حوارات ولقاءات

نائب رئيس الجنوب د. رياك مشار : التنمية ليست من أولويات حكومة الجنوب..!

[ALIGN=CENTER]224200925257AM6[/ALIGN] [ALIGN=JUSTIFY]بابتسامة حذرة وبهدوء عرف به الرجل، كاد نائب رئيس حكومة الجنوب د. رياك مشار، يرفض مبدأ الحديث متذرعاً بملفات تزحم مكتبه قطعت عليه عطلة نهاية الأسبوع.
وتذرع أن الوقت المتاح لإنجازها أوشك على النفاد، وأن عليه مهرها بموافقته أو رفضه قبيل مغادرته للخرطوم، لكنه استجاب لإلحاح زميله في (المتمردين)، د. كستيلو قرنق، ولأن الرجلين تمردا مرة على الخرطوم، ثم تمردا على قرنق، ثم صالحا الخرطوم، ثم خاصماها وعادا للحركة الشعبية مرة أخرى، إستجاب الرجل ومنحنا عشر دقائق..!
طالت العشر دقائق لتتجاوز الساعة والنصف، وبعدها لم يكن أمام (البنج) إلاّ ترك الأوراق (مكومة) على مكتبه، فيما خرج أحد مساعديه يحمل حقيبة سفره إلى الخرطوم للمشاركة في اجتماعات اللجنة التنفيذية المشتركة.

إسألوا سياسات الخرطوم
يرى الخبراء الإقتصاديون ان حكومة الجنوب ستدفع ثمناً باهظاً جراء الأزمة الإقتصادية العالمية، وما ترتب عليها من انخفاض كبير في أسعار البترول، لأن ميزانيتها تعتمد بنسبة تقارب الـ (99%) على حصة الجنوب من عائد البترول.
عن كيف تتعامل حكومة الجنوب مع الأمر قال د. رياك مشار إن حكومة الجنوب حسب الدستور تقع في مستوى أدنى من حكومة الوحدة الوطنية، وبالتالي فإنها تخضع نظرياً للسياسات الإقتصادية التي ترسم في الخرطوم.
أما محلياً فإن حكومته ـ حسب عبارته ـ بدأت ترتيب شأنها بمراجعة الموازنة لتستطيع مخاطبة الأزمة، وشرعت في تفعيل حقوقها الدستورية لجمع مواردها من ضرائب الولايات والجمارك على الحدود وفق سياسات جديدة، للتخفيف من أثر الاعتماد على العائدات البترولية وحدها.
وقال (رتبنا حالنا لجمع العوائد والضرائب والجمارك، والإستفادة من الحركة التجارية المنتعشة بين الجنوب ودول الجوار يوغندا، كينيا واثيوبيا، ونسعى لتنشيط حركة التجارة على الحدود مع الكنغو الديمقراطية، على الرغم من وجود بعض المشاكل الأمنية التي ترتبت على تجدد النزاع بين جيش الرب والحكومة اليوغندية، وامتدادها لداخل دولة الكنغو).
لم تكتف الحكومة التي يتولى د. رياك مشار أحد أهم وظائفها برسم السياسات المالية حسبما أوضح، لكنها عملت في ذات الوقت على رفع (وعي المواطن)، وتعريفه بالمستجدات الاقتصادية التي جعلت الوضع المالي في الجنوب يختلف عن السنين السابقة، ما يستدعي الطلب من المواطنين ترتيب أوضاعهم لمواجهة نذر أزمة مالية حادة، واستثمار الموارد بكفاءة وترشيد الصرف من الميزانية.

الأمن غير مستتب
وحسب المتداول فإن حكومة الجنوب كانت قد شرعت في تنمية الإقليم خلال موازنات الأعوام (2006- 2007- 2008م)، لكن النتائج على الأرض ليست بقدر ما يتداول، لكن رئيس حكومة الجنوب قال: (لا.. لم تكن التنمية أولويتنا الأولى في تلك السنين، كان بسط الأمن هو الأولوية، لأن التنمية لا تتحقق بدون استقرار أمني، لذا خصصنا ميزانيات الأعوام الثلاثة لبسط الأمن، وسخرنا ما تبقى منها للبنية التحتية من طرق بين الولايات وداخل المدن، وتمكين النقل الجوي من أداء واجبه، بالإضافة للخدمات الضرورية في مجال البنية التحتية، مثل مدارس النازحين، والخدمات الصحية، وإنفاذ برامج إعادة توطين النازحين العائدين من الشمال ومن دول الجوار).
بعد الإستقرار الأمني قال مشار إنهم كانوا ينوون التركيز على التنمية في هذه السنة.
معلقاً على ما يمكن اعتباره بالطرق غير الممهدة جيداً، أقر نائب رئيس حكومة الجنوب بالأمر لكنه قال: ـ (أصبحت الطرق موجودة، رغم انها ليست بالمستوى المطلوب، لكن صار بمقدور الناس الوصول إلى جوبا من الخرطوم براً خلال يومين، ما يمكننا من نقل الآليات الزراعية، والآليات التي ستسهم في التنمية عن طريق البر، بعد أن كانت حتى السلع الغذائية تأتي للجنوب عبر الجو).
وحسبما أفاد د. مشار فإنه إلى جانب السياسات الكلية فإن حكومته شرعت في إنفاذ ترتيبات إدارية لمواجهة نذر الأزمة بإجازة قانون الاستثمار لجنوب السودان بعد أن كان القانون الاتحادي هو القانون العامل، وأن صياغة قانون للاستثمار جاء لتشجيع الاستثمار بشكل استثنائي في الجنوب.
ورغم القانون فإن مشار أقر بوجود مشاكل تواجه الاستثمار بقوله: (المستثمر يريد استقراراً سياسياً وأمنياً، يضمن عدم قطع الطرق على المستثمرين ونهب أموالهم، ويطمئنهم على استقرار يمنع الشغب الانتخابي الذي قد يؤثر على استثماراتهم).
وأضاف: (ما زالت البنية التحتية ضعيفة لتشجيع الاستثمار، البنوك الإسلامية إنسحبت، وجاء من أسسوا بنوكاً جديدة مثل البنك الكيني للتجارة، إضافة لوجود جهود سودانية لإنشاء بنوك بسبب أهمية النشاط المصرفي للاستثمار، أجزنا القانون لأن قانون الاستثمار القومي كان غير كافٍ).
قد يرى البعض أن البنوك الموجودة غير قادرة على تمويل التنمية، ويؤيدهم نائب رئيس حكومة الجنوب الذي أوضح: (هذا صحيح، لكننا نريد فتح فرص الاستثمار للسودانيين لخلق طبقة اجتماعية بيدها المال تستطيع المشاركة في التنمية، ولن تنشأ هذه الطبقة دون وجود تسهيلات تمويل بسبب امتلاك الناس لما يرهنونه للبنوك).
وقال مشار: (هنالك أزمة فعلية.. رجال الأعمال يطلبون التمويل والبنوك غير قادرة، لكن بمرور الزمن سيكون حال البنوك هذا العام أفضل من الأعوام السابقة).
ولأن الدولة في الجنوب اشتهرت بـ (الترهل) وبالوظائف الوهمية، فإن حكومة الجنوب حسبما أكد نائب رئيسها شرعت في تخفيض العمالة بما يوفر المال لتوظيفه في عمل آخر منذ نهاية العام 2008م، وأنها استنت سياسة التوظيف اللا مركزي، وشرعت في عمليات إصلاح إداري وهيكلة العمل والاستغناء عن العمالة غير الضرورية، مع التركيز على تشجيع الزراعة.
وأضاف د. مشار (تواجهنا مشكلة أن كل الواردات تأتينا من الخارج، فيما تخرج مواردنا إلى دول الجوار التي تختل المعادلة التجارية بيننا وبينها لصالح دول الجوار، صادراتنا قليلة وهذا ما يدفعنا لتشجيع الزراعة ليكون لدينا صادر، وتشجيع إنتاج الغذاء الداخلي، لأننا نستورد حتى الخضار من الخارج).

التمكين على طريقة مشار
يلحظ بعض المراقبين إنقساما طبقياً حاداً بين الناس في الجنوب بين طبقة تبدو عليها ملامح الثراء ويمثلها كبار موظفي الحكومة والعاملون في المنظمات الدولية، وطبقة أخرى تمثل عامة الشعب تعاني الفاقة والإملاق، لكن لنائب رئيس حكومة الجنوب رأي آخر في النظر للأمر فهو ينفي أن يكون (المسؤولون عندهم قروش) حال مقارنة دخولهم بمستوى المعيشة، ويقول: (لم تتكون طبقات في مجتمع الجنوب، فلو زرت بيت أحد المسؤولين فستجد ما يقارب الخمسين شخصاً يعيشون فيه، وستعرف أنه ينفق على إعاشة أقربائه، ولرأيت أنه يحاول تعليمهم و(تمكينهم)، أنا ما شايف فوارق طبقية، لا يوجد فرق كبير بين رجال الأعمال وبقية المواطنين).
يبدو للناظرين إن ما قاله نائب رئيس حكومة الجنوب ان حكومته تقوم به لمواجهة مترتبات انخفاض أسعار البترول غير كافٍ لذلك فهو يعود ليوضح: (يعتمد السودان على إيرادات النفط و80% من ميزانية الحكومة المركزية من النفط، فيما يعتمد الجنوب كلياً عليها، ما يحول انخفاض الأسعار لضربة كبيرة تواجهنا، وأتوقع حدوث أزمة كبيرة، بدأت فعلياً في جوبا لأن الحكومة ما زالت تصرف في مرتبات يناير وفبراير، وأن الأزمة ستتفاقم ما لم نرتب أمورنا بطرق أخرى مثل الحصول على القروض والدعومات لأنها لن تقف في حدود المرتبات، بل ستتأثر بها إلتزامات برامج التنمية، ويجب على حكومة الجنوب دعمها بكل الطرق).

إشاعات وفساد
كانت هنالك معلومات راجت في وسائل الإعلام تتهم حكومة الجنوب بالفساد، تعاملت معها حكومة الجنوب بصرامة، لكن البعض يقول إن ما ظهر هو قمة جبل الجليد فقط، بل ويقولون إن محاربة الفساد يمكن أن تكون مدخلاً جيداً لمواجهة الأزمة المالية الوشيكة.
لكن لنائب رئيس حكومة الجنوب رأي يقر بوجود الفساد رغم أنه لا يستطيع تحديد نسبته من المال العام، ويصف بعض ما تورده وسائل الإعلام بأنه مجرد (إشاعات)، ويستدل في هذا على معلومات أوردتها صحيفتا (الإنتباهة وآخر لحظة) قالتا إنه شخصياً يملك (25) مليون دولار في البنوك الكينية، وحين ذهب للمحكمة كسب القضية ضد الصحيفتين وحكمت المحكمة لصالحه وبرأته من ما أطلقتا عليه من (إشاعات).
وقال: (قرار المحكمة يوضح أن هنالك إشاعات مغرضة تستهدف حكومة الجنوب، على الرغم من أن أخبار الفساد في بعض الأحيان تكون صحيحة، لكن الإشاعات الكثيرة تجعل الناس يفشلون في إثبات وجوده، حتى الآن لا توجد أمام المحاكم في الشمال والجنوب قضية فساد أدين فيها شخص من الجنوب، دون أن يعني هذا عدم وجود فساد، وفي مجتمع لا توجد فيه قوانين يمكن أن يكون فيه فساد).

وظائف على الورق
يدرج المراقبون مشكلة ترهل جهاز الدولة والأعداد الكبيرة من الموظفين الوهميين الذين يصرف بعض الإداريين مرتباتهم ويسخرونها لصالحهم ضمن أهم قضايا الفساد التي توجه لحكومة الجنوب، فيما يراها نائب الرئيس بأنها موروثة من الحكومة السابقة، لكنه وجه بشأنها وزير العمل ووزير شؤون الرئاسة للذهاب إلى ولايتين في بحر الغزال لمساعدة هذه الولايات في تنقيح كشوفات الموظفين، وإسقاط الأسماء الوهمية.

الأمن غير مستتب
ولأن سؤال الأمن أحد الأسئلة المهمة التي توجه لحكومة الجنوب فإن نائب رئيس الجنوب أوضح أنه لا يستطيع أن يرفع تقريراً لرئيسه يقول (الأمن مستتب سعادتك)، وأجاب على السؤال بقوله: (لا.. لا أقدر على رفع تقرير أمنى يقول للرئيس إن الأمن مستتب، رغم إني منذ ديسمبر أعمل على توعية المواطنين بأهمية جمع السلاح، لكن ما زال السلاح منتشراً، كما أن هنالك تفلتات أمنية حدثت هذا الشهر، صحيح أن التفلتات الأمنية كانت في السابق تحدث في المدن، لكنها أصبحت تحدث في الريف بسبب انتشار السلاح، وأن الإخلال بالأمن ما زال موجوداً).
وتعهد د. رياك مشار بجمع السلاح في العام الحالي بالإستعانة بالجيش الشعبي، أو عن طريق توعية المواطنين لتسليم سلاحهم من تلقاء أنفسهم.
ولم ينف نائب رئيس الجنوب تفلتات أمنية كانت الأصابع تشير فيها إلى (الجيش الشعبي لتحرير السودان)، لكنه قال: (الجيش الشعبي دخل معسكرات تدريب تخرج كل فرد وهو يحمل رقماً عسكرياً وسلاحاً مسجلاً ومرقماً، وتم تدريب المقاتلين وتنظيم الجيش الشعبي للتحكم في السلاح).
وتخوف د. مشار من السلاح الداخل من دول الجوار ومن (الشمال)، بأنها مازالت تسلح المواطنين في مناطق التماس والتمازج في جنوب كردفان والنيل الأزرق والأبيض وأبيي، ما يهدد بعودة السلاح للجنوب مرة أخرى.
ودعم نائب رئيس الحركة الشعبية اتهاماته بقوله إن السلاح الذي يحمله المواطنون في تلك المناطق (سلاح جديد)، وبسببه تشجع بعض المواطنين المسلحين وهاجموا حتى مناطق القوات النظامية في الجبال الشرقية هبيلة.

قفلنا الحدود
الألغام وجيش الرب واحدة من الأخطار الأمنية التي تهدد الاستقرار في الجنوب، ففيما يتعلق بالألغام قال د. مشار إن هنالك عملاً كبيراً يتم أدى لفتح الطرق، وآخرها طريق السلام الذي بدأت فيه الحركة أول مرة في ديسمبر الماضي، وصار بالإمكان الوصول من الخرطوم لجوبا براً خلال يومين، ووصف افتتاح هذا الطريق بأنه (انتصار)، وأضاف: رغم العمل الجيد في إزالة الألغام لكن هناك بعض المواطنين يخشون العودة لمزارعهم خوفاً من الألغام.
وقال: (فيما يتعلق بالألغام فإن المناطق التي أزيلت منها أكبر بكثير من المناطق التي ما زالت تحوي ألغاماً).
وبصفته وسيطاً بين الحكومة اليوغندية وجيش الرب قال د. رياك مشار: (كسرنا شوكة جيش الرب بالمحادثات وليس بالحرب وتوصلنا لإتفاق سياسي ينهي الحرب في يوغندا، لكن جوزيف كوني يخشى تنفيذ أمر القبض الصادر بحقه من المحكمة الجنائية الدولية، رغم أن الاتفاق على بديل للمحكمة الدولية، لذلك لم يوقع على الإتفاق الجاهز للتوقيع).
وأوضح مشار إن الطرفين تحاورا طوال سنين في جوبا وتوصلا لهذه الاتفاقية، وأنهم في انتظار توقيع الرئيس موسيفيني وجوزيف كوني الاتفاقية، وأضاف ان الحكومة اليوغندية فسرت الأمر بأنه تماطل من جوزيف كوني، وقامت بعملية عسكرية مستمرة حتى الآن، ما اضطرهم لإغلاق حدود السودان لأن جيش الرب مشكلة أمنية في كل الإقليم.
ووصف مشار إغلاق الحدود بأنه ناجح ما أدى لإضعاف وجود جيش الرب في السودان على الرغم من قيامه في البداية بهجمات أفقد فيها السودان (42) مواطناً، وعسكريين من الجيش الشعبي لتحرير السودان، وأضاف أن إغلاق الحدود جعل الحرب تدور داخل الكنغو، مبديا ثقته في عودة الطرفين لمائدة التفاوض.
وبصفته وسيطاً قال مشار إنه نقل إلى ممثل جيش الرب أن هنالك شكوكاً في (مصداقيتهم)، وأبلغه ضرورة التوقيع على الإتفاقية ان كانوا يريدون وقف إطلاق النار، واشترط للعودة للوساطة قبول وقف إطلاق النار.
مع الخرطوم في ترتيباتها للجنائية
فيما يتعلق بالموقف من المحكمة الجنائية الدولية وتوقع صدور قرار منها بإيقاف الرئيس البشير قال مشار إن الترتيبات التي تعتمدها حكومته هي الترتيبات التي ستضعها الخرطوم.
فيما جدد موقف الحركة الشعبية (الذي وصفه بالموقف الواضح) من القضية، وقال إنه يدعو المؤتمر الوطني وحكومة الوحدة الوطنية للتعامل مع القضية بحكمة وعقلانية بقوله: (لا نرى داعياً لتعبئة الشارع وتسيير المظاهرات والمواجهة العنيفة مع المجتمع الدولي، بل نرى أن حل المشكلة يتم عبر التفاوض والحوار مع المجتمع الدولي، وأن نتحاور مع أنفسنا للوصول الى نتيجة مرضية للطرفين).

دعونا نسوق البترول
وقال مشار إن تداعيات المحكمة قد تؤدي لحظر إقتصادي يمثل خطراً يواجه السودان كله على الرغم من أن الجنوب لا يقع عليه الحظر الإقتصادي الأمريكي، وأضاف: (مشكلتنا أننا لا نستطيع إقناع الآخرين بذلك، فلو استطعنا إقناعهم، فيمكن ان يكون في هذا مخرجاً للسودان، لو استطعنا اقناع دول العالم باستثناء الجنوب، فيمكننا إنقاذ الوضع الإقتصادي في الشمال، لأنه لا توجد حواجز جمركية بين السودان لأنه بلد واحد).
وأضاف مشار أن حكومته ستعمل على إقناع العالم باستثناء الجنوب من أية عقوبات محتملة بسبب المحكمة الجنائية الدولية، بما في ذلك تصدير النفط الذي يمكن أن يقوم به الجنوب، وأوضح أن إعطاء حكومة الجنوب دوراً أكبر في تصدير النفط وتسويقه، سيسهم في معالجة آثار الأزمة متعهداً باقتسام عائد البترول وفقاً للنسب التي حددتها الإتفاقية.
ووصف مشار طريقة تسويق النفط الحالية بأنها لا تتم بصورة مرضية بسبب الحظر على السودان، وأن بترول السودان تشتريه الهند وماليزيا والصين فقط.
واستبعد نائب رئيس حكومة الجنوب أن يتخذ المؤتمر الوطني أي إجراءات تضر باتفاقية السلام لأن أي خلل يصيب الإتفاقية سيضر بالشريكين ولن تتأثر به الحركة الشعبية وحدها، وقال إن الإتفاقية لم يفرضها أحد علينا لنلغيها حال حدوث مشكلة بيننا والعالم الآخر، لأننا إذا فعلنا ذلك نقلّب الطاولة على ما نراه مكسباً للسودان، مجدداً إلتزام الشريكين بحماية الإتفاقية والدستور.
وأكد مشار إن زيادة مساحة الحريات، وإحترام الدستور، وتنفيذ الإتفاقية، والدخول في الإنتخابات، هذه هي الطريقة المناسبة لهزيمة المحكمة الجنائية الدولية.

الانتخابات (جاتكم)..
خمسة أشهر بقيت على الانتخابات الرئاسية والتشريعية في البلاد، وكان المؤتمر الوطني قد قال باكراً إنه مستعد لها، وحين طرح السؤال على نائب رئيس الحركة الشعبية قال (نحن مستعدون للانتخابات، وسنشارك فيها بفعالية، في كل المستويات، سننافس على مستوى الرئيس لأننا حزب قومي ونسعى لأن نكون أكبر حزب في البلاد).
وأوضح مشار أن الحركة لم تحدد مرشحها للرئاسة بعد، لكنها كوّنت لجنة استراتيجية للانتخابات تقدم توصياتها حول التعامل مع الإنتخابات، ونفى أن يكون موضوع ترشيح النائب الأول لرئيس الجمهورية سلفاكير للرئاسة قد تم حسمه، وقال إنه أمر ستحدده توصيات اللجنة التي كونوها.

قريباً عبد الواحد في الدوحة
راجت اتهامات تقول إن الحركة الشعبية تدعم وتسلح حركات دارفور لاستخدامها ككروت ضغط إضافية على المؤتمر الوطني، نفاها مشار بقوله: (نحن كحركة شعبية ندعو لسودان جديد، هل يعقل أن يكون بدون دارفور المستقرة والمشاركة في الإنتخابات، لهذا فإن أجندتنا في دارفور هي إقناع حاملي السلاح للتوحد حول أجندة واضحة متفق عليها ليسود السلام في دارفور، لأنهم حلفاء لنا في الحركة السياسية، ولأنهم ذاقوا المر مثلنا، ويدعون لسودان جديد ربما بذات رؤيتنا، وعدم وصولهم لسلام قبل الانتخابات مضر لنا كحركة، لأننا نريدهم معنا في الإنتخابات، نحن نريد كل المهمشين، حركات دارفور، وحركات الشرق، والحركة الشعبية في دارفور والشمال، نحن نعمل لحزب يجمع السودان كله).
وكشف مشار عن وجود إتصالات مستمرة بين حركته وحركات دارفور بقوله: (نحن على إتصال مع كل فصائل دارفور، خليل، أبو قردة وأحمد عبد الشافع، وقضيت ثمانية أيام مع عبد الواحد ومع مني في الداخل، الحركات الموقعة، لأنهم يريدون سوداناً جديداً مثلما نريد، وأن السودان الجديد يتحقق بالإنتخابات المقبلة).
وأوضح مشار ان حركات دارفور المسلحة عرفت أن جوبا موقع يمكنها الكلام فيه بحرية تامة بدون ضغوط، وأنهم قالوا ان ما وجدوه من حرية في جوبا لم يجدوه في الأماكن الأخرى، بعد أن كانوا يظنون ان جوبا ستمارس عليهم ضغوطاً بإعتبارها جزءاً من حكومة الوحدة الوطنية..
وتعهد مشار بالقيام بدور إيجابي في توصيل الرسالة لحركات دارفور لإنتفاء العداوة والتشنج في العلاقة بينهم، ولأنهم يفهمون الشريك (المؤتمر الوطني) أكثر من كل الوسطاء.
ونفى مشار أن تكون المفاوضات بين حركة العدل والمساواة وحكومة الوحدة الوطنية في الدوحة مشروعاً للتفاوض بين الحكومة وحركة خليل، وقال إنها مجرد بداية يعقبها انضمام بقية الحركات.
وتنبأ باكتمال عقد التفاوض في الدوحة بقوله: (أعتقد أن كل الحركات ستشارك في التفاوض، بما في ذلك حركة عبد الواحد، صحيح أن لعبد الواحد مواقف، لكنه إذا رأى كل الحركات الأخرى قد ذهبت للتفاوض في الدوحة فسيذهب إليها).

قطاع الشمال غير ديمقراطي
ظلت تتردد عقب مؤتمر الحركة الشعبية العام الكثير من المعلومات حول صراعات داخل الحركة بعضها قبلي، وبعض مع قطاع الشمال، وأبرزها أن مسؤول قطاع الشمال تردد أنه اشتكى من تدخل نائب رئيس الحركة (د. رياك مشار) في شؤون القطاع.
عن هذه المعلومات قال نائب رئيس الحركة الشعبية د. رياك مشار: (ما يهمني كعضو وكأحد قيادات الحركة ألا نفقد الشمال، لذا يجب أن يكون تنظيمنا فيه قوياً، دخلنا المؤتمر العام دون أن ننظم الشمال، ومن شاركوا في المؤتمر العام لم يأتوا عبر مؤتمرات قاعدية، كنت أقول لاجتماعات مجلس التحرير والمكتب السياسي، وغيرهما ركزوا على الشمال، نظموا الحركة فيه لأنه قوة إنتخابية وسياسية ثقلها ثلاثة أضعاف ثقل الجنوب، وعدم التركيز على الجنوب إذا كنا نريد تغيير السودان، كان البعض يسمي هذا تدخلاً، لكنه أصبح قراراً من المكتب السياسي الذي دعا لعقد مؤتمرات قاعدية لتنظيم الحركة في الشمال.
وقال مشار إن دعوته للديمقراطية في المجتمع لا يمكن أن تتحقق قبل تحقيقها داخل الحركة الشعبية، وإنهم لن يكونوا ديمقراطيين من الداخل، فلن يمكنهم الحديث عن التحول الديمقراطي في البلاد، وأضاف: (الشمال ليس حكراً لأي زول، ونحن نعرف الشمال كما يعرفه الآخرون).
وأضاف إان الجميع يقرون بعدم إجراء الانتخابات في قطاع الشمال: (الرفيق ياسر إذا تكلمت معه يقول لك هذا صحيح، وحينما طرح الأمر في اجتماع المكتب السياسي الأخير، هنّأته عليه بقولي هذا ما نطلبه، تنظيم حزبنا في الشمال).

صراع قبلي مكتوم
القادم إلى جوبا حين يجلس لبعض سكان المدينة من قبائل الإستوائية يسمع همساً مكتوماً وتذمراً من ما يطلق عليه سيطرة النيليين على الثروة والسلطة في الجنوب، وصل الأمر من الهمس للعلن وأصدر البعض بيانات تطالب بذهاب النيليين من جوبا.
لهذا السؤال عند رياك مشار إجابة ساخرة: (ما ياهو نحن من أعالي، البارية ديل نيليين) لكن الإجابة الساخرة لم تتعد كونها بهار حديث، إذ عاد ليقول: (90% من موارد الجنوب تنفق في العاصمة مثلما أن أكثر من 80% من موارد السودان تنفق في العاصمة القومية، ولهذا طالب الناس بالفيدرالية، ولا مركزية الموارد وليست السلطة. إذا الأمر يتعلق بالمال فإن الإنفاق في جوبا أكثر مما هو في واو، وفيما يتعلق بالأرض كثروة، فشعار الحركة الشعبية الذي حاولت إقناع المؤتمر الوطني به أثناء المفاوضات وفشلت فيه يقول ـ إن الأرض للمواطن ـ نحاول ممارسة الشعار في عملنا اليومي، نتفاوض مع القبائل على إعطاء جزء من الأرض للحكومة لتوفير سكن للمواطن وللآخرين، لم نطرد مواطناً من أرضه، وجعلنا للأرض قيمة للإستفادة منها، وما ترونه من عمارات فإن ملاك أرضها مواطنون دخلوا في شراكات مع المستثمرين بالثروة التي يمكنهم منها دخول التجارة وعالم الثروة).
وأضاف مشار ان المطالبة بنقل العاصمة فكرة غير مدروسة جيداً لأن وجود العاصمة في جوبا يوفر سيولة تؤثر على معيشة الناس، وان من يطالبون بنقل العاصمة لـ (رامشيل، حيدقوا النقارة) ندماً بسبب أن أحسن الخدمات الموجودة في الجنوب موجودة في جوبا.[/ALIGN]