تحقيقات وتقارير

الحوار الوطني .. من يديره ..؟!

[JUSTIFY]قبل تسمية لجنة التحكيم باتحاد كرة القدم لحكم الساحة الذي يدير أي لقاء مرتقب لفريقي القمة الهلال والمريخ يسارع إداريو أحد الفريقين لانتقاد الاختيار، وأحيانا يستبق الإداريون إعلان الاتحاد لضابط المباراة ويرسلون إشارات سالبة تشير لرفضهم لأسماء بعينها دون تحرّج ويكيلون لها الاتهامات دون وجه حق في أحايين كثيرة ودون تقديم دليل. ولعل اتحاد الكرة مضى في اتجاه إخفاء الحكم المرشح حتى اللحظات الأخيرة ووصلت المسألة مرتبة ترشيح حكم من الخارج الحدود.. وقريباً من ذلك وعلى صعيد الملعب السياسي يترقب الجميع مباريات الحوار الوطني التي أعلن عنها رئيس الجمهورية، حيث تشكك كثير من الفرق السياسية «الأحزاب» في كثير من تفاصيل العملية السياسية غير النزيهة في نظر البعض.

صحف الأمس حملت نبأ تسليم حزب الأمة للمؤتمر الوطني، وإن شئنا الدقة للرئيس المشير عمر البشير، قائمة حوت مرشحين لإدارة الحوار الوطني المرتقب، وبالقطع حالة التوجس التي تسيطر على المسرح السياسي واحد من أسبابها تشككهم في نوايا المؤتمر الوطني تجاه الحوار ودوافعه، وفي كثير من الأحيان التشكيك في توقيت إعلان الحزب الحاكم للحوار، حيث يرون أن الوطني يلفظ أنفاسه الأخيرة والبعض يصفه بالمترنح، بينما آخرون مثل المؤتمر الشعبي تعاملوا بمسؤولية مع الدعوة للحوار وانخرطوا في الترتيب له ومضوا في تقوية عماده.

لكن واحدة من المسائل التي ستتوقف عندها قيادات الأحزاب هي من يدير الحوار، فقوى سياسية مثل الأمة القومي سبق وإن اقترحت مائدة مستديرة، بينما نخب ومثقفون يرون أهمية إسناد المسألة لشخصيات قومية وهو ذات الاتجاه الذي صرحت به قيادات المؤتمر الوطني، وقد قال أمين الإعلام بالوطني ياسر يوسف في تصريح سابق إن المؤتمر الوطني لن يستثني أحداً وسيجعل مسألة الحوار مفتوحة الأبواب في كل الاتجاهات وللقوى السياسية الحق في تحديد رؤيتها للحوار وبالصورة التي تريدها. وحتى هذه الرؤية التي فيها كثير من المرونة من الممكن جداً أن تقابل بريبة من الأحزاب من منطوق أن الوطني يفكر في إدارة الأمر من خلف الكواليس مع أن الحزب الحاكم حدد أربعة ملفات على طاولة الوفاق الوطني منها الحوار، الحريات، و الهوية، وأضاف إليها لاحقاً الدستور والانتخابات، وقال للآخرين الحق في الإضافة أو تقديم مالديهم، بحسب ياسر يوسف.

الحكومة حاولت إجراء حوار من خلال مؤتمر كنانة الذي كان من بين الحضور فيه حركة التحرير بزعامة مني مناوي ولكن طويت صفحة كنانة دون تحديد أسباب ومبررات انهيار مشروع وفاق وسلام وطني من الداخل حيث استلذت الحكومة وخصومها استيراد السلام والبحث عنه في منابر خارجية حتى في محطات خارجية أقل قامة من الخرطوم.

المؤتمر الوطني قبل ثلاثة أيام أطلق تصريحاً يحمل شيئاً من الغرابة عندما قال إن الرئيس البشير سيكون محايداً في إدارة الحوار الوطني مايعني أن الوطني سمى مرشحه للحوار، إن لم يكن يعني أن البشير سيدير الحوار برمته بينما رؤية قيادات الحزب الحاكم مثل نائب الرئيس للحزب البروفيسور غندور تدعو الجميع للتوافق على من يدير الحوار وكيف يدار؟.. لكن من الضرورة بمكان تحديد شخصيات لإدارة الحوار، فإلي حد كبير أصبح هناك توافق بين الفرقاء السياسيين في البلاد على شخصية الرئيس الجنوب أفريقي السابق ثابو مبيكي لحلحلة المشكل السوداني، مثلما توافقوا في وقت سابق على الجنرال الكيني لازاراس سيمبويا للوساطة بين الحكومة والحركة الشعبية الجنوبية في مفاوضات نيفاشا التي أفضت لسلام لايزال السودان يعيش تداعياته والترتيبات التي أفضت لخواتيمه.

واحدة من تعقيدات المسرح السوداني هي قضية دارفور التي بدأت تأخذ منحى آخر في الآونة الأخيرة، و للمفارقة فإن ولاية شمال دارفور التي كانت أهدأ ولايات دارفور في أوج الحرب في دارفور هي أكثر الولايات الآن بها مشكل أمني بضرب محليات شرق وغرب الولاية، وكأنما أراد التمرد أن يعيد الإقليم إلى المربع الأول من خلال عمليات سلب ونهب وقتل، و بالتالي فإن واحدة من أبرز الملفات التي تستدعيها الأحزاب في رؤيتها للحوار ستكون هي قضية دارفور. و بالفعل دشن الحزب الشيوعي نشاطه في أجواء الحوار بإقامة نشاط سياسي بداره حول دارفور حمّل الحكومة وزر ما يجري هناك، ما يعني أن قضية دارفور ستغير قواعد الاختيار حول من يدير الحوار، وبالتالي قد يكون من غير المناسب إدارته بواسطة مسؤولين حكوميين طالما أن هناك أحزاباً تحمل الحكومة المسؤولية، الشيوعي على سبيل المثال. مع أن هناك تحركاً من شخصيات دارفورية لإقامة ملتقى أم جرس الثاني بهدف توسيع ماعون الحوار وعدم قصره على إثنية بعينها طغت على مجريات لقاء أم جرس الأول.

أستاذة العلوم السياسية بجامعة الزعيم الأزهري د.فاطمة العاقب ترى ضرورة أن يسمي كل حزب مرشحيه لإدارة الحوار، واستحسنت أن تذهب الأحزاب في اتجاه تسمية شخصيات قومية يسهل التوافق حولها، بحسب حديثها لآخر لحظة الذي أكدت من خلاله أهمية استثمار المناخ السائد الآن، وسمت الوقت الحالي بالفرصة الأخيرة للجميع، وليس الحكومة فقط.

صحيفة آخر لحظة
تقرير : أسامة عبد الماجد
ت.إ[/JUSTIFY]

تعليق واحد

  1. [الوقت يداهم السودان الوطن الجريح …الآن لا يترنح المؤتمرالوطني وحده بل يترنح الوطن الكبير السودان القامة.
    الحوار يحتاج الى طرف محايد لإدارته وتحديد مساره ..لأن التجارب السابقة مع التنظيمات السياسية لم تسفر عن شيئ ومضيعة للوقت..الاحزاب تريد الكرسي والمؤتمر الوطني يجلس ويلتصق بالكرسي التصاق ارنبة الانف بالانف ثم يدعوهم الى الحوار …يحاورهم في كل شيئ عدا الكرسي …مال وسلطة ممكنة او في حدود الممكن ..اشبه بحوار الطرشان…الحرب تستعر والفساد يسود الوجود..والخدمات تتردى..لأن مثل هذه الامراض تتفشى في مثل هذه الظروف.
    يا اهل السودان اجلسوا واتفقوا على كلمة سواء القادم أقوى ولا يطاق…نعم ظلمنا انفسنا..سرقنا وطننا…نمارس عنصرية على بعضنا في المناصب والحقائب الوزارية المحتكرة …لكن هذا يجب ان لا يصل الى درجة ضياع الوطن والتراب امامنا طريق مسدود…الامم في سيرها لا تنظر الى ساقط في الطريق. اين السودان اليوم من خارطة دول العالم الثالث بعد ان يشار اليه بالبنان في دول العالم الثالث…