الأستاذ عثمان عمر الشريف المحامي والقيادي البارز بالحزب الإتحادي الديمقراطي وعضو مكتبه التنفيذي في حوار ساخن
هدف مبادرتنا إيجاد حل سلمي لإنقاذ السودان وإيقاف نزيف الدم في البلاد
مبادرة جمع الصف الوطني تمثل الإسلاميين ونلتقي بسوار الذهب بصفته القومية
الأستاذ عثمان عمر الشريف المحامي والقيادي البارز بالحزب الإتحادي الديمقراطي وعضو مكتبه التنفيذي .. يصفه بعض الإتحاديين بحكيم الحزب .. تمنت معظم الأحزاب السودانية أن يكون أحد منسوبيها .. وهو رجل تلتف حوله القواعد، تجده سباقاً في كل مبادرة تهدف لحل مشكلة الحكم في السودان.. لم تعرف عنه المزايدات ولا الكيد السياسي.. إعتبره المراقبون من رجال المرحلة القادمة..
وعثمان عمر الشريف الآن يمثل أحد أركان لجنة مبادرة الميرغني لجمع الصف الوطني.. أجرت «آخر لحظة» معه لقاء مطولاً شمل جوانب عديدة بصفته أحد قيادات الحزب والناطق الرسمي باسم مبادرة الميرغني وقد أجاب على كل الأسئلة إجابة الواثق، فكانت الحصيلة التالية:-
ü أستاذ عثمان حدثنا أولاً عن لجنة مبادرة الميرغني قبل أن تحدثنا عن المبادرة نفسها!!
– لجنة مبادرة الميرغني للوفاق الوطني الشامل مكونة من (54) شخصاً مفاوضاً بالإضافة للمستشارين، ومجموعات البحث والإحصاء مقسمة لتسع لجان، كل لجنة لديها رئيس وناطق رسمي وأعضاء .. وكل لجنة مكلفة بالإتصال بحزب أو منظمة مجتمع مدني، وعلى سبيل المثال لا الحصر. حزب الأمة والمؤتمر الوطني والحركة الشعبية وأحزاب التجمع الوطني وجبهة الشرق وفصائل دارفور المسلحة وغير المسلحة ورجالات الدين المسيحي ورجال الطرق الصوفية والشخصيات العامة والمهمة في خارطة السياسة السودانية.
ü ما هو الهدف من المبادرة ؟!
– الهدف الإستراتيجي للمبادرة نبع من إستقراء الواقع السياسي والتجارب والممارسات طول فترة الإنقاذ التي توضح أن القوى السياسية إتجهت الى حل مشكلة نظام الحكم والسلام والتنمية وإعادة الديمقراطية الى منهج الإتفاقات الثنائية، والتي كان آخرها إتفاق التراضي الوطني الذي بين المؤتمر الوطني وحزب الأمة.
ü قلت مقاطعة له .. لكن يا أستاذ إتفاق التراضي الوطني أكد موقعوه أنه شامل ومطروح لكل القوى السياسية وليس ثنائياً؟
– أسمعي يا أستاذة كل القوى السياسية التي عقدت إتفاقات سياسية كانت تدعي بأن اتفاقها ليس ثنائياً وأنها ستسعى لعرضه على الجهات الأخرى..
وفي ظني أن أكثر إتفاقية ثنائية نالت حظاً من موافقة القوى السياسية الأخرى هي اتفاقية نيفاشا.. لكن كل اتفاقية تأتي مشروطة وبها تحفظات كثيرة… وبالرغم من أن اتفاق نيفاشا قد نال حظه من التنفيذ لكن أطرافه مازالت ومنذ التوقيع عليه وحتى الآن في حالة شكوى مستمرة من بعضهم البعض وصلت لدرجة إضراب الوزراء عن المشاركة في التفاوض في مشكلة أبيي باسم السودان .. ولكل هذه الأسباب رأى الحزب الإتحادي الديمقراطي ممثلاً في السيد محمد عثمان الميرغني، رأى أنه لابد من إيجاد مخرج للخروج من الأزمة السودانية التي تفاقمت ووصلت لغزو العاصمة الخرطوم .. والمخرج الوحيد المطروح أمام القوى السياسية هو أن تجتمع جميعاً وتضع أجندتها بالإشتراك والتشاور ومواجهة مشكلة السودان التي أصبحت الآن مشكلة دولية، لأن التدخل الدولي والإقليمي أصبح أساس الصراع .. ولا سبيل إلا المواجهة والإتفاق على برنامج يجيب على الأسئلة الصعبة التي تكتنف البلاد، في مقدمتها الأمن والإستقرار كضرورة لاستدامة السلام والتنمية المستدامة والعادية التي ترضي جميع السودانيين وتفضي بدورها للتحول الديمقراطي الذي يحل أزمة السلطة ويحدد كيفية تداولها..ولهذه الأسباب مجتمعة جاءت مبادرة الميرغني للوفاق التي يقدمها الحزب الإتحادي الديمقراطي بكل ثقله التاريخي والنضالي باعتباره حزباً وسطاً مقبولاً لكل الأطراف وأيضاً الإقليمي والدولي، بالإضافة لشخصية الميرغني المحورية التي تؤمن للمبادرة قدراً معقولاً من النجاح والدعوة لجميع كل الأحزاب ومكوناتها ومنظمات المجتمع المدني التي فرضتها ضرورة المرحلة.
ومضى عثمان إلى القول .. ويمكن أن نمثل لذلك باتفاقية الميرغني- قرنق وكل ما نالته من زخم وتأييد جماهيري إلا أنها لم تستطع أن تطمئن الإسلاميين فقاموا بانقلابهم الذي نجني ثماره حتى الآن .. وبالمقابل فاتفاق نيفاشا بما ناله من زخم وتأييد لم يحل مشكلة البلاد ولم يستطع أن يوقف الحرب في البلاد وها هي الحرب تصل أمدرمان ولا حرج من ذكر أبيي دونما تفصيل.
ü ما هو الجديد في مبادرة الميرغني وماذا يميزها عن المبادرات المطروحة في الساحة إن كان هذا رأيكم فيما طرح من مبادرات؟!
– الجديد في اتفاقية الميرغني شمولها واهتمامها بكل القوى السياسية حتى المهمشة منها التي لا يعتد بها ولا تتم إستشارتها في شؤون السودان بالإضافة إلى أنها المبادرة الوحيدة التي لا تحمل شروطاً مسبقة وهمها الأكبر كيف ينقذ السودان وهي لا تحتاج لتأييد من أحد، لأن الجميع سيكونون صناعها. وهي ذات مراحل .. الأولى منها سؤال إستراتيجي واحد وهو (ما مدى إستعداد الحزب أو المنظمة أو الفصيل حتى لو محارب، في المساهمة في إنتاج حل سلمي لكل مشاكل السودان)، بمعنى أقرب حل سلمي ليست فيه بندقية.
ü على من طرحت المبادرة حتى الآن وهل وجدت القبول والتأييد ممن عرضت عليهم ؟
– نعم طرحت المبادرة على بعض القوى السياسية وقد وجدت القبول من كل الذين عرضت عليهم وهم إخواننا في المؤتمر الوطني.
ü قاطعته قائلة .. هل قلت إخواننا؟
– نعم إخوانا، هل لديك شك فنحن في السودان إخوة.. مواصلاً حديثه، وإخواننا في جبهة الشرق وحزب البعث العربي السوداني وحزب الأمة والمؤتمر الشعبي والحركة الشعبية التي إستلمت المبادرة ولم تتحدث للجنة، لكن أمينها العام باقان أموم تحدث مع الميرغني وأعلن موافقته … بالإضافة للحزب القومي بقيادة بروفسير الأمين حمودة، وطبعاً إخواننا في الحزب الشيوعي إلتقوا بالسيد محمد عثمان الميرغني شخصياً وأكدوا موافقتهم على المبادرة، وطبعاً مقابلة اللجنة معهم ستكون شكلية كما إلتقت اللجنة بإخواننا المسيحيين وهم الآن يقومون بطرحها على كل المسيحيين في أنحاء السودان.
ü سيدي أنت لم تذكر حتى الآن اتصالكم بالمشير عبدالرحمن سوار الدهب الذي يقود تياراً قوياً من منبر هيئة جمع الصف الوطني، التي تعتبر مبادرة مثل مبادرتكم..!!
– نعم نحن لم نتصل بهيئة جمع الصف الوطني كمبادرة، لكن قد وضعناها في برنامجنا لكننا سنتصل بالمشير عبد الرحمن سوار الدهب كشخصية بارزة في خارطة السياسة السودانية، وهي قائمة ضمن كل الشخصيات الوطنية والقومية.
ü هل تتعارض مبادرتكم مع مبادرة جمع الصف الوطني؟
– لا .. لا .. لا تتعارض معها . وقلت لكم إن الوصول اليهم مضمن في خططنا.. وهنا لابد من التأكيد على أن مبادرة الميرغني يتم الإعداد لها منذ أكثر من عامين، لكن حدث لها تحريك الآن.
ü أستاذ عثمان لابد من الوقوف عند هذه النقطة قليلاً .. اذا كانت هناك مبادرات قد طرحت وكان أحد القائمين عليها شخصية قومية مثل المشير سوار الدهب .. لماذا تطرحون أنتم مبادرة منفصلة.. هل هي عقدة تقديم مبادرة باسم حزبكم، أم دخلتم حلبة سباق المبادرات؟
– لا .. ليست لدينا عقدة اسم ونحن لا نريد اسماً ولا صفة لكن نريد أن يجتمع الناس ويصطفون في صف واحد، ففي ظني أن هيئة جمع الصف والقائمين عليها من قيادات سياسية وأساتذة جامعات في مجملهم إسلاميون وفكرتها قريبة مما تم في نيفاشا، لكن نحن في النهاية (البهمنا) أن يلتقي أهل السودان تحت مظلة واحدة.
ü هل واجهتم صعوبة أثناء طرحكم للمبادرة .. وبشكل آخر هل تتوقعون أن تواجهكم مصاعب؟
– عندما أردنا طرح هذه المبادرة كنا نفكر في الصعوبات التي ستواجهها، وهي تتمثل أولاً في طبيعة السودان، لأنهم لا يقبلون (بحاجة جاهزة) ويحترمون الأشياء التي يشاركون فيها … ثانياً التأثيرات المختلفة الداخلية منها والخارجية.. ونقصد بالداخلية تقييم كل حزب لنفسه، وهذا بالطبع يضيق فرض الحوار مع الآخرين.
أما الخارجية فهي تتمثل في المصالح الخارجية في السودان، خاصة بعد إكتشاف البترول والأهم من ذلك المكاسب التي تحققت، فإذا تهددت لا يمكن أن يتم القبول بأي حل.
وفي ظني أن أكبر خطر يواجهنا ويواجه أي اتفاق في السودان هو الأضرار والمظالم التي حاقت بعدد كبير من المواطنين ولابد من الإتفاق وإزالة تلك المظالم ولعل أكبر مشجع لنا في هذه المبادرة إلتزام رئيس الجمهورية برفع أي ظلم ومناشدته لأجهزة الدولة برفع الظلم عن السودانيين واعتقد أن هذا دافع لأي مواطن يقبل على العمل الوطني باعتبار أن ظلمه سيزال.
لكن يبقى خطر الفساد الذي يواجه السودان وهو دولة نامية غير مرئية وهو من أخطر الجبهات التي يمكن أن تهدد أي عمل، ولابد من إيجاد إدارة قوية جداً لمواجهته.
وقال مختتماً إجابته على السؤال، كل هذه الصعوبات ظللنا ندرسها على مدار سنتين دراسة متأنية بعيدة عن الضوضاء والإعلام والكيد السياسي، وهي محصنة الآن ضد كل أمراض المجتمع السياسي.
ü أستاذ عثمان كنتم تقودون خطاً للحوار مع المؤتمر الوطني، هل هو ضمن المبادرة أم أنه حوار منفرد.. وماذا بشأنه الآن؟
– العمل السياسي إنتاج ذهني، والسياسة تعني التنافس ولا يقفل فيها أحد بابه إلا المتحاربون وحوارنا مع المؤتمر الوطني وصل في السابق لتوقيع إتفاق جدة الإطاري واتفاق القاهرة، وباب الحوار لم يقفل أبداً لا مع المؤتمر الوطني ولا مع الأحزاب السياسية الأخرى، ولعل مرونة الحزب الإتحادي الديمقراطي أهلته لأن يكون حزب الوسط، كما أهلته الى أن يطرح نفسه على الساحة السياسية من خلال مبادرة الميرغني .. وزاد بالقول: يمكن هذه المرونة خلقت لنا مشاكل داخل الحزب من قبل بعض المتعصبين الذين يعتقدون أن الخصومة السياسية مثل خصومة الورثة أو التجارة، لكننا بالصبر أستطعنا تجاوز هذه العقبات بالرغم من أنها أصبحت تعبر عن نفسها وانفعالاتها الفردية، لكن جوهر المسيرة الآن يتقدم بثقة وثبات نحو النصر.
ü لمْ ينتظر الميرغني طرح هذه المبادرة بعد عودته لأرض الوطن؟
– حقيقي كنت أنتظر هذا السؤال وأتوقعه، لكني أقول إن الميرغني رجل سياسي يتحرك وفقاً لاستراتيجيات وطنية ولا يتحرك من منطلق شخصي أو من منطلق مصلحة.. واذا كان الميرغني يتحرك من هذه المنطلقات الضعيفة (لعاد من زمان) وحقق مكاسب شخصية، لكن واضح جداً أن عودته وعدم عودته (مربوط) بالقضية المركزية، وهي اتفاق أهل السودان على مبدأ حكم بلادهم.. واذا كان الميرغني يريد إتفاقاً ثنائياً كان يمكن أن يعود منذ اتفاق جدة الإطاري، لكنه أيضاً لم يكن إتفاق منهج لتداول السلطة في السودان.
وزاد الشريف بنبرة صوت عالية وقوية، هناك زاوية دائماً ما يتحدث عنها الناس وهي القرب المكاني للسيد محمد عثمان الميرغني من الناس، وأقول لهؤلاء الناس إن التقدم الذي حدث في مجال الإتصالات لم يترك مجالاً للقرب المكاني أو الزماني فإننا يمكن أن نعقد إجتماعاتنا عبر الجوال وتضم تلك الإجتماعات قيادات موجودة بمختلف بلدان العالم.
من أجل ذلك أقول إن عودة الميرغني تحددها الأهداف الإستراتيجية التي خرج من أجلها.[/ALIGN] صحيفة اخر لحظة