تحقيقات وتقارير

حكايات من دفتر (الرجالة ) السودانية.. قصة (سنجة عبد الله) والمفتش زكي أبو رفاس

[JUSTIFY][SIZE=5]للتاريخ جانب آخر، نتجاهله عن عمد يتمثل في الرواية الشعبية الشفاهية التي تصل عبر التواتر، ربما تقترب أو تبتعد عن الحقيقة حسب الإنتماء الديني أو السياسي أو حتى العرقي، حكايات جلست إلى ذاكرة مدينة سنجة العم السماني بوليس الذي يقودك بحنكة الراوي وهو يمسك بتلابيب الحكي لأن تتفاعل مع مروياته الشفاهية التي يستعين فيها بصوته العميق وإيماءات يديه حتى يأسر إصغاءك.

(1)
عن نشأة المدينة وسبب اقترانها باسم عبد الله، سألنا عم السماني الذي إتكأ على عصاته الأبنوس، واستند على ذاكرة رطبة لم ترهقها سنوات عمره التي تطاولن وقاربن الثمانين، فأجاب بأن القصة التي وصلت إليه من والده تتلخص فى أن عبد الله ود الحسن الذي ينتمى لقبيلة كنانة وكان أول من نزل بهذه المنطقة التي نسبت إليه وعرفت لاحقاً بسنجة عبد الله والتي أصبحت رئاسة المديرية فيما بعد فسعى بعض الناس لتسجيل الأراضي بأسمائهم وعندما علم ود الحسن بالأمر حاول جاهداً تدارك الأمر إلا أنه فشل في تسجيل أي من الأراضي الزراعية والجنائن وكان ذلك في العام 1904م فانحدر إلى قرية بالقرب من سنجة تسمى (التومات) فوجد مجموعة من أبناء القرية ينتمون لطائفة الأنصار، ووقتها كان مايزال العهد بالمهدية قريباً والدم فائراً فى العروق والناس لم تهضم فكرة أن تكون فترة كبيرة من عمرك حراً ثم تستعبد من قبل أغراب، قال بوليس: الناس كانت زهجانة ومتحينة الفرصة للثورة ولما جاها ودالحسن كانوا منتظرين قائد ليهم فاتلمت الجراح على بعض وبقي هدفهم ناس الحكومة في سنجة.

(2)
على ذكر سنجة التي كانت وقتها ماتزال تظهر ملامحها كقرية أكثر منها مدينة ومبانيها الثابتة لاتزيد عن مبنى الضبطية والحكمدارية ومنزل المفتشين، كما قال السماني وأبان أن مفتشها من طائفة الأقباط يدعى زكي (ويكنى بأبورفاس) وقال التجاني (كان زول كعب خلاص يلاقي أي زول غلطان يرفسو ويشلتو برجليهو ، مغرور وعاجباه السلطة إلا ماعارف في ناس ما بترضى الحقارة وكارسين ليهو) وواصل السماني في سرد قصة عبد الله ود الحسن الذي قال أنه اتجه إلى حلة (أم طاهر ) ونزل على إبن عمه جار النبي وأضاف (لما أخد وأدى معاه فى الكلام عرف إنو مبيت نية شينة فخاف جار النبي من الفتنة واتجه خلسة إلى قرية الإنجفاو القريبة جداً من موقعه وكان فيها الشيخ البشير ودالحاج عبد الله الذي كان يعتقد فيه ودالحسن فأخبره بما يبيته ضيفه من نوايا وترجاه إثناءه عن ذلك لمغبة ذلك على سائر أهل المنطقة، وما أن أشرق الصبح إلا واتجه ود الحسن إلى شيخه تسبقه أشواقه فانحنى على يديه يقبلها وأخبره بمشكلته ونواياه في محاربة الحكومة فقال له الشيخ الحكومة ما بتتحارب وأخير ليك تاخد حقك بالقانون فسكت ولم يرد بل طلب الفاتحة من شيخه وخرج راجعاً إلى أهله بالتومات، وأخبرهم بالاستعداد لمحاربة (الكفار).

(3)
فى المدينة الصغيرة لم يعدم أبو رفاس من ناقل للأخبار فقال السماني (أبو رفاس طلع راكب حصانو ومعاه الشيوخ والعمد ومعاهم ود عمو محمد ودعبد الله ود علي اللي هو ابن عم ودالحسن عشان يثنوه عن الحرب) فقال السماني ( الجماعة كلهم اتقابلو بالقرب من أم سنط قرب سنجة فلما لمح ودالحسن المفتش إتجه إليه ورفع سيفه وضربه ضربة واحدة شال كتفو الجماعة قاموا جارين لمان وصلوا سنجة ماوقفهم شوك ولاحجر، أها العساكر قاموا قالوا: نحن البدينا الأوامر مات فقام العمدة المدني عمدة المرفّع قال ليهم أضربوا بإذني فقتلوا ود الحسن ومعه مجموعة من الثوار ) وأوضح السماني أنهم اتوا بالجثامين إلى سنجة فتم اقامة جنازة لأبو رفاس ودفن قرب شط النيل في مقبرة الحكام بينما طمس قبر ود الحسن فدفنوه في منطقة قرب طاحونة دانيال وسيق من بقى حياً إلى السجن .وقال السمانى الناس مانست ود عبد الله ورجالتو فاقترنت المدينة بإسمو وبقت من اليوم داك إسمها سنجه عبد الله).

صحيفة حكايات
أحمد زهري باشا
ع.ش[/SIZE][/JUSTIFY]