د. عارف عوض الركابي : ردم الحفر التي توصل إلى مستنقعات «الدعارة»
لمّا نهى الله تعالى عن الزنا نهى عن الأسباب التي توصل إليه وكان النهي بقوله تعالى : «ولا تقربوا الزنا» فالذي يقع في أسباب الزنا ووسائله يقع فيه .. وعليه فإن كلَّ من يهمه طهارة وزكاة وسلامة هذا المجتمع ، وكل من يخشى على أعراض المسلمين ، فإنه يسعى لقطع الطريق أمام منتهكي الأعراض والعابثين بها.
من المظاهر التي هي من بريد الزنا والموصلة إليه : الخلوات التي تكون بين الفتيان والفتيات ، فأصبح منظر شاب وفتاة يجلسان في حديقة أو مقهى أو مطعم أو في فناء جامعة وغير ذلك في جلسات مريبة أصبح هذا المنظر الذي يذبح فيه الحياء من المناظر المعتادة وهي خلوة سبيلها وطريقها إلى الفاحشة والعياذ بالله ، وتعجب أن يمر بهذين المجرِميْن رجال ونساء وشيوخ وربما دعاة وطلبة علم دون أن ينكر عليهم .. فهذا منكر واضح وجُرم كبير وانتهاك للعرض ، أمام الملأ وبين الأشهاد وكأن كلّ أحد يرى هذا المنكر لا يعنيه ، ولما لم يجد هؤلاء الفسّاق من ينكر عليهم ويذكرهم بالله أصبحت هذه المظاهر تزداد .. وإذا ترك المجتمع الحبل على الغارب وترك للمتبعين أهواءهم وشهواتهم والمراهقين والمراهقات الأمر على ما يريدون فماذا ينتظر المجتمع ؟! لماذا يستغرب من دور «دعارة» وكثرة لقطاء ؟! طالما المجرمون ومنتهكوا الأعراض يجلسون يثيرون غرائزهم مطمئنين ويتبعون خطوات الشياطين ويخططون للفواحش في مرأى ومسمع المسلمات والمسلمين !! إذاً فليكن الدور الأول لكل مصلح وغيور أن ينكر هذا المنكر وينصح الفتاة بأن هذا ذئب بشري يريد أن ينتهك عرضك ثم يرميك فريسة كما رمى عشرات غيرك .. وليكن النصح للذئب المفترس بأن له من الأخوات والعمات والخالات وربما البنات !! من هنّ مثل هذه الضحية التي يفترسها .. وربما سيؤثر فيه ذلك إن كان في قلبه شيء من الخوف من الله والحياء .. وليكن الدور بالنصح للآباء وأولياء الأمور بأن يتقوا الله في البنات والأخوات وأن يقوموا بالمحافظة عليهن وحمايتهن والقيام بواجبهم في ذلك وأن لا يخونوا الأمانة فيشقوا بسبب ذلك في العاجل بالفضائح المدويّة وفي الآجل بعذاب الله المتوعّد به من ضيّع أمانته.. فليتقوا الله في من تحت أيديهم وليتابعوهم ويحسنوا تربيتهم على مراقبة الله تعالى وغرس الإيمان في قلوبهم وتوجيههم وتفقدهم .. وتوضيح أن أفعال المراهقين والمراهقات من هذا الحب والغرام والهيام المدّعى ما هو إلا سرطان مدمّر طالما كان في معصية الله تعالى وفي غير طريقه ووسيلته الشرعية.
أعجب أن يسمح ولي أمر فتاة بدخول ابنته حفلة مختلطة وهي في كامل زينتها ثم تقوم لترقص وسط رجال !! ما هذا ؟! أين الغيرة على الأعراض ؟! وأين الخوف من التحذير النبوي بأنه لا يدخل الجنة ديوث ؟!
إن كل امرئٍ عاقلٍ ، بل كل شهم فاضل لا يرضى إلا أن يكون عرضه محل الثناء والتمجيد، ويسعى ثم يسعى ليبقى عرضه حرماً مصوناً لا يرتع فيه اللامزون، ولا يجوس حماه العابثون.
إن كريم العرض ليبذل الغالي والنفيس للدفاع عن شرفه ، وإن ذا المروءة يقدم ثروته ليسد أفواهاً تتطاول عليه بألسنتها أو تناله ببذيء ألفاظها. نعم إنه ليصون العرض بالمال ، فلا بارك الله بمال لا يصون عرضاً.
بل لا يقف الحد عند هذا فإن صاحب الغيرة ليخاطر بحياته ويبذل مهجته، ويعرض نفسه لسهام المنايا عندما يُرجم بشتيمة تُلوّث كرامته. يهون على الكرام أن تصان الأجسام لتسلم الأعراض. وقد بلغ ديننا في ذلك الغاية حين قال نبينا عليه الصلاة والسلام : «من مات دون عرضه فهو شهيد» .بصيانة العرض يتجلى صفاء الدين وجمال الإنسانية ، وبتدنسه ينـزل الإنسان إلى أرذل الحيوانات بهيمية.
يقول ابن القيم -رحمه الله-: «إذا رحلت الغيرة من القلب ترحَّلت المحبة، بل ترحل الدين كله». أثق أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إن قام به الناس على الوجه الصحيح ستقل بتوفيق الله بل ربما تنعدم مثل هذه الظواهر السيئة ، وليتق الله أهل الإعلام ومن يقومون على القنوات الفضائية فليدعوا وليتركوا المسلسلات والأفلام والأغاني التي تهيج الشهوات وتدرّب على الفجور والفواحش .. وقد وصف علماء الشريعة الغناء بأنه «بريد الزنا» أي الموصل إليه. وأقترح أن توقف شركات الاتصال عروضها بالاتصال المجاني بعد منتصف الليل .. فمن يفيد من تخفيض أو مكالمات مجانية في هذه الأوقات في الغالب .. ولتتق الله هذه الشركات فإن التعاون على الإثم والعدوان من الموبقات المهلكات التي يذهب بها بركة الكسب ويتوعد أهلها بعقوبة الله تعالى .. ودرء المفاسد مقدّم على جلب المصالح كما هو مقرر في شريعة الإسلام .. فلو كانت هذه العروض تحقق بعض المصالح فإن مفاسدها واضحة وكبيرة خاصة أن الوقت بعد منتصف الليل !. هذه إشارات موجزة أردت بها أن أوضح أن الطرق الموصِلة للفاحشة يجب أن تغلق ويتعاون الجميع في ردم كل الحُفَر التي توصل إلى مستنقع الزنا وبؤر الدّعارة ، والشريعة قد اعتنت بإغلاق طرق الفساد ووسائله ، ومن القواعد الشرعية المشهورة : الوسائل لها أحكام المقاصد ، فوسائل الواجب واجبة ووسائل الحرام محرمة ، ومن هذا الباب حرّم الإسلام الخلوة بالمرأة وسفرها بغير محرم والمصافحة وخروج المرأة متعطرة والاختلاط كالذي يكون في أماكن العمل والدراسة وغير ذلك .. فلنغلق وسائل الدعارة لتنعدم الدعارة .. ولننهى ونحذر من وسائل الزنا لينعدم الزنا .. لا أن نكتفي بنشر أخبار الفواحش ونعدّد أعداد اللقطاء وتتنافس بعض الصحف في نشر مثل تلك الأخبار وهي في نفس الأوقات تنشر بعض الأسباب الموصلة إلى هذه النتائج نفسها !! «إنما المؤمنون إخوة» هكذا يوجه القرآن و«المسلم أخو المسلم» كما أوصى النبي عليه الصلاة والسلام ، وهذا يوجب أن ينظر كل مسلم لعرض أخيه المسلم وكأنه عرضه هو ، وهذا والله مما يجب أن يجتهد المجتمع في بلوغه ، فإذا رأى الرجل فتاة تسيء بتصرفاتها أو حولها ذئب بشري يريد افتراسها وهو يضحك عليها ويلعب بأحاسيسها وعاطفتها فعليه أن ينصحها بالأسلوب المناسب ويشعرها أنها كابنته أو أخته ، وهكذا الأخوات اللائي هن في عافية وستر وعفاف عليهن أن يكثرن من نصح من يرين من أخواتهن من أخطاء في لبس أو ممارسات أو صِلات ، وبذلك يتعافى المجتمع ـ بإذن الله ـ ونعيش في أمن واستقرار ورخاء ونسلم من اللعنة التي أصابت بني إسرائيل بسبب تركهم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
صحيفة الإنتباهة
د. عارف عوض الركابي
[SIZE=4]د. الركابي
تحية طيبة
وبعد
هل سالت نفسك قبل ان تكتب هذا المقال عن اسباب هذا التدهور الاخلاقي
ام انك تنصح وتكتب وانت جاهل باسبابه التي اوصلت مجتمعنا الي هذا الحد؟
الكل يعلم انا الزنا حرام
ولايوجد فرق في استخدام التكنولوجيا
لان من يستخدم الانترنت ومن يستخدم الحمام الزاجل
ليزني فهو زاني
فقط هنالك اسباب للحاله التي وصلنا اليها
وعلينا علاجها قبل ان نتطرق لما في مقالك
[/SIZE]
[SIZE=5]جزاك الله خيرا
لقد عالجت الموضوع بدقة وإخلاص ولكن هل من مستمع ؟ هل من متعظ ؟ هل من متقٍ ؟
لقد ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس …وفشا الجوع والفقر وانتشرت الجرائم بأنواعها حتى صرنا نسمع عن جرائم لا تخطر على البال …والله يصلح الحال ويهدي الناس .[/SIZE]