منى سلمان

فن الاستمتاع بالعيد .. !!


[ALIGN=CENTER]فن الاستمتاع بالعيد .. !![/ALIGN] لا يبارحني الشعور بأننا شعب لا يجيد فن الاستمتاع بالحياة، ونكتفي من العيش فيها بتمثيل دور الترس .. ندور ضمن دورة تروس الساعة، التي تحسب الأيام والشهور ثم السنين في (عمرنا الضايع هدر) .. كما أن الحرص (الكاتلنا) على المظهر والشكليات يشتت مقدرتنا على التركيز للاستمتاع بـ لطائف الحياة.
وخير دليل على ذلك طريقتنا الفريدة للاحتفال بالاعياد، حيث ينحصر معنى العيد لدى (الكثير) من الرجال على السعي بـ جري الوحوش في سبيل الاجتهاد لاكمال صورة العيد في عيون العيال – وإن تعذر – فـ لابأس من اللجوء لحكمة (نديّن عشان نتبيّن)، وما ذلك إلا لتحقيق الحد المعقول من مظاهر العيد قدّام عين الناس، كـ حق الكسوة وحق الحلويات والخبيز، والذي يحتاج معها الرجال – في عيد الضحية لـ (قومة نفس) اضافية لتوفير حق الخروف .. ثم الانقشاط صباح العيد داخل الجلاليب الجديدة وامتطاء ما تأصّل من جلد (أصلة) أو تنمّر من جلد النمور من المراكيب، قبل الانطلاق للصلاة ومن ثم بداية (اللف) على بيوت الاهل والاصحاب، المصحوب بـ (السف) من عروض الحلويات والخبائز، مع الحرص الشديد على تركيب (وش الفرحان) ولو بتثبيت البسمة على الوجوه بـ شريط (سلوتيب)، وتسميع التهاني والأماني المكرورة بالكثير من الحماس للتأكيد على شعورهم بفرحة العيد حتى ينقضي أول أيامه على خير.
أما تعاطي النساء مع فهم الاحتفاء بالعيد فـ (يحنن الطير في سماهو) .. حيث تتجلى (معاناة) النساء وربات البيوت من فرحة العيد، في شيل الهم الـ (بتطيّر النوم من العيون)، والمتمثلة في انزال الستائر وغسل الابواب والشبابيك والحيطان والاجتهاد في (كرش الكدوب) الذي تحظى به البيوت من الحول لـ الحول، كي تلمع في صباح العيد كلمعان الاسنان بالابتسامة في دعاية معجون الاسنان الشهير، بالاضافة لشيلهن الهم من (مجابدة) أبو العيال، للطلوع من ذمته بـ حق الملايات والمفارش الجديدة وبعض المزهريات، وتزداد تلك الهموم (حبّة) في عيد الضحية أيضا، بـ شيل الهم من ومقابلة النيران، وان خففت من وطأته المتعة الموعودة بضرب (الشيّات والنيّات) وشرب (الشربوت) بـ إهمال قد يعاقب عليه القانون !
في (صباي) كنت وأخواتي كحال كل البنات، نسهر ليلة الوقفة حتى الصباح في اعادة تشكيل البيت بصورة براقة تناسب العيد، ثم نسرع للاستحمام والقشرة بعد خروج الرجال للصلاة، استعدادا لملاقاة وفود المهنئين بالعيد بوجوه قد اضناها السهر والتعب ورغم ذلك نحرص على لصق ابتسامة الفرح بالعيد بـ (سلوتيب) العادة، وما أن تحل (كرسة) الضحى وتخف كراع الداخلين والمارقين، حتى ننقشط للنوم تحت الاسرّة وليس فوقها حرصا على الملايات (ما تتكرفس).
لا أحب أن أظلم نفسي بتشبية احساسي بالعيد بدبرسة المتنبيء وقناعته من خيرا قد يأتي به العيد .. دي تبقى مبالغة ساي، ولكن دائما ما يحمل لي العيد الشعور بالقلق والتوتر لحرصي على اكمام الاستعداد له بكل الشكليات كغيري من النساء .. وان زاد من هم العيد الشعور بعدم الثقة في مقدرتي على (الفرح) بالعيد كما يجب أن تكون الفرحة، مع شيء من اللهلهة وعدم الاستقرار الناتج من تغير روتين الحياة اليومية، وأيضا لخوفي من الفشل في تمرير ارث الاحتفاء والفرح بالعيد لابنائي كما ورثته من أهلي الكبار، بعد اضافة مهارة تحسس المعاني للاستمتاع بفرحة العيد كما يجب أن تكون.
على كل حال بما إنو الليلة الوقفة وبكرة العيد، حقو نغتنم الفرصة عشان نبدأ في المحاولة لتعلم أنفسنا متعة الشعور بالعيد جد جد، وذلك من خلال تحسس معاني صعوبة التضحية بفلذة الكبد ثم فرج الفداء بـ (وفديناه بكبش عظيم)، قبل الانبهال في أكل الشيّات النيّات والخوض لـ (الركب) في حلل الشربوت ..
غايتو .. عشان ما نملاكم نقة كدي خلوني النقول ليكم:
ما تنسونا من صالح الدعاء في هذا اليوم المفترج .. وكل سنة وانتوا طيبين.

لطائف – صحيفة حكايات
munasalman2@yahoo.com


تعليق واحد

  1. لا وألف لا.. فليس من شعب على وجه الأرض يجيد فن الاستمتاع بالعيد والحياة مثل الشعب السوداني .. ومن سياق المقال ووصف كيفية الاستعداد للعيد سواء من قبل الرجال أو من قبل النساء هو الدليل القاطع والبرهان الساطع على دحض زعمك بأننا شعب لا يجيد فن الاستمتاع بالحياة وبالعيد!!! … ربما لو أنك عايشتي بعض الشعوب الأخرى خاصة الشعوب العربية التي تشاركنا في مواسم الأعياد بحكم أننا مسملين لعرفتي كم هو الفرق ساشع بيننا وبينهم … بل هناك بعض الشعوب لا ترى في الأضحية قضية ذات أهمية ويكتفون بشراء بعض كيلوهات من اللحم من محلات بيع اللحوم !! وهل هناك أعظم أو اجمل من تبادل الزيارات في صباح العيد بين أهل الحي وبين الأقارب.. إنها صلة الرحم التي لها ما لها من مكانة عظيمة في دين الإسلام .. يكفي ان هذا الشعب الطيب متمسك بها ويتخذ من العيد منبراً ليحي هذه السنة العظيمة في التواصل بين الأرحام…
    عزيزتي أ. منى: قامة هذا الشعب سامقة وما ورثه هذا الشعب من عادات وتقاليد هي بمثابة قانون بيئي واجتماعي وديني وثقافي ولا أكون مبالغاً إن قلت لولا هذه العادات والتقاليد التي يتمسك بها هذا الشعب الكريم لما بلغك ما تبقى من فرحتك بالعيد قدر ضآلتها ولما عرفتي المعنى الذي وضعتيه محل الاهتمام في قضية الفداء… العيد العيد معروف ولكن المسلم له في حياته أعياد تكاد تكون على مدار الثانية والدقيقة ومصداق ذلك قوالله تعالى: إن الله يحب العبد إذا أكل الأكلة وشرب الشربة أن يحمد ا لله عليها … فكل نعمة ينعم الله بها على الإنسان ولو كانت في شربة ماء تذهب عنه العطش هي نعمة تستحق أن يحتفل الإنسان بها بالشكر والحمد ويعدها عيدا كلما لاقى من النعم… نحن شعب نجيد فن الاستمتاع بالعيد … ولو سألنا العيد يوما في أي أرض وجدت نفسك لقال: وجدتها في السودان !!… ولعلي أردد قول الشاعر: كن جميلاً ترى الوجود جميلا …

  2. لحلاوة مقالك اليوم رغم انه زكرنا وجوعنا وعطشنا ( للكان مفقود فى عيد غربتنا وقال سفن اب بدله قال ) ، قبلنا تعقيبك السابق طالما ختيتيها فى ناس الجريده والنت ، وكلمة حق وللماعارفين وبالتجربه مافى اروع واجمل واحلى من العيد فى السودان ( بريفه وحضره )وبكل مافيه من مكابده وجرى وتعب والعنده شك كده يجرب ويغترب ، وتركيب وش فرحان دى جديده ولا شفناها ولاسمعنا بيها الا تكون دخلت مع العولمه كفانا الله واياكم شرورها .

  3. أسعد عيد في العالم عندنا في السودان,حيث إجتماع الأهل والأصدقاء والأحباب….وكل سنة وإنت طيبه ىا أستادة وتقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال……

  4. مشكورة للرجوع للعيد ولاأوافقك الراى فشعب االسوداناكثر شعب يجيد الاستمتاع بالاعياد وكل ما ذكرتيه هو غاية المتعه بداية بالسهر لكرش الكدوب والحوامة فى الاسواق لفرحة الاطفال ونهاية باللف على البيوتفى صباح العيد حيث تقال احلى الكلمات بالله فى متعه اكثر من كده وين نلقاها……. وانا شخصيا جربت العيد خارج السودان ولم اجد له طعما الا فى لمة السودانيين والاكلات السودانية التى كان يشاركنافيها الجيران من الاخوه العرب فى ذلك البلد…… متعك الله بالصحة والعافية وكل عيد وانتى اكثر سعاده وما تقولى واقفين لى فى حلقى مع تحياتى .

  5. الله يا مدام تحليل موضوعي و واقعي جدا لكن بس احنا شعب عاطفي و ما بعجبنا المنطق غايتو الذ حاجه راس السنه بهجه بره البيت ولبده جوه البيت و هابي نيو اير