رأي ومقالات

حماد صالح : الصادق المهدى وفن الممكن (3)


[JUSTIFY]نواصل هذه السلسلة فبعد أسبوعين من نشر أول مقال فى السلسلة (الصادق المهدى وفن الممكن -1-) بعد أسبوعين بالتحديد قالت الأستاذة سارة نقد الله للوسائط الاعلامية : أن الترابى هو مهندس الحرب فى دارفور .وهذا ما ذهبت اليه أنا فى المقال تحليلا للأحداث وقراءة لما خلف السطور وجاء حديث الأستاذة سارة تعضيدا لما قلته ويشهد الله أننى ليس لى علاقة البتة ببيت الصادق المهدى ولم أكن قياديا فى حزب الأمة ولا حتى عضوا فيه ولكننى ولله الحمد مهدويا حتى النخاع وايمانى بالمهدية المطلقة ليس ايمان تقليد وانما ايمان تحقيق .كما اننى لا أرجم بالغيب ولكن عزائى هو حديث الرسول صلى الله عليه وسلم : ( اتقوا فراسة المؤمن فانه يرى بنور الله ) فان صح ايماننا كان لنا هذا الحديث بشرى ومحمدة وان كان غير ذلك فهى موهبة من الله وجب علينا تقييدها بالشكر فان أعاننا الله على شكرها قدمنا للقارئ العزيز الجديد والمفيد فى خبايا وأسرار السياسة السودانية وان لم يكن فلا نزف لنا قلم .

فلنرجع الى مقالنا ونتناول علاقة الصادق المهدى بالانقاذ , خرج الامام الصادق المهدى فى عملية تهتدون الشهيرة تعضيدا ومساندة للتجمع الوطنى الديمقراطى ولا يختلف اثنان أن بعد خروج الصادق المهدى فى تهتدون كان التجمع الوطنى الديمقراطى فى أقوى حالاته وشكل خطورة كبيرة على النظام وهذا ليس مربط الفرس , فى مايو 1999م تم لقاء جنيف بين الصادق والترابى بوساطة كامل الطيب وتم الاتفاق على أشياء ما لبث الامام الصادق المهدى أن انقلب عليها وذلك بعد أشهر قليلة حيث كان لقاء جيبوتى بين البشير والصادق سمى بنداء الوطن فى نوفمبر 1999م .

نداء الوطن كان القشة التى قصمت ظهر الحركة الاسلامية , فبعد تصريحات الدكتور الترابى التى قال فيها أن الصادق المهدى لم يلتزم باتفاق جنيف وذلك بعد قرارات الرابع من رمضان ديسمبر1999م فظن الترابى أن صهره غدر به ونسى الترابى أن المجاهر بالمعصية لا غيبة له وأن التعامل بالمثل مباح فى الدين الاسلامى وهو صاحب فقه الضرورة وهو الذى غدر بالديمقراطية .فلسان حال الصادق المهدى يقول له : هذه بضاعتكم ردت اليكم.

يبدو أن الصادق المهدى عقد صفقة مع الترابى فى جنيف وحينما تم لقاء جيبوتى مع الرئيس البشير وجد أن صفقة البشير صفقة ثمينة مقارنة مع صفقة الترابى فقال قولته المشهورة ( ذهبنا لنصطاد أرنبا فاصطدنا فيلا ) . والصادق يعلم الصراع المحتدم بين الترابى والبشير حول السلطة وكان همه مفاصلة العسكر عن الحركة الاسلامية . ولقد نجح الامام الصادق المهدى فى ازاحة الترابى عن السلطة ولذلك سمى عودته من الخارج ب ( تفلحون ) لان نداء الوطن كان اتفاقا بين البشير والصادق على أن يعود الصادق الى المعارضة الداخلية بينما تتم ازاحة الترابى عن السلطة . وعلى الذين سخروا من عودة الصادق المهدى فى تفلحون وأنه لم يحقق شيئا من عودته عليهم أن يبتلعوا سخريتهم لأنه بعد ازاحة الترابى حصل انفراج كبير فى السياسة الخارجية وانفراج أكبر فى مساحة الحريات وحصل تحجيم للراديكاليين الاسلاميين والارهابيين الذين جمعهم الترابى فى السودان من شتى بقاع العالم.

وتم هدم بيوت الاشباح بنسبة 70%.

سياسة الصادق المهدى هى سياسة الخطوة البطيئة كما فى تدريبات الجيش فهى بطيئة الحركة ولكنها منتظمة ومحبوكة ومتناغمة ولذلك دائما ما يقول الصادق المهدى أنه يسير وفق خطة مدروسة فهو يعارض أى عمل عنيف لاسقاط النظام لايمانه بعدم جدوى العنف وأن عواقبه وخيمة على الجميع . المهم تمت ازاحة الترابى وعاد الصادق الى السودان فى تفلحون .

وتتواصل خطوات الصادق المهدى البطيئة وتتواصل لقاءاته مع الرئيس البشير سرية وجهرية قصيرة ومطولة ليطلق رصاصة الرحمة على الحركة الاسلامية وذلك بخروج على عثمان ونافع وعوض الجهاز من المناصب التنفيذية وكل القراءات الخفية التى من وراء السطور تقول أن الصادق المهدى هو من كان وراء ازاحة البراغماتية الاسلاميين من السلطة .

لقد تم تفكيك نظام الانقاذ جزيئا فهل يستطيع الصادق المهدى عبر خطوات تنظيم أن يفكك نظام الانقاذ كليا و ينتصر على العسكر؟.

حماد صالح[/JUSTIFY]