رأي ومقالات

البروفيسور/ محمد سعيد الطاهر : زيارة المشير إلى فيينا يونيو 1989م

في خواتيم شهر يونيو من عام 1989م زار المشير/ عبد الرحمن سوار الذهب مدينة فيينا. وكانت زيارة الرجل في إطار عمله كعضو في لجنة تبادل الأسرى المعروفة في الحرب العراقية الإيرانية التي أخذت تضع أوزارها يومئذ. ولقد طلب مني الأخ الفاضل الدكتور الفاتح علي حسنين تولي برنامج زيارة الرجل، وذلك إثر وعكة صحية مفاجئة ألمت بدكتور الفاتح نسأل الله أن يمتعه بدوام الصحة والعافية. وكان البرنامج المصاحب مزدحماً نوعاً ما وذلك بعد أن التقى المشير الدكتور كوشمير رئيس لجنة تبادل الأسرى وشملت فقرات البرنامج زيارات للجاليات الإسلامية بالمدينة بغية افتتاح عدد من المساجد، وكانت هذه أول مرة اقترب فيها من هذا الرجل الذي حسبته يومئذ على قدر من الزهد والتعفف وكأنه يلامس زخم وشأن هذه الحياة الدنيا في حذر شديد، وهكذا أقدار السماء، فشاء الله أن يجري على يدي هذا الرجل افتتاح عدد من المساجد حديثة الإنشاء في مدينة فيينا وهي مسجد الجالية الألبانية، الجالية اليوغسلافية«البوسنية»، ومسجد الجالية التركية، وهذه الأخيرة لديها مساجد كثر في أحياء المدينة المختلفة، فسررت بمرافقة الرجل في افتتاح بيوت أذن الله لنا أن ترفع ويذكر فيها اسمه، وكما نعلم فإن خير البقاع على الأرض المساجد وشرها الأسواق وبحمد الله الذي بنعمته تتم الصالحات كان ترحيب الإخوة المسلمين حاراً بالمشير في تلك المساجد، وفي سوح تلك المساجد تمت حوارات مثمرة بين الرجل وأفراد تلك الجاليات من أهل الملة، وكنت أقوم بترجمة مصاحبة لحديث الرجل لهم ومنها دعوة للقائمين على أمر تلك المساجد بالعلم قائلاً: من أراد الدنيا فعليه بالعلم، ومن أراد الآخرة فعليه بالعلم ومن أرادهما معاً فعليه بالعلم.
المشـير بعيــون الفـرنـجة: قدر لي أن أرصد أيضاً شخصية المشير بعيون الفرنجة من أحفاد سلاطين باشا الذي ترقد رفاته في الحي الرابع في مدينة فيينا.
فوجئت بأن أبناء الفرنجة يقفون تعظيم سلام لهذا الرجل ويقولون بالصوت الواضح ودون الجهر من القول: إن المشير سوار الذهب هو الرجل الوحيد في العالم الثالث الذي سلم السلطة سلمياً
Er hat die Macht friedlich abgegeben
وشاء الله أن يكون مسك ختام تلك الزيارة الطيبة المشاركة في فعاليات مؤتمر الأقليات المسلمة لدول أوربا الشرقية الذي كان ينعقد وقتها بالمركز الإسلامي، حيث قدم السيد المشير محاضرة قيمة عن قضية جنوب السودان وضرورات تحقيق السلام.
وتجدر الإشارة إلى أن المؤتمر الذي انعقد في الفترة ما بين«28/ 6 – 1/7/1989م» تزامن مع ربيع ثورة الإنقاذ الوطني فجاءت صحيفة «الشرق الأوسط» الصادرة من لندن تحمل البيان الأول حيث تولت سكرتارية المؤتمر في عفوية وتلقائية تصويره وتوزيعه على الحضور. ويبدو أن مصاحبة المشير قد سلطت عليَ الأضواء ولست من أهلها، فكل ميسر لما خلقه الله له، فبعد انتهاء المحاضرة التي ألقاها المشير والتي وجدت استحسان الجميع اقترب مني إمام مسجد المركز الإسلامي وهو تركي الجنسية ويتحدث العربية بلسان مبين وبلهجة شامية طليقة، فهمس إليَّ بصوت خفيض : شو يعمل سعادة المشير الآن؟ فرددت: إن الرجل يعمل في مجال الدعوة الإسلامية. فقال: عجيب أمر هؤلاء الحكام! هم في الحكم لا يشغلون أنفسهم بالإسلام وبعد الحكم يصبحون دعاة للإسلام. وكان في حديث الإمام إشارة قاصدة لزيارة قام بها قبل بضعة أسابيع الرئيس الجزائري الأسبق أحمد بن بيلا لهذا المركز وهو أيضاً ناشط في مجال العمل الإسلامي.
وختاماً قارئي الفاضل هذه بعض خواطر وأحاديث غربة سطرتها وأنا أجد في طيات أحد الكتب الصورة التي ظهر فيها المشير والأخ الفاضل د. محمد حسين زروق وشخصي الضعيف. فلهما وللأخ الفاضل د. الفاتح على حسنين تحيات من عند الله مباركات طيبات وخالص الود .

> جامعة النيلين

صحيفة الإنتباهة

تعليق واحد

  1. وكانت هذه أول مرة اقترب فيها من هذا الرجل الذي حسبته يومئذ على قدر من الزهد والتعفف

    لا تحسبن الضحم فيمن شحمه ورم
    هذا اكبر افاك عرفه السودان وراس الحيه..وسر كل البلاوي التي حلت بنا
    ابعده الترابي مع علي الحاج خارج السودان لحظة وقوع الانقلاب للتمويه..