رأي ومقالات

سلطان كيجاب : الصليب الأحمر ودوره في الحروب الحديثة

[JUSTIFY]الحروب عادة ما تترك مأساة ودماراً وخراباً تظل عالق في أذهان الناس يتناقلها جيل بعد جيل.. وهذه المأساة هي التي دفعت الإنسان للتفكير في عمل إيجابي لإنقاذ ما بقي من دمار. ففي يوم 24 يونيو 1859م وفوق مرتفعات سولفرينو كانت المعركة الثقيلة توقفت وتركت آثاراً عميقة وسطك المتحاربين، وفي ساحة المعركة كان يرقد عشرات الجرحى وهم بين الحياة والموت ولا يوجد من يسعفهم أو يقدم لهم العون، وشاهد هذا المشهد الأليم رجل سويسري هو هنري دوتان، وتأثر هذا الرجل بما شاهده من أنين وآلام للمصابين، وقرر إسعاف الجرحى من الطرفين لا فرق بين مصاب وعدو ويجب معالجة الجانبين، فتطوع لهذا العمل الجليل، فكان هذا العمل التطوعي قد جذب آلاف الشباب، وأصدر كتاباً بهذا المعنى كان له أثر عظيم في نفوس الناس، وقال إن جرحى الحرب يجب أن يجدوا العناية حتى ولو كانوا من جانب الأعداء وهذا النداء من الجانب الإنساني الذي اقتنع به الجميع، وكان هذا النداء قد أعلن من قبل الطبيب الإيطالي فيردناندو بالاشياتو الذي عاش في الفترة من 1815م حتى 1891م، ومن أفكار هؤلاء الرجلين بعد خمسة أعوام قامت مؤسسة في جنيف بسويسرا أطلق عليها مؤسسة الصليب الأحمر، وسجلت ضمن المنظمات التطوعية، وأصبح لها وجود فعلي، ومنذ ذلك الوقت تضاعفت مهامها بعد أن أصبحت دولية، فقد أضيفت إلى مهمة العناية بالجرحى زمن الحرب، وأضيف لها كذلك الإسعاف والمواساة حتى في زمن السلم، وبناءً على ذلك نظمت هيئة الصليب الأحمر عدداً كبيراً من المدارس الخاصة بإعداد الممرضات المتطوعات، وهي على استعداد تام للمشاركة في أية لحظة في حالة الأوبئة والفيضانات والكوارث والزلازل وتقديم خدماتهم مجاناً، ونظمت أولى المحاضرات التي قدمت لإعداد الممرضات في ميلانو عام 1906م، وبعدها بعامين تشكل من الثمانين طالبة إيطالية اللاتي نجحن في الكورسات وأصبحن صالحات للخدمة كممرضات، أول فريق منظم للصليب الأحمر. ومن الظواهر التي أصبحت تميز هذه الهيئة هو شعارها الذي نشاهده خلال أجهزة الإعلام، ويعود اسم الصليب الأحمر إلى الرمز الذي تتخذه، وهو صليب أحمر فوق أرض بيضاء، واختيرت هذه العلامة المميزة تكريماً للأمة السويسرية الذي كان المحرك الأساسي وراء تنفيذ مشروع إنشاء الصليب الأحمر. والواقع أن الصليب الأحمر هو تكرار للعلم السويسري مع عكس الألوان، واتخذ المقر الرئيس للصليب الأحمر مدينة جنيف السويسرية، وهناك اتفاقية وافقت عليها جميع الدول لتأمين الإسعاف لجرحى الحرب بغير تمييز بين المتحاربين، ويقوم العاملون في الصليب الأحمر بإنشاء مستشفيات ميدانية وكذلك يقوم الصليب بالقيام بتبادل الخطابات بين الأسرى وأهلهم بواسطة الإذاعة التي يوجهها الأسرى، وكذلك إرسال الكتب والمجلات لهم، وكذلك هناك اتفاقية بين الأمم بأنه في وقت الحرب لا يجوز مهاجمة المستشفيات أو القطارات والبواخر أو الطائرات التي يخصصها الصليب الأحمر لنقل الجرحى، وحتى لا يقع المهاجمون في خطأ توضع علامات واضحة على منشأة الصليب الأحمر الثابتة والمتحركة، وتمنح الحماية كذلك للأطباء والممرضين، وتوضع علامة حمراء في يدهم اليسرى للتمييز، ويسمى الذين يعملون في عربات الإسعاف الحرس الطبي، وهم مزودون بالأدوات الطبية والأدوات الجراحية التي تصلح لعمليات الإسعاف السريع، ويوجد طبيب عادة في كل عربة إسعاف، كذلك تمتلك هيئة الصليب الأحمر عدداً كبيراً من المعاهد المناخية سواء فوق الجبال أو شواطئ البحر، تستضيف المرضى المعوزين لاستنشاق الهواء الطلق وتغير الطقس، وخصص عدد كبر من هذه المعاهد للأطفال ذوي البنية الضعيفة.

صحيفة الإنتباهة
ع.ش[/JUSTIFY]

تعليق واحد