وقيع الله حمودة شطة : رسالة إلى وزير العدل.. مأساة خير اللَّه في محكمة القضارف!!
إنّي قاتلةٌ ومقتولة ولعل اللَّه أن يرتاح لي
وقالت تصف فعل أخيها جساس:
هدمَ البيتَ الذي استحدثتُهُ.. وانثني في هدمِ بيتي الأولِ
فكانت كما يقال في المثل السائر« مِيتة وخراب ديار»!!
أخي وزير العدل ـ حفظك اللَّه ـ لعل مأساة جليلة بنت مُرة هذه صورة تتكرر اليوم مرة أخرى، إنها مأساة شيخ سبعيني يدعى خيراللَّه بشير قابع خلف القضبان منذ فترة في سجن محكمة القضارف الجنائية!! لماذا سجن؟ هذا سؤال يجيب عنه القضاء في المحكمة الجنائية بولاية القضارف. لكن واضحاً أن السجين خير اللَّه بشير مزقتْ قلبه وقلوب أفراد عائلته مصيبة «ميتة وخراب ديار»!! خير اللَّه بشير أحد مواطني قرية كيلو «6» بمحلية وسط القضارف، هجم أحد الجناة في وضح النهار فاغتال شاباً من خيرة أبنائه مروءةً ونشاطاً «أحمد خير اللَّه بشير».. قُتل أحمد خير اللَّه بشير «الشاب التاجر النشط بدم بارد، عندما سدد إليه الجاني عدة طعنات بالسكين، جوار سوق المحصولات بمنطقة الصوفي.. ترك أحمد خير اللَّه أباه الشيخ الكبير وثلاثة أطفال: ولد عمره «6» سنوات، وبنتان عمرهما على التوالي أربع سنوات، وسنتان وزوجته أم سلمى. أُلقي القبض على القاتل ودُوِّن ضده بلاغاً تحت المادة «130» القتل العمد بمحكمة القضارف الجنائية، رقم البلاغ «1250» بتاريخ «4/11/2010م» وصدر القرار بإدانته بالقتل العمد، وحكم عليه بالإعدام شنقاً حتى الموت بقرار رقم «7» غير ايجازي سنة «2011م».
يقول أولياء الدم ومنهم خير اللَّه بشير والد أحمد القتيل إنهم طالبوا بالقصاص ورفضوا عَرض «الدية» وكذلك وافقتهم زوجته أم سلمى، ثم تراجعت زوجته عن القِصاص ووافقت على الدية، فعُدل الحكم من الإعدام إلى الدية، لكن القضية ـ التي دافع فيها المحامي بابكر عبد الرحمن بصفته ممثلاً ووكيلاً لأهل الدم ـ تحولت إلى أطوار غريبة.. الدية لم تسدد وأطلق سراح القاتل الذي سافر خارج البلاد إلى ليبيا، وبالتالي لم ينفذ أمر جريمة القتل !! ليت النكبة لو وقفت عند هذا الحد لكن ماذا حدث؟
جُمعت تركة المتوفَى «المقتول» أحمد خير اللَّه وقيمت «سُيولت» والحالة في الميراث في هذه الحادثة تكون كالآتي للزوجة «ثمن» المال، ولوالد «أحمد» خير اللَّه «سدس» المال، وما بقي لأطفاله الثلاثة على قاعدة «للذكر مثلُ حظ الأنثيين»، ولما كان خير اللَّه هو «الأب الوارث» ويمثل الولي الشرعي للمتوفَى وعياله بصفته «عصبة»، هو كذلك الجد «الصحيح» لأطفال أحمد الثلاثة ينزل منهم منزله «الأب»، وهؤلاء الأطفال «قُصّر» فهو أحق الناس بولايتهم ولاية شرعية ورعايتهم، وهو أقرب الناس إليهم ـ أيضاً ـ شرعاً وعرفاً وقانوناً، وإن كانوا هم في حضن أمهم لصغرهم فهو وليهم وكفيلهم ووصيّهم. ومن غرابة الأمور في وقت لاحقٍ بعد توزيع التركة رفعت دعوى ضد خير اللَّه جد الأطفال «الصحيح» ووصيهم الشرعي من قبل زوجة أحمد بدعوى أنه لا يقوم بالرعاية الصحيحة، وأن أموالاً بحوزته تخص ابنه أحمد دون تقديم أدلة تؤكد ذلك، وأدلة أخرى تفقده أهلية الولاية، مثل الجنون والمرض المقعد والسفاهة «ضعف العقل»، وأتهم بتبديد المال وجيء بالشهود على ذلك وهم والد قاتل أحمد، وأبو أم سلمى زوجة أحمد وأخوها كشهود ضد خير اللَّه!! المحامي بابكر عبد الرحمن وكيل خير اللَّه لم يطعن في شهادة الشهود خاصة في شهادة والد القاتل التي تشم منها رائحة التشفي، لأن خير اللَّه أصر على القصاص ولم يقبل بالدية، بل غيّب «مؤكله» وقضت المحكمة بعزل الوصي على الأطفال خير اللَّه بشير في غيابه، وعُينت أم الأطفال أم سلمى وصيةً على الأطفال. أنه شيء أكثر من غريب!
أين توجد ولاية المرأة في هذه الحالة؟ وهل فقد خير اللَّه شروط أهلية الولاية وهو الولي والوصي الشرعي للأطفال؟ وهل يعتقد «فطرة» أن هناك من هو أشد رحمة بالأطفال من خير اللَّه الجَد «الصحيح» فطرة وعقلاً؟ أليس هو الضامن الأحرص لأموال الأطفال، لأنهم ينزلون منه منزلة أبيهم منه؟ وفي حديث النبي ـ صلى اللَّه عليه وسلم ـ «أنت ومالك لأبيك».
رغم ذلك كله عزلت المحكمة خير اللَّه بشير كوصي للأطفال، ثم رمي به في السجن بتهمة تبديد الأموال، والآن مر على حادثة القتل ما يقارب أربع سنوات ومازال هذا الجرح مفتوحاً وغائراً، وهناك يقبع خير اللَّه خلف القضبان، قُتل ابنه أحمد وقذف به في السجن، لينطبق عليه مثلنا الذي ذكرناه آنفاً «ميتة وخراب ديار»؟! بين سطور هذه الحادثة يمكننا أن نقرأ حدوث كثير من الشعور بالاستفزاز والغبن لدى أسرة خير اللَّه بشير التي ترى أن القاتل أطلق سراحه، وأن القصاص أو الدية لم ينفذ، وعزل خير اللَّه من الولاية والوصاية وأُتهم ورُمي به في السجن فهو الآن سجين!! لقد بذل المحامي محمد نور أحمد فضل اللَّه ـ ممثل الوارث ـ خير اللَّه بشير وقدم طلب استرداد الولاية، لكن المحكمة شطبت طلب الدعوى!! أخي وزير العدل وهل الولاية تسترد وهي أصلاً قائمة؟ وهنا نتساءل أليس مثل هذه الدعوات محلها المحاكم الشرعية باعتبارها الدائرة المختصة أم يحق لأية محكمة وقاضٍ أن يقرر فيها؟
لقد بذل ـ أيضاً ـ الأستاذ إبراهيم داؤد، وحسن دفع اللَّه حمد وعبد الرحمن نصر الدين، جالس جهوداً لدرء أثار الفتنة والتصعيد بين الطرفين «أهل الدم، وأهل القاتل» بصفتهم عقلاء وأهل حكمة. ولكن يبدو الأمر ما لم يتدارك سوف يروح في اتجاه خطير نتيجة شعور أهل المقتول ووالده السجين بالاستفزاز الشديد.
يقول النبي ـ صلى اللَّه عليه وسلم ـ «القضاة ثلاثة اثنان في النار وواحد في الجنة» أما الاثنان اللذان يدخلان النار أحدهما عالم ولكنه جار وحكم بالظلم، فهو في النار، والآخر جاهل فجار وحكم بالظلم، فهو في النار ـ أيضاً ـ أما الذي في الجنة فإنه عالم وخاف ربه فحكم بالعدل فهو في الجنة. ومن هنا تنشأ حاجة ملحة إلى أهمية إيجاد آلية تتعقب أداء بعض القضاة وبعض المحامين حتى لا يتفشى الظلم ويقع على الناس من داخل مؤسسات العدالة نفسها.
أخي الكريم وزير العدل هذه رسالة موضوعة بين يديك حول حادثة ولاية القضارف هذه، وأنت القيّم على أمر العدالة في البلاد، نرجو أن تجد الرعاية والاهتمام والمتابعة حتى ينصف الحق ويرد إلى أهله، والحق قديم والجنايات لا تسقط بتقادم الأزمان، وأرجو أن يحاسب كل من يتسبب في تعطيل سير العدالة وتثبت عليه جريمة المحاباة.
إن تجربة حادثة القضارف هذه، ربما تتكرر في أماكن كثيرة من بلادنا ولكن ربما قُبرت في كهف الظلام والنسيان، الأمر الذي يولد الاحتقان ومزيداً من الصراعات والثأرات داخل المجتمع مما يؤدي في نهاية الأمر إلى تطور الجرائم واتساع رقعة دائرتها المشؤومة.. واللَّه هو الحق قاضي القضاة يوم الدِّين.
صحيفة الإنتباهة
دكتور شطه تحيه طيبه وود:رغم مايشير اليه مقالك بانك قبلت محامين الا أنه للاسف الشديد فقد جاء خطابك للشخص الخطأ.فما شأن وزير العدل بكل القصة ؟؟؟ارجع للمحامين وأسألهم حتي تعرف من تخاطب فانت رجل دكتور
فصبر جميل والله المستعان على ماتصفون