حوارات ولقاءات

والي شمال دارفور في حوار الثقة المفرطة


[JUSTIFY]ما الذي يجري بالضبط في ولاية شمال دارفور؟ وماهي التقاطعات التي تشهدها الولاية؟ وهل كل القضية حركات مسلحة اعتدت على بعض المحليات.. أم أن تحت السواهي دواهي؟ وغيرها من من التساؤلات الحائرة التي ما من شخص يجيب عليها بشكل جازم مثل والي الولاية عثمان كبر، والذي رغم ما تناقلته وسائل الإعلام عن تعرضه لمحاولة اغتيال وما يثار عن ولايته إلا أن الرجل في بيته هادئاً مطمئناً يتقاسم الضحكات (واللقيمات) التي تناولناها معه عقب صلاة الصبح أمس.. حيث تبدأ الحياة بمنزله الفخم.. وقبل خروج الشمس من مخبئها أخرج كبر أسراراً من مخبئه، وإن قال لي إنه يحتفظ بالكثير منها للوقت المناسب، هذا فيما يلي خصومه الذين لم نشأ أن نجعل أمرهم محور اهتمامنا في هذا الحوار.
الناس تتساءل عن سر انفجار الأحداث بالولاية وتسارعها بهذا الشكل الكبير؟
– ما جري نتيجة طبيعية لأمرين.. الأول أن هذه الولاية استقرت لفترة طويلة جداً ولم تشهد مشكلات قبلية إلا نادراً، وانحسرت الحركات المسلحة، وهذه العوامل جعلت الناس في حالة استرخاء والانتشار والاستعدادات الخاصة بالترتيبات الأمنية والاحترازية ليست بالمستوى المطلوب، فضلاً عن أن المناطق المعتدى عليها لم تكن فيها حاميات عسكرية طوال تاريخها، والمتمردون قصدوا أن يأتوا لتلك المناطق الخالية من القوات المسلحة وبها وضع اقتصادي وتجاري (جيدين)، وكثافة سكانية عالية في ذات الوقت بحكم الانحسار للحركات المسلحة والبعد المسافي..

المسألة الثانية أن الحركات المسلحة انطلقت نتيجة لتحركات قوات الدعم السريع التي طردت الحركات الموجودة في المنطقة الجنوبية لجنوب دارفور (أم قونجة، وحجر تونو) واستعاضت عن تلك المناطق بشمال دارفور، والمنطقة الوحيدة التي فيها حامية هي حسكنيتة، حيث كانت تمثل رمزية للحركات ومؤتمر حسكنيتة المعروف انعقد فيها، بينما بقية المناطق كانت آمنة ومستقرة مثل اللعيت، والطويشة، وكلميندو.. وجاءت الحركات ودخلت تلك المناطق الهادئة.
لماذا لم تقوموا بإجراءات احترازية قبلية؟

– عنصر الزمن وعامل البعد المسافي وبطء الإجراءات الإدارية التي يمكن أن تتم ساهمت في ما حدث.
وهل الاعتداء على محلية الطويشة جاء في هذا السياق أم لأنها مسقط رأسك وموطن أهلك وكأنها رسالة من الحركات لأهل الولاية وربما للمركز؟

– ليست هي المرة الأولى التي يتم فيها الإعتداء على الطويشة وقد ضربت في العام 2004 شأنها شأن عدد من محليات الولاية، واللعيت والطويشة وكليمندو منظومة جغرافية واحدة وتكاد تكون بيئتها واحدة والمكون السكاني واحد، وهي مناطق غنية بمواردها وبالسكان، ولا أعتقد أنها استهدفت لأنها مسقط رأس الوالي.. الهدف لأنها منطقة سهلة وخالية من القوات المسلحة يمكن أن تخترق، كما وأنها تتوافر بها مطلوبات يحتاجون اليها وبشدة (وقود، مواد غذائية، عنصر بشري.. الخ)، ووضح ذلك من نهبهم للأسواق. ولكن قد يتراءى للبعض كونها رمزية، ولكن شمال دارفور كلها وطني وأهلي، واللعيت أيضاً منطقة تربيت فيها ولدي فيها أسرة وكذلك كليمندو.
ü الأحداث بالولاية سبقتها تقاطعات سياسية، لا أريد أن أقول إن المركز لم يولها اهتماماً لكن ما سر صمت الحكومة الاتحادية؟

– لا أقول إن المركز صامت ولكن أقول إن هناك عوامل وتعقيدات على الأرض جعلت المركز يتخذ ذلك الموقف، إذ لم يلتزم المركز الصمت في تلك الظروف لأن الوضعية القائمة والتعقيدات التي نشأت وخلقت تلك البيئة السياسية هي تعقيدات قامت جراء طموحات شخصية لبعض الناس أرادوا أن يحققوا أهدافاً خاصة بهم وليست للمواطن علاقة بذلك، وهي لا تستحق كل هذه الضجة.. ولكن نظراً لحساسية الأوضاع في دارفور وبالبلاد عامة، لو تم فتح الملف بالطريقة العادية ربما تنشأ بعض الآثار الأمنية والسياسية.. ربما لذلك رأى الأخوان في المركز معالجة الأوضاع بهدوء بعيداً عن الأنظار.
هل المركز أبلغك بذلك؟

– إطلاقاً هذا تحليلي الشخصي وظني أن المركز رأى ذلك.
وهل هي رؤية صائبة؟

– في ظني إنها رؤية لها فوائدها، ولكن لها مضارها الكبيرة بدليل تطور الأوضاع الآن، ولو حسمت القضايا من أول مرة ما كان أتيحت الفرصة لتفاقم الآثار.. وأعتقد أن الاحتقان الموجود الآن أمني وبعض التعقيدات الموجودة في محلية سرف عمرة وماحولها، وكبكابية، هي تعقيدات أمنية لكن خلفيتها سياسية، ولكن صمت المركز عن بعض الممارسات التي كان يفترض أن تتم معالجتها وبصورة واضحة في وقتها.
هل نستطيع أن نقول إن المركز جزء من أزمة شمال دارفور؟

– لا أستطيع أن أقول ذلك، ولكن أعتقد أن الأزمة محلية افتعلها بعض الأفراد لكي يحققوا أهدافهم الشخصية، لكن ما تم لمعالجة الأزمة في تقديري لم يكن موفقاً وكان يفترض أن يكون أحسن من ذلك.
هل تعني من جانب المركز؟

– من جانب الجهات المختصة كلها، ولو حسمت القضية لما تطورت الأحداث, وأعتقد أن الإبطاء في الحسم والمعالجة والتشخيص لهذه المشكلة لو لم يتم حتى الآن أتوقع تعقيد الأمور أكثر من ذلك.

لماذا كل مرة تُختزل الأحداث في ولاية شمال دارفور في كبر وفي السابق قضية سوق المواسير الشهيرة أيضاً؟

– دائماً (إذا أتتك الحجارة من الخلف أعلم أنك في المقدمة)، هذه حكمة أعمل بها.. وأعتقد أن الفترة الزمنية التي أمضاها عثمان كبر والياً لشمال دارفور هي (11) سنة حتى الآن وأظن في تقديري أن النجاحات التي تحققت نجاحات كبيرة في ظل ظروف صعبة جداً، الجميع كان يتوقع أن النجاحات لن تتحقق في ظل الظروف والمعطيات في الساحة، لكن طبيعة البشر أن تكون لهم طموحات بعض القيادات الموجودة، وطبيعة تركيبتنا في دارفور وشكل التناول والتعامل بين بعض القيادات في شمال دارفور ودارفور بصفة عامة أعتقد هو سبب رئيسي في الذي حدث، وهو يأتي من باب الحسد ليس غير ذلك، بل الطمع المخلوط بالحسد فواحدة من مشاكلنا الآن هي الطموحات الشخصية لبعض الناس.. وأنا أقول إن مشكلة دارفور انحصرت في ثلاث مسائل هي: طموحات شخصية، وتدخلات دولية، وإعلام مغرض، وهي الآن تشكل خريطة المشكلة في دارفور.. والطموحات الثلاث شخصية من بعض الناس، والإعلام الترويجي هو جزء من هذه الأزمة، وله رأي في عثمان كبر، حيث لبعض الإعلاميين مكاسب شخصية لم تتحقق، ومشكلتنا وجود اشكالية حقيقية للبعض، وهي أين هو من الذي يجري وماذا يكسب من ما يكتب؟.. وكذلك التعقيدات في دارفور إن الولاء القبلي طغى على الولاء السياسي والمهني والاجتماعي، ومن هو من عنصرك، وأكرر وأقول ليس كل الناس، وكذلك أعتقد أن دارفور فيها صراع خفي غير منظور للناس، وهذا مكمن الخطورة حول أي من العناصر يسيطر على دارفور
أرجو أن أكون صريحاً- أي عناصر ولماذا؟

– اعترفنا أو أنكرنا هذه هي الحقيقة، وهي بين عنصرين العنصر العربي أم غير العربي هو الذي يسيطر على دارفور وهو صراع خفي تحتي وموجود، والكل يخطط أن يكون والآخر لا يكون.. وأنت تستهدف (التختة) التي تعيق هذا المشروع من الطرفين كل طرف يكون له هدف يريد الوصول اليه، وهناك عقبة تحول دون ذلك الذي يجري ويجب أن تزال وهذا في نظرهم هم.
لكن مسألة الطموح طبيعية ومشروعة وشخصياً أطمح أن أكون مكانك لو توافرت العوامل لذلك؟

– (ضحك).. نحن ما منعنا زول ولكن وسائل الطموح نحن لسنا ميكافيليين (الغاية تبرر الوسيلة)، وهذا ليس منطق أنا أريد أن أصل لموقع الوالي أو رئاسة الجمهورية لا مانع ولا حرج في ذلك، ولكن هناك منهج وآليات ووسائل تستخدم لتصل لذلك وهناك انتخابات.
في تلاحق الأحداث وما يجري من حولك في السابق أو الآن ألم تحدث نفسك بالاستقالة؟

– والله أبداً .. أنا مؤمن أن الموقع الذي وصلته عن طريق الانتخابات والناس (الأنا عايش) وسطهم وأنا لصيق جداً بالقاعدة أدرك تماماً حجم الإلتفاف حولي كوالي وكحكومة، لأنني لم انفصل عن هذه القاعدة، وأعرف كيف يفكر عامة الناس وأدرك ذلك بالكامل وأدرك حجم المعاناة التي يعانيها المواطنون بحكم المعايشة والمعاصرة في الفترة الماضية، وهم أولوني ثقتهم بعقد زمني محدد وفق قانون انتخابات جرت حرة ونزيهة، أصلاً لا يمكن أن أهرب من الساحة في أية لحظة من اللحظات وأترك هؤلاء المواطنين الغبش والبسطاء الذين أدرك حجم ولائهم والتفافهم حولي لأني لم انفصل عنهم.
هل من مبرر للبقاء على سدة الحكم؟

– لا يمكن نظراً لأن (عشرة خمسطاشر نفر) من القيادات طامعين وعندهم غرض يريدون الوصول اليه ويخلقون بلبلة عن طريق الإعلام، بل هذا يزيدني إصراراً.. وصراحة الصحة والعمل نفسه والأسرة تقتضي أن الواحد يترك العمل السياسي، ويتجه في الفترة المقبلة للعمل الخاص، خاصة موقع الوالي مطلوب منه كل شيء في ظل ظروف صعبة جداً.. وصراحة كانت نيتي وكل المؤشرات أن أبعد.
تقصد في الفترة الحالية؟

– أبداً في الفترة الحالية لم أفكر في الابتعاد وسأكمل فترتي رضي اولئك أم أبوا وٍسأكملها بالقانون وليس بالسلاح أو الضجة أو التزوير، وبالعمل على الأرض وبسياسة وعمل على الأرض وبأداء واجب ووفاء عهد.

صحيفة آخر لحظة
أجراه في الفاشر/ أسامة عبد الماجد
ت.إ[/JUSTIFY]