رأي ومقالات

هاشم عبد الفتاح : نبض المجالس .. مواسم «طق الحنك»


انفتحت الميادين والساحات والأندية ونصبت مكبرات الصوت وأطلقت الحناجر من قيودها وبدأت سياسة «طق الحنك».. وفي المقابل ضاقت صدور وتوجست نفوس وانزوت أصوات أخرى ثم تبدلت ولاءات وسقطت انتماءات قديمة وأطل فجر التغيير بعدة وجوه وملامح تلك هي الفرضية والأحلام المؤجلة والمنتظرة.. رويدًا رويدا يزحف الخطاب الإعلامي المناوي ناحية المنصة الرسمية التي ظلت في حالة استثناء أشبه بالاعتقال.. منصة لا تحتمل سوى خطاباً واحداً لا ينطق إلا بمنهج واحد. والمنصة الإعلامية هذه التي تتحدث بلسان الحزب وحكومته ربما لم تحتمل سوى الرؤية الأحادية على الأقل في هذه المرحلة فهي في حاجة إلى تحول مرحلي يأخذ بيدها إلى قبول الآخر واستيعاب مطلوبات المرحلة وتضحياتها .

صحيح أن الحكومة وعلى مستوى قمة هرمها السياسي أبدت الجدية وحسن النية بفتح نوافذ ومساحات إعلامية جديدة للآخرين للتعبير عن أفكارهم وأطروحاتهم السياسية وقضاياهم، ولكن يبدو أن الحكومة أغفلت تماماً الدخول في أي عملية تشريح أو تهيئة لمواعينها الإعلامية نفسها وبالشكل الذي يؤدي هذه المهمة التي تنشدها جماعة الرصيف من الحكومة وإعلامها وربما التهيئة المطلوبة هنا هي مبادرة الحكومة في إعادة تشكيل نظامها الإعلامي من حيث كوادره ونظامه وفكره وخارطة برامجه حتى لا يشعر الآخرين الذين يتحاورون الآن مع الحكومة أن الوسيلة التي يتحاورون ويتجادلون عبرها هي بلا حياد وبالتالي هي التي تجهض حواراتهم ولاتوصل المتحاورين إلى محطة التقاء .
٭ النزيف المستمر ..! مجموعات كبيرة من قيادات وجماهير المؤتمر الوطني بولاية الجزيرة وفي ظل النزيف المستمر والجراحات القاتلة لم تجد هذه المجموعات سبيلاً سوى التفكير الجاد لرسم خارطة جديدة لولاءاتها التنظيمية والحزبية.. والتقارير الواردة من الجزيرة أن هناك حالة من التدافع والغزل المتبادل بين حزب الدكتور غازي صلاح الدين وبين هذه المجموعات التي أبلغت «الإنتباهة» بأن كل ميراث السنين وحصاد التجارب الماضية في المؤتمر الوطني سيصبح ذكرى وربما ذكرى مؤلمة إذا لم تسرع القيادة العليا في الحزب إلى إنقاذ حزبهم الذي يمضي بخطى متسارعة إلى الهاوية في ظل قيادته الحالية. وكل المعطيات تشير إلى أن حزب غازي كسب الآن مساحات جديدة وتمدد بشكل واسع في جغرافية المؤتمر الوطني وهذه الشواهد تثبتها قوائم المؤسسين لحركة الإصلاح الآن فالجزيرة هي الولاية الثانية بعد الخرطوم التي نالت شرف التأسيس لهذا الحزب الذي بني منهجه السياسي والفكري على الإصلاح رغم أن الآخرين يحاولون الانتقاص من هذه الحركة الإصلاحية لكونها تحمل ذات البذرة التي أنتجت المشروع الإسلامي وأرست مفاهيم الإسلام السياسي بالسودان .

ولأن المشهد السياسي بالجزيرة يتأزم يوماً بعد يوم فإن الأجواء هناك تستدعي حركة الإصلاح للتحرك في كل هذه الفضاءات والتصالح مع هذه المجموعات التي الآن بوابات الخروج من الحزب الكبير وكل الذي يتواتر من هناك يشير إلى أن قيادات بارزة من وطني الجزيرة ترتب لندوات ونشاط سياسي مفتوح لحركة الإصلاح الآن في مقبل الأيام وربما ينتج هذا النشاط انسلاخات بالجملة وسقوط مدوي للوطني في أي عملية امتحان قادم .
٭ محنة الصمغ العربي ..! يظل الاقتصاد السوداني في حالة إرهاق وإعياء طالما أن إدارته تفتقد الرشد ويتعرض باستمرار إلى ضربات موجعة حتى من الأقربين والأصدقاء تنهب قدرات اقتصادنا تماماً كما يواجه منتج الصمغ العربي وهو أغلى محصول نملكه في كردفان لاستجلاب الدولار الصعب في الزمن الصعب ولكنه يسرف باحتراف ومن الجارة اريتريا وقبل أن تسوقه هذه الدولة الصغيرة في الأسواق العالمية تضع عليه بصمتها كأنه منتج اريتري ولكن رغم ذلك فالجريمة الحقيقية لم ترتكبها اريتريا في حق هذا المحصول وإنما الجريمة موجودة في ضعف سياساتنا الاقتصادية والزراعية وفي الإهمال واللامبالاة التي يتعامل بها حكامنا وبالأخص حكام كردفان فهم الذين أضاعوا هذا المحصول وأفقروا مزارعيه ثم شردوهم.. وكل المعطيات تقول إن الصمغ العربي لا يزال يعاني من شح التمويل وتنقص المساحات رغم أن بلادنا وزراعتنا في أشد الحاجة الى إضافة مساحات اخرى خصوصاً للمحصولات التي توفر العملة الأجنبية والتي من بينها الصمغ العربي والقطن فلماذا إذن لا تتدخل الدولة للحد من التهريب في اغلى ما نملك من منتجات زراعية؟ ثم ما الذي ننتظره من وزارة إبراهيم محمود حامد من سياسات تتصالح مع واقعنا الزراعي ؟
٭ كمال عمر على خطى «نافع» ..! على نحو أشبه بالدراما أن تتبدل الأحوال والمناخات في الأجواء الفاصلة بين المؤتمر الوطني وحليفه الجديد.. فبين ليلة وضحاها خلع القيادي بالمؤتمر الشعبي كمال عمر أثواب «الشعبي» وتحلى بلامة «الوطني» حتى أن البعض علق ساخرًا على تصريحات ومرافعات كمال عمر هذه الأيام في شان الحوار والتقارب مع الوطني بأنه لعب سياسي بلا مبادئ وأنه دعاية مجانية للمؤتمر الوطني وذهب كثيرون في تفسيراتهم الى ان ما يقوم به كمال عمر الآن في التصدي لمعارضي الحوار هو ذات الدور الذي ظل يمارسه الدكتور نافع علي نافع سابقاً في حربه الإعلامية مع المعارضة وكمال عمر الآن يسخر من هجوم حركة العدل والمساواة على «المؤتمر الشعبي» ويسخر كذلك من مجموعة تحالف المعارضة التي قررت تجميد عضوية المؤتمر الشعبي في التحالف ولكن الذي لا يعلمه الأخ كمال عمر أن كل الذين يقفون على رصيف الحوار الدائر الآن يسخرون هم أيضاً من الخدمة المجانية التي يقدمها كمال عمر للحكومة وللمؤتمر الوطني في مهمة ربما تشابه تماماً حروب الدكتور نافع الإعلامية مع خصومه .
القضية الفلسطينية تحت الأضواء!! ربما تغيب هذه الزاوية الأسبوع القادم، لأننا سنغادر مساء اليوم متوجهين إلى العاصمة التركية أنقرا ضمن مجموعة كبيرة من الإعلاميين السودانيين ومن عدد من الدول العربية والإفريقية، للمشاركة في منتدى فلسطين الدولي للإعلام والاتصال الذي ينظمه نادي فلسطين بالاشتراك مع ميدل إيست بلندن بالمدينة الإسلامية التاريخية اسطنبول .

ويناقش المنتدى آفاق الحوار حول القضايا الإعلامية الخاصة بالقضية الفلسطينية والوصول إلى حقيقة القضية الفلسطينية في الإعلام العربي والدولي. وسيشارك في المنتدى نخبة من الكتاب ورؤساء تحرير الصحف والإذاعات ومحطات التلفزة والمراسلين والمصورين والفنانين والمخرجين، إضافة إلى كبار المفكرين والشخصيات الإعلامية والأكاديمية من مختلف بلدان العالم .

صحيفة الانتباهة
ع.ش