منى سلمان

صالحة الفالحة !!

[ALIGN=CENTER]صالحة الفالحة !![/ALIGN] عندما جادت الرياح بما تشتهي السفن، سارت مراكب (المتسلقين) فصاروا من اصحاب المال ومالكي العقار .. ولكن عندما فتحت لهم الدنيا ابوابها على مصرعيها .. تلفتوا حولهم في حيرة فـ فقة المرحلة يحتاج ايضا لـ (زوجة المرحلة) وهي تلك الزوجة (المودرن) التي تستطيع أن تلمّع صورة زوجها في المجتمعات الراقية، وتصلح لـ حضور المؤتمرات وسفر البعثات وتتقن فن التعامل واسرار البزنس، وتكون لزوجها خير معين في سفرياته للصين وتايون وماليزيا .. فجمالها وثقافتها و(دردحتها) تكفيه شر (شرطة العين) التي قد تسببها له الزوجة القديمة الـ ( زمانا فات وغنايا مات) .. لذلك ومن باب حرصهم على العدل والانصاف، قسّموا الواجبات والتكاليف بين الزوجتين .. فجعلوا للأولى ادارة الشئون الداخلية من حفظ النسل وتربية العيال، وجعلوا للثانية مشقة الشئون الخارجية من اللف والسفر والاجتهاد في اكمال صورة الجيهة والوجاهة.
لم يكن الحب هو ما جمع بين قلبي (عبد القادر) و(صالحة) ودفعهما لتتويج العلاقة بالزواج، فالقسمة هي ما جعلت والدة (عبد القادر) تختار (صالحة) تلك الفتاة الصغيرة الهدية ورضية الـ (من اليد للخشم) لتكون زوجة لابنها الجامعي بمستقبله الواعد ..
لم تهتم (صالحة) باتمام دراستها الثانوية بعد انتقالها من قريتهم للخرطوم مع زوجها الشاب .. ولم تشعر بحوجتها لذلك، فطوال سنين زواجها التي تجاوزت العقدين من الزمان، كانت (صالحة) لا تجد متسعا من الوقت لـ (حك) رأسها، ناهيك عن التفكير في ما فاتها بتخليها عن سلاح (الشهادة) ولا عن حوجتها لـ (العمل الطيب) الذي يقوي موقفها ويؤمن مستقبلها من غدر الزمن .. فطوال تلك السنوات كانت (غرقانة لـ الشوشة) في مهمتها المقدسة لحفظ النسل بجعل (كل حول بي زول) فانجزت خلال تلك المدة من الأزوال ثمانية من بت لي ولد ..
طوال سنين انشغال (صالحة) بالانجاب وعنت التربية، ومشقة خدمة ضيوفهم من أهل القرية الذين كانوا يلوذون بكرم ضيافتها وحسن ملاقاتها، كلما دعتهم الظروف لزيارة الخرطوم .. طوال تلك السنوات كان نجم (عبد القادر) يواصل الصعود لسماوات النجاح والتميز فصار رقما لا يمكن تجاوزه في حسابات مجتمع الصفوة والاصفياء.
كان (عبد القادر) يفتقد مشاركة شريكة حياته، كلما دعته الضرورة الاجتماعية للظهور برفقتها .. فالاجهاد والتعب جعل منها شريكة لـ الجداد في نوم المغارب، وحتى عندما تضغط على نفسها وتتفرغ لصحبته، كانت تعاني من الخجل والانطواء وعدم المقدرة على التفاعل مع محيط زوجها الجديد، حتى يئس من محاولة جرجرتها لتصحبه، فارتاحت من الهم دون أن تسأل عن السبب .. .
ظلت (صالحة) في (أضان طرش) حتى تبرع لها الواشون بخبر زواجه من غندورة جامعية مثقفة لتعوضه بـ (الشدة واللضة) التي تمتلكها عن ما فشلت فيه (صالحة) .. لم تغضب (صالحة) أو تنهار باكية كما توقع من حمل لها شمار الخبر، بل استمرت في القيام بواجباتها في رعاية عيالها وضيوفها حتى عاد (عبد القادر) في المساء متأخرا كعادته التي دأب عليها مؤخرا .. لم تشعره بأي تغير في تصرفاتها وانما انتظرت حتى انتهى من عشائه وتمدد على السرير فجلست أمامه في هدوء وقالت:
أنا عايزة أسألك سؤال واحد بس ما أكتر .. وعايزاك تجاوبني عليهو بصراحة .. ممكن؟
اجابها في تردد:
شنو الحركات الجديدة دي؟ .. طبعا تتفضلي تسألي عن أي حاجة واكيد حا أجاوبك بصراحة .. من متين أنا قاعد أكضب عليك ؟!!
قالت بحزم واختصار:
عايزة اسألك .. انت صحي عرستا يا عبد القادر؟
ضاق صدره من قوة المفاجأة، ورغم انه كان قد هيأ نفسه للحظة المواجهة تلك، إلا أنه احس بيد قوية تعتصر قلبه .. تلجلج برهة قبل أن يجمع كفيه بقوة وهو يقول:
ايوة عرستا.
لم تبكي أو تثور كما توقع بل قامت من جواره بهدوء وغادرت الغرفة وهي تقول:
بس خلاص .. أنا كنتا عايزة اسمعا من خشمك !
دامت حيرة (عبد القادر) من ردة فعل (صالحة) طوال نهار اليوم التالي، لتحل محلها (الخلعة) الشديدة، عندما رن جرس باب الشقة الفاخرة التي استأجرها لعروسه عصرا .. فعندما فتح الباب فوجيء بابنائه الثمانية يدخلون في صف طويل كانت تقف في نهايته (صالحة) .. توزعت دهشته بين رؤيتهم وبين روعة الـ (نيو لوك) الذي أظهر ما طمرته الشقاوة من جمال (صالحة) التي قالت في هدوء وثقة:
استلم .. ديل أولادك خلي عروسك التبقى عليهم عشرة .. أنا راجعة البلد !!

لطائف – صحيفة حكايات
munasalman2@yahoo.com

‫13 تعليقات

  1. والله بصراحة دى قصة حلوة جدا خاصة فى النهاية …. دليل بارع على طريق سرد الحدث مع العصر الراهن لمافيه من مشاكل وهذه طريقة ممتازة لعلاج المشكلات الاجتماعيه بهذا الاسلوب الخفيف الظل:cool: 😎

  2. والله فالحة بالجد عجبتنى والله ، ما عارف ليه الراجل بيذكر عيوب الزوجة وما بيتذكر حسناتها وصفاتها الكويسة;) 😉

  3. الاخت منى لك منى تحيه الود والاخاء ثم ماكتبتيه اليوم انا اجزم بانه من واقع تجربه سودان العزة اليوم وليس من خيالك الجامح الخصيب وبكل اسف اولاد الترابله الغبش الذين تعلما بشق الانفس وصرف عليهم اهلهم كل غالى ونفيس تنكروا لكل ماهو جميل فى حياتهم السابقه ووصل هذا التنكر حتى طال ام العيال وهى فى الغالب بنت العم التى هى من اللحم والدم …. انا شخصيا اعرف تجربه لشخص اكاد اجزم انك تتحدثين عنه الفرق بين قصته وما ذكرت ان صاحبنا فقد العيال وام العيال والسنيوره الجديده ايضا ويرقد مشلولا فى احد المشافى فى الاردن

  4. طبعا القصة من نسج الخيال

    لكن والله حصلت جد فى الثورة واسمها صالحة صحى صحى

    والبيسال ما بيتوه ولا شنو يا ناس

  5. رجال آخر الزمن نسو التعدد (مثنى وثلاث ) وأستلسمو لحجج النسوان الله يكون فى العون

  6. الاستاذة منــى لكي التحية على مواضيعك الشيقة والجميلة والجذابة ….

    عندنا مشكلة كبيرة في السودان . صراحة الكثيرون تحدثو عنها وحتى الآن لم نجد لها إجابة شافية . ولم نجد لها حلا . ولن يحلها إلا من كان أهلا لها .

    مسألة تعدد الزوجات …

    التعدد الذي حث عليه القرآن الكريم (مثنى وثلاث ورباع) والسنة المطهرة (تكاثرو تناسلوا فإني مباه بكم الأمم يوم القيامة) .

    التعدد الذي اقتربت مواعيد سفره على الرحيل من هذا البلد ..

    التعدد الذي رفضته كل الدستاير الارضية رفضا قاطعا .

    لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ..

    السبب في هذا كله يرجع في خور الرجل ونفخ المرأة .

    المرأة السودانية التي أعطاها المناهضون والفلاسفة السودانيين أكبر من حجمها .

    المرأة السودانية في الاجتماعات . المرأة السودانية في الوزارات . المرأة السودانية في وفي وفي وفي وفي وفي .

    يا أختي قال الله عز وجل ((وقرن في بيوتكن)) ولم يقل وقرن أي بمعنى والله اعلم حبس إلى ما لا نهاية لا بالعكس بل في حدود المعقول .

    لكن هيهات لهذا الزمن ولرجيجيل هذا الزمن .

    أسأل الله أن يصلح حال الأمة السودانية

  7. بل تذكرنا هذه القصة الرائعة وعسى الذكرة تنفع المؤمنين بان لا نجحد للاخرين حقوقهم خصوصاً وان الزواج لم يكن بسبب الاختلاف ولاكن بسبب ما تتطلبه المرحلة من مظاهر خداعة وعلي راي المثل (الفات قديمو تاه)

  8. هذه القصة فيها خلط للأوراق والمفاهيم للأسباب التالية:

    أولاً: لا أعرف ما هي القسمة التي لها طعم خاص للزواج والحب له طعم آخر … وهل الحب أصبح صنو ورديف القسمة في استقرار بيت الزوجية والحب أعلى شأناً من القسمة التي فشلت في استقرار بيت (صالحة) ؟؟؟!!!!!!!

    ثانياً: بالتأكيد هناك متغيرات اجتماعية في قضايا العلاقات التي تنشأ عن قصص الحب وتنتهي بالزواج الذي ربما ينجح ويستمر أو يفشل وينتهي بالطلاق، بيد أنه لم يزل هذا النوع من العلاقات محدود سواء في عدده أو في آجاله الزمنية ولم يعم بعد طابع تلك العلاقات على مناحي الحياة الاجتماعية في السودان على وجه الخصوص بحيث أن الشاب الذي يعجب بفتاة وتسرق قلبه من بين ضلوعه يسارع بطلب يدها أو خطبتها بعدما يتأكد من حسبها ونسبها بالطبع… والفتاة هي الأخرى توافق عليه لنفس الأسباب وبمجرد شعورها بالرضا عن شخصيته وملامحه ووضعه وتزكية الناس من حولها له.. وليس عندنا في مجتمعاتنا السودانية على نحو كبير وواسع تلك السيمفونيات من علاقات الحب التي تمتد لسنوات يلتقي خلالها الخطيبين فترات طويلة لكي يتفاهموا في مستقبلهم ويضعوا الخطط والمشاريع لبيت الأحلام السعيد …

    ثالثاً: ثم إن هذا الحب الذي يقع في مرحلة قبل الزواج الذي ربما تكون مقوماته ومكوناته وأصر تقويته خارجة عن الأطر الشرعية والعرف والتقليد المتعارف عليه بحيث يختلس وربما جهارا نهاراً كل من العاشقين او الخطيبين بعض الفرص ليلتقيا في خلوة التي ربما ترافقها الريبة في سلوكهم.. وربما لم يكتب له النجاح نسبة لتجاوزه حدود اللائق والمتعارف عليه ومن ثم يلقي بظلاله عندما تصبح مثل هذه العلاقات علاقات رسمية ودخلت في إطار الزوج الذي يدفع بعض او الكثير من الرجال لاستشعار عدة معاني يرون فيها قوامتهم وهيبتهم وربما شرفهم!!… أبعد هذا كله يكون لهذا الحب الأثر الفعال والإيجابي أكثر من قبول الزوجين لبعضها قبل الزواج التقليدي ويتبع هذا الزواج شجيرة الحب التي تستقي وتستظل بالطابع الشرعي والمتعارف عليه والمدعوم بنص القرآن؟!!… فمثل هذا الزواج يعد من آيات الله التي قال فيها: (ومن آياته أن جعل لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة) وأعتقد أن المودة والرحمة هي من أسمى آيات الحب …

    رابعاً: ربما يكون الزواج وقع باختيار أحد الوالدين دون التأكد من رغبة أي من الزوجين في قبوله التام أو رفضة… لكنه في المقابل وفي معظم الحالات لا يكون غصباً وقهرا إلا في حالات محدودة جدا.. وحتى في المثال الذي ساقته الكاتبة لم تذكر تبرم أو اعتراض أي من (عبدالقادر) أو (صالحة) لهذا الزواج الذي تم بطريقة تقليدية.. وإنما المستجدات المهنية للزوج هي التي دفعت عبدالقادر للزواج مرة أخرى ولم يكن بسبب عدم وجود الحب قبل الزواج!!!

    خامساً: القصة في مجملها جميلة ومرتبة ترتيبا مشوقاً لكنها بقدر ما تدفع النساء المتزوجات من أثرياء خصوصا إلى المزيد من الاهتمام بأناقتهن ربما تدفع بعض النساء الأخريات والمتزوجات من أثرياء إلى اختلاق الشكوك والظنون التي ربما تودي بالاستقرار الأسري.. فمعروف عن النساء كثرة أخذهن بالظن وتغليبه على الواقع الذي ربما يكون الزوج فيه مخلصاً..

  9. وبالبلدي كدا …

    فلاحة صالحة شنو وقت هي ما عرفت تتزين لزوجها طول عمرها ودست روعتها وجمالها وما ظهرتها ألا عشان تكاوي بيها زوجها بعد زواجه الجديد وتقوم تسلم اولادها التمانية ببساطة كدا للزوجة الجديدة عشان ترعاهم ليها !!!! …

    هسي دي فلاحة ولا غشامة 😡

  10. الأخت منى من المتابعين لكتاباتي الشيقة قصية جملية وذي ما قال بعض الأخوان فيه عظة للنسوان الما بهتموا بأزواجهم وكما فيها شكوك لآخريات لكي التحية والتقدير

  11. عجبتي القصه جميله جدا بس الخوف تكون فيها توريه

    جميله وتناقش عدة قضايا من عدة زوايا

    تسلمي يا استاذه

  12. انت يا ابو عبدالله لو عايز تدبل دبل لكن ما تنتقدها احسن من غيرها البيبكو وبيعملو فضائح واصواتهم تطلع، بعدين عذرها مع تربية العيال الكتار والضيوف ما خلى ليها وقت تهتم بنفسها تقطع روحها يعنى؟ الله امر بالعدل وان لا تكلف نفس الا طاقتها

  13. لك التحيه يا استاذه اوافقك بان هنالك ضرر وقع على الزوجه لكن لم تسال لماذا عمل ذالك اولا معروفه السودانيه بانها لاتعطى زوجها الحنان والحب وان طول اليوم مكشره والطلبات ومتابعة القيل والقال والنكد والجرى وراء الموضه وفلانه عملت وفلان عمل الراجل عايز الحنان والدف فقط لاغير ولااعتقد زول داير اكتر كده ولك الود ولكل النساء سبب الامناء وسعادتنا كذلك