كما المحقق “كونان” تمضي السلطة الرابعة في كشف المستور.. صاحبة اليد الطولى تميط اللثام عن التفاصيل الخفية.. الصحافة في عين العاصفة
ولربما كان القدر يخبئ للمفسدين عيون وآذان السلطة الرابعة، وهي المفاجأة التي لم تكن في الحسبان، فكل القضايا التي شغلت الرأي العام في الفترة الأخيرة كانت الصحافة، صاحبة اليد الطولى ـ تميط اللثام عن التفاصيل الخفية كما المحقق (كونان) ، منذ فساد الأقطان ودريم لاند، ومروراً بملفات سودانير، وتجاوزات مكتب الخضر، وفاتورة مستشار والي الجزيرة السابق، وليس انتهاءً بأراضي وكيل وزارة العدل، كل تلك القنابل العنقودية التي فجرتها الصحف لم ترد في تقرير المراجع العام والذي خفت صداه، لكنها امتزجت بدهشة القراء.. الشاهد من وراء ذلك أن الصحافة انتبهت لرأس الحية وصوبت نحوها السهام، واستخدمت كل مهارتها في الكشف عن الأوراق المخبوءة، قناعاتها بأن الحكومة غافلة وأن المفسدين غالباً بارعون في ارتكاب جرائم الفساد، وعلى اطلاع واسع بالقوانين، وعلى معرفة ودراية تامة بما يقومون به.. وكيف يقومون به؟.. ولديهم قدرة كبيرة على التمويه وإخفاء آثارهم، إذن المسرح الجديد هو مسرح الكشف والوجود، بجانب ذلك فقد رسخت في الأذهان لدى لصوص المال العام أن الصحافة تكتب عن الفساد وتثير صخباً هائلاً، لكن سرعان ما يلبث الناس أن ينسونه، خبر آخر يمسح ما تلاه، ضجة جديدة تغطي على الضجة القديمة، لكن الملاحظة هذه المرة وبحسب مراقبين، أن الصحافة تعاملت بأسلوب مغاير، وهو أسلوب الصدمة المباغتة التي تعقبها صدمة أخرى في ذات القضية، ورغم سرية المحاكمات، إلا أن المتورطين بدأوا مثل حجارة (الدومينو)، يسقط أحدهم فيجر خلفه جيشاً من المتهمين والشهود، تتسع الدائرة فتخرج من تحت الأرض أسماء “انضرب” تحصينها في مقتل..
ثمة من يتساءل، حنجرة من هذه التي تصرخ اليوم في وجه المفسدين؟.. تستدعي الذاكرة حكاية مثيرة على سبيل المقاربة، ذات يوم تسقاطت فيه الثلوج، وبالتحديد في شتاء العام (2007) كان رجل في السبعين من عمره يجلس بجانب المدفأة التى تنشر دفئها بقطع من الخشب الجاف، وابنته تسكب له النبيذ الأحمر، وترقب تحكم يده المرتعشة، همس أحدهم وهو يرقب المشهد عن كثب من ذلك الرجل الذي تحدق صوبه كل الأنظار، يرد النادل وهو يخفي ابتسامة غامضة: إنه (الحنجرة العميقة).. و(الحنجرة العميقة) لقب أطلق على ضابط الأمن الخفي الذي سرب معلومات ومستندات (ووتر جيت) للمحقق الصحفي الشاب وقتها (بوب وود ورد).. لينشرها في (الواشنطن بوست).. مفجراً الفضيحة السياسية التى أجبرت الرئيس الأمريكي ريتشارد نيكسون على الاستقالة، وهزت عرش الحكم في أمريكا، الحنجرة العميقة لزم الصمت قرابة الأربعين عاماً، لكنه قرر أخيراً الخروج للأضواء عبر شبكة (سي إن إن).. إذن هو (مارك فليت).. مدير المباحث الفيدرالية نفسه، فيا للمفاجأة.. ما استدعى تلك الحكاية أن الكثير من الأسئلة تشير إلى حنجرة سودانية عميقة تضطلع بدور عظيم هذه الأيام، ربما اختبأت لسبب ما، وقررت التمظهر بمظهر المحقق الصحفي، أو على الأقل، المحقق الذي يمد ديسكات التحرير بالمعلومات والوثائق، بحسبانها الأكثر تأثيراً وقدرة على فضح المفسدين وتعريتهم، لكن هنالك من يذهب إلى أن التغييرات الأخيرة التي تمت في سدة الحكم أخرجت صراع مراكز القوى للعلن، وبدأت معركة تصفية الحسابات تستخدم الصحافة للنيل من بعضها.
ما تقوم به تلك السلطة المحطمة أزعج بعض الجهات، فتوالت في فتح البلاغات وأحياناً تشهر كرباج الوعيد، وربما لاحقاً تلجأ إلى الحصار الإعلاني، ولكن في كل ذلك ثبت أن الصحافة تقوم بدور استثنائي هذه الأيام، الشاهد أنها تتحرك في مساحات كبيرة، تتجاوز مؤسسات الدولة وآلياتها، يدعم ذلك إفادة أطلقها الأستاذ حسين خوجلي وهو يرد على شكوى والي الخرطوم من أن الصحف تستقي معلوماتها من الوسائط الإلكترونية، وهي في الغالب معلومات مضللة، يرد حسين بأن الصحافة تعمل بالشكل الظاهري وليس القانوني، وتنقب بعيداً عما يصدر، وتتقصى معلوماتها بطرق ووسائل مغايرة، وما المشكلة فهي تتوق للحقيقة، والحقيقة بنت الجدل، فيما بعد طغت أحاديث مجالس المدينة تتهم بعض الصحفيين أنفسهم بأن التحقيقات تعرضت إلى حصولهم على قطع أراضي، وهو ما كان له تأثير في محاولة الدفاع عن شخص ما، تلك الشبهات والتي لم توردها جهة رسمية، فضلاً أن أحد الذين تداولتهم مواقع التواصل الاجتماعي نفى صحة المعلومة، في السياق نفسه انتبه البروفسور عصام بوب إلى أن ما يدعو للسخرية أنه عند وقوع حالة فساد، تصب كل الجهود ليس لإثبات الفساد بقدر ما تبذل في تبرئة الشخصية المسؤولية عن وقوع ذلك الفساد، بمعنى أن الجهود تبذل للتبرئة، وتغض الطرف عن أولئك الذين أفسدوا بسبب تساهل هذا المسؤول معهم وترك الأمور لهم يفعلون ما يحلوا لهم، بوب ألمح إلى بعض الأقلام التي تصدت بالكتابة عن الوالي وطهارته، ما بين القدح والمدح دخلت الصحافة بيت الثعابين وهي الآن تقاتل، ربما لوحدها، ولا تمتلك أكثر من الضوء الذي تلقي به على الوجوه المقنعة فتستبينها، إذن ما الذي يختبئ وراء ظهر الأيام المقبلة، للصحافة وللرأي العام وللمفسدين..!؟
صحيفة اليوم التالي
أ.ع
ليتواصل جهد الصحافة في ابراز الفساد والمفسدين ولا يدعوا بيتا ولا زنقة الا وينقبوا فيها مهما تطاول عليهم اولئك المفسدين وعلى الشعب السوداني المحب للقراءة بطبعه تشجيع الصحافة بالتكالب على شرائها وخصوصا انها تسهم الان هدم ركن الفساد.
ونحن جند الله جند الوطن
نحن للاسف امام صحافة تتعمل معنا نحن معشر القراء باسلوب تجاري بحت وتتعامل بحذر شديد مع أصحاب الاعلانات التي تبيض ذهبا وتتعامل مع مفاصل الدولة بارتجاف ظاهر بائن.
صحافة تتبجح بعبارات مثل (زارنا المتنفذ فلان, إتصل بنا سعادتوا فلان وهنأنا بعيدنا الاول فلان وفلان ويعددون الاسماء الرنانة.ويكثرون من الالقاب العجيبة ( مولانا فلان وسعادتو علان والبروف فرتكان ويا دكتور ويتبادلون عبارات مملة مثل (عمودك المقروء) ولا يتعلموا من الزمن, فصاحب السوداني (الاول) كم تلقى من هذه الرسائل والزيارات والتهاني بأعياد السوداني الاولى وكذلك صاحب التيار فبالله أسألوهم كيف تلقوا أمر الايقاف والبهدلة بعد قليل من زمن التهاني والزيات على متن بالفارهات. ومازال الآخرون سائرون في الدرب وآخرهم الذي تلقى اكثر من غيره من هذه التهاني والزيارات الودية قبل اسبوعين ونخشى إذا إشتط أحد ركائزه ويركب التونسية بايسر مما يتصور عى قولة أخونا ود الميرغني!!!
صحافة تقتات على الاعلانات الملونة بما فيها إنجازات الولاة (مدفوعة الثمن). وتهاني بالمناسبات علة صفحة شاملة وهم يعرفون أنها طدفوعة من جيب الغلابة. صحافة متهمة بشراء الوثائق أو يحمل إليها الناقمون والحاسدون والمغبونون الوثائق الفضائحية على أطباق من فضة حيث وجدوا في صحافتنا المرجحلة وسيلة سهلة لتصفية الحسابات. وأهي فرصة لمزيد من إلانتشار.صحافة يتهاتر رؤساء تحريرها الى حد الفجورمستخدمين أحيانا الفاظ فظة أو فاحشة وكلوا على حسابنا نحن لقراء.
بالطبع ليس من المعقول ان تخلوا صحافتنا من الشرفاء والمهمومين بالوطن والصادقة كلماتهم , صحفيون محترفون يحترمون قرائهم, أقلامهم عفيفة ويعرفون ماذا يريدون من دولتهم وامتهم ويسهرون على حمايته, ولكن قليل ما هم ويسعدني ان أمثلهم بالشيخ الوقور محمد سعيد محمد الحسن صاحب القلم العفيف الذي يتعامل مع قرائة باخلاقيات الزمن الجميل. فليسامحني هؤلاء ولهم العتبى حتى يرضوا.