أنور بابكر أحمد الفكي : رؤية تحليلية لمشكلات الشيكات
بالنسبة للواقع المعيش فإن الحق القانوني الذي يكون بين طيات الشيك فإنه محمي جنائياً ومدنياً حسب القوانين السودانية السارية المفعول، ولكن نأخذ على الجانب الجنائي عدة مآخذ في ظل تردي الاقتصاد السوداني حالياً مما انعكس سلباً على تدني العملة الوطنية بشكل مخيف وعلى حسب هذا المنوال والواقع فإن الغالبية العظمى من أفراد الشعب السوداني أصبحوا يعشيون على الكفاف والدخل الحقيقي لعامة الناس لا يتناسب البتة مع الحد الأدنى لمتطلبات الحياة المعيشية الضرورية وليس الكمالية مثل الأكل والشرب والعلاج، ووفقاً لذلك فإنه توجد هنالك فئة معينة من الناس أنعم المولى عليها بالرزق الوفير والنعمة العظيمة. وهذه محمدة ونعمة يحمد عليها العاطي الوهاب ولكن هنالك جزءاً منهم استغلوا حاجة الناس للأموال لسد الرمق ومواجهة متطلبات الحياة وكل تلك أشياء ضرورية لا يمكن لأي شخص الاستغناء عنها. فيصر بعض الناس للذهاب لهؤلاء الشرذمة للتعامل معهم ويكون الهدف هو الحصول على كاش فقط لإدخاله كما ذكرت في المعيشة العادية. ولكن هنالك شروطاً قاسية من جانب هؤلاء القوم نحن أهل القانون نسميها «عقود الإذعان» بمعنى إما أن تقبل كل الشروط التي تفرض عليك من جانبهم أو ترفضها وتذهب من حيث أتيت خالي الجيب وهي كعقود الكهرباء أو الاتصالات لأن هنالك جهات معينة محتكرة لهذه السلع ولا يمكن لأي شخص أن يأتي بها من مكان آخر، وبذلك فإنه لا مجال للشخص إلا بالقبول بكل الشروط المفروضة من قبلهم وهذا أول الطريق للوقوع في الهاوية. وسوف أبسط العملية عن طريق مثال واقعي، بأن يقوم الشخص بإعطاء الطالب سيارة يكون سعرها الحقيقي مبلغ ثمانين ألف جنيه ولكن يجبره على كتابة شيك آجل بمبلغ مائة وخمسين ألف جنيه وبالنظر لهذه المعاملة من الناحية الشرعية فإنها معاملة ربوية تحرمها الشريعة الإسلامية السمحاء التي تعتبر مصدر التشريع للقوانين السودانية. وعند حلول الأجل لا يستطيع الشخص الإيفاء بالمبلغ الممهور على الشيك ومن ثم يقع في مصيبة أكبر لأنه قد دخل في شيمة بحر لا يمكنه الخروج منها إلا غريقاً وبعد ذلك يتحاور معه حول مخرج آخر بأن يعطيه سلعة كالسكر مثلاً بمبلغ مائتي ألف جنيه ولكن سعره الحقيقي مائة ألف جنيه وكل ذلك بنفس الوتيرة السابقة عن طريق تحرير شيك آخر ويذهب الشخص لبيع السكر بالخسارة ويحل المبلغ الأول ليرتفع مبلغ الربا إلى مبلغ أعلى لأنه مهدد بالسجن حسب القانون إذا لم يقم من جانبه بسداد المعاملة الأولى وهكذا دواليك إلى أن يصبح الشخص قد بلغ المليارات من الجنيهات كمديونية ويدخل السجن بقية حياته بجدارة لأن القانون لا يحميه. من كل ذلك نخرج بأن العملية وما فيها بأن الحماية القانونية للشيك حسب رؤيتي قد انتفت من الناحية الواقعية لأنه ومن حيث الواقع فإن حماية الشيك امتدت للمرابين وبذا فإنها قد خربت الاقتصاد السوداني الذي بطبعه مريض في هذا الزمان وبذلك فإن هذه المعاملات تؤدي وبلا أدنى شك إلى انهيار الاقتصاد السوداني، عليه وحسب الجاري في السوق من معاملات وخلافه فإنني من المنادين بإرجاع الشيك إلى أصله «القانون المدني» كورقة تجارية عادية وإذا حصل أي إخفاق فإن ردهات المحاكم المدنية على استعداد لقبولها وحسمها من الناحية القانونية مما يقلل عدد المرابين في هذه التعاملات. وفي آخر المطاف فإن المحكمة المدنية تصل في الآخر إلى الحكم وبعد ذلك تنفيذه حتى جبراً على المدينيين وقضايا الشيكات من الناحية المدنية فإن المستند أي الشيك فإنه يتحدث عن نفسه كمستند يمكن الاعتماد عليه في إصدار الحكم المدني من قبل المحاكم حتى لا يتخوف عامة الناس من هذه الخطوة. علينا جميعاً وكل في تخصصه سواء القانونيين أو الاقتصاديين أو الماليين أو المصرفيين أن يدلوا بدلوهم العلمي والمعرفي والمهني في هذا الشأن العام حتى نصل إلى نقطة يمكن اعتمادها وصبها في تشريع يحمي اقتصاد البلد ويحارب المرابين الذين يتعاملون به متدثرين بالشيك الذي هو براءة منهم.
والله من وراء القصد
صحيفة الإنتباهة
[frame=”6 100″]
[JUSTIFY][B][SIZE=5][FONT=Simplified Arabic]وكأني بأن الجماعة الذين ذهبوا، شالوا معاهم المفاتيح. أو إن التاريخ يعيد نفسه حينما أذهلنا الرئيس نميري له الرحمة والمغفرة، في خطابه الشهير الذي قال فيه إنه (حلم بأنه طائر فوق منطقة زنك الخضار) … حيث أصابنا الذهول وعدم الفهم بعد ذلك الخطاب حتى زوال عهده.[/FONT][/SIZE][/B][/JUSTIFY][/frame]