حوارات ولقاءات

البروفيسور الساعوري: الرئيس شعر بأن المركب في طريقها إلى الغرق لذلك تحرك والجراحة الكبيرة في الطريق


هذا هو المتوقع من الخطوة المهمة التي أعلن عنها رئيس الجمهورية
وثيقة الإصلاح معني بها حزب المؤتمر الوطني.. والإصلاح من الداخل فشل يوم خرج غازي
الرئيس شعر بأن المركب في طريقها إلى الغرق لذلك تحرك والجراحة الكبيرة في الطريق
الصراع في دولة الجنوب سياسي وأصبحت القبائل وقودا له
ظهرت مراكز قوى في الحزب أهدافها متعارضة وعطلت الإصلاح ولهذا تم تغيير قياداتها
القضايا المصيرية توحد الحكومة والمعارضة إلا في حالة السودان
محاولة الانقلاب العسكري للإسلاميين عملت هزة كبيرة في المؤتمر الوطني
الأحزاب مسؤولة عن انفصال الجنوب وخرجت من تحالفها مع التمرد بخفي حنين
البروفيسور حسن الساعوري أكاديمي ومحلل سياسي وأُستاذ العلوم السياسية بجامعة النيلين ومدير سابق بعدد من الجامعات التقيناه في هذه المساحة لتحليل أحداث الراهن السياسي المليء بالأزمات واجتهد في أن يضع النقاط على بعض حروف القضايا المعقدة على رأسها الإصلاح السياسي في البلد ووثيقة المؤتمر الوطني التي بدأ في طرحها على الأحزاب والمفاجأة المتوقعة كما رشح بعد لقاء الرئيس البشير وكارتر ثم إمكانية التوافق السياسي والحوار الوطني في ظل كل هذه التعقيدات إضافة إلى الوضع في دولة جنوب السودان وانعكاساته على السودان وكيف يستطيع الجنوب الخروج إلى بر الأمان دون التدخل الدولي وغير ذلك من القضايا المهمة التي تطرق إليها طالعوها أدناه:

الرئيس البشير وعد بخطوة مهمة قادمة مقرونة بالإشارة إلى الحوار الوطني في لقاء الرئيس بكارتر ما هي توقعاتك لهذه الخطوة؟
ـ طبعاً الرئيس وعد بتغييرات جديدة إكمالاً لما جاء سابقاً وقد سبقت إعلان الخطوة إرهاصات ذكرها أحمد إبراهيم الطاهر القيادي بالمؤتمر الوطني ورئيس البرلمان السابق وقال إن الرئيس سيفاجئ الناس معنى ذلك أنها ليست مجرد تغييرات فيها مفاجآت وما هو المتوقع من هذه الخطوة أفتكر مربوط بالمؤشرات التي جاءت في الإعلان الذي ذكره كارتر وهي تقول بالحوار الوطني والوفاق الوطني والوفاق الوطني غير مقصود به الأحزاب التي تشارك المؤتمر الوطني إنما يقصد به أحزاب المعارضة أكثر من أحزاب الحكومة العريضة الحالية وإذا كان الأمر أصبح مرتبطا بالمعارضة السياسية التي يمثلها حزب الأمة القومي وحزب البعث والشعبي والشيوعي وعدد من الأحزاب الصغيرة الأخرى فنقول إن المعارضة هذه عندها موقف يقوم على واحد من خيارين إسقاط الحكومة أو تقتنع الإنقاذ بأن الظروف السياسية المحلية والظروف السياسية المحيطة في الإقليم تستدعي إقامة حكومة قومية انتقالية بمشاركة جميع الأحزاب وتقوم هذه الحكومة القومية بمواجهة التحديات الماثلة التي تواجه السودان الآن وأهمها قضية دارفور والنيل الأزرق وجنوب كردفان والجبهة الثورية بصورة عامة وإذا لم تستجب الحكومة لمطلب الحكومة القومية الانتقالية وعمل الدستور والانتخابات ستتجه المعارضة إلى الخيار الأول وهو القائم على إسقاط النظام بشتى الوسائل أما من الشارع والنقابات وهذا فشل ولجأت المعارضة إلى التنسيق مع الجهة الثورية للعملمعاً من أجل إسقاط النظام سياسياً وعسكرياً في آن واحد.
أي الخيارين تعتزم المعارضة المضي فيه؟
ـ المعارضة الآن تعمل في الخيارين معاً تضغط على الحكومة حتى تستجيب والخط الثاني يمضي بالتنسيق مع الجهة الثورية للإسقاط بالقوة في هذه الأثناء جاءت تصريحات الطاهر ومن ثم تصريحات لقاء الرئيس وكارتر وبالتالي هذه التصريحات تشير إلى الوفاق الوطني.
هل الساحة السياسية قابلة للحوار والوفاق الوطني في ظل هذا الاحتقان والتشظي حتى داخل المؤسسات السياسية نفسها؟
ـ نعم الساحة محتقنة والصراع فيها مكبوت إلى حد ما لم يظهر للعيان صراعا مستمرا وواضحا وهذا الاحتقان سببه عدم تفاهم الحكومة مع المعارضة وإذا الحكومة أبدت استعدادا للتفاهم هذا الاحتفان سيزول إلى حد معقول والواقع أن كل الأحزاب متشظية وظاهرة التشظي نفسها مرتبطة بالوضع السياسي لأحزاب الحكومة وأحزاب المعارضة ليس هناك حزب إلا وقد تشظى إلى أكثر من اثنين بما في ذلك المؤتمر الوطني وبالتالي الدعوة إلى الحوار والوفاق الوطني قد تكون مظلة لوقف ظاهر ة التشظي وعندما تدعو الحكومة والمعارضة إلى الوحدة والوفاق بينهما فمن باب أولى أن يبحث الحزب في داخله عن الوحدة ولذلك قلنا تصلح كمظلة وحتى إن لم تختفِ ظاهرة التشظي ستكون في مستوى متدني.
لأنه كل ما زاد الاحتقان قلت فرص الحوار والتوافق.
هل يمكنا أن نقول إن الخطوة المعنية في إشراك كل الأحزاب ومكونات السياسية في السلطة وهل يرتفع سقفها إلى حكومة قومية انتقالية كما تطالب المعارضة؟
ـ أنا شخصياً لا أرى من حل للاحتقان السياسي الموجود في السودان إلا إذا تنازل المؤتمر الوطني شيئاً ما وتقابله المعارضة شيئاً ما بمعنى آخر الظروف السياسية الآن في السودان ستجبر الطرفين الحكومة والمعارضة ليكونوا مرنين ويتعلموا المرونة السياسية فمن غير مرونة سياسية حكومة ومعارضة لا تنجح فالمؤتمر الوطني متشدد دائماً وكذلك المعارضة الآن جاء الوقت الذي اقتنع فيه المؤتمر الوطني بأنه لا تستطيع قوة واحدة أن تحكم السودان منفردة فالظروف تستدعي المعارضة والحكومة أن يقدموا تنازلات ويتقابلوا في حل وسط ودائماً الحلول الوسط تجعل الطرفين إلى حد ما غير متخاصمين وفي درجة من الرضا عن بعضهم لكن عندما يكون هناك احتقان وعمل إقصائي كل طرف يتربص بالآخر ولذلك الحلول الوسط تبعد محاولات الكيد السياسي وتأريخ السودان الحديث كله عبارة عن كيد سياسي هذه وهي الفرصة الأخيرة وأفتكر أن هناك الكثير من الحلول يعني مثلاً تتم حكومة توافق تسمى حكومة مشتركة لكي تبعد عن اسم المؤتمر الوطني واسم المعارضة حلا وسطا حكومة مشتركة من القوى السياسية جميعاً تؤدي إلى خلق جو إيجابي تتفاهم فيه الحكومة والمعارضة والقوى السياسية المختلفة تتفاهم مع بعضها الآخر فإذا فهمت المعارضة أن الرئيس أعطاها المؤشر وهي أيضاً لها شروطها يستلزم ذلك التوصل إلى حل وسط وأتوقع ذلك وتكون هناك حكومة مشتركة من أهم واجباتها إيجاد دستور يجمع عليه الناس وإذا كان هناك إجماع كامل يكون هناك دستور وفاقي ترتضيه جميع القوى السياسية يميناً كان أم يساراً ثم بعد ذلك انتخابات حُرة ونزيهة وندخل في ديمقراطية جديدة في السودان ويستمر منهج الحلول الوسط لأنه إذا ما استمر في الغالب سنرجع إلى دوامة حكومة ديمقراطية ثم عسكرية.
ماذا استفاد المؤتمر الوطني من إشراك الأحزاب السياسية في الفترة السابقة خاصة أن البعض يتحدث عن أنها أحزاب ديكورية وأجنحة لأحزاب أُخرى؟
ـ أكيد المؤتمر الوطني استفاد فائدة كبيرة جداً من إشراك الأحزاب التي تشكل أجنحة لكل الأحزاب السياسية عدا الشيوعي والبعث وحتى الشيوعي التحقت قيادات منه بالحكومة مثل عبد الباسط سبدرات وأقول إن الفائدة من زاويتين الأولى أنها تعطي صورة للمراقب وللآخرين بأنها ليست حكومة حزب واحد وإنما تجمع قوى سياسية مختلفة وهذا مفيد والفائدة الثانية أضعف المؤتمر الوطني خصومه في المعارضة فقد أخذ قيادات وجماهيرا من كل الأحزاب وبالتالي المعارضة تبدو للمراقب أنها معارضة ليست لديها القدرة أن تتماسك بداخلها وإذا كان ذلك حتى في داخلها فأنّى لها القدرة على إسقاط النظام وبالتالي أطال المؤتمر الوطني عمر نظامه.
لكن ليس من مصلحة المؤتمر الوطني أو أي نظام إضعاف المعارضة للدرجة التي لا تقوى فيها على فعل شيء؟
ـ من مصلحة المؤتمر الوطني أن لا تصل المعارضة إلى مرحلة أن تهدد النظام وعندما دخل النظام في مرحلة التحول الديمقراطي لم تستطع المعارضة مناقشة هذه المسألة أعطته ثقة كبيرة في نفسه لأي انتخابات قادمة لكن الذي فات على المؤتمر الوطني أن هذه الأحزاب يمكن أن تلجأ إلى أساليب أُخرى غير العمل السياسي وهي العمل المسلح والتمرد والآن نسقت مع الجبهة الثورية ومن قبل يجب أن لا ننسى أنها نسقت مع حركة التمرد التي كان يقودها جون قرنق وهي التي قامت بالتخطيط وعقد مؤتمر أسمرا للقضايا المصيرية 5991م وهي التي شجعت الحركة الشعبية على الضرب على وتر الانفصال بعد اتفاقية نيفاشا 5002م أكثر من ضرب وتر الوحدة وهي التي لم تحرك ساكنا في عملية الحملات الخاصة بالاستفتاء لتقنع الجنوبيين بالتصويت للوحدة بدلاً عن الانفصال بل إنها كانت تصف المؤتمر الوطني بأنه هو من فصل الجنوب لذلك ضعف المعارضة الشديد في مواجهة المؤتمر الوطني سياسياً جعلها تلجأ إلى أساليب غير سياسية لجأت إلى قرنق منذ 3991م وحتى بعد انفصال الجنوب كانت الأحزاب مواقفها مع الحركة الشعبية ثم لجأت لاحقاً إلى الوقوف مع الجبهة الثورية أعتقد أن هذا هو الذي فات على المؤتمر الوطني والحكومة.
هل أفهم من هذا أنك تحمل أحزاب المعارضة مسؤولية الانفصال؟
ـ الأحزاب جميعاً بما فيها الحزب الحاكم صحيح أن المؤتمر الوطني حرص على الوحدة الجاذبة وعمل لها ولكن يمكن أن يكون قد قصر في الآخر في شروط الاستفتاء بينما أحزاب المعارضة كانت منسقة تنسيقا كاملا مع الحركة الشعبية بعد 5002م كل الخلافات التي حدثت بين الحكومة والحركة الشعبية كانت المعارضة تدفع الحركة الشعبية وتساندها ضد الحكومة ولذلك أنا أقول إن الانفصال مسؤولية الجميع الحكومة والمعارضة لأنها هيأت الجو عبر تقرير المصير هذه مسؤولية تأريخية وأنا عملت دراسة قبيل الاستفتاء في العام 1102م بشهر عملت استقراء لحركة الأحزاب السياسية إزاء الوحدة أو الانفصال ووجدت أنالمعارضة لم تحرك ساكنا إلا أنها أعلنت أنها مع الوحدة والإعلان وحده لا يكفي إنما تحرك جماهيرك لصالح الموقف السياسي وتعمل اتصالاتك والمعارضة كانت أقرب إلى الحركة الشعبية منها إلى الحكومة ومتحالفة معها أي الحركة الشعبية وما دام أنها حليف لها كان يفترض أن تتحرك المعارضة تحركا كبيرا جدا مع الحركة الشعبية في قضية الاستفتاء في مواقع الجنوبيين النازحين في الشمال أو أن يكون في الشمال أو الجنوب كذلك في هذه الدراسة لم أجد حركة واحدة لقوى المعارضة وسط النازيحن في الشمال تدعوهم للتصويت للوحدة ولا حركة لها في المدن الرئيسة في الجنوب لم تحرك ساكنا قبل الاستفتاء ما عدا المؤتمر الشعبي الذي أعلن قبل نهاية الاستفتاء لجماهيره في الجنوب أن يصوتوا للانفصال ولعل الآخرين فعلوا ذلك سرا.
– في تحالفات المعارضة مع الحركة الشعبية استفادت الأخيرة في تحقيق ما تصبو إليه بالمقابل ماذا استفادت المعارضة؟
المعارضة كما يقول المثل رجعت بخفي حنين فهي عندما تحالفت مع قرنق كان ذلك لهدف واحد أساس وهو إسقاط نظام الإنقاذ بالسلاح والعمل السياسي المشترك ولكن عندما لجأت الحكومة للتفاوض مع التمرد المعارضة كانت في صف الحركة الشعبية أثناء التفاوض ونحن نعلم أن القضايا المصيرية توحد المعارضة والحكومة إلا في حالة السودان والجنوب كانت قضية مصيرية وكان يفترض أن تتحرك المعارضة في خط واحد مع الحكومة بدلا من أن تكون مع الخصم المصيري بالنسبة لنا وبالتالي رفع المعارضة لشعار تقرير المصير نفسه كان نكاية في النظام وعندما جاءت الاتفاقية تحالفت المعارضة مع الحركة الشعبية لإسقاط النظام عن طريق صناديق الاقتراع وهذه التحالف استمرت حتى ما قبل انتخابات 0102م ولكن المعارضة فشلت في أن تنسق فيما بينها معارضة متحالفة لتقابل المؤتمر الوطني في صناديق الاقتراع وفشلت في أن توحد الترشيح لرئاسة الجمهورية والولايات وفشلت في توحيد الترشيح لقوائم التمثيل النسبي وحتى عندما جئنا لتنسيق إسقاط النظام عن طريق صناديق الاقتراع المعارضة فشلت في ذلك وكان يمكن أن تفعل ذلك لو أنها تحالفت تحالفا انتخابيا فعليا وليس تكتيكيا بذلك المعارضة فقدت كل ما خططت له من تحالفها مع التمرد وهذا الأمر هو الذي جعل الصادق المهدي يكرر المرة بعد الأخرى بأن التحالف مع الجبهة الثورية لن يؤدي إلى فائدة لأنه استفاد من تجربة المعارضة مع الحركة الشعبية سابقا .
– نعود إلى وثيقة المؤتمر الوطني التي بدأ يعرضها على الأحزاب هل تعتقد أن الوثيقة ستحقق المرجو منها في إصلاح الحزب والدولة؟
الوثيقة في الأصل كانت لإصلاح الحزب وليس لإصلاح علاقته بالآخرين والحزب كما نعلم بدأ يتشظى والمذكرات بدأت في هذا الشأن بدأت منذ سنوات وليس مذكرة الألف أو كما يقول البعض فقد سبقتها مذكرة أساتذة الجامعات ولكنها لم تنشر ولذلك الوثيقة مقصود بها إصلاح الحزب من الداخل منذ ثلاثة سنوات مضت أو أكثر كانت هناك محاولة لإصلاح الحزب إلى أن تشظى وخرج منه دكتور غازي ومجموعته ما يعرف بالإصلاح الآن وفي مجموعة ليست بالسهلة وخرج معه السائحون وهم من الدفاع الشعبي والمجاهدين وإذا فقد النظام الدفاع الشعبي ماذا بقي له وصراحة الإصلاح من الداخل فشل ولولا ذلك ما خرج غازي وجماعته وأعلنوا حزبا جديدا إذن هذه الوثيقة في الأصل لم تكن للتعامل مع القوى السياسية وقد يكون أضيف إليها شيئا.
عرضها على الأحزاب يدل على أنها تحوي معالجة لعلاقة الحزب بالمعارضة وكذلك إدارة الدولة؟
المؤتمر الوطني قبل ذلك عمل محاولات مع الصادق المهدي ووصل معه لاتفاق حول 09% من القضايا ومعنى ذلك 01% كانت حول الكراسي وكان هناك حوار مع الأحزاب منذ أكثر من عام وكان يقوده نائب الرئيس السابق الدكتور الحاج آدم وهذه الوثيقة جاءت بهذا المعنى
هل يمكننا اعتبار المذكرات والتيارات التي كانت تتحرك في الداخل هي من ضغطت في اتجاه التحركات المتسارعة للإصلاح في الحزب؟
والله أفتكر أن حزب المؤتمر الوطني كان فيه حراك غير معلن وغير ظاهر من داخله على مستويين مستوى القيادات العليا ومستوى القيادات الوسيطة والحراك وصل مرحلة أظهرت مراكز قوى في الحزب ومجموعات مختلفة وكل مجموعة تريد ترجيح كفتها والقيادات التي خرجت في التغيير هي التي تزعمت مراكز القوى ومراكز القوى نفسها هي التي عطلت دعوى الإصلاح من الداخل وأنا ما عندي شك أن هناك من يقبل من مراكز القوى هذه الإصلاحات وهناك من رفضها وبالتالي لم يتحرك الإصلاح ويمكن القول إنه كان هناك حراك كبير في القواعد العليا والوسيطة، العليا أصبحت مراكز قوى والوسيطة دفعت بغازي وجماعته إلى الخروج ودفعت بالسائحين للبحث عن مخرج للسودان كله ولو تلحظ أن السائحين عندما خرجوا ما كانوا يتحدثون عن الإصلاح في الحزب إنما عن السودان وفقدوا الأمل في إصلاح الحزب لذلك بحثوا عن حل أزمة السودان وهم الذراع العسكري للسلطة حتى جاءت المحاولة الانقلابية الأخيرة ولا أعرف موقف السائحين من المحاولة الانقلابية التي قبض فيها على ود إبراهيم وقوش وغيرهم هذه كانت آخر حلقة من حلقات الإصلاح ومحاولة الانقلاب العسكري علمت هزة كبيرة جدا داخل المؤتمر الوطني وقواعده وداخل عضوية الحركة الإسلامية خاصة أن المؤتمر الأخير للحركة الإسلامية حدثت فيه محاولات إقصاء واضحة وظاهرة ولذلك حركة الإصلاح في الحركة الإسلامية فشلت ولذلك كان خيار الانقلاب والسلاح ومحاولة السلاح أقنعت المؤتمر الوطني أن المركب في طريقها للغرق ولذلك تحرك الرئيس ولا أعرف من يسنده وكان ما جرى وأعتقد أن الجراحة الكبيرة في الطريق وفي الوعد الذي وعده.
– نأتي إلى ملف دولة الجنوب في رأيك ما هي المآلات لهذا الصراع الدائر؟
معروف أنه عالميا أي حركة تمرد عندما تستلم السلطة يكون من الصعب عليها تعلم السياسية لأن حركة التمرد العكسري عادة لا تعرف غير أسلوب السلاح والانضباط العسكري ولما توقف العمليات الحربية وتحاول أن تتحول هذه الحركة إلى حزب سياسي لا يفطن الناس إلى أنه لا بد من إعادة صياغة ثقافية للقيادات بدل الثقافة العسكرية نريد ثقافة مرونة سياسية وبالتالي عملية الثقافة العسكرية
إذا ما عالجتها ستعمل على فركشة الحزب وهو ما حدث في الحركة الشعبية والسبب أنه لم تتم إعادة صياغة سياسية وأي قائد عسكري يفتكر أنه في السابق كان يأمر والانضباط العكسري يجعل الآحزين يطيعوه الآن سلفاكير يريد أن يأمر والآخرين يطيعوه وبالتالي عندما أصبح رئيس نسي هذا الأمر وأصبح يتصرف عسكريا والإقصاء من المواقع الحزبية والحكومية أدى إلى ما حدث ورغم أن الصراع كان سياسيا إلا أن وقوده أصبح من القبائل وما في طريقة إلا كل طرف يلجأ إلى «كومه» وقبيلته وما في شك أن ما يجري هناك يؤثر على السودان وكان يصعب على السودان بداية أن ينحاز إلى طرف من أطراف الصراع والسودان يحتاج إلى علاقة غير متوترة مع الجنوب من أجل البترول والحدود المشتركة والعديد من المصالح والسودان انتظر مجموعة الإيقاد لتقرر وكان رأيها الوقوف مع سلفاكير ووافق ذلك رأي الاتحاد الأفريقي وهذا أعطي السودان مبررا للوقوف مع النظام القائم في جوبا بل قاد عملية إقناع أسياس أفورقي ليكون إلى جانب سلفاكير وكنت أتوقع أن يستفيد السودان من فرصة انشغال الجيش الشعبي هناك من أجل حسم تمرد قطاع الشمال بالنيل الأزرق وجنوب كردفان فهذه هي الفرصة المواتية لا بد من حسمها في أقرب فرصة فالآن جزء من القوات الخاصة بقطاع الشمال مع سلفاكير وأخرى مع مشار والعدل والمساواة مع مشار ولذلك لا بد من أن تحسم القوات المسلحة التمرد حتى نهاية الحدود فهذه الفرصة الأفضل.
حسنا ما هي أفق الحل السياسي لأزمة الجنوب؟
الآن عالميا أسهم رياك مشار متدنية والاتحاد الأفريقي ضده والإيقاد وهناك دول أدخلت جيشها مع سلفاكير مثل يوغندا.
هل سيتدخل مجلس الأمن عكسريا ؟
الذي كان متوقعا من الاجتماع الذي أُجل الخميس الماضي في جوبا كان يكون هو المحاولة الأخيرة لإقناع الأطراف المتصارعة بالحل السلمي لكن الاجتماع أجل لتصلب مواقف سلفاكير وذلك لأن الكفة العسكرية لصالحه وكذلك السياسية والمواقف الدولية والإقليمية لصالحه ويريد أن يحسمها عسكريا والذي كنت أتوقعه أن يصدر قرار من الاتحاد الأفريقي ويتبناه مجلس الأمن بأنه ليس هناك طريقة لحماية المدنين إلا بقوات دولية وهذا هو المتوقع فلو استطاع رياك مشار أن يجد دعما لمواصلة حرب العصابات لمدة شهر قادم سيصدر قرار من مجلس الأمن بوضع الجنوب تحت الحماية الدولية.
البروفيسور الساعوري في حوار لـ «الوطن»
حوار: أشرف إبراهيم