تحقيقات وتقارير

الكشف عن «12» وزارة ووحدة حكومية تخالف القانون


كشف تقرير رسمي للمراجع العام عن وجود «12» وزارة ووحدة حكومية تقوم بتجنيب المال العام دون علم المالية، بينما تقوم «8» وزارات ووحدات بالتجنيب بعلم المالية، كما تقوم «7» ولايات بالتجنيب، وفيما أشار التقرير لوجود وزارات تفرض رسوماً غير قانونية على المواطنين بينها الداخلية والدفاع والثروة الحيوانية، بلغت جملة الأموال المجنبة «284.5» مليون جنيه، و «12.1» مليون دولار، و «134.4» ألف يورو.
«الي التفاصيل الكاملة »

وزارات ضـد القـانـون «2»

يا وَطَـني
ضِقْتَ على ملامحـي
فَصِـرتَ في قلـبي
وكُنتَ لي عُقـوبةً
وإنّني لم أقترِفْ سِـواكَ من ذَنبِ!
«أحمد مطر»
رجاءات وتحذيرات ضرورية لابراء الذمة وما تبقى من ضميري: رجاءً سيدي القارئ اعزك الله ان تغلق انفك قبل ان تتوغل لتقرأ هذه المادة، وان تتبع اغلاق انفك ان شئت المواصلة في القرءاة ببلع حبوب الضغط والسكري وحبوب منع «الاندهاش» فما ستقرأه صنفته ــ وهذا رأيي الشخصي ضمن «المحيرات» التي تجعلك تحدق باستمرار وتركن لحالة الذهول كلما اوغلت بالقراءة، فرجاءً سادتي القراء اصفحوا عني فما اقوم به لارضاء ما تبقى من ضميري!!

قوانين الزينة يؤكد المراجع العام في تقريره الاخير الذي اودع بالبرلمان في نتائج المراجعة عن المتحصلات والصرف خارج الموازنة بالحكم القومي والولائي والذي تحصلت «الإنتباهة» عليه، ان اخطر الممارسات السالبة التي تضعف الموازنة هو التجنيب، عبر التصرف في مبالغ واردة للوزارة او الوحدة او التصرف في ايرادات مجنبة في غير الاغراض المخصصة لها، ولا يتم الافصاح عنها في القوائم المالية، او ان يتم تحصيل رسوم معتمدة او غير معتمدة ولا يتم توريدها في الحسابات المعتمدة في الموازنة، او ان يتم التحصيل بايصالات، ويتم حجز التوريد في حسابات لا يفصح عنها. ولغرابة الأمر فإن المشرع قد قام بوضع مواد تحد من ظاهرة التجنيب كما في قانون الاجراءات المالية والمحاسبية لعام 2007، فالمادة «8/4» اكدت انه لا يجوز فرض اية رسوم الا بموافقة وزير المالية او عبر اصدار قانون خاص بها، اما المادة «8/7» فقد منعت تحصيل اية رسوم الا بموجب أنموذج اصولية «اورنيك 15»، وتوضح المادة «29» من ذات القانون بجلاء العقوبة جراء مخالفة هذه الضوابط والمواد، وهي السجن او الغرامة او الاثنان معا. ومصدر استغرابي ان اي تقرير للمراجع العام على مر تغطيتي للبرلمان طيلة 7 اعوام لم يخل من وزارات تجنب، ومصدر الغرابة الاكبر ان ذات الوزارات تستمر في التجنيب، ومع ذلك لا تتحرك اية جهة لتنفيذ القانون ضد رأس الوزارة «الوزير» بالسجن او بالغرامة، وكأنما نحن نضع القوانين للزينة فقط، ويبقي السؤال الاكبر المعلق من ينفذ القانون؟
تجنيب بإذن اصدر البرلمان عند اطلاعه على نتائج المراجعة للاعوام 2010 و 2011 قرارين بالرقم «5» و «20» على التوالي بوقف التجنيب، الا ان الامر ــ حسب تقرير المراجع العام ــ لم يتوقف، وتجاوز الامر من وحدات تجنب دون علم المالية الى وزارات ووحدات تجنب بعلمها، وبلغ جملة المال المجنب «284.5» مليون جنيه، و«12.1» مليون دولار، و«134.4» الف يورو، والوحدات المجنبة هي بحسب ترتيب المراجع العام وليس ترتيبي هي: «وزارة الداخلية، الثروة الحيوانية، الدفاع، الهيئة القضائية، التجارة الخارجية، معتمدية اللاجئين، مفوضية منظمة التجارة العالمية، الرعاية الاجتماعية، مجالس متخصصة، الجمارك، مفوضية العون الانساني، وزارة العلوم والتقانة».

أما الوزارات والواحدات التي تقوم بالتجنيب بعلم وزارة المالية فهي: «الداخلية، الثروة الحيوانية، الشباب والرياضة، التعليم العالي، الملاحة النهرية، المجالس المتخصصة، الجمارك والمعمل القومي الصحي». اما الولايات التي تقوم بالتجنيب فهي: «الجزيرة، الشمالية، الخرطوم، النيل الابيض، كسلا، البحر الاحمر وشمال دارفور».
قوانين ضد القانون ونبتدر ولوجنا لـ «عش الدبابير» بالداخلية، ويشير التقرير إلى ان فرق المراجعة راجعت ادارات وزارة الداخلية ومازلت تراجع بعض الوحدات ــ «ملحوظة التقرير سلم بهيئته هذه في سبتمبر 2013»ــ وتلاحظ المراجعة ان هناك فرض رسوم وتحصيل وتوريد لحساب غير الحساب الرئيس للايرادات، ويتم صرفها على بنود غير مبوبة وهي كما يلي: مكاتب العلاقات البينية، ونجد ان المراجع العام كشف في تقارير سابقة عن عدم قانونية تأسيس هذه المكاتب واهدافها، وعلى ضوء ملاحظاته تم اغلاق مكتب ام درمان خلال عام 2011م، واستمر العمل بمكاتب الخرطوم حتى يونيو 2012م، اما مكتب السلطة القضائية فمستمر حتى تاريخه، وتم تحصيل مبلغ «3.094» ألف جنيه تم توزيعه على النحو التالي 40% للقضائية و60% للداخلية. ويستمر التقرير في الكشف عن المثير والغريب، ويؤكد أن الوزارة تفرض هذه الرسوم بموجب مرجعيات وهي لائحة رسوم مكتب العلاقات البينية لسنة 1999م، وقرار وزاري بتعديل فئات المعاملات للمكاتب البينية لسنة 2003م، وقرار وزاري «271» السلطة القضائية، وقرار آخر من رئيس الشؤون المالية صدر في 23/2/2009 بتعديل فئات التحصيل.
رسوم ملف ويشير الى ان إدارة الجوازات والسجل المدني حصلت «38.5» مليون جنيه دون نماذج مالية، ويبين ان هذه المتحصلات يتم توريدها بحساب ببنك الخرطوم بالرقم«43307»، ويكشف المراجع عن تحصيل رسوم «1.4» مليون جنيه بنماذج مالية غير اصولية بكل من مكاتب الخدمة الخاصة بادارة الجوازات، فضلاً عن تحصيل مليون دولار بمجمع المطار عبارة عن تأشيرة دخول للاجانب من مطار الخرطوم وتم توردها في الحساب رقم «100610» ببنك الخرطوم شارع الجامعة، ولا يتوقف الامر عند هذه النقطة بل يتجاوزها لتحصيل رسوم الخدمات الاضافية بالمكاتب الخاصة بنماذج مالية غير اصولية بالسجل المدني بلغت «333.8» ألف جنيه، ومازال التحصيل فيها مستمراً حتى تاريخه حسب ما ذكر المراجع العام.

اما الدفاع المدني فيقوم بفرض رسوم قبل اعوام سابقة وفق لائحة الداخلية وهي رسوم نشاط، ورسوم اطفاء، ورسوم انشاء مبانٍ، وتورد هذه الرسوم للحساب «16797» ببنك امدرمان الوطني، وبموجب هذه الرسوم تم تحصيل مبلغ«2.6» مليون جنيه، توزع كما يلي :20% حوافز ومكافات،20% تسيير ادارة، 60% امانات تصرف بتصديق رئيس الوحدة.
رسوم مسلخ ويميط التقرير اللثام عن ايرادات ومصروفات لمسلخ الكدرو التابع لوزارة الثروة الحيوانية لم يفصح عنها ضمن حسابات الوزارة للفترة من يناير 2011وحتى اغسطس 2013 بلغت «722.6» ألف جنيه لعام 2012، وتم توريدها في حساب دائري ببنك السودان بالرقم «01469120215»، ولم تقدم للمراجعة موافقة المالية على فتح الحساب، ويوضح المراجع ان الرسوم المفروضة هي رسم صادر للبقر 30 ج، و2 ج للضأن، ورسم محلي للبقر 19 ج، وللضأن 3.65 ج، وبلغت جملة المصروفات «1.6» مليون جنيه على التسيير والصيانة وتعيين عمال يومية، مع ملاحظة ان الوزارة تقوم بدفع رواتب عمال المسلخ وعددهم «55» عاملاً.
حسابات خارج المراجعة ويكشف التقرير ان وزارة الدفاع لم تقدم حسابات للمراجعة ولم تقدم مستنداتها للمراجعة هذا العام كحسابات «اليوبيل الفضي، تمليك العربات الوظيفية، القرض السلعي»، ويشير التقرير لوجود تحصيل خارج الموازنة في ادارة الخدمة الوطنية وهي: «رسوم سفر رجال الاعمال، رسوم سفر مناوبة المبيعات والمشتريات، رسوم الحج والعمرة، رسوم المهن العادية، رسوم العلاج بالخارج، ويؤكد ان التحصيل يتم عبر نماذج مالية غير اصولية ويتم توريدها للحساب«12014» ببنك ام درمان الوطني، وفيما قامت الوزارة بقفله في عام 2011 فتحت حساباً جديداً بالرقم «4» بالبنك العقاري بشارع «61» بديلا للحساب اعلاه، ولم تكتف الوزارة بفرض الرسوم السابقة بل فرضت رسوماً جديدة بشعبة الاستخبارات بالخدمة الوطنية كرسوم فحص الشهادة «جنيه واحد»، ورسوم فحص الجواز «جنيه واحد»، ورسوم استخراج بطاقة «2 جنيه»، ويبين ان التحصيل بلغ «284.2» ألف جنيه بموجب تذاكر مطبوعة بادارة الخدمة الوطنية، وتقوم الادارة بالصرف على بنود غير مبوبة وغير محددة. ويؤكد التقرير ان المراجعة لم تمكن من مراجعة حسابات هذه الادارة بالرغم من الخطابات الصادرة منها بالنمرة «د م م/أ ح ق س/ق د أ د/1» وبتواريخ «21/4 ــ30/4 ــ30/7/2013». ويبين التقرير ان فرع الرياضة العسكري يحصل ايرادات بموجب نماذج مالية غير اصولية بلغت «771» ألف جنيه.
رسوم مقر ويمضي التقرير الدسم ويكشف عن اموال تتحصلها الهيئة القضائية بموجب المقر الذي تستضيف فيه ادارة الجوازات بالقضائية، ويشير المراجع الي انه لم يفصح عن حركة الحسابات ايراداً وصرفاً بالحسابات الرئيسة بالهيئة، كما يتم الصرف لبنود غير مبوبة وغير محددة.

اما وزارة التجارة فتقوم بفرض غرامة شرط الموديل الخاصة باستيراد العربات وهي «800 » جنيه لكل سيارة، وبدوره فوض وزير التجارة ادارة الجمارك بتحصيل الغرامات وتورد كامانات طرفهم، وتقوم الوزارة بمخاطبة المالية بالتصديق لهم بهذه الغرامات، وتشير المراجعة الي تحويل «3.6» مليون جنيه من حسابات الامانات لحساب الوزارة، ويؤكد التقرير ان وزارة التجارة لم تفصح عن هذا الحساب من خلال حسابها الختامي.
رسوم لاجئ: ويمضي التقرير في سبر أغوار الوحدات الحكومية التي تفرض رسوماً دون سند قانوني، ويشير الي ان مفوضية اللاجئين تفرض رسوماً غير قانونية وهي رسوم استخراج بطاقة لاجئين، ورسوم تجديد بطاقة، ورسوم غرامات، يتم توريدها للحساب «1693» باسم حساب البطاقة، ويتم الصرف منه لمصروفات غير مبوبة عبارة عن حوافز ومعدات تصوير وتغليف، وتكلفة شراء نماذج مالية من الشرطة.
الحساب المجمد: اما مفوضية منظمة التجارة الخارجية فقد كشف المراجع عن ورود تحاويل من جهات مختلفة لها بالعملة المحلية والاجنبية وتم توريدها لحسابات ببنك الادخار وام درمان الوطني ولم يتم الافصاح عنها بينها حسابات غير متحركة منذ عام 2009م، ويبين المراجع ان بعض التحاويل الواردة من البنك الاسلامي بجدة تم تسويتها كحساب امانات، وبلغت التحاويل «128.2» ألف يورو ببنك الادخار في الحساب «4306»، و «11.13» مليون دولار ببنك الادخار في الحساب«80056»، فضلاً عن مبلغ «847» الف جنيه ببنك امدرمان الوطني.
حساب الوزير ويشير التقرير الى ان المالية تقوم بتحويل مبالغ للحساب «3141» ببنك الادخار لوزارة الرعاية الاجتماعية بلغ جملته في العام 2012 «126.5» مليون جنيه لمقابلة بند المساكين والفقراء، ومازال الدعم مستمراً حتي تاريخه حيث بلغ عام 2013م 150 مليون جنيه، ويوكد المراجع ان الصرف يتم احياناً على تسيير الوزارة، كما انه لا يتم الافصاح عن حركة الحساب ايراداً وصرفاً بحساب الوزارة، ويتم الصرف بتصديق مباشر من الوزير دون توسيط ادارة حسابات الوزارة.
ولايات خارج القانون ويبدو ان الولايات اثرت علي نفسها ألا تخرج من هذا المولد «التجنيب» فقد بلغت جملة الاموال المجنبة بالخرطوم «49.153» ألف جنيه لعدد من الجهات هي «وزارة التوجيه والتنمية، المالية، امانة الحكومة، وزارة التربية، وزارة الشباب، الزراعة»،كما بلغت جملة التحصيل غير المبوب بالجزيرة مليون جنيه بوزارة الشؤون الاجتماعية، اما في الشمالية فقد بلغت «575.4» الف جنيه، والنيل الابيض «712.3» الف جنيه،اما كسلا فبلغت «120» الف جنيه، والبحر الاحمر«865.9» الف جنيه كجزاءات بديون الضرائب، اما شمال دارفور فبلغت«2.1» مليون جنيه. ويؤكد المراجع العام ان هذه الممارسات تتعارض مع مبادئ المساءلة والشفافية، وتهيئ بيئة مواتية للتصرفات المالية غير السليمة، بينما تستغل في دفع الحوافز والمكافئات. ويشير الى ان الرئاسة ومجلس الوزراء اصدر عدداً من القرارات لايقاف ظاهرة التجنيب منها قرار مجلس الوزراء «38» لسنة 2013، وقرار الرئيس «278» ــ12» لانفاذ صارم للاجراءات المالية والمحاسبية، بالاضافة لقراري الرئيس «275» و «279» لاجراءات الاصلاح الاقتصادي، فضلاً عن قرار من الداخلية بايقاف كل الرسوم غير القانونية وان يتم التحصيل بموجب نماذج مالية اصولية «اورنيك 15».

وما بين تقرير المراجع العام الخطير وقرارات الدولة اللاحقة لانقاذ هيبة الدولة ولانقاذ ما يمكن انقاذه من الموارد المهدرة تبقي هيبة الدولة محل تجاذب الى حين ان ترى هذه القرارت والتوصيات النور، بالاضافة لضرورة أن ياخذ القانون مجراه لمحاكمة اية جهة تخالف القانون مهما علا شأنها، فالرئيس يؤكد باستمرار، ويقيني انه صادق «ان لا كبير على القانون».

صحيفة الإنتباهة
معتز محجوب
ع.ش


تعليق واحد

  1. يا جماعة الخير الامر كله يتعلق بعدم الشفافية وتطبيق القانون واللوائح اى هو ضرب من ضروب الفساد واكل اموال الشعب السودانى وتسخير تلك الاموال فى غير محلها؟ ولاوليس هناك حق قانونى لاى وزير بالتصرف باموال الشعب الا بموافقة وزارة الماليه وهذا صحيح ولكن هل يطبق فى السودان ؟ وعشان كده دولتنا تعتبر من افسد دول العالم ؟ وليست بمعنى الغرب ضدنا هذا تمويه من المسئوليين لعدم فضحهم وامل بان تكون لجنة محايدة وليس المراجع العام فقط وبكل الوان الطيف من ماليين ومدققيين الخ ويمروا على كل وزارة وولاية وسوف تظهر العجايب والمفاسدوكيف يتم التنجيب ولمصلحة من؟ ومعرفت المنصرفات فى كل وزارة ؟
    من سيارات فخمه ؟ لا طايل ولا يستطيع تحملها الشعب السودانى لان منصرفاتها اكثر من فائدتها وماذا يقدم الوزير للمواطن اليس هو موظف حكومى فى درجة وزير ويطبق عليه اللوائح وقوانيين مكتب العمل ودى الشفافيه والله المستعان والمواطن منتظر ضبط المنصرفات وتسخيرها للمدارس والمستشفيات وهذا اولية فى حياته وليست سيارات واصل هى اموال المواطن يجب ان ترشد يا الحكومه الراشدة ؟ وعبارات رنانه فقط وفى الواقع شىء اخر ؟