دم الزهجانين، و لكن عندما نصف سريع الانفعال والغضب بـ (أبو الدقيق)، نكون قد ظلمنا ذلك الكائن الرقيق الاطْقش، الحائر في هويته .. هل هو فراشة (مخُولقة) أم مجرد أبو الدُنّان (متِْْفورش .. عامل فيها فراشة)؟!
تزدحم عاميتنا باوصاف لطيفة تعبر عن الطباع، حيث نميل نحن النسوة بالذات – لتعريف الرجل السوداني بأنه (زول زهجي)، وان كنا نحاول تلطيف تلك الحقيقة بالباسها لباس الـ (شكر) فنقول أن الرجل السوداني (حمش) و(قلبو حار) و(ما برضى الحقارة) … وغيرها من المحسنات البديعية والاوصاف الكمالية التي نمن بها على حضرة جناب (الزول) ليس من باب الخوف منه، ولكن .. أهو بس نبلبص ليهو ساكت تعبّا للأجر!
استحق (شفيق) لقب (أبو الدقيق) عن جدارة بسبب طبعه الانفعالي الغضوب، فقد انطبقت عليه كل مواصفات الزهج بـ (حزافيرا) .. فهو من ذوي الطبع (الزعول) لدرجة قف تأمل .. قاعد على الهبشة، وعلى كامل الاستعداد لـ يتشاكل مع ضلّو في حالة عدم وجود من يشاكلو .. لذلك كان جميع معارفه يتحاشون التعرض لنوبات زعله الشديد ما استطاعوا لذلك سبيلا، فكم سدد بقبضته الصماء بونيه لفك كمساري مسكين لمجرد أنه قد ماطل شوية في رد الباقي، أما عندما اختلف مع (دفع الله الخضرجي) على حقه الدستوري في (العزّيل) ونسبة السالمة إلى المفجخة في كيلو الطمام الذي اشتراه منه .. تطايرت الطماطمايات حتى لحقت رؤوس نسوة الحي المتكأكات على طاولة الجزارة المجاورة.
رغم صفاته السابقة حاز (شفيق أبو الدقيق) على رضا نسابته الجداد عندما تقدم لخطبة ابنتهم (سماح)، لعلمهم بطيبة القلب وصفاء النية التي تختفي خلف انفعاليته، ومع اقترب موعد الزواج، اتفق مع عروسه على اصطحابها في الامسيات لشراء مستلزمات (الشيلة) من (سعد قشرة) .. ولكن بعد بضعة زيارات ذاع صيته وعمّ السوق، فقد اشتبك مع ثلاثة ارباع اصحاب الدكاكين واربعة اخماس اصحاب الطبالي .. فما أن ينادي عليهم أحد الباعة لمعاينة بضاعته، حتى يندفع إليه (شفيق) قائلا:
يعني أنحنا عمايا ما بنشوف؟ لو عايزين منك حاجة مش كنا جيناك عديل وللا دي حركات صلبطة؟
وسرعان ما تطير الشمطّة حتى يتدخل الحجّازون لفض الاشتباك، لذلك تجنبه أهل السوق بعدا عن شرّه بعقلانية لم تكن من صفات (عبدو الدرويش)، فقد كان مجرد شاب بسيط العقل أو مجذوب يمضى نهاره متنقلا بين دكاكين السوق، يقضى حوائج تجاره مقابل الفيها النصيب من لقمة أو نقود.
بعد غروب الشمس بقليل توقفت سيارة (شفيق) أمام السوق ونزلت منها (سماح) برفقة اثنين من صديقاتها .. تقدمت خطواتهن عبر الممر الرئيسي بينما تأخر (شفيق) لاحكام اغلاق نوافذ وابواب السيارة ثم أسرع ليلحق بهن، وحينها تقدم منهن (عبدو) آملا في نفحة بقشيش .. سار خلفهن وهو يلحف في السؤال دون أن يفهم السبب في تجاهلهن له واسراعهن في المشي حتى أحس بنفسه يطير في الفضاء عاليا ويضرب الدلجة .. في ثواني تجمع المارة وبعد جهد تمكنوا من تخليص عنق (عبدو) من بين يدي (شفيق) وترددت شفاعاتهم (يا زول صلي على النبي .. الزول ده زول الله ساي).
استقام (شفيق) واقفا ونفض يديه من التراب الذي علق بها جراء بركته على الأرض فوق صدر (عبدو)، وقبل أن يبتعد بصحبة رفيقاته المرعوبات التفت فجأة وعاد إلى حيث ترك (عبدو) ملقيا على الأرض .. انحنى عليه مرة أخرى فعاد الحجازون مسرعين ليفرقوا بينهما من جديد .. لكنه اكتفى بنزع طاقيته من بين يدي (عبدو) والذي كان قد تشبث بها قبل أن يسقط .. نفضها بقوة واحكم وضعها على رأسه ثم طقطق رقبته والتفت لرفيقاته وقال في حزم:
أمشن قدامي ما وراكن غير المشاكل !!

لطائف – صحيفة حكايات
munasalman2@yahoo.com

‫10 تعليقات

  1. عيدك سعيد يا استاذه لكن حماقته ما بتحصل زولنا عازمنه غداء وضابحين ليه جماعه في الونسه زعل منهم جابوا الغداء قالوا ليه انزل اتغداء قال لا ما عايز انا سافي

  2. غايتو انا لوفي محل سماح المسكينة دي مابعرس شفيق ده لويبقى اخر راجل مسكينة والله سماح

  3. كل سنة وانتى طيبة يا اخت منى والسنة الجاية فى بيتك مع من تتمنينه زوجا لك ابعدى من صنف ناس شفيق ديل هو كان شفيق ولا غيرو مافى رجال الزمن دا وسماح دى من حسع بضمن ليها الجنة وامكن ربنا اكتب ليه الهدايا على ايدا بينى وبينك تكون حياة العزوبية عملت فيه كدا:mad:

  4. شكرا ليك كتير يا استاذة/ مني للقصة الرائعة
    كنت مفتكر تسمية ابو الدقيق دي للزول العنيد والمكااااااااااار شديد
    لاني ايام الجامعة عندنا زميلنا اسمو ابو القيق لانو عنيد وعدو نفسو مرات بكون عيان ما يرتاح ولا يأخد العلاج ومتذكر مرة هو تعبان وعيان شديد و ما قادر يمش قلنا ليهو امش المستشفي رفض خشي المحاضرة وقع مغمي علية وديناهو الكلينك رفض العلاج

  5. الاستاذة منى
    القصة جميلة بحق،،،،،،،، لكن ابتهاج دى لو سمعا (سيد الاسم) الا يسوى فيها سواة شفيق فى عبده الدرويش
    مع تحياتى

  6. هل تصدقى يامنى اول مرة اعرف انك مامتزوجة 😎 😎 😎 ايه رايك ؟
    بس انا احسن من شفيق دا (هو من اسمو كمان حلبى )

  7. ربما لأنني كنت في عجلة من أمري فأعيد الحديث مرة أخرى مع إضافة بعد التعديلات عليه :
    استغرب غاية الغرابة أن يكون تفسير الاستاذة منى لمصطلح (أبو الدقيق) بهذا المعنى المختلف تماما عن المعني الحقيقي ..؟؟!!! فالذي أعرفه وهو شائع عند من ألفو استخدام هذا المصطلح وشاع استخدامهم له في فترة الثمانينيات من القرن المنصرم عن استخدام تعبير ابو الدقيق واطلاقه إنما يكون للشخص الأحمق ويقال: (فلان أحمق من أبو الدقيق) والقرينة التي تربط فلان بصفة أبو الدقيق هي الحماقة .. لأن أبو الدقيق يهيم على وجهه دون أن يميز المخاطر التي ربما تودي بحياته وتوقعه في المهالك فتارة يعلق جناحه بشوكه في شجرة وتارة أخرى يقع في النار التي يأتي اليها بشغف مثل معظم الحشرات التي تحب ا لضوء والنور … فيكون هلاكه في النار او اللهبة المضيئة… فأرجو أن يتوخى الكتاب بصفة عامة وكاتبتنا منى بصفة خاصة في التحري والدقة قبل اطلاق الأوصاف والصفات سيما تلك التي ترتبط بأمثال وحكم … فإما أن أكون أحمق من أبو الدقيق إذا أخطأت في نقدي هذا أو استاذتنا منى هي الأحمق من أبو الدقيق حينما بدلت صفة الحماقة المعروفة فيه بصفة الغضب والانفعال التي ليست فيه… لابد من التفريق بين ا لغضب والانفعال وبين الحماقة .. لأن الفرق بينهما كبير 😉

  8. كل عام وانت بالف خير استاذه مني كنا منتظرين بدع العيد واخبار عمنا الخروف والجماعه قعدو ليهو لمده 10 ايام الله يكون في عونو

  9. كل سنه وانت طيبه اخت/منى وربنا يخلى ليك سيد الاسم واولاده ويمتعنا جميعا بالصحة والعافية اااااامين وناس الدقيق ربنا يحفظنا منهم ساااكت وقاعدين على الهبشه زى الرباطابى العندو لورى اتقلب وجا واحد من الحناكشين ساله لوريك ده انقلب ياعموووو ؟فردالرباطابى قال ليه تكيتو اسنقر فى ضلو

  10. الاستاذه /منى ،، رجينا منك بعد عودة العيد اعاده الله عليك بالخير والبركه ان تتحفينا بشى من وعن لمات العيد ومافى العيد من كثير وشى كده يعنى يزكرنا ويرجعنا لبلدنا وحكاوى بلدنا كما اعتدنا فى مقالاتك وكوصف صديق لمقالاتك ( بونسه حبوباتيه ) ويحرص على ان يقراها لبناته هنا ( مع شوية ترجمه ) لترسيخ المفردات السودانيه الحلوه والحكاوى الجميله املا فى سودنتهن وابعادهن عن محيط ( الحنكوشات ) وحته اخيره نوع موضوع ابوالدقيق دا بجيب ليك الهوى والفى نفسه هوى بيطلعك سماح والله يصبر سيد الاسم ويسعده ويهنيه بيك يقدر اسعادك للكثيرين داخل وخارج السودان بمقالاتك وروعة اسلوبك ودمتى