رأي ومقالات

د. الباقر احمد : الاصطفاف الوطني .. والقواسم القومية المشتركة

[JUSTIFY]منح زميلنا الأستاذ حسن إسماعيل في عموده المقروء درجة الامتياز للسيد الإمام الصادق المهدي، فيما طرحه من دعوة مبنية على ضرورة دعم الثقة بين الحزب الحاكم والفصائل السياسية الأخرى، ثم مضي بعد ذلك معدداً لشروط الواجبة لتحقيق هذا الاصطفاف من خلال ما وضعها السيد الإمام لتحقيق الأجواء الحرة.

ولعل ما خلص إليه السيد الإمام من أن حل قضايا السودان هي في الداخل وليس الخارج، وإنه “كلما أسرعنا في حوارنا وانتهينا إلى نتائج قومية تيسر حل تلك القضايا على حسب ما أشار إليه الزميل الأستاذ رئيس التحرير في جلسة خاصة ضمته والسيد الإمام، أمر يستحق الوقوف عنده على أساس إن عامل الزمن كما أوضحنا في هذه الزاوية بالأمس يشكل التحدي الحقيقي الذي ينبغي أن نضعه في الاعتبار ونعمل على مواجهته.

وإذا كان حزب المؤتمر الشعبي وزعيمه الدكتور حسن الترابي، قد سبق وأكد على ذات المفاهيم المتمثلة في قناعتهم هذه المرة بالحوار المطروح مع الحزب الحاكم واعترافهم بجديته، فإن هذا يؤكد بما لا يدع مجالاً للشك أننا على مشارف الوصول إلى صيغة جديدة وواضحة لإيجاد الحلول لكافة القضايا التي ظلت ينوء بها كاهل الوطن.

إن الحزب الاتحادي الأصل والذي ظل زعيمه ينادي بأهمية الوفاق الوطني وطرح العديد من المبادرات في هذا الجانب مطالب أيضاً بالتقدم أكثر من خطوة، وأن يعلن رؤيته الواضحة ما ظل يدعو له من اصطفاف وطني ووفاق يفترض أن يخلق واقعاً جديداً يعيد للحياة السياسية حراكها وما يساعد في وقف هذا التردي الكبير الذي أدي إلى قتال وحروب انتظمت أجزاء الوطن كله وكادت ان تقضي عليه.

وإذا كان السيد الإمام الصادق المهدي، قد أوضح أن حلول مشكلات بلادنا تكمن في الداخل وليس الخارج، فإن هذا يتطلب أيضاً مراعاة أن الخارج ونعني تلك القوة الخارجية الشريرة التي ظلت تتربص ببلادنا لن تصمت بل سرعان ما ستعمل لزرع الخلاف بين بعضنا البعض والوقف حتى آخر لحظة ضد أي وحدة للصف أو الهدف، ليتحقق لها من خلال ما ظلت تحلم به وتعمل لأجله في تجزئة وتفتيت بلادنا .. وضرب وحدته الوطنية.

إن تمترس قوى الإجماع ورفضها لأية صيغة حتى في حدها الأدنى وإصرارها على شروط مسبقة لن يفيد كثيراً، إذ لابد من التقدم والتنازل خطوات لكل فريق حتى يتم الوصول إلى موقف وسط قد لا يحقق كل ما نريده من أهداف خيرة لبلادنا، ولكنه بالقطع يمكنه أن يوقف هذا النزيف المستمر لطاقاتنا ووضع خطط جديدة لوقف عمليات الاقتتال المستمر في أجزاء البلاد خاصة غرب السودان العزيز، إضافة إلي ترشيد أداء الدولة ووقف الفساد والمفسدين الذي أصبح بعض المتنفذين في الحكومة هم أداته ورعاته بالصورة التي لا يمكن تجاوزها.

وقد لاحظنا أن بعض أولئك المتاجرين والمزايدين بخيرات بلادنا وقد شبعوا حتى الثمالة اخذوا يجأرون بأعلى أصواتهم متحدين من يملك وثيقة واضحة ضدهم وما عملوا أن ما اكتنزوه من ملايين الدولارات بالخارج جراء عمولات وصفقات تجارية تمت باسم الوطن يمكن التوصل إليها في سهولة اذا قيض الله لشمسهم أن تغرب إلى غير رجعة، ورحم الله سيدنا عمر بن الخطاب حين طلب من مواطن جاءه مشتكياً بأن ابن والي مصر عمرو بن العاص قد ضربه، فاستدعي أبن الخطاب، عمرو بن العاص ومعه ابنه، وأعطي الصوت لذلك الشاكي طالباً أن يأخذ قصاصه بجلد نجل عمرو بن العاص ومن عمرو نفسه، باعتبار أنه لولا ولاية والده لم يتجرأ ابنه لضرب ذلك المواطن.

نعم، هذه نماذج ينبغي أن توضع في الحسبان ونحن على مشارف مرحلة جديدة نتطلع فيها إلى ان ترد للوطن عافيته وأمنه واستقراره وهو ما نأمل أن يتحقق من خلال إجماع وطني حقيقي يكون فيه السودان ولا شيء غيره فوق هامات الجميع.

صحيفة الخرطوم
د. الباقر احمد عبد الله
ع.ش[/JUSTIFY]