[JUSTIFY]المبادرة التي أطلقها رئيس دولة الجنوب سلفا كير ميارديت وأعلن من خلالها عن رغبته في مصالحة اعوانه سابقاً بقيادة الدكتور رياك مشار نائبه الذي تمرد عليه وهو ومعه باقان أموم ودينق ألور وتعبان دينق وغيرهم من قيادات الحركة الشعبية الذين انحازوا لمشار فى نزاعه وصراعه الأخير مع سلفا كير، والذي ادى لمعارك دامية في العديد من المناطق خصوصاً في حزام أعالى النيل والوحدة وجونقلى، هذه المبادرة تعد خطوة مهمة لطى الصراع وانهاء الاقتتال فى دولة الجنوب بين أنصار الحركة الشعبية إذا كان الرئيس سلفا كير فعلاً جاداً فى مبادرته وراغباً فى انهاء الحرب وتحقيق المصالحة مع رفقاء الامس وخصومه اليوم فى الحزب والحكومة، وأعتقد ان الرئيس سلفا كير ادرك ان القبيلة الواحدة لا يمكن ان تحكم دولة، خاصة اذا كانت الدولة حديثة التكوين ولا تملك بنيات تحتية ومقومات تمكنها من الصمود لأطول فترة فى مواجهة مثل هذه الحروب التي تستنزف المال والرجال، والدليل القاطع هنا على عدم قدرة الحكومة والقبلية على تحمل كلفة التمرد ومواجهته، هو الاستعانة بالجيش اليوغندى الذى انتشر فى مناطق واسعة من اراضي الجنوب، وهو تدخل له مخاطره على المدى البعيد في سيادة دولة الجنوب على اراضيها وقدرتها على اخراج الجيش اليوغندى دون وقوع اشكاليات تضر بالأمن الداخلى للدولة الجنوبية، ولذلك فإن من الأصوب أن يتجه الرئيس سلفا كير نحو المصالحة بكل قوة وعزيمة، وعليه أن يدرك ان الوضع الحالى للجنوب ليس فيه منتصر او مهزوم، انما مصلحة بقاء الجنوب على الخريطة تفرض على الطرفين أن يتعقلا ويقدما مصلحة استقرار الجنوب على المنافع السياسية والمحاصصات السلطوية، فكل الفرقاء في الجنوب الآن هم أمام امتحان ان يبقى الجنوب اولاً، ثم من بعد ذلك يأتي الحديث حول شكل الحكم وكيفيته، ولذلك فإني ادعو الحادبين على قضية الاصلاح والاستقرار فى دولة الجنوب من الجنوبيين والوسطاء معهم فى شأن الصراع الأخير ان يرجعوا لمقررات مؤتمر الحوار الجنوبى الجنوبى، فسيجدون فيها الحل الكافي والبلسم الشافي لكل أزمات الجنوب حلاً يستوعب كل الفعاليات الجنوبية ولا يستثني أحداً، ومقررات الحوار الجنوبي هى صمام الأمان للجنوب من مخاطر الانزلاق فى أية حروب داخلية مستقبلاً، ولذلك فإن حديث الرئيس سلفا كير عن رغبته فى المصالحة يقتضي أن يخطو هو خطوتين نحو خصومة لإقناعهم بجديته فى المصالحة، ولتأكيد رغبته وتحويلها لمشروع عملى لا بد من تقليل النفوذ اليوغندى فى الجنوب والسعي فى تهيئة المناخ السياسي بإطلاق سراح المعتقلين على الأقل المعتقلين غير المتشددين من المحسوبين على مجموعتي مشار وباقان، ثم فتح المنافذ التي تمكن من دخول الغذاء للجنوب وتأمين وصوله للمناطق المتضررة.. هذه الاشياء اذا اقدم عليها سلفا كير بمصداقية ستكون حوافز موضوعية تعزز فرص الحوار وتذوب حالة عدم الثقة بين القيادات الجنوبية الحاكمة والمتمردة، والمصالحة من الاستحقاقات المطلوبة الآن، فلا مجال للتسويف أو الانتظار، لأن الأوضاع الإنسانية فى الجنوب لا تحتمل أية مزايدات او وقتاً إضافياً، واذا ما ترك سلفا كير ومعه مشار الأوضاع على حالها الحالى وتمادوا فى صراعاتهم، ستكون هذه النهاية الحقيقية لوطن اسمه الجنوب، وتبقى مسؤولية ضياعه معلقة في رقاب سلفا كير ومشار وباقان.