مصابو الانقلاب.. و(الرصاصة لا تزال في جسدي)
ويؤكد المصابون أن الأطباء قرروا ترك رصاص وخرطوش داخل أجسادهم, خوفا من مضاعفات التدخل الجراحي, مما قد يؤدي إلى الإصابة بشلل نصفي أو تام.
وشددوا في حديثهم للجزيرة نت على أنهم لن يتوقفوا عن الخروج والمشاركة في الفعاليات المعارضة للانقلاب العسكري مهما كانت الظروف, وأنهم لن يفرطوا في حقوقهم وحقوق من قتلوا.
وكانت مجزرة فض اعتصامي رابعة ونهضة مصر الرافضين للانقلاب العسكري -الذي جرى في الثالث من يوليو/تموز الماضي- أسفرت عن سقوط نحو ثلاثة آلاف قتيل وسبعة آلاف جريح، وفق تقدير “التحالف الوطني لدعم الشرعية”, بينما ذكرت وزارة الصحة أن حصيلة الضحايا بلغت 525 قتيلا، إضافة إلى أكثر من 3500 مصاب.
رصاصة بالنخاع
ويقول محمد صلاح مرعي (34 سنة) -تاجر يسكن بمنطقة المرج بالقاهرة- إنه أصيب في أحداث رمسيس الثانية التي وقعت يوم الجمعة التالية لفض اعتصام رابعة.
وروى للجزيرة نت تفاصيل إصابته, فقال “تلقيت رصاصتين في ذراعي اليمنى, إحداهما رصاصة متفجرة أدت إلى قطع شرايين وأعصاب الذراع, وتفتت عظمتي الساعد تماما، ورصاصة أخرى دخلت بين فقرتي العنق, وتوقفت قبيل النخاع الشوكي مباشرة، وكنت بفضل الله الحالة الوحيدة من ضمن خمس حالات مشابهة لم تصب بالشلل”.
وأضاف محمد “نقلني بعض الشباب بعد إصابتي مباشرة إلى مسجد الفتح, فوضعوا لي محاليل وضمدوا جراحي, وهم لا يعرفون ما الذي أصابني, ثم أخذني أحدهم إلى مستشفى المنيرة الذي طلب مني الذهاب إلى مستشفى قصر العيني”.
وتابع “كان قد وصل إليّ أخواي سعيد وسامي وابنا سعيد, ولدى تحركنا من المنيرة للذهاب إلى قصر العيني قابلنا كمين أمام مركز شرطة قصر النيل, فأوقفنا واعتقل أخويّ, وابنَيْ سعيد, وصديقا لي كان معي, وتركني ملقى مع ثلاثة مصابين آخرين أنزف من عنقي لأكثر من ساعة ونصف الساعة”.
وأوضح أن الأطباء رفضوا إزالة الرصاصة من عموده الفقري, خوفا من تحريكها أو قطع أي أعصاب أو التأثير في النخاع نفسه, وهو ما قد يهدده بالشلل, لذا قرروا أن يكمل حياته وهي في عنقه, كما أظهرت أشعة مقطعية على المخ وجود خرطوش على الجدار الخارجي للجمجمة, ورفض الأطباء إزالته أيضا, خوفا من مضاعفات العملية.
وأشار محمد إلى أنه أجرى 15 عملية جراحية من يوم 16 أغسطس/آب الماضي حتى الآن تم فيها عمل رقعة جلدية من جلد الفخذ، وعمل رقعة عظمية من عظام الحوض، كما سيتم إجراء عملية أخرى لعمل رقعة عصبية للذراع.
وبشأن تأثير الإصابة في حياته, قال إنه منذ إصابته لا يستطيع الحركة إلا بمساعدة الآخرين, إذ إن أي حركة مفاجئة أو غير مناسبة قد تسبب له مضاعفات خطيرة, سواء في العمليات التي أجراها بذراعه, أو الرصاصة المستقرة في عموده الفقري.
وأصبح محمد عاجزا عن ممارسة عمله الذي كان يتطلب منه الحركة والتنقل بين العملاء, خاصة مع اعتقال أخويه وابنَيْ أخيه, وهم شركاؤه في العمل نفسه.
لإصابة فخر
وأوضح أنس عبد المجيد عمران (29 سنة) -صيدلي يسكن بقرية ناهيا بالجيزة- أنه أصيب في فض رابعة, وجاءت الإصابة برصاص حي بين عظمة الفخذ والحوض.
يقول للجزيرة نت “كان علي الاختيار بين إزالة الرصاصة أو بقائها, فاخترت بقاءها لأن إزالتها كانت ستؤثر في حركتي”.
وتابع أنس “استقرار الرصاصة في جسدي ﻻ يمثل مشكلة بقدر ما تمثله إزالتها, لأنها حينها ستؤثر في الحركة, إذ سيتسبب ذلك غالبا في قطع بالأوتار والعضلات”.
وأشار إلى أن مكان الرصاصة يؤلمه عندما يقوم بمجهود شاق. وعن شعوره وهو مضطر للتعايش مع رصاصة بجسمه, قال “أشعر بالفخر لأني أصبت بالرصاصة وأنا أدافع عن وطني وحقي وديني, وأتمنى من الله أن تكون سببا في دخولي الجنة”.
وبشأن موقفه من الانقلاب بعد إصابته واستمرار وجود رصاصة بداخله كانت ستودي بحياته, قال “لن أتراجع عن موقفي, بل لقد زادتني الإصابة إصرارا على الصمود في وجه اﻻنقلابيين”.
وبين أنه مستمر في موقفه وخروجه في المظاهرات والاحتجاجات المناهضة لنظام الانقلاب “حتى ينحدر الانقلابيون ويسقطوا, وتعود الشرعية, ويحاكَم القتلة” مشيرا إلى أنه وغيره الكثيرين وهبوا أنفسهم لله, ولن يتراجعوا.. “ومكملون”.
لا تراجع
وقال عبده محمد حسن (٢٥ سنة) -يقيم بالمنصورية بمحافظة الجيزة- إنه يفتخر بإصابته, وإنه كان يتمنى الشهادة, لذا فهو يشارك في كل المسيرات التي تخرج في قريته وبالمحافظة.
وأضاف عبده -الذي يدير مؤسسته الخاصة للمعدات الثقيلة- أنه أصيب في أحداث مدينة الإنتاج الإعلامي -التي وقعت مطلع أغسطس/آب وقبل فض رابعة مباشرة- بخرطوش استقر في كتفه اليمنى, ورفض الأطباء إزالته.
وقال للجزيرة نت إن الخرطوش الذي أصيب به “عبارة عن كرات حديدية حادة الأطراف, أميركية الصنع, يبلغ حجم الواحدة ستة مليمترات”. وبين أن الطبيب رفض إزالة الخرطوش من الكتف, لصعوبة إخراجه دون حدوث قطع في الأوردة والشرايين.
وتابع عبده “أشعر بالخرطوش دائما ويؤلمني أثناء الحركة, ولكن لم أتركه إلا بعد أن أكد لي الطبيب أن تركه أفضل من إزالته”. وأوضح أن إصابته وما جرى له ولغيره يجعلانه يصر على موقفه, مضيفا “لا تراجع ولا استسلام إلى أن يقضي الله أمرا كان مفعولا”.
محمد إمام :الجزيرة
[/JUSTIFY]