حوارات ولقاءات

حوار مع قطبي المهدي القيادي بالمؤتمر الوطني يفتح النيران على الجميع


[JUSTIFY]لم يتغير موقف دكتور قطبي المهدي القيادي بالمؤتمر الوطني كثيراً حيال رفضه للحوار مع قطاع الشمال بمعزل عن أبناء المنطقتين، وأضاف أن هذه المفاوضات محسوم أمرها منذ البداية. وقال في حوار أجرته معه (أخبار اليوم) إن معظم الحركات هدفها إضعاف الحكومة من الداخل لأن بعض القوى المتربصة بالسودان تعتقد أن هذا النظام سيظل قوياً إذا تم استهدافه من الخارج ولابد من أن يستهدف من الداخل، وأشار إلى أن المعارضة أيقنت أنها على رأس المستهدفين لذلك قبلت بالحوار. وألمح إلى أن المسافة لا زالت بعيدة إزاء المصالحة بين الوطني والشعبي.. فإلى نص الحوار !
فشل المفاوضات بين الحكومة وقطاع الشمال كيف ينظر له د. قطبي المهدي ؟

منذ البداية لم تكن لدى ثقة في هذه الحركات على الإطلاق خاصة قطاع الشمال بقيادة ياسر عرمان وعقار والحلو وأحسب أن هذه الحركات ليست صادقة ومعظمها هدفها الأساسي هو إضعاف الحكومة من الداخل وكثير جداً من القوى المتربصة بالسودان تعتقد أن هذا النظام سيظل قوياً إذا تم استهدافه من الخارج لذلك لابد من أن يستهدف من الداخل أولا حتى يتم اضعافه إلى أقصى حد ممكن وهذا هو الدور الذي تضطلع به هذه الحركات لأن الحديث عن المنطقتين أرى أن أجندته واضحة وتتلخص في التنمية والخدمات ومشاركة اهل المنطقتين في إدارة شؤونهم وفي المشاركة القومية هذه هي الأجندة الأساسية التي ينبغي أن يتم التفاوض حولها ولكن حينما تتعدى هذه الأجندة إلى التفاوض حول إسقاط النظام والحديث عن قضايا لا علاقة لها بالمنطقتين يكون واضحاً جداً أن هدف هذه المجموعة ليس السلام وليس الوصول إلى أي اتفاق لأن الحكومة في نهاية الأمر هي مسؤولة عن مواطني المنطقتين وهي على استعداد تقدم لهم كافة الخدمات الضرورية حالما يحل الاستقرار في المنطقة ، فهذه الحركات تسببت في معاناة المواطنين وبالتالي هي ليست حريصة على استقرار الأوضاع إنما هي لها اجندة أخرى لا علاقة لها بالاستقرار أو السلام أو التنمية ولذلك في تقديري منذ البداية أن مصير هذه المفاوضات محسوم وأن هؤلاء الناس لا يريدون السلام أو التوصل إلى أي اتفاق ولا تعنيهم حقيقة مصالح المنطقتين.

هل تعتقد أن نوايا قطاع المسبقة والتي أشرت إليها غائبة عن الحكومة الآن؟

نعم هي غائبة وقد كانت غائبة في نيفاشا ولازالت غائبة حتى الآن ونحن رأينا أمثلة كثيرة حتى فيما يتعلق بدارفور الشخص الذي يمارس كل أنواع التدمير والقتل الان في دارفور مناوي جاءت به الحكومة إلى القصر الجمهوري وتم إشراكه في السلطة وإعطاؤه كل ما التزمت به في ابوجا ظناً منها بأنها بهذه الخطوة يمكن أن تحقق سلاماً في دارفور والنتيجة واضحة فلم يكن هذا هو هدف مناوي ولذلك فشلت كل الاتفاقات معه وترك القصر وذهب يمارس مهمته خارج النظام عندما فشل في أن يمارسها من داخل النظام فهذه المسألة غائبة على الحكومة في تقديري وهي تضيع في وقتها مع هؤلاء الا إذا كانت تريد فقط في أن تفي بالتزامات مجلس الأمن وواضح جداً أن مجلس الأمن بهيمنة أمريكا وحلفائها عليه لا يريدون سلاماً في السودان وإنما القصد في قراراتهم هو مزيد من الضغط للحكومة السودانية.
هل تعتقد أن الحكومة الآن تخلد في نوم عميق اليس كذلك؟

الحكومة كل مرة تقدم لهذه الحركات ثمناً لمجرد جلوسها معها وبالتالي تكون تنازلت أكثر وأكثر عن مواقفها وثوابتها وهذا مضر جدا ولم يحقق للحكومة أي شيء سوى أنها ستجد نفسها قدمت تنازلات مجانية لهذه الحركات الآن هؤلاء وجدوا اعترافاً من الحكومة ووجدوا اعترافاً من الإقليم وكان يجب أن ينظر لهم منذ البداية على انهم مجموعات إرهابية مخربة خائنة متواطئة مع الأجنبي وكان يجب ألا تخضع الحكومة لأي ضغوط للجلوس معهم.
الحكومة الآن تتحدث عن تكتيكات عرمان لإفشال المفاوضات وأيضاً تلمح إلى استئناف المفاوضات معه كيف تقرأ هذه المتناقضات؟

الحكومة دائماً تريد أن تثبت لبعض الجهات بأنها حريصة على السلام وأنها مرنه وأنها مستعدة للحوار والتفاهم وما شابه ذلك ولكن هذه الجهات لا تطالب الحكومة بذلك هي تريد أن تضغط على الحكومة فقط ، نحن اخذنا الدرس من اتفاقية نيفاشا بجانب اتفاق أبوجا، واضح جداً كل المحاولات لإرضاء هذه الأطراف بإظهار المرونة والتنازل لم يحقق نتيجة طيبة ولكن ليس هذا هو ما تطلبه هذه الجهات ما تطلبه هو أن تكون الحكومة هي الطرف الأضعف دائماً حتى يسهل الإطاحة بها.
هناك من يرى أن ضعف الحكومة ومواقفها المتذبذبة هي الأسباب المباشرة لفشل المفاوضات ؟

لا أعتقد أن الفشل كان يحتاج إلى مواقف متذبذبة من الحكومة لأن المفاوضات كانت حمل عوامل فشلها في داخلها طالما أن التفاوض تم مع أشخاص ليس لديهم علاقة بالأجندة التي ذهبت الحكومة لتناقشها ، فنحن ننظر إلى المناخ الذي تجري فيه هذه المفاوضات الآن يتعرض السودان إلى هجمة أجنبية كبيرة جداً مع الأسف تستخدم فيها جهات صديقة وشقيقة وهذا كله جزأ من المؤامرة إذا كانت هذه الجهات رفضت التفاوض مع عرمان لما تم الحصار على السودان.
مبادرة الترابي للحل في قضية جبال النوبة كيف تنظر إليها؟

إذا كانت المبادرة لإرضاء الحلو ومن معه فلن تنجح ولكن إذا كانت تهدف إلى الغوص في جذور المشكلة وإلى معالجة المشاكل التي تعاني منها المنطقة وهي اقناع أبناء النوبة الذين حملوا السلاح لحل قضيتهم هذا قطعاً سيفيد لأنه لدينا مجموعات الآن تركت القتال عندما رأت أن الهدف ليس المنطقتين مثل مجموعة عبدالباقي قرفة ومثل مواقف اللواء تلفون كوكو ودانيال كودي وتابيتا بطرس وغيرهم من الذين حملوا القضية بصدق وعندما وجدوا القيادات الأخرى تريد فقط أن تستخدمهم في إغراض تتعلق بالخرطوم وليس بجنوب كردفان فهم تخلوا عنها وبالتالي أي جهود تنصب في هذا الاتجاه وإقناع القيادات المخلصة من أبناء الجبال الذين هم مصلحتهم في السلام والاستقرار والتفاوض معه الحكومة فأرى أن الباب مفتوح أمام هذه المحاولات .
وماذا عن مبادرة القوى السياسية بين الحكومة وقطاع الشمال لاستئناف المفاوضات ؟

الأحزاب جميعها مطالبة بأن يكون لها موقف وطني في هذه القضية ليس وسيطاً بين مجموعات مخربة وبين الدولة وإنما يكون موقفها موقفاً قومياً حقيقياً وتتوجه إلى أبناء الجبال الذين يحملون السلاح وأقناعهم بأن هذا لا يخدم قضيتهم بل يضر بقضية المنطقة إلى حد كبير وأن من مصلحة المنطقة هو وضع السلاح والتفاوض مع الحكومة لخدمة المواطنين والحصول على مكاسب تنموية وخدمية وسياسية لإنسان المنطقة فإذا توجهت جهودهم في هذا الاتجاه وتعجيز موقف المفاوض الآخر يكونون بذلك قد خدموا القضية أما إذا أرادوا أن يلعبوا دور الوسيط المحايد بين مجموعات مخربة وعميلة وبين الدولة اعتقد أن هذا موقفاً لا يليق بأحزاب وطنية .
ما هو تقييمك لهذه القوى السياسية التي تقود المبادرة وهل تتصف بهذا الوعي الكبير الذي تتحدث عنه أم هي فقط وجدت لها زفة والتزمت بالسير وراءها؟

اعتقد أن معظم هذه الأحزاب كانت حاكمة وعانت ما عانت من مثل هذه المجموعات والآن هي ترى أن الحكومة ليست طرفاً في الحرب بل هي حكومة قومية مسؤولة تريد أن تخدم مواطنيها في تلك المنطقة وهؤلاء هم المخربون وهم الذين يقفون امام جهود الحكومة لتنمية المنطقة فليس هناك وساطة حقيقة يمكن أن تتحدث عنها بين الطرفين الا إذا كانت مجرد استغلال لإثبات وجود سياسي في الساحة لكن اعتقد أن دورهم الوطني يحتم عليهم ان يكون لهم موقف إيجابي ويساندوا موقف الدولة ويتوجهوا إلى مواطني المنطقة لينبذوا هؤلاء المخربين الذين يستغلونهم في هذه القضية.
ما رأيك في تصريح المهدي الذي قال فيه أن الاعتراف بالجبهة الثورية وثلاثية التفاوض هو الطريق الأمثل نحو الحل ؟

يمكن أن أقول ينطبق عليه الحديث الذي ذكرته قبل قليل وهذا من أكبر الأخطاء أن يدعو الصادق المهدي للاعتراف بهؤلاء وأحسب أن هذا واحداً من أخطاء الحكومة ويجب ألا يدفع المهدي الحكومة إلى مزيد من الأخطاء في هذا الاتجاه خاصة وأنه يعلم تماماً أن هذه الحركات أضرت بالدولة حينما كان هو مسؤولا ً وقائداً للحكومة من قبل كانت هنالك حركات جهوية من هذا القبيل عملت ضد حكومته واضرت ضرراً بالغاً بالموقف الوطني وهو يعلم تماماً بذلك . وأرجو ألا يكون بهذا الموقف هو فقط يبحث عن موقف سياسي وأيضًا الحياد في هذه القضايا ليس صحيحاً.
كيف تقرأ ملامح جلسة السلم الأفريقي لاستئناف مفاوضات المنطقتين ؟
اتمني من المسؤولين في المجلس أن يستصحبوا معهم الموقف الإيجابي للمفاوض الحكومي ويستصحبوا أيضاً الموقف المتعنت والانتهازي لقطاع الشمالي ومن ثم يضعوا أسساً جديدة لهذا التفاوض.
استهداف المتمردين لعدد من الناطق بدارفور والذي تزامن مع فشل المفاوضات كيف تنظر له ؟

اعتقد أن العملية كلها مرتبطة بمواقف بعض القوى الأجنبية وإفشال المفاوضات وإثارة المشكلة من جديد بدارفور بعد أن هدأت بجانب الاجراءات الاقتصادية ضد السودان وكذلك التحرش بالسودان من جانب بعض دول المنطقة كلها عملية متسقة ومرتبة في تقديري ومقصود منها تضييق الخناق على الحكومة من الداخل والخارج لذلك يجب أن أن ننظر إلى الأمور بهذا المنظور حتى تكون الصورة كاملة في أذهاننا والذين يتحدثون الآن بضرورة الاعتراف بالجبهة الثورية يجب أن ينظروا إلى الصورة الكاملة و يعرفوا ما هو دور الجبهة الثورية في هذه المنطقة المتكامل.
الحوار بين القوى السياسية والحكومة وتغيير الشعار من إسقاط النظام إلى إصلاح النظام ما رأيك فيه؟

كنت منذ فترة طويلة اعتقد أن بعض الأحزاب في واقع الامر تستشعر الخطر على البلاد تماماً كما تستشعره الحكومة أو المؤتمر الوطني وهذا نتج عن تجربتهم في الحكم وارتباطهم بالقضاء الوطني لذلك كانوا يتوجسون حتى من هذه الحركات سواءً إن كانت حركة قرنق في السابق أو الجبهة الثورية وهم يعلمون أن هذه الحركات لا تستهدف فقط المؤتمر الوطني كما تستهدف السودان ونظامه السياسي بكامله إذا كان المعارضة او الحكومة وأيقنوا أنهم على قائمة المستهدفين لذلك أعتقد أن نظرتهم للأمور فيها كثير جدا من العقلانية وتجربتهم للحوار الوطني مسؤوليتهم القومية واستشعروا بالخطر الذي يهدد الجميع وبالتالي استجابوا للحوار من هذا المنطلق أما قضية إصلاح الحكومة فالحكومة هي التي تتبنى هذا الموقف الآن وهي التي فتحت الباب واسعاً لإصلاح النظام من خلال وضع دستور وطني متفق عليه وفتحت لهم باب المشاركة في الدستور وتعديل قانون الانتخابات والمشاركة فيها هذه الجوانب كلها جاءت بمبادرة من الحكومة هم استجابوا لها وبالتالي أصبحت مسؤولية مشتركة بين الجميع.
ألا تعتقد أنها صحوة متأخرة؟
نعم قد تكون صحوة متأخرة من جانب المعارضة ولكن في تقديري أسهمت الحكومة إلى حد كبير في إشاعة الثقة في دورهم في المرحلة القادمة وفي التعاون مع الجميع مع الحكومة ومع جميع الأطياف السودانية الأخرى واعتقد أن مبادرة الحكومة كانت تحمل كثيراً جداً من التطمينات التي جعلتهم يستشعرون مصداقية هذه الخطوة وهذا ما دفعهم الى قبول المعارضة.

أما في جانب الحكومة فهي تعلم منذ زمن طويل بأنها سائرة في طريق التحول الديمقراطي وقطعت فيه خطوات كثيرة منذ قيام الثورة ووصلت الآن المرحلة التي استشعرت فيها الثقة الكاملة في نفسها وقدراتها وهذا هو الذي دفعها لكي تخطو الخطوة الكبرى أو الوثبة الكبرى كما سماها الرئيس في هذا الاتجاه ولكن هذا تتويج لخطوات سابقة كثيرة جدا في اتجاه التحول الديمقراطي اقدمت عليها الحكومة.
التقارب بين الشعبي والوطني هل هو دليل عافية أم هي مراوغة فقط؟

إذا جاء ذلك في إطار المصالحة الوطنية الشاملة اعتقد أنه دليل عافية وليس في ذلك شك ولكن فيما يتعلق بالعلاقة الثنائية مع المؤتمر الوطني انا لازلت أرى أن المشوار لازال بعيد جداً لمصالحة ثنائية ولكن فيما يتعلق بالقضايا الوطنية الكبرى والثوابت الوطنية هنالك مبادرات كثيرة من عدد من الأطراف.
لماذا ترى أن المسافة لا زالت بعيدة بين الحكومة والشعبي في إطار المصالحة الثنائية؟

الثنائية بين الشعبي والوطني تختلف عن الأجندة الوطنية العامة الناس دائماً يتفقون ويختلفون على القضايا التي تواجه الوطن ولكن القضايا التفصيلية التي تتعلق بجماعة كانت واحدة ثم انفصلت هذه اجندة مختلفة والنقاش فيها قد يأخذ مسارات أطول وزمناً أطول لأن فيه كثيراً من الأشياء الذاتية التي تحتاج الى معالجات.

صحيفة أخبار اليوم
لينا هاشم
ت.إ[/JUSTIFY]