حوارات ولقاءات
نائب مدير المعهد العربي للدراسات الاستراتيجية : المجتمع الدولي لم يقتنع بوقف صراع دارفور
——————————————————————————————————-
* السودان أصبح محور اهتمام عالمي كبير؟
– فعلا انا شعرت بهذا الأمر وزاد ادراكي لأهمية السودان بعد وصولي اليه، فالسودان دخل الآن مرحلة استغلاله لموارده وطاقاته وإمكانياته، مما جعل الأنظار تتجه لهذا المارد الذى بدأ يخرج من قمقمه، مع اختلاف شكل هذا الاهتمام من منطقة لأخرى.
* هل ترى ان قضية دارفور وما أوجدته من زخم إعلامي تسببت فى ذلك؟
– نحن ومن خلال المعهد تناولنا أزمة دارفور بالبحث والتحليل خلصنا الى ان دارفور أسهمت بشكل كبير فى جذب نوع من الانتباه، لكن لابد من الانتباه الى ان الخرطوم بعد أن شارفت على التوصل لاتفاق نهائي لحل أزمة الجنوب، ظهرت أزمة دارفور التي أصبحت عاملاً فاعلاً في تهديد وحدة السودان واستقراره.
* هل يمكن اعتبار دعاوى المحكمة الجنائية على انها (نوع ) من اهتمام القوى الدولية بالسودان، وان كان بصورة معكوسة؟
– من الواضح ان أزمة دارفور شهدت تداخلاً كبيراً وصراعاً مضطرداً للأجندة الخارجية، وما يحدث فى دارفور اعتقد انه جزء من إستراتيجية أمريكية كبرى فى منطقة الشرق الأوسط الكبير.
* كيف ينظر الشارع العربي لاتهامات المحكمة الجنائية؟
– نظرة الشارع العربي للشرعية الدولية تنم عن ازدراء شديد خاصة بعد احتلال العراق، ومذابح غزة، وما يجري تدبيره للسودان. وانا ارى ان المحكمة محطة مهمة فقد عكست ما كان يحدث سابقاً.
* كيف ذلك؟
– فى السابق كانت الدول العربية والإسلامية تتقدم بمشاريع قرارات وشكاوى، وكانت الولايات المتحدة وحلفاؤها يقفون ضدها، ويسعون لعرقلتها. الآن يحدث العكس، فالولايات المتحدة وحلفاؤها يعدون القرارات، بينما تسعى الدول العربية والإسلامية ومن وقف معهم على عرقلتها خاصة المساعي الأخيرة بنيويورك.
* حديثك بصورة عامة لا يتسق مع اتجاه المجتمع الدولي لتسوية ملف دارفور بالدوحة حاليا؟
– على العكس.. انا أرى ان المجتمع الدولي لم يصل بعد لقناعة بضرورة وقف الصراع بإقليم دارفور، وبقراءة مشهد مباحثات الدوحة بتعمق لا ابدو متفائلا، فالزي العسكري للدكتور خليل وقادته المفاوضين يبعث رسائل سالبة، بجانب ان المطالب التى طرحتها الحركة كانت غير واقعية رغم كونها تفاوضية، وأخيراً أود ان أضيف ان عدم حضور عبد الواحد محمد نور رئيس حركة تحرير السودان للمفاوضات جاء نتاج أجندة خارجية مما يدعم تصوري، وهذا يعيدنا للحديث عن الإستراتيجية الأمريكية تجاه الشرق الأوسط، الذي تنظر له بصفته حديقة خلفية يجب تأمينها تماماً، فى ظل صراع طويل واستراتيجي مع بقية القوى الكبرى كالصين مثلا. وهنا لابد من الإشارة الى ان الإستراتيجية الأمريكية نجحت لحد كبير فى ترويض الكثير من الأنظمة العربية وجعلها موالية لواشنطون، إلا ان هناك دولاً كانت عقبات كؤودة لهذه الإستراتيجية، كالعراق والسودان ووصول حماس للسلطة بفلسطين.
* هل ستستمر امريكا فى سياستها تجاه الشرق الاوسط حتى بعد وصول اوباما لسدة الحكم؟
– السياسة الأمريكية لا تتغير بتغير الأشخاص، وانا اعتقد ان اوباما نفسه متفاجئ من التورط الأمريكي فى منطقة الشرق الأوسط، ولكنه لا يستطيع فعل شئ. وستستمر الإستراتيجية الأمريكية فى طريقها بالنظر لكل دولة على حده، فالعراق تم فيه استخدام كرت الديمقراطية وحقوق الانسان، وسوريا وجودها فى لبنان، و دول الخليج يتم الضغط عليها بضرورة تأمين حقوق المرأة، اما السودان فعبر التلاعب بمسألة التباينات الاثنية.
* هل يمكن ان تفصل أكثر فى الحالة السودانية؟
– التعدد الإثني كان أكثر تأثيراً على دور السودان، فالقوى الإقليمية والدولية استطاعت النفاذ من خلاله بشكل هدد وحدة السودان وتكامله القومي، خاصة فى الجنوب ودارفور.
* أحداث غزة الأخيرة وقبلها ازمة دارفور كشفت عن صراع ريادة فى المنطقة بعد صعود قوى جديدة كقطر؟
– اتفق معك بان هناك صراعاً حول الريادة.. فالسعودية أضحت لاعب أساسياً بالمنطقة رغم تحفظ البعض على ذلك، فى وقت صعدت فيه قطر وخطت بعيداً مستغلة نفوذها الدبلوماسي والاقتصادي المتنامي، خاصة بعد نجاحها فى ملفي لبنان وفلسطين، والآن دارفور.
* واين الدور المصري المعروف بريادته التاريخية؟
– الدور المصري تراجع منذ حرب العراق الأخيرة، فالقاهرة أصبحت تتخلى شيئاً فشيئاً عن دورها القومي، وهذه الإستراتيجية المصرية تختلف باختلاف القضايا والمواقف، وما حدث فى غزة ليس ببعيد عن الأذهان.
* كيف وجدت صورة دارفور على الأرض بعد زيارتك لها اخيراً؟
– لقد زرت معسكرات النازحين بولايتي شمال وجنوب دارفور، والتقينا النازحين هناك، حقيقة الأوضاع سيئة. وهذا المشكل يرتبط فى مجمله بالفقر وتوابعه، وهنا لابد من اعطاء الدولة (نفس) لتنفيذ المشاريع التنموية.[/ALIGN] الراي العام