رأي ومقالات

محمد سيد أحمد المطيب : قراءة لأداء الصحافة والقوى السياسية الحاكمة والمعارضة

[JUSTIFY]مواصلة لما أشرنا له أمس في معرض المقارنة بين أداء الصحافة التي يحلو لنا أن نصفها بـ «صاحبة الجلالة»، وبين أداء القوى السياسية الحاكمة والمعارضة، فيما يتعلق بمدى القدرة على إثبات الجدارة المؤهلة لها للاستفادة من مناخ هامش الحريات الراهنة، والمقترنة مع الدعوة التي أطلقها حزب المؤتمر الوطني الحاكم استجابة للرغبة التي تبناها رئيس الحزب ورئيس الجمهورية المشير عمر البشير، من أجل العمل على تحقيق وثبة وطنية شاملة ومتكاملة وهادفة لإقرارإجماع على المعالجات الناجعة والمأمولة والمنشودة لقضايا السلام والهوية والاقتصاد والحقوق والحريات العامة، وتهيئة الأجواء الملائمة واللازمة لإجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقبلة للمنافسة على تولي مقاليد الحكم وتداوله بطريقة سلمية ونزيهة وعادلة.

مواصلة لذلك نشير إلى أنه وبينما تمكنت «صاحبة الجلالة» ممثلة في الصحافة التي يسود شعور بالفخر والاعتزاز بها لدى المتشرفين بالانتماء إليها، والحريصين على انتهاجها بممارسة شريفة لائقة بالمكانة الرفيعة والسامية التي تستحقها.. بينما تمكنت «صاحبة الجلالة» من إثبات القدرة المؤهلة لها فيما يتعلق بتحقيقها للنجاح في امتحان الاستفادة من مناخ هامش الحريات الراهنة والمتاحة، في سياق الدعوة لإطلاق حوار وطني شامل وهادف للمساعدة في المعالجة الناجعة للأزمات الوطنية المستفحلة التي ظلت مستعصية على التسوية المسعفة للخروج منها وتجاوزها طيلة الحقب والعهود والعصور السياسية السابقة، والمراحل المختلفة للأنظمة الوطنية المتعاقبة على سدة مقاليد السلطة والمعارضة منذ حصول البلاد على استقلالها من الاستعمار البريطاني في منتصف القرن الميلادي العشرين الماضي، وحتى بلغت قمة مأزقها في الوقت الحالي، خاصة فيما يختص بالدور السامي الذي تقوم به الصحافة في التصدي لظاهرة الفساد والكشف عنها، والتنديد بها، واقتحام أوكارها، والقيام بالتعرية الفاضحة للمتورطين فيها على النحو الذي يجرى حالياً، وذلك إلى جانب أداء الأدوار الأخرى التي تقوم بها «صاحبة الجلالة» والمتمثلة في المساهمة الفاعلة للصحافة في إثراء الحوار الوطني والانفعال به والتفاعل معه، وتوسيع وتعميق نطاقه، وتحقيق المزيد من الدعوة له في كل المجالات المطروحة فيه والمطروحة عليه، بما فيها القضايا المهمة المرتبطة بالأوضاع المعيشية الصعبة والقاسية والطاحنة والمتفاقمة التي تعاني منها الغالبية العظمى من جماهيرالشعب المكافحة والمناضلة والكادحة والمجاهدة في مواجهة حادة وشديدة الوطأة عليها في ظل الضغوط الاقتصادية المتصاعدة والمتزايدة والمرتبطة مع الأوضاع السياسية العامة السائدة والمتردية في البلاد.. حيث تقوم الصحافة بأداء دورها المناط بها في هذه الفترة والمرحلة الفاصلة بطريقة ناجحة صارت لافتة وظاهرة وملموسة وبارزة وواضحة لدى أي مراقب لهذا الأداء، أو مشارك ومساهم فيه ومنفعل به ومتفاعل معه.

بيد أن الكفة على الجهة الأخرى المتمثلة في أداء القوى السياسية الحاكمة والمعارضة للدور المناط بها والمأمول فيها والمرجو منها، لم يتمكن حتى الآن من إثبات القدرة والخبرة المؤهلة لها للاستفادة من أجواء الحريات العامة الراهنة والمتاحة بكل هوامشها، حيث لم نلمس حتى هذه اللحظة قيام الأحزاب والقوى الوطنية الحاكمة والمعارضة بطرح الرؤى الشاملة والعميقة والدقيقة المعبرة عنها فيما يتعلق بقراءاتها لظاهرة الفساد المتنامية والطافحة، وسبر أغوارها، والإشارة إلى جذورها، وإلى السبل المطلوبة للتخلص منها والقضاء عليها بمعالجات ناجعة وناجحة مهما تكن مؤلمة لكل من يتورط فيها، أو لا يتورع عن الانحدار والانحراف والانجرار للسقوط في الهاوية المهلكة والمدمرة التي تقود لها وتسفر عنها وتنجم منها.. وربما كانت لنا عودة..

صحيفة الإنتباهة
[/JUSTIFY]