رأي ومقالات

خالد حسن كسلا : على هامش لقاء البشير وكارتر «1 ــ 2»

[JUSTIFY]بعد انتهاء دورة فورد الرئاسية التي لم تزد على عامين فقط وكان ممثلاً للحزب الجمهوري انتخب الحزب الديمقراطي واختار جيمى كارتر ليكون مرشحه في انتخابات رئاسة الجمهورية في عام 1976م وقدم كارتر اطروحة مكتوبة بعنوان لماذا لا ننشد الأفضل؟ وكان هذا العنوان شعاراً لحملته الانتخابية وفاز وأضحى رئيساً للولايات المتحدة الأمريكية.

وفي أخريات أيام دورته تلك وقرب موعد الانتخابات التالية غامر وحاول اختطاف وانقاذ بعض الرهائن الأمريكيين الذين كانوا محتجزين باحد المعتقلات بطهران عاصمة ايران وباءت محاولته بالفشل الذريع وكانت تلك من أسباب فشله في الانتخابات الرئاسية في الدورة الثانية وفاز عليه في عام 1980م الرئيس ريغان مرشح الحزب الجمهوري.

وعاد الرئيس كارتر لمقره بولاية جورجيا وانصرف لزراعة الفول ولأعماله الخاصة الأخرى وأقام مركز كارتر متعدد المناشط والأغراض وكتب مذكراته عن فترة رئاسته وأدى أدواراً هامة ممثلاً لوطنه وساهم في حل كثير من النزاعات في الخارج وأضحى حكيماً يشار إليه بالبنان واكتسب وهو خارج السلطة احتراماً وشعبية أكبر وسط الشعب الامريكي ولسان حاله يردد «ليس بالرئاسة والسلطة وحدها يعيش الإنسان» وزار كارتر السودان عدة مرات في مختلف نظم حكمه وساهم مركز كارتر في محاربة دودة الفرنديد بجنوب السودان.

وكان مركزه من المراقبين للانتخابات الفائتة التي أجريت في عام 2010 م وقدم تقريراً عنها. وإن الدرس الذي ينبغي الاستفادة منه هنا في السودان هو أن الرئيس الأمريكي الأسبق كارتر وغيره من الرؤساء الأمريكان السابقين ينصرفون لممارسة حياتهم العادية الخاصة ويكتب كلٌّ منهم مذكراته التي تدر عليه أمولاً طائلة ويقدم محاضرات في بعض الجامعات ويمكن أن يساند غيره من مرشحي حزبه في أي انتخابات قادمة ولكنه شخصياً لا يكون له نشاط لدور سياسي مستقبلي يعمل من أجله، وينسحب هذا على كل الوزراء السابقين إذ ينصرف كلٌّ منهم بعد تخليه عن موقعه الوزاري لمواصلة عمله في مهنته السابقة أو مباشرة أي عمل آخر وعلى سبيل المثال فإن دكتور هنري كيسنجر مستشار الأمن القومي ووزير الخارجية الأشهر عاد منذ أكثر من سبعة وثلاثين عاماً لموقعه السابق كأستاذ متميز للعلاقات الدولية بجامعة هارفارد وعكف على بحوثه ودراساته ومقالاته التي يقدمها عبر بعض المراكز البحثية المتخصصة، أما هنا فالوضع مختلف تماماً إذ أن البعض إذا فقدوا مواقعهم الدستورية الوزارية أو غيرها من المواقع لأي سبب من الأسباب فإنهم لا يعودون لمهنهم السابقة أو ينصرفون لأداء أي أعمال أخرى وبعضهم ينكفئ على نفسه ويعيش في أوهام بأنه ظُلم وهُمش وتصدر عنه تصرفات سالبة تنم عن ردود فعل غاضبة ويتغلب عنده الخاص على العام والذاتي على الموضوعي.

وفي الساحة السياسية السودانية عدد لا يستهان به من العاطلين عن العمل والانتاج المتفرغين للسياسة التي اتخذوها مهنة لكسب عيشهم بتمويل مجهول المصدر وقد يكون أحياناً مشبوهاً وفيه شبهة عمالة ويملأ هؤلاء فراغهم بالتصريحات العشوائية الجوفاء والعنتريات التي ما قتلت ذبابة كما ورد في قصيدة نزار قباني هوامش على دفتر النكسة. وقد تحتاج بعض التنظيمات لتفريغ عدد قليل من الأفراد لمهام معينة لأوقات محدودة ولكن المعضلة في العاطلين عن العمل الذين يسممون الأجواء دون أن يقدموا أي عمل نافع ولكن توجد نماذج طيبة لآخرين يعلو عندهم العام على الخاص وتركوا مواقعهم بلا جلبة وضوضاء احتراماً منهم لضرورة تبادل السلطة وفق دورات محددة الأجل وينصرفوا للعمل المخلص في مجالات عمل مفيدة أخرى مع المساهمة في المناشط المجتمعية بروح طيبة.

صحيفة الإنتباهة
ع.ش[/JUSTIFY]

تعليق واحد

  1. الاخ كسلا متعك الله بالصحة والعافية وجعل ماتكتب فى ميزان حسناتك.
    ما تكتب علم ومعرفه وتجربه ومتعه فى رآى الشخصى انت من صفوة الكتاب ومن قلائل المفكرين. وقاك الله شر الحساد والشنافين