رأي ومقالات

أخطر ما في خطاب الرئيس

[JUSTIFY]قبل التحدث عن أخطر ما في خطاب الرئيس دعوني اقف عند امرين

الأول هو انني في طيلة حياتي وحتى في ابان حرب الأيام الستة، وفي ظل ذلك الشحن الذي صاحب خطابات جمال عبد الناصر المتلاحقة لم أجد نفسي مضطرًا ولا مشدودًا الى المذياع أو القناة مثلما وجدت نفسي البارحة.

الأمر الثاني هو ان المفاجأة في الخطاب انه جاء خلوًا من المفاجأة، ورغم انني كتبت عن المفاجأة التي نتوقعها الا انني في واقع الأمر لم اكن أتوقع مفاجأة مطلقة لسبب بدهي وهو ان عمر البشير ليس جمال عبد الناصر إذن فأنا كنت اتوقع مفاجأة مدروسة مبرمجة مرتبة مجدولة ولكن حتى هذه لم أجدها ورغم ذلك فاني اجد نفسي مضطرًا ان اعترف بأن الخطاب كتب بعناية فائقة وبدربة عالية، وبلغة رفيعة، واذا اضفت الى ذلك الحضور السياسي الكثيف والمتنوع، والذي لم يكد يستثني أحدًا فاني اقول إن كل ذلك يوحي بأن وراء الأكمة ما وراءها وبالرغم من أن الخطاب جاء بلغة فضفاضة، وتحدث عن قضايا عامة، إلا أنه أوحى مجرد ايحاء بأن للخطاب ما بعده خاصة وقد تكررت مفردة الوثبة مرات عديدة إن الخطاب أوحى للحضور الذين دعوا ولبوا الدعوة أن الانقاذ والمؤتمر الوطني على عتبات انفتاح سياسي شامل يغطي الحياة السودانية بأكملها، وفي جميع أوجهها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأمنية والثقافية.. وهذا ما قصده الأخ الرئيس من حديثه عن المحاور الأربعة التي بدأها بالسلام.. ومن الأشياء التي شدتني نوعاً ما..

وما زلت أحمل في نفسي منها شيئاً، وأظن أن الأخ الرئيس لم يفض بكل ما عنده حولها هو استهلاله خطابه بالكلام عن الجنوب، وكأنه كان يمهد لاعلان أمر جديد في العلاقة مع الجنوب.. طبعاً كما ذكرت من المحال ان يكون الأمر كله من تدبير واعداد واخراج رجل واحد هو الأخ الرئيس، لأن معه من قيادات المؤتمر الوطني وحوله من قيادات التنظيمات السياسية الأخرى من أريد لهم أن يكونوا شركاء في الوثبة التي سوف تصدر في خلال أسبوع بالتقريب من تاريخ إلقاء هذا الخطاب والتي سوف تحمل قدرًا معقولاً من تفصيل ما أبهمه خطاب الأخ الرئيس.. ان خطاب الأخ الرئيس لم يكن من الممكن ان يحمل قرارات تفصيلية بأسماء ومسميات، ولا تعيينات لأشخاص، ولا ذكر منظمات أو تنظيمات سياسية.. كان من الكافي في هذا الخطاب ان يحمل البشرى لأهل البشارة والنزارة لأهل النزارة.

إن الذين تسارعوا لتلبية دعوة الأخ الرئيس لحضور المؤتمر والاستماع الى هذا البيان (الهام) لم يكونوا قطعاً خالي ذهن تماماً عما تخطط له الانقاذ في المرحلة القادمة وأرى إن في إسراعهم هذا مؤشرًا خطيرًا لما سيكون عليه الحال، ولما ستأتي به الوثيقة الموعودة.. والآن لنأت الى أخطر ما في خطاب الأخ الرئيس إن أخطر ما في خطاب الأخ الرئيس انه لما تحدث عن الهوية السودانية والشخصية السودانية ذكر انتماءها العربي والأفريقي بل وذكر مرةً علاقاتها الدولية، ولكنه لم يشر قط لا من قريب ولا بعيد إلى انتمائها الاسلامي.. وفوق ذلك تحدث الأخ الرئيس عن الهوية السودانية وكأنه يبشر بهوية جديدة غير الهوية المتعارف عليها والتي أنبنت عليها الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية والعلاقات الخارجية والداخلية، ولقد كان في احتفاء الأستاذين محمد لطيف وفيصل محمد صالح بل وكذلك وقفة الدكتور صفوت فانوس في برنامج الطاهر حسن التوم عن ما ذكره الأخ الرئيس حول الهوية فيه من الدلالات ما فيه!! ليس ذلك فحسب بل أن الأخ الرئيس ذكر بالنص ما يتحاماه المدافعون عن الهوية السودانية بمكوناتها العربية والإسلامية والأفريقية من عبارة المواطنة والتي تدل دلالة واضحة على إقصاء المكون الإسلامي للهوية السودانية أو على أقل تقدير تحجيمه وتقزيمه في وجه خصومه الآخرين.

وبالرغم من كل الذي قلناه فان خطاب الأخ الرئيس تحدث عن منهج الحوار، والانفتاح السياسي، والحريات.. وأنا أقول بصدق إن دعاة الاسلام والمطالبين بالشريعة والدستور الاسلامي لن يخسروا شيئاً لو تنكرت الانقاذ لمشروعها الحضاري الذي قامت من أجله اذا اتاحت رغم ذلك مناخاً للحوار، وللانفتاح السياسي، وللحريات في الفكر والاعلام والدعوة.

إن الإسلاميين الذين لم يصابوا بلوثة العلمانية كما حدث للكثيرين في المؤتمر الوطني وفي الحركة الاسلامية سيحسمون المعركة لصالح الإسلام عاجلاً أم آجلاً سواء أتاحت الإنقاذ الحريات الحقيقية لكل الناس أم وقف خطابها السياسي، والدعوي عند الطوباويات والديماغوية الغوغائية.

أن الخطاب لم يذكر الدستور لا بخير ولا بشر، ذلك مفهوم لأن الحديث عن الدستور يجر رجل المتحدث عنه الى الاسلام إن أخطر ما في خطاب الرئيس انه بشارة ونزارة إلا أن البشارة جاءت في كل النزارة وجاءت النزارة في محل البشارة..! اللهم إلا اذا كانت الانقاذ تحاول أن تلتقط انفاسها لتثب من جديد.. خاصة أن الإنقاذ اعترفت على لسان أحد قادتها المفكرين انها لم توفق حتى الآن في تحقيق وانفاذ برنامجها الدعوي الاسلامي.. أنها سوف.. تبداْ الرحلة من جديد.!!

صحيفة آخر لحظة
ت.إ[/JUSTIFY]

‫2 تعليقات

  1. من الابجديات انه لا يمكن ان تنتصر للمرجعية الاسلامية بآليات شيوعية او فاشية على نحو ما فعلت الانقاذ، والتى تلخص مشروعها في استئثار قلة من تربية الفقر الحانقين بالجاه والمال والسلطان والحريم. وتلك هي ضربة قاصمة للمرجعية الاسلامية على نحو ما شهدناه من التعريض بتجربة الانقاذ في مصر وليبيا وتونس والفرار منها فرار السليم من الاجرب. فالقمع والبطش والكبت والاقصاء بل والقتل هي آليات لا تخدم الاسلام خاصة اذا ما اضفنا اليها اسلوب المخاتلة والمخادعة والتكاذب وكل ما فعل بن سلول. والانكى من ذلك ان يواصل الرئيس تلك المخاتلة والتمويه والغيهبة والتغبيش، فيعد شعبه بخطاب حسب الجميع انه سيكون اللبنة الاولى للاصلاح الحقيقي فاذا بالخطاب يأتي بفلسفة (هو الكلام بفلوس؟). هذا الخطاب جاء خصما على الرئيس وعلى المؤتمر الوطني، لما خلفه من خيبة امل واحباط بعد التشويق الكاذب الذي مارسه الرئيس على الشعب السوداني بمفاجأة لم يرى منها غير اجتماع كل الوجوه الشائهة ممن خبروا غرسهم يتحلقون حول الرئيس.. يمنون النفس بشئ من الفتات

  2. ما عرفنا الكاتب منو يا إدارة موقع النيلين !!!! لاحظت هذا عدة مرات … كثيراً ما تشيرون إلى الصحيفة دون ذكر الكاتب … و مع ذلك يبقى موقعكم من أميز المواقع على النت … تحديث مستمر للمواضيع … موضوعية … إعتدال … تنوع … عدم انحياز صارخ ، وفقكم الله .