بين الخرطوم وكرنوي.. إلى أين تمضي خطى حركة العدل والمساواة بقيادة “دبجو”؟
القائد (دبجو) يعتبر من القاده الميدانيين الذين يتمتعون بخبرات قتالية عالية وكانت له نضالات ميدانية كبيرة وربما اكتسب مهاراته القتالية من الطبيعة الصحراوية القاسية التي نشأ فيها منذ نعومة أظافره. وعقب الخلافات التي ضربت صفوف حركته التي أسسها انشق من حركة تحرير السودان بقيادة مناوي حيث كان يشغل فيها منصب القائد العام وبعدها انضم إلى حركة العدل والمساواة، بعد الخلافات الحادة التي نشبت بينه ومناوي في ذلك الحين.
بعيد انضمامه تم تعيينه قائدا عاما لجيشها خلفا للقائد (سليمان صندل) بعد الإصابة التي تعرض لها في إحدى المعارك التي دارت بين الحركة والحكومة في وقت سابق.
عقب مقتل الدكتور خليل إبراهيم رئيس حركة العدل والمساواة تسلل الإحباط إلى عضويتها وضربت الخلافات صفوفها، وفي سياق تطور الصراعات بداخلها قررت الحركة إعفاء الفريق (دبجو) القائد العام لقواتها من منصبه واتهمته وقتها بقيادة مؤامرة ضد الحركة.. رويدا رويدا تطور الصراع داخل الحركة وأخذ منحى آخر وقاد إلى انشقاق في صفوف الحركة نتجت عنه مواجهة عسكرية بين قوات الحركة على خلفية القرار الذي اتخذه رئيسها الدكتور جبريل إبراهيم آنذاك، وبررت الحركة وقتها خطوة الإعفاء بأنها اكتشفت أن قائدها العام كان يعمل ضمن خلية مغلقة بهدف شق صفوف الحركة.
توقعات المستشار الإعلامي لحركة العدل والمساواة محجوب حسين كانت تمضي وقتها إلى القول بأنه: “إذا لم يتم القبض على (دبجو) فمن المؤكد أنه سيصل إلى الخرطوم ليبدأ مسلسل بيع قضية أهله والمهمشين ويدير العمل ضد قوى المقاومة”، حسب قوله، ويبدو أن السيناريوهات التي رسمتها حركة العدل والمساوة لمجموعة (دبجو) بدأت تتحقق عقب الانشقاق الذي قاده مع بقية رفاقه لجهة أنه وصل إلى الخرطوم بعد أن وقع مع الحكومة اتفاق سلام.
من بين الانشقاقات التي شهدتها الحركة خلال مسيرتها الممتدة لنحو عشرة أعوام كان ذلك الانشقاق الذي قادته مجموعة الراحل (محمد بشر) بقيادة القائد العام لقوات الحركة الفريق (دبجو) حينما أعلنت المجموعة انشقاقها عن الحركة (الأم) في سبتمبر 2012م ووقعت على اتفاقية سلام في العاصمة القطرية (الدوحة) في أبريل الماضي.
وفي سياق تطور صراع رفاق الأمس وأعداء اليوم قتل العشرات من المجموعتين بينهم (صالح محمد جربو) نائب القائد العام لحركة (دبجو) في اشتباكات في أبريل الماضي بمنطقة (جبل دار ما) بولاية شمال دارفور. وبحسب بعض المتابعين فإن انشقاق مجموعة (بشر ودبجو) كان له أثر كبير على الحركة، وتشير بعض المتابعات إلى تورط بعض قيادات الحركة المنشقين في مقتل (خليل) وتتجه أصابع الاتهام نحو القيادي بالحركة (عزالدين يوسف بجي) الذي اتهمته الحركة من قبل بتدبير محاولة اغتيال رئيسها خليل في (ليبيا) حينما دس السم في الطعام للراحل خليل، غير أن عز الدين بجي رشحت أنباء مؤخرا عن أنه قتل في ظروف غامضة وبالغة التعقيد لم يتم الكشف عنها حتى الآن.. ومابين (بشر ودبجو وبجي وخليل) حكايات وحكايات ربما ترى النور في المستقبل.
مفاصلة الرفاق بدورها قادت القائد محمد بشر رئيس الحركة المنشقة ورفاقه إلى التوقيع في السادس من أبريل الماضي على اتفاق (الدوحة) لسلام دارفور، واتجه بعدها صوب العاصمة التشادية (إنجمينا) التي وصلها قادما من العاصمة القطرية (الدوحة) واعتزم التحرك بعدها لدارفور على أمل أن ينطلق منها إلى (الخرطوم) ولم يكن يدري أن الأقدار تخبئ له الموت برصاص رفاق الأمس وأعداء اليوم ليلقى حتفه إلى جانب رفيقه ونائبه سليمان أركو ضحية وخمسة آخرين بعد أن تسلل الرصاص نحو أجسادهم حينما كانوا يتناولون وجبة الغداء داخل الأراضي التشادية في منطقة (بامنا) بوادي هور على بعد (4) كيلومترات من الحدود السودانية التشادية.
الكمين الذين نصبته حركة العدل والمساواة بقيادة جبريل إبراهيم للرفاق أدى بدوره إلى أسر (34) قياديا بالحركة الموقعة على السلام وربما يمثل الأسرى المكتب التنفيذي للحركة، وكان الراحل بشر ورفاقه قادمين من دولة تشاد وبمعيتهم عدد من العربات العسكرية ذات الدفع الرباعي محملة بالأسلحة والذخائر، إلا أن القوة التي نصبت الكمين كانت متمركزة في منطقة مجاورة حاصرت القوة وجردتها من الآليات والسلاح التي كانت بحوزتها.
وبعد مجزرة (بامنا) التي فقدت فيها الحركة جميع كوادرها عقدت مؤتمرا عاما اختارت فيه قيادات جديدة وتم اختيار القائد (دبجو) رئيسا لحركة العدل والمساواة الموقعة على اتفاق سلام (الدوحة). دبجو أكد فور وصوله إلى الخرطوم جدية حركته في تحقيق السلام الذي فشلت جميع الحركات التي وقعت اتفاقيات مع الحكومة من قبل في تنفيذه. الرجل الذي لا يعرف كثيرا في السياسة توقع أن الأمور ستمضي كما رسمها إلا أن الخرطوم التي لا يعرفها (دبجو) هي الأخرى كشرت عن أنيابها بعد أن ظل ساستها وشركاء عملية السلام المبرم مع حركته يماطلون في تنفيذ ما تم الاتفاق عليه.
مضت الحركة في اتجاه السلام وعاد قادتها الموقعون على الاتفاق ورفاقهم إلى الخرطوم، وبعد فترة ليست بالقصيرة من عودتهم أصدر رئيس الجمهورية مرسوما جمهوريا تم بموجبه تعيينه مستشارا بديوان الحكم اللامركزي وتم منحه رتبة (عميد) في القوات البرية.
وبمرور الزمن بدأ التماطل في تنفيذ الاتفاق المبرم بين الطرفين وضربت الخلافات صفوف الحركة وبدأت الاتهامات تتبادل بين أعضائها مفادها أن مجموعة محددة أصبحت تسيطر على الحركة ومقاليد الأمور، فضلا عن الإهمال الذي وجده القادة الميدانيون للحركة.
الحكومة السودانية هي الأخرى تأخرت كثيرا في إعلان الحقائب الدستورية لأعضاء الحركة الذين تم ترشيحهم وبسبب التماطل ارتفعت وتيرة المطالبة بالإسراع في تنفيذ الاتفاق، وفي خضم هذه الظروف كاد العقد ينفرط الأمر الذي دفع (دبجو) للذهاب إلى الميدان لمعالجة التذمر الذي تسلل إلى قادة حركته، إلا أنه لم يفلح في إقناع القادة الميدانيين في العدول عن قرارهم الذي اتخذوه والذي ربما سيكشفون عنه في مقبل الأيام، وبعدها ظل (دبجو) باقيا في منطقة (كرنوي) بولاية شمال دارفور، بينما ذهب القادة الميدانيون بسياراتهم وعتادهم الحربي إلى منطقة (أمبرو) وتحصنوا بالمنطقة التي ربما تشهد في الأيام القادمة إعلان موقف ضده.
وبسبب ما اعتبروه مواقف رمادية للحكومة تجاه تنفيذ الاتفاق وخلافات الحركة الداخلية تصاعدت الخلافات داخل حركة العدل والمساواة الموقعة على السلام بقيادة (دبجو) وعلى إثر هذه الخلافات قرر رئيس الحركة حل المكتب التنفيذي للحركة وتجميد لجان تنفيذ الاتفاق المبرم بين الحكومة والحركة في العاصمة القطرية (الدوحة).
وفي سياق تطور الصراع وفي الضفة الأخرى أعلنت مجموعة مناوئة داخل الحركة تضم (46) قياديا ميدانيا معظهم ينتمون للمكتب التنفيذي عزل رئيس الحركة (دبجو) ونائبه ونائب القائد العام.
وفي ذات المنحى شدد بيان صادر عن المجموعة تحصلت (اليوم التالي) على نسخة منه على ضرورة الاعتراف بالقيادة الإصلاحية ودعمها والتمسك بالسلام والمضي في تنفيذه، وطالب البيان بعقد مؤتمر عام لانتخاب رئيس للحركة.. وفي المقابل أكد نهار عثمان نهار القيادي بالحركة المنحاز لمجموعة (دبجو) عودة رئيس الحركة خلال ثمان وأربعين ساعة واتهم نهار أفرادا داخل مكتب سلام دارفور بأنهم يعملون على شق الحركة لصالح أجندات معلومة بالنسبة لهم وتابع: “هناك دعم وتمويل من مكتب سلام دارفور لشق الحركة” وأضاف: “إذا لم تقف هذه الممارسات فسيكون لنا موقف آخر وستبقى كل الاحتمالات أمامنا مفتوحة”.
حسنا، هكذا بدأت الأمور تسير داخل حركة العدل والمساواة الموقعة على السلام بقيادة (دبجو) بوعي أو بدونه في الاتجاه الخطأ، وظل بعض منتسبي الحركة التي أراد لها مؤسسها الراحل (خليل) أن تحقق العدل والمساواة في المجتمع السوداني يعملون على نقيض مبادئها، بعد أن ظلت الحركة الموقعة على السلام مختطفة بين مجموعتين الأولى داخل الخرطوم والثانية تتمترس بمنطقة (كرنوي) في شمال دارفور.
صحيفة اليوم التالي
أ.ع
[B]القائد (دبجو) يعتبر من القاده الميدانيين الذين يتمتعون بخبرات قتالية عالية .
قــــــــــوم لــــــــــــــف